بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

فِي البَدءِ كانَت المَرأةُ العِرَاقيَّةُ الشَّمَاء …

فلماذا الانتقاص من مكانتها العالية ياقناة أم بي سي العراق؟!؛

شبكة البصرة

د. عباس العزّاوي

استوقفتني دراما كويتية (دفعة لندن) من تأليف هبة مشاري عُرِضَت في قنات أم بي سي العراق (السعودية)، فيها اساءة كبيرة للماجدة العراقية الشَّماء، وقد لاقت اعتراضاً ورفضاً واستنكاراً من كلّ العراقيين الأصلاء وأبناء الأمة الغيارى. ورغم كل هذا الكم الهائل من الرفض والاستهجان غير أنَّ ادارة القناة أبدت اصرارها وعزمها على اكمال هذه الدراما التي أظهرت تزيِّيفاً وتشويهاً للتاريخ، وقد تؤدي الى أحداث شرخاً عميقاً في العلاقة بين الشعبين العراقي والكويتي، وتَسبَّبت في تأجيج الغضب الشعبي لأبناء العراق الأُباة، بعد أن أظهرت المشاهد في هذه الدراما صوراً مشوَّهة عن الماجدة العراقية الشامخة. ويبدو أنَّ المسؤولين في هذه القناة قد صمُّوا آذانهم، وأبدوا الطَرَش عن النداءات والمناداة من الخيِّرين من شعبنا العراقي والعربي بضرورة ايقاف عرض هذا المسلسل المُسِيء والمُتَحامل. لذلك وجدنا أنفسنا مجبرين على أن نقول بحقِّهم ما سنقوله، فإنَّ مَن يعتدي على الناس بلسانه أو يده أو بأفكاره أو ما ينتجه من أعمال تمثيلية وفنية، نقول له: "أنَّك معتدٍ" لكن يبدو أنَّ البعض من أمثال هؤلاء لا يطيقون سماع هذا، ويكون ردّ فعلهم هو الصَّمت.

 

لهُم آذانٌ لا يسمعونَ بها

مع أنَّ لهم آذاناً، وربما واسعةً، فينطبق عليهم القول المأثور(لهم آذانٌ لا يسمعونَ بها)، فالإذن ضرورية للسَماع، حتى أنَّ الخالق تبارك وتعالى أعطانا لساناً واحداً للنطق والحديث والتعبير، وفي ردِّ الاعتداء والدفاع عن النفس كلامياً. لكنَّه سبحانه أعطانا أُذنَين للسماعِ، فكثيرٌ ما نتكلَّم، ونناقش ونجادل ونحاور، وربَّما نتَهجَّم، وقلَّ أن نُعير أذنينا للسماع، فنصغي، ونتأمَّل لنستوعب، ونتَفهَّم، وتالياً نسمح للوجدان أن يَتَفعَّل ويَتَّقِد مستنيرا، قبل اتِّخاذ الحكم والقرار. وتزداد الحالات تعقيداً وتَتشابك عندما نصطدم بحالات من الطَرَش المُتَغافِل، وحالات من الطَرش المقصود والمُتَعمَّد، والثانية أشدّ خطورةً وتأثيراً، فمهما كانَ الصوتُ قريباً وحاداً، لكنَّهم لا يميلونَ بآذانهم لتَميِّيز أصوات الحقّ التي تصدح بكل قوة الحقّ. ربَّما بسبب مواقف وأفعال سلبية قد اتَّخذوها، وكأنَّها حالة اعتيادية وطبيعية، وقد يكون عن غرورٍ وتَكبّرٍ وعدم احترام الآخرين. وبهذا فهُم يصمُّون الآذان لئلا يطرق صوت الحقّ أبوابها!. ونظنُّ أنَّ الدافع الحقيقي هو الأنانية وحبّ الذات وعشقها على حساب حقوق ومطالب الآخرين، وهو التَجبّر والغرور بكلّ ما تعنيه هاتان الخصلتان المنبوذتان. بل هُم ينامون مرتاحي البال رغم الأصوات التي تتَذمَّر وتحتجّ على موقفهم غير المبالي هذا، لأنَّهم يَسبحون في بحرٍ لُجاجٍ متلاطمةُ أمواجه، وبالتالي تعلو أصوات أمواجه على كلّ الأصوات والصيحات. ونرى أنَّ السبب الأول لاغفال الانصات وتعمّد عدم سماع الآخرين، هو أنَّ هؤلاء لم ينشأوا على اعطاء السماع مكانته وقيمته الضروريَّتان، ولا ندري فقد يتعمَّدون الطَرَش!، وبعضه طرَشٌ كُليٌّ، لا تُميِّز الأذنُ فيه أيّ صوتٍ، وربَّما يكون الطَرَشُ جزئيٌّ في حالة عدم تَميِّيز الحروف والكلمات، أمَّا الثالث فهو طرَش الشُّرود عندما يكون المَرءُ غير مُصغٍ أو مُنتَبهٍ، بل هو شارد الذهنِ مُشتَّته. ننصح هؤلاء البعض الذين يَتعمَّدون الطَرَش أن يتعوَّدوا ويُعَوِّدوا أسماعهم للسَماع الهاديء المُتأمِّل، المُتَعمّق ليمكنهم تَميِّيز الأصوات، ويغادرون الحالة التي لا يسمعون فيها إلَّا أنفسهم وحدهم وصدى أصواتهم هُمُ. وتالياً فمَن لا يسمع صوت الآخرين، فإنَّه لن يتمكَّن من الانصات الى صوت أعماقه، ووجدانه وضميره ان كانا حيَّانِ يَقِظان، فهما وحدهما يُعيدانه الى ذاته وينابيعه على أصولها وإلى المعرفة بأنَّ الله هو الحقُّ سبحانه وتعالى.

ونعود الى المصدر الواضع لهذه الدراما الكاتبة الكويتية هِبة المشاري، والتي كان عليها ابتداءً أن تقرأ تاريخ المرأة العراقية الأبيَّة بشكلٍ جيِّدٍ، حتى لا تقع في هذا الخطأ بل الخطيئة التي نجد أنَّها بنيَّة مُبيَّتةٍ، فما نعرفه أنَّ الكاتب المسرحي أو الدراما التلفزيونية عليه أن يكون على اطِّلاعٍ تام في التاريخ، خصوصاً في المادة التي يكتبها، كيما يتوَّخى الدِقَّة والمصداقية في عمله الفنِّي، وحتى لا يزوّر ويُزيِّف التاريخ، كما هي (المشاري) فاعلةٌ، من هنا وجدنا من الضرورة أن نعرض في عُجالةٍ لتاريخ المرأة العراقية الشَّماء منذ القِدَم الى يومنا هذا.

 

المرأة العراقية تاريخٌ زاخرٌ بالمجد والفخر

تمتَّعت المرأة العراقية عبر عصور التَّاريخ بقدرٍ كبيرٍ من العُلوّ والرِفعةِ وبأفقٍ رحبٍ من الحريَّةِ، كما عُرِفَت بالأنفة والعِفَّةِ والكرامة والشرف والحَزم وعُلوِّ النفسِ والطيبة أيضاً. وقد خلَّدت النساءُ العراقيات أسماءهنَّ في العراق القديم وفي العصور الإسلامية في عهد الدولة العربية الكبرى، وفي الدولة العراقية الوطنية الحديثة. واستطعنَ أن يفرضنَ احترامهنَّ على معاصريهنَّ، وتوطَّدت مكانة المرأة العراقية، أُمَّاً وزوجاً وابنةً، وأُحيطَت بسياجٍ من العِفَّةِ والاحترام يحولُ دون العبَث بكرامتها أو الحَطِّ من شأنها، وكانت لهُنَّ مشاركاتٌ سياسيةٌ وفي شؤون الحكم منذ فجر التاريخ الى يومنا هذا. لم يكُن دور المرأة العراقية ينتهي عند كونها نصف المجتمع، انَّما كان هذا الدور خطيراً وعظيماً في المجتمع العراقي منذ القِدَم، فهيَ بالاضافة الى أنَّها تُربِّي النصف الآخر، وتؤثِّر في الرِّجال الذين كانوا يتولَّون الزعامة وقيادة العراق منذ أزمانٍ بعيدةٍ، فهي أيضاً تقف بجوار الرَّجل وتَشدُّ من أزره، وتُرضعه في صغره المباديء والقيَم التي يَتربَّى عليها، وتحميه بصدرها، ليحميها هو في كبره، فالأمُّ العراقيةُ هي نبراسُ البراعم وقُدوةٌ للأجيال القادمة. وقد اهتمَّ أبناء الرافدين بتعليم المرأة منذ العصور القديمة،لأنَّها تالياً ستقوم بتعليم الأدب والأخلاق وتَبثَّها في نفوس أبنائها، والأم العراقية قدوةٌ لأبنائها في الصدق والأمانة ومكارم الأخلاق والالتزام بفروض المواطنة، وفي الالتزام بالهُويَّة الوطنيَّة والقومية والحفاظ عليهما، وتُغذِّي فيهم الشجاعة والفروسية والاقدام وقيَّم الرجولة، ورؤية الأشياء كما هي دون تضخيمٍ أو مبالغةٍ، أو النظر لهذه الأشياء من خلالِ عدسةٍ مكبّرة. انَّها تمتلك الأُنوثة الفعَّالة والواهبة، بالاضافة الى ما تعنيه من جمالٍ في النفس والرُّوح واللسان ورقَّةٍ ونعومةٍ، والتي لها علاقة بالجانب البايولوجي والفسيولوجي اللذان يُميِّزانها عن الرَّجل. وسنتبيَّن لاحقاً كيفَ كانت ولم تزل هذه المرأة العراقية تحمل أُنوثةً فعَّالة واهبة، صاحبة العطاء غير المشروط، أي بدون مقابل للأسرة والمجتمع والوطن.

 

الآلهة من النساء العراقيات

انَّ المرأةَ العراقيةَ في سومر وأكد وآشور وبابل، اشتهرَت كإلهَة وملكة وأميرة وقائدة وشاعرة ومُلهِمة، ففي حدود العام 8000 ق.م اكتشف العراقيون الزراعة، وطوّروها، وكان للمرأة الدور الأول في ذلك، فأصبحت زعيمة المجتمع الفلاحي، وكانت أول الآلهة وهي: "الآلهة الأُم" التي ترمز للخصوبة والنماء، حتى أنَّ صورتها كانت توضع في المزارع والحقول تيَّمناً وتبرّكاً.

ومن الآلهة النساء في الحضارة السومرية:

إنانا ديموزي: لقد كانَ للمرأة في الحضارة السومرية مكانةٌ كبيرةٌ، ولكنَّها تأتي بعد مكانة الرَّجل، فكانت الإلهة العذراء (إنانا) زوجة الإله (ديموزي).

 

في زمن الأكاديين والبابليين

وكانت الآلهة عشتار التي منحها الأكاديون صفات الحرب والقتال، فصارت آلهة الحرب وآلهة الحُبّ في الوقت نفسه، وأصبحت عشتار الزوجة الرسمية للإله آشور، وتُمثِّل الطقس والهواء والشمس

 

الملكة بو آبي أو شبعاد

وأهم نماذج النساء العراقيات العظيمات، وفي مقدمتهنَّ ملكة أور"بو آبي" أو شبعاد، وهي زوجة الملك "آيار كي أحد" من سلالة أور الأولى في الفترة 2500 ق.م

 

أول أمرأة عراقية شاعرة في التاريخ البشري

وهي "أنخيدو أنا" بين2300-2225 ق.م، ويعني اسمها(الكاهنة العليا زينة السماء) وتُعتبر من أعظم الشاعرات في العالم القديم، وهي ابنة الملك سرجون الأكدي، وقد وصفها الكاتب الانكليزي وليام هال بقوله: أنَّها شكسبير الأدب السومري.

 

الملكة سميراميس

هي ملكة آشورية تاريخية (محبوبة العالم) وهي زوجة الملك الآشوري شمشي أدد الخامس 822-811 ق.م تولَّت السلطة نيابةً عنه والدته لمدة خمس سنوات.

 

زكوتو أو نقيَّة

ونقية الاسم الآشوري ويُطلق عليه صناعة الملوك، وكان غزو مصر وضمَّها الى المملكة الآشورية بتخطيطٍ منها.

 

سيدة الجنائن المعلَّقة

أميديا أو أوميتا، وهي زوجة نبوخذ نصَّر والتي استوحَت الجنائن المعلَّقة لأنَّها كانت من ميديا، وكانت تشتاق لبلادها ذات الجبال الخضراء، وكانت احدى عجائب الدنيا السبع.

 

مكانة المرأة في حضارات وادي الرافدين

حظيَت المرأةُ في الحضارة السومرية بمقامٍ رفيعٍ في مجتمعها، وقد كفلَت لها القوانين السومرية حقوقها في كلّ المجالات الاجتماعية، وحفظت شريعة "أور كاجينا" حقوق النساء المتزوجات والأرامل والأيتام.

 

المرأة في قانون حمورابي

خصَّصت شريعة حمورابي في بابل أكثر من ثلاثين مادة قانونية لشؤون الأسرة والمرأة بالذات من زواج وطلاق وإرث وتَبَنٍّ.

 

في الأدب والموسيقى

وعكست الأختام والرُقَم الطينية مشاركة المرأة في الأدب والعزف والغناء، وكانت مهنة العزف وخاصة لعازفي المعابد من المهن المرموقة خاصَّة للنساء، ومِمَّن كُنَّ يعزفنَ على الآلات الموسيقية (أورنينا) وهي موسيقية سومرية في 2000 ق.م.

 

المرأة العراقية في مدارس العراق القديم

في بطون العصور القديمة، وبين أحضان القرون الماضية، برزت الى الوجود المدرسة العراقية الأولى، فأقدَم مدرسة في العالم شُيِّدَت في عهد حمورابي عام 1792 ق.م في مدينة (سبار) غربي مدينة المحمودية قرب بغداد، في وقتٍ كانت الدنيا تعيش في دياجير الظلام والبَدائية والتخلّف. وكانت هذه المدرسة تدرِّس العلوم والفنون والحساب، وكانت أقدم كتابة في مدينة أرك أو الوركاء، وهذه المدارس كانت شبيهة بالكتاتيب، والكاهن كان أول مدرِّس في المدرسة العراقية، كما ورد في كتاب خزائن الكتب القديمة، ص42، لكوركيس عواد، علماً أنَّ هذه المدارس كانت للجنسين للفتيان والفتيات. وقد رأى البابليون أنَّ المدارس ضرورية لتربية الشعب واعداد الشبَّان لتولِّي أمر الكتابة في المحال التجارية الكبرى، ولكتَّاب الجيش، واحصاء أسلحتهم وأرزاقهم...الخ. ومما يُذكر أنَّ الآثاريين قد وجدوا آثاراً لمدرسةٍ في أطلال بابل منذ عهد حمورابي، ومن تلك الألواح والتي من الآجر، تَبيَّنوا أنَّه كان يكتب عليها الطلبة من الجنسين، الفروض أو الواجبات المدرسية منذ أربعة آلاف سنة، كما جاء في كتاب العصور القديمة للمؤرِّخ برستد جيمس هنري، تعريب داود قربان. وهكذا منذ هذا التاريخ الغائر في القِدَم كانت المرأة العراقية قد بدأت التعلم في المدارس، اضافة الى أنَّ بعضهنَّ كُنَّ يعزفن الموسيقى أثناء تأدية الترانيم الدينية خلال ممارسة الطقوس في المعابد.

 

المرأة العراقية في العصور الإسلامية

سنتناول بايجاز شديد النساء العراقيات، وخاصةً البغداديات منهنَّ في العصور العباسية، ففي هذه العصور روَينَ، وأفتَينَ، ودرَّسنَ، وتولَّينَ انشاء الكتب الديوانية في دار الخلافة، وألَّفنَ المؤلَّفات، وأسَّسن المستشفيات، والمدارس والمساجد والجامعات، وأمرنَ بالمعروف ونَهَينَ عن المنكر، وقدَّمن للحضارة العربية الإسلامية خدماتٍ جليلةٍ. وكان للمرأة البغدادية في العصور العباسية مكانةً مرموقةً في جميع مناحي الحياة، فسطع نجمها في العلوم، وبرز اسمها في السياسةِ، وظهر نبوغها في الآداب والفنون، وجاء في تاريخ ابن النجَّار أنَّ النساء البغداديات كُنَّ ينطقنَ بغرايب العلوم، وبلَغنَ من القيمة والمكانة بحيث كان يحلَ محل ربَّة البيت على موائد الدعوات نساءٌ من الجواري المملوكات. وكُنَّ مدربات على أرقى الآداب الاجتماعية، حائزات على مظاهر الجمال والثقافة، متعوّدات على الحديث مع الرِّجال من غيرِ تكلّفٍ أو خشيةٍ كما ذكر المؤرِّخ آدم ميتز في كتابه الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري،ج2ص144. لقد أَدَّينَ خدمات جليلة للثقافة العربية الإسلامية، وللمجتمع البغدادي والمجتمع العربي، انَّه بحقّ تفوقٌ أجادَت به المرأة البغدادية في العلوم والمعارف.

بلغَ عدد العالمات في بغداد من العراقيات أكثر من مئة عالمة، طارت شهرتهنَّ في الآفاق، وامتلأت أخبارهنَّ في بطون كتب التاريخ والأدب والتراجم، فمن النساء البغداديات اللاتي عُرِفنَ بجودة خطَّهنَّ وانشاء الكتب الديوانية:

فاطمة بنت علي المؤدب، وكانت تسمَّى ببنت الأقرع، ذكرها ابن الجوزي في كتابه المنتظم ج9ص40.

ست نسيم:، وردت عند ابن العبري في تاريخ مختصر الدول ص422.في عهد الخليفة الناصر.

خديجة بنت محمد الواعظ: سمعت الحديث وكتبوا عنها، جاءت عند الخطيب البغدادي في كتابه الرحلة في طلب الحديث، ج4ص346. وابن الجوزي ج8ص39.

 

اللواتي أفتَينَ وأمرن بالمعروف ونَهَين عن المنكر، منهنَّ:

أم عيسى بنت ابراهيم الحربي: أفتت في الفِقه، وكانت عالمة

سُتَيتة بنت القاضي: وهي من أحفظ الناس للفقه على المذهب الشافعي، حفظت القرآن، والفرائض وحسابهاى، والنحو، كما ذكرها ابن الخطيب ج4ص346، وابن الجوزي ج7،ص138.

أم زينب الواعظة، فاطمة بنت عباس: شيخة فقيهة، وكانت مجتهدة، صوَّمة قوَّامة، قوَّالة بالحقّ، ذكرها ابن رجب في الطبقات ج2 ص467-468.

 

الحركة العلمية بين النساء العراقيات ببغداد

وتميَّزن بحركة علمية واسعة منهنَّ: الشيخة خامة بنت المبارك، صاحبة الشيخ السهروردي

أمَّا الشاعرات فمنهنَّ: عنان بنت عبدالله، وكانت أو مَن قال الشعر من النساء في العصر العباسي.

ومن المدرِّسات: شُهدة بنت أحمد الابري: وكانت تُدرِّس مختلف العلوم، كما جاء في الأنساب ج1ص95-96للسمعاني، روى عنها ابن عساكر، وابن قدامة. وهي عالمة بغدادية، كانت تلقي المحاضرات على الرِّجال والنساء زمن الخليفة المستنصر بالله، وتلقي المحاضرات على الفقهاء والفقيهات في أحد المساجد بالبصرة، بعد افتتاح المدرسة المستنصرية بثلاث سنوات.

ومَّن اشتهرنَ بالرواية والتدريس: آمنة بنت عبد الملك، وسيدة بنت أبي الرضا

 

المرأة العراقية بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة

دورها في ثورة العشرين:

كانَ للمرأة العراقية دوراً مؤثِّراً في ثورة العشرين، فكانت تُشجِّع وتُحرَّض الرِّجال من الأزواج والأبناء والأخوة على القتال، ومنهنَّ مَن حملنَ السلاح وتقدَمنَ الصفوف أُسوة بالرِّجال، فضلاً عن دورها المتميِّز في اثارة الهِمَم، وتأجيج العزائم، وشدّ أزر المقاتلين بالهوسات والأهازيج.

منهنَّ الشاعرة(نازي بنت حاجم) من عشيرة الظوالم، والشاعرة صافية زوجة عطية آل دخيل وكانت أبرز المحرِّضات على قتال المحتل الانكليزي، وقد وقفت أمام بعض المقاتلين المتراجعين من القتال يسبب ضغط ووحشية قوات الاحتلال، كاشفة عن شَعرها وهي تَحضّهم على الثبات وعدم التراجع، وتستنهض فيهم قيَم الرِّجولة، وغيرهنَّ كُثر.

 

المرأة العراقية في ظلّ ثورة 17 تموز المجيدة عام1968م

وقد كان اهتمام الثورة بالماجدة العراقية كبيراً، فقد فٌتِحَت الأبواب على مصراعيها لهنَّ، فكان منهنَّ، ضابطات في الجيش العراقي الباسل، وطيَّارات، وعالمات ومهندسات، واشتركنَ بشكلٍ فاعلٍ في بناء العراق. وكان لهنَّ موقفٌ تاريخيٌّ مٌميَّز في قادسية العرب الثانية، ضدَّ العدوان الإيراني الفارسي في العام1980م، فكانت الأم تشدُّ من عزم أبنائها وزوجها وأخوتها، وقد حَملنَ السلاح للدفاع عن العراق، وهناك قصصٌ بالغة الأثر في موقف الماجدة العراقية.

ولها موقفٌ مشرِّف في ظل الحصار الاقتصادي الجائر، فقد شدَّت وربطت على بطنها، فكانت تصوم عن الزاد ليأكل أبناؤها، وكانت مدبرة بيت راقية، وحافظت على أبنائها من الانحراف بسبب هذا الحصار الظالم، فكانت تتابع أبناءها وتراجع معهم دروسهم.

وأسهمت المرأة العراقية في تعمير وبناء ما دمَّره الأشرار في العدوان الثلاثيني الغاشم.

وبعد العدوان الأمريكي الغاشم وغزو العراق واحتلاله، كان لها دورٌ بارزٌ في اسناد المقاومين الأبطال، من خلال جلب المعلومات لهم عن أماكن تواجد قوات الاحتلال، ورفدهم بالمعلومات الاستخبارية المهمة، وايصال الأعتدة والأغذية لرجال المقاومة الوطنية الباسلة.

 

فدائيات من أجل العراق

وهناك من الماجدات اللائي نفَّذن عمليات استشهادية ضدَّ الغُزاة الغاشمين، منهنَّ الفدائية الاستشهادية ميسون حميد عبدالله وأُخريات ضحَّينَ بأنفسهنَّ من أجل العراق وشعبه.

 

ثائرات ضدَّ حكومة الاحتلال وأحزابها الولائية

كان للماجدات دوراً مهمَّاً في ثورة تشرين منذ فجرها في العام2019م، وكان حضورهنَّ لافتاً ومؤثِّرا في ديمومة الثورة، شاركت فيها ربَّات بيوت وطالبات جامعيَّات، وفي الثانويات، وتربويات ومهندسات وطبيبات، وقد تحمَلنَ الكثير من قوات القمع الحكومية بالضرب، والاعتقال والتعذيب، ولكنَّهنَّ صَمدنَ وتَحمَّلن كلّ صنوف القوة المفرطة من قبل قوات الحكومة القمعية.

 

عالمات عراقيات في العهد الوطني المجيد

من العالمات اللواتي يُشار لهنَّ بالبنان، نذكر صفوةً منهنَّ:

لحاظ الغزالي: طبيبة وعالمة متخصّصة في الوراثة وعلم الجينات، تدرِّس في جامعة العين في الامارت، أسَّت أو مكتب طبي للتشوهات الخلقية في الامارات

هدى صالح مهدي عمَّاش: عالمة عراقية بارزة وأكاديمية مرموقة في الكيمياء

زينب بحراني: أكاديمية وأستاذة في الآثار

سلمى سليم الراضي: أكاديمية وباحثة متفوقة

زُها حديد: معمارية عراقية، نفذت 950 مشروعاً في 44 دولة ونالت عدة جوائز عالمية

وغيرهنَّ كثر، ولضيق المجال نكتفي بهذه الأسماء الكريمة من عالمات العراق

 

وزيرات عراقيات: نزيهة الدليمي: وكانت أول امرأة تتولى منصباً وزارياً في الوطن العربي

ومن القضاة: زكية اسماعيل حقِّي، وهي أول قاضية في العراق

انَّنا نشعر بالفخر والاعتزاز والامتنان للماجدة العراقية الأبيَّة، وتاريخها المشرق والمشرِّف وأنَّها مدعاة عِزٍّ وفخر لكلَّ العراقيين وأبناء أمتنا العربية، لله درّكِ أيَّتها الماجدة الشَّماء الأبيَّة الشامخة دائماً في عنان السَّماء، فهل بعد ذلك يمكن لكائنٍ مَن يكون أن يستهزيء أو يجرأ على الاستهانة بهذه المرأة المِعطاء الواهبة؟! اللهم احفظ العراق وشعبه العظيم، والأمة العربية اللهم آمين.

(*) جاء المقال في الرَّد على الدراما التلفزيونية الكويتية (دفعة لندن) لكاتبتها هبة مشاري

المنبر الثقافي العربي

شبكة البصرة

الثلاثاء 6 رمضان 1444 / 28 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط