بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

زنا المحارم في رحاب الاقليمين (السني والشيعي) 3

شبكة البصرة

صلاح المختار

سئل أحد الحكماء ممن تعلمت الحكمة قال :

من الرجل الضرير لأنَّه لا يضع قدمه على الأرض إلا بعد أن يختبر الطريق بعصاه 

    
تبريرات ترينا احشاءها

1- كما وضحنا سابقا يقول هؤلاء في تبريرهم العام لدعوة الاقليم السني (انهم يريدون انقاذ السنة من الابادة والدمار المنظم عن طريق حمايتهم في اقليم يحكمونه هم وليس حكومة المالكي او ايران وبذلك يضمنون السلامة والاحتفاظ بالهوية الطائفية). ان السؤال الذي يكشف المخفي هو : هل حقا يستطيعون ذلك؟ لنجيب بدقة علينا العودة الى دستور الاحتلال والذي يعتمدون عليه كليا في تسويق لعبة الاقليم السني وخداع المعذبين من السنة به.

ان من وضع دستور الاحتلال لم يضعه لكي يفسره كل شخص او فئة بما يريد بل وضع في اطار خطة محكمة جدا صممت لتقسيم العراق، ومن يضمن تنفيذها وفقا للمخطط هو المسيطر على العراق وليس اطراف ثانوية. ولعل من اغرب الامور الدعوة للاقليم الان مع ان الدستور الذي وضعه الاحتلال يمنح المحافظة غير التابعة لاقليم نفس صلاحيات الاقليم. اذن لم يطالب البعض بالاقليم وسلطات المحافظة تشمل نفس صلاحيات الاقليم حسب الدستور؟ الا يمكن حل المشاكل ومنها الاضطهاد من خلال صلاحيات الاقليم التي تتمتع بها المحافظة؟

اذا دققنا الدستور الذي فرضه الاحتلال نجد ما يلي :

خامساً: لكل اقليمٍ او محافظةٍ اتخاذ اية لغة محلية اخرى، لغةً رسمية اضافية، اذا اقرت غالبية سكانها ذلك باستفتاءٍ عام.

 

تعليقي : لاحظوا بدقة ان الدستور يدعو لتبني (اية لغة محلية) فهل هذا التأكيد امر اخر غير السعي الواضح لشرذمة العراق؟ اليس هذا جزء عضوي من فكرة الاقليم؟

المادة (105) تؤسس هيئةٌ عامة لضمان حقوق الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، في المشاركة العادلة في ادارة مؤسسات الدولة الاتحادية المختلفة، والبعثات والزمالات الدراسية، والوفود والمؤتمرات الاقليمية والدولية، وتتكون من ممثلي الحكومة الاتحادية، والاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وتنظم بقانون.

 

لاحظوا ان الفقرات السابقة تريد تكريس شرذمة العراق حتى في البعثات والايفادات للمؤتمرات الدولية ووظائف الادارة العامة للدولة الاتحادية بحيث لا تتخذ خطوة الا بعد مراعاة نظام المحاصصات، وهذا نص لا يوجد في نظام اتحادي (فدرالي) اخر في العالم كله فالولايات المتحدة الامريكية وهي دولة اتحادية (فدرالية) ليس في دستورها نصوصا تقسم الوظائف والزمالات والبعثات ومن يحضر المؤتمرات وفقا لانتماءه الطائفي او العرقي او الديني بل انه يتم هناك وفقا لمعايير المواطنة المتساوية بغض النظر عن الدين والعرق! كل هذا يتم في العراق تحت غطاء الدولة الفدرالية مع ان هذا التقسيم للحصص لا يوجد الا في دولة كونفدرالية اي اتحاد دول مستقلة. دستور الاحتلال هذا يغذي الشرذمة ويعمقه ويوسعة ويكرسه ويجعله المقرر لكل خطوة للدولة والحكومة، وما نظام الاقاليم وصلاحيات المحافظات الا تجسيد دقيق لذلك. ما هو الهدف الاخير من هذه الفقرات؟ لاشك ان الهدف المنتظر هو تقسيم العراق فبعد تحويل ما ورد في الدستور الى تقاليد عمل عادية، وفي مقدمتها تكريس الدافع الاناني الصرف المتمثل في فكرة ان الثروة لمن يعيش فوقها وليس للدولة المركزية وهو احد اهم اركان دستور الاحتلال، بالاضافة لاعتماد الطائفية والعرقية مقياسا للتمييز بين الناس وليس الكفاءة وحب الوطن، بعد ذلك تبدأ الخطوة التالية وهي خلق مسوغات الاستقلال واعلان انتهاء العراق الذي نعرفه ونتكون من ذرات ترابه وننطق ب(لغته) من اكثر من ثمانية الاف عام!

 

في ضوء ما تقدم يعيد سؤال حساس فرض نفسه بقوة : اذا كان نظام المحافظات الحالي وفقا لدستور الاحتلال يضمن نفس صلاحيات الاقليم فلم هذه الدعوة للاقليم مع انه لن يمنح صلاحيات اكثر وما يوجد نظريا حاليا للمحافظة يوفر نفس صلاحية الاقليم؟ وربما يرد هؤلاء بان الدستور ليس فيه العيب وانما في التطبيق الخاطئ وهذا الرد يحفر في النفس سؤالا اخرا وهو : اذا كان عدم تطبيق الدستور ونصوصه هو السبب والمطلوب تطبيق الدستور بدقة فهل هذا المطلب شيء غير تقديس وتكريس دستور وضعه الاحتلال لخلق شروط التقسيم كما وضحنا وتأبيد عمله بدل ازالته والغاءه كليا لانه من وضع الاحتلال ويخدم اهدافه البعيدة وهي التمهيد لتقسيم العراق؟

ومما يجب عدم نسيانه، وهو ما تناساه دعاة الاقليم السني وكأنه غير موجود، هو ان عشر سنوات على فرض نظام المحاصصات الطائفية العرقية في مجلس الحكم، والذي اصبح اساسا للدستور، دون التطبيق الذي يوصف بانه صحيح للدستور فهل حصل ذلك صدفة؟ ام ان عدم تطبيق نصوص فيه تضمن العدالة كان خطة مدبرة ومقصودة ولم يكن نتيجة اخطاء غير محسوبة؟ الا يعلم من يطالب الان بتطبيق الدستور بان امريكا وغيرها من القوى الكبرى سوف تقول، لمن يريد افتراضا التخلي عن الدستور كما يقول اذكياء لعبة التكتيك، قفوا انتم من طالب بتطبيق الدستور حرفيا والان تريدون التخلي عنه هل هي لعبة؟ نحن مجتمع دولي نراقب وندقق ونفرض الصواب.

 

2- ويقولون انهم سيحرمون من الموارد المالية اذا رفضوا الدستور وسيستلمون مخصصات مالية من المالكي في حالة الالتزام به وتطبيقه تعينهم على الاستمرار وعدم مواجهة انعدام الموارد مثلما هو حال اقليم كردستان! لذا لابد من طرح السؤال التالي : هل الاقليم السني مثل اقليم كردستان العراق؟ وهل سيدفع لهم المالكي حصتهم من الثروة كما يدفع لاقليم كردستان العراق؟ يجب ان نلاحظ ان هؤلاء يتظاهرون بعدم المعرفة مع انهم يعرفون على الاغلب، فاقليم كردستان العراق اقيم للاسباب التالية :

أ – ان هناك قومية كردية مختلفة عن القومية العربية، ولذلك فالاعتراف باقليم كردستان تم بناء على ازمات دموية وسياسية متلاحقة منذ ثلاثينيات القرن الماضي بسبب وجود هذا الاختلاف القومي انتجت وبلورت فكرة تميز الاقليم الذي يعيش فيه اكراد العراق، وهذه حقيقة اعترفت بها الحكومة الوطنية قبل الاحتلال ببيان 11 اذار لعام 1970 وتطبيق الحكم الذاتي وتضمين ذلك في دستور العراق في العهد الوطني، كما ان دول العالم الصديقة والمعادية وقفت مع هذا المشروع.

ب – ان الكثير من الدول الكبرى والمتسلطة في العالم والمنطقة استخدمت القضية الكردية كوسيلة لتدمير واضعاف العراق تمهيدا لغزوه وانهاء استقلاله خصوصا الاستقلال الاقتصادي، لذلك فان مؤتمرات ما يسمى ب(المعارضة العراقية) التي نظمتها المخابرات الامريكية بالتنسيق مع المخابرات البريطانية وحددت نتائجها واهدافها اقرت وكررت التأكيد على ان النجاح في اسقاط النظام الوطني يجب ان تعقبه عمليه اقامة نظام فدرالي يتمتع فيه الاكراد بنظام اقليم شبه مستقل، وجاء دستور الاحتلال ليثبت خصوصية الاقليم بما في ذلك عدم اعتبار البيش مركة ميليشيات وانما جيش رسمي، في تأكيد واضح على ان دستور الاحتلال يمهد لتقسيم العراق ويستخدم الفدرالية كغطاء لاخفاء الواقع الكونفدرالي للدستور والتطبيقات الفعلية له.

من هنا فان من يظن انه قادر على مساواة حال منطقة عربية خارج اقليم كردستان العراق بذلك الاقليم من حيث الصلاحيات يتجاهل الحقيقتين السابقتين بتعمد خطير. لذلك فان توقع معاملة الاقليم السني من قبل العالم مثلما يعامل الاقليم الكردي توقع ساذج او متساذج.

 

3- يقولون انهم سيحصلون على دعم خارجي يساعد على تثبيت سلطة الاقليم! ويكمل بعضهم المقتنع بان المطالبة بالاقليم مجرد تكتيك ضغط للحصول على مكاسب او حقوق مغتصبة : ان الانفصال تهديد منا لهم وضغط عليهم (يقصدون المالكي وايران) لاننا لا نريد التقسيم، واذا نجحنا في ايصال التظاهرات الى بغداد في حالة رفض الاقليم فسوف تسقط الحكومة تلقائيا وعندها نتراجع عن الاقليم ونتمسك بالعراق الواحد ونحاصر عملاء ايران في مناطقهم ويستقر الحال، اما اذا نفذوا مطاليبنا فسوف نحقق هدفنا!

هل هذا كلام ذكي ويعرف مواقف كافة الاطراف تجاه كارثة العراق؟ انه موقف الجهلة، او المتجاهلين للحقيقة، فهما – اي الجاهل او المتجاهل - يظنان ان امريكا وايران مثلهما ترقصان كلما استمعتا الى دقات طبل! ياسادة امريكا خططت ونفذت لعدة عقود وهي لن تتوقف او تتراجع اكراما لكم، وايران خططت لعدة قرون بلغت حتى الان 14 قرنا ونفذت ونجحت وهي لن تتراجع اعجابا بفتاواكم، وما يسمى (المجتمع الدولي) ليس ناد تدخلونه متى شئتم وتهزجون ملوحين بعقولكم وليس بعقلكم : (احنا عد عيناك يا ابو جورج) ثم تعيدون البصم على دستور الاحتلال وانتم مازلتم تهزجون لابو جورج!

حراس (المجتمع الدولي) العتيد يستمعون اليكم ويصفقون لكم بقدر نجاحكم في دفع خطة تقسيم العراق الى امام عدة خطوات واهمها الان خطوة اعلان الاقليم السني وسيوافقون الان فقط على ربطكم بين الاقليم ووحدة العراق ولكن عند اقامة الاقليم، وباختراق (حيمن) الاقليم لبويضة التقسيم ليخصبها وينشأ ابن الزنا في رحم رئيس اقليمكم، اذا اخطأ احدكم وهو يهزج وقال نريد وحدة العراق سيقول الحراس لكم : تأدبوا في حضرة الكبار الاقوياء ولا تتنحنحوا او تسعلوا صيروا تماثيل حجرية، وستصيرون، اصبحوا مثالا للالتزام بما قلتموه، ستصبحون، كما يريد منكم المجتمع الدولي ستصبحون! وكما اصبحتم الان من دعاة الاقليم بناء على اوامر (المجتمع الدولي) بعد ان كان بعضكم يرفضه، سوف تصبحون فيما بعد من دعاة استقلال الاقليم عن العراق لان الاقليم سيبقى ضحية الظلم والاضطهاد والتمييز رغم انوفكم وشواربكم مادامت امريكا وايران تنفذان خطتهما! هل فهمتم الان لم قصة تكتيككم مجرد ثرثرة ومزحة ثقيلة؟

عليكم عدم نسيان عار كبير موشوم في حدقات عيونكم وليس في ظاهر اكفكم لتستطيعوا ازالته، فما توشم به الحدقات يبقى معها حتى تأتيه الديدان في يومها الموعود : بعضكم الاكثر كان ومازال احد اهم ابطال مسرحية غزو العراق وتدميره وانتهاك عرض وطن بكامله كان مصانا ومخبوءا في حدقات العيون، فترتب على ذلك الانتهاك للمقدس العام انتهاكات شاملة لكل مقدس خاص كاغتصاب الماجدات والشيوخ، فحينما يغيّب (صائن الوطن) وينتهك عرض الوطن علنا في مجلس نواب الاحتلال، باقراره دستورا يفرض الزنا في كل مكان وفي مقدمته الزنا الاشد خرقا لمحرمات الرحمن ولحرمات الانسان وهو زنا المحارم، نرى النتيجة الطبيعية : اغتصاب النساء والشيوخ والاطفال واغتصاب ثروات اليتامى والارامل، ففي وطن ينتهك عرضه بقبول الغزو والعمل تحت امرة دستوره لا يبقى الشرف تاجا على راس قرقوزات العملية السياسية بل يهرب منهم ويتوارى خجلا من عارهم.

سوف يدعم مطلب اقامة الاقليم السني حتى يقام بعد بحر من الدماء لكن بعد هذا سيمنع دعاة الاقليم من الوطنيين وليس من العملاء من مواصلة العمل لضم باقي العراق كما يدعون الان، وستركز كل الجهود لابقاء الاقليم السني منفصلا عن العراق بحكم كونه نتاج حرب دموية فرضت نفسها وادت الى اقامة الاقليم، من هنا فان دعاة الاقليم السني وبغض النظر عن قناعاتهم يعملون للتمهيد لتقسيم العراق طبقا للمخطط الصهيوني الامريكي – الايراني. لماذا؟ لانهم لا يملكون الحد الادنى من القوة لفرض ما يريدون، ونحن في عصر لا تستطيع فيه سوى الانحناء للقوي الا اذا كنت قويا مثله وتصفعه مرتين حينما يصفعك، كما فعلت المقاومة العراقية في ردها على امريكا عندما غزت العراق.

اما ان تكونوا مجرد انفار، وان زاد طولكم فاشبار، فلن تصل اقدامكم الى خارج احياءكم واقاربكم، وهي حقيقة نعرفها وتعرفونها فلا تخدعوا انفسكم بادعاء ان لديكم القوة، القوة لدى الشعب وممثليه الحقيقيين وهؤلاء سيتصدون لكم بلا رحمة اذا اصررتم على مواصلة الرقص على دقات طبول اقليم لن يكون سوى مبغى لايران ومخابرات امريكا. هذا الشعب لن يسمح لا بالاقليم ولا بغيره وما يريده سيصل اليه حتما وهو تحرير العراق، تحرير كل العراق بترابه ومياهه ونفظه وسماءه من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب. وابطال التحرير هنا بين ظهرانينا، انهم يقاتلون الان ايران ونغولها في العراق وفي سوريا لطردها من ارض العرب بعد تمريغ انف امريكا في اوحال الهزيمة في العراق.

على من اصيبوا بالحيرة بعد طرح فكرة الاقليم السني الاقتداء بالاعمى الذي يستخدم عصاه لفحص الطريق للتأكد التام من انه لا يدوس على افعى تلدغه فتقتله او لغم ينفجر فيه فيحوله الى اشلاء مبعثرة لا يمكن جمعها ابدا

 

يبقى سؤال مهم وهو : لم يريد هؤلاء اقامة اقليم سني اذا كان لا يحمي السنة ابدا وانما يفضي الى تقسيم العراق؟ الجواب هو ان هؤلاء، ونقصد الدعاة تحديدا وليس المؤيدين البسطاء، يرون ان فرصة سرقة المال الحرام لم تتح لهم مثلما اتيحت لحرامية الحكم الصفوي، وهي لن تتاح لهم الا اذا اصبحوا حكاما لا قليم لا يزاحمهم في النهب فيه من هو اقوى منهم، فتلك فرصة اعمارهم للسطو على مال الناس بلا رحمة ولا رقيب خصوصا وان امريكا هي مهندس خطة تنصيب الحرامية حكاما وقضاة ومحافظين ووزراء.

23/5/2013

Almukhtar44@gmail.com

شبكة البصرة

الخميس 13 رجب 1434 / 23 آيار 2013

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط