بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

النووي الإيراني وتصدير الثورة.. نظرة متفحصة!!؛

شبكة البصرة

د. أبا الحكم

أولاً: العداء الفارسي للعرب كما هو معروف يمتد الى أكثر من ألف وأربعمائة سنة وقبل وجود امريكا أساساً، امريكا عمرها ثلاثمائة عام وليس لديها حضارة شعب.. كما ان تخطيط الطغمة الفارسية منذ سقوط إمبراطورية (يزدجرد) وهزيمة الفرس أمام الجيوش العربية، ومنذ ما قبل الدعوة المحمدية.. ولا نريد ان ندخل في تفاصيل حقائق التاريخ، رغم أهميتها في رسم خارطة الجيو- سياسة لتاريخ موغل بالقدم.. وتعكس وقائع ما جرى في ذلك العمق، حقائق كالحة تبعث على الريبة والشك، واليقين من التوجه الفارسي الخبيث، الذي يضمر حقداً اسوداً على العرب لا تجليه كل مساحيق العالم.

 

ثانياً: ومنذ ذلك التاريخ السحيق خطط دهاقنة الفرس استراتيجيتهم للنيل من العرب ووضعوا أدوات لهذه الاستراتيجية، وهي أدوات ليست تقليدية ـ إنما استخلصوها من واقع العرب ومن بين اطيافهم وطبيعتهم ومعتقداتهم ونظرتهم لحياتهم الآنية، فضلا عن نزعتهم العصبية وغضبهم وطيبتهم وتسامحهم وصفاء قلوبهم وسذاجة أغلبهم في معرفة معادن غيرهم.. ووجدوا من الشحنة (المذهبية) و (العصبية) و (العاطفية) ثلاثي يمكن مزجها لصناعة الطائفية التي تعتمد على تبجيل يستلب عمق التاريخ العربي- الاسلامي ويقلب الحقائق ويحيلها إلى اسلوب التابع الذي لا يفكر، فهو مُسَييَرْ، ولا يعترضُ على (المبجل) أو (المقدس) من البشر.!!

 

ثالثاً: لم يرسم الاستعمار الغربي ولا الإمبريالية الأمريكية خطوط الاستراتيجية الفارسية ولم يصنعوا لها ادواتها. الاستعمار الغربي ظهر في ظل النهضة الغربية والاستكشافات الجغرافية، فيما ظهرت الإمبريالية وعولمتها المتوحشة في أعلى مراتب الاستعمار، بينما خطط الفرس استراتيجيتهم بالضد من أمة العرب منذ قرون.. وهي استراتيجية ثابتة ومستقرة بالرغم من النظم السياسية الايرانية التي تولت الحكم في بلاد فارس وآخرها نظام الشاه وابنه ونظام خميني ونظام خامنئي الراهن والذي سيأتي بعده.. وكل هذه النظم تتبنى هذه الاستراتيجية بدون تغيير أو تعديل.

 

رابعاً: العنصر الفارسي عبر التاريخ في بلاد فارس يمثل الأقلية القومية أمام القوميات الأخرى العربية والتركية والكردية والأذرية والبلوشية وغيرها من القوميات والأديان، الأقلية الفارسية هذه، تتسيد تخوم هضبة إيران الجرداء وتستعمر بقية القوميات بحد السيف، ولحد الآن. القوميات مضطهدة اضطهاداً عنصرياً ودينياً ومذهبياً وقانونياً واخلاقيا.. ونتائج هذا الاضطهاد مكشوفة ومعلومة.. فالقومية الفارسية تمثل العنصرية التي تحاربها الشعوب وترفضها قوانين دول العالم، ولا مكان لها في نظمها السياسية ولا في دساتيرها.. ولكن لهذه العنصرية أساس في الدستور الايراني وكذلك في تعامل النظام الايراني مع الشعوب الايرانية.

 

خامساً: المهم لدى المركز الفارسي هو الأدوات، أدوات الاستراتيجية الفارسية، فضلاً عن تصدير الخرافات، وعلى امتداد عمق التاريخ تنوعت (واجهات) تلك الأدوات، وهي ادوات (محلية) أي ان صانع القرار الفارسي اختارها (سياسيا وامنياً واجتماعيا ومذهبياً) أن تكون أدوات من بيئة العرب ومن اوساط عربية.. كيف تم ذلك على مر العقود؟

لم يرسل النظام الفارسي (مبشرين ودعاة) كما فعل الغرب المسيحي حين أرسل فرق (السلام) وفرق (التبشير) للدين المسيحي، إنما استخدم الدعاة والمبشرين من أبناء الطائفة ذاتها من المسلمين العراقيين وغيرهم.. ألم يكن هذا التشيع هو لشق وحدة المسلمين تمهيداً لإضعافهم وتدمير وحدتهم؟ ثم، لماذا تتوجه الدعوة الفارسية إلى المجتمعات المسلمة ولم تتوجه إلى الأوساط المسيحية واليهودية وباقي الاديان؟ لماذا التوجه حصراً نحو الدين الاسلامي الحنيف؟، والهدف هو التمدد بالمذهب على حساب الدين وليس التمدد بالدين ونشره.. والمذهب هو جزء من الدين وليس من الطبيعي أن يسود الجزء على الكل.!!

 

سادساً: وإرساليات التشيع الفارسي صوب المنطقة العربية تتم من خلال 1- التمثيل (الدبلوماسي والتجاري والثقافي والعسكري) الايراني 2- من خلال المراسلين الصحفيين والصحافة ووكالات الأنباء الايرانية، ووكالة المنار التابعة لحزب حسن نصر الله 3- ومن خلال المراكز الخاصة كالحسينيات وفعالياتها المتنوعة في تكريس اللطم والزنجيل وغيره 4- ومن خلال الجمعيات الخيرية ومؤسسات النفع العام الايرانية. كل هذه المؤسسات تحركها دوائر استخباراتية تعود للحرس الايراني وفيلق (القدس) ولاستخبارات الجيش وشبكاته المنتشرة على مستوى السفارات الايرانية التمثيلية في الخارج.

 

سابعاً: وينصرف التخطيط الفارسي الخارجي إلى 1- تأسيس خلايا مدنية تشيعية في المدن العربية وعواصمها 2- تأسيس خلايا ذات صفة عسكرية سرية بين صفوف قوات الأمن والقوات المسلحة والشرطة، كما حصل في مصر في عهد "محمد مرسي"، وكما حصل في المغرب/مدينة سلا في عهد ملك المغرب الراهن، وعلى أثرها صدر قرار ملكي بغلق السفارة الايرانية في الرباط.. ومحاولة نظام طهران اختراق الأردن عدة مرات وفشل، كما اخترق لبنان وزرع في جنوبه سرطان التشيع الفارسي الذي أطبق على انفاس الدولة اللبنانية، وكذلك في اليمن حيث التشيع الحوثي الفارسي، فيما تركزت بؤرة التشيع في العراق على المستوى التنظيم الحزبي الإسلاموي السلطوي والتنظيم العسكري الميليشياوي.

 

ثامناً: إذن، لم يرسل النظام الفارسي في إيران (دعاة مبشرين للدين الاسلامي إلى الأوساط الأجنبية ليثبت ان له دين اسلامي يؤمن به، إنما أرسل دعاة ومبشرين استخباراتيين في اوساط المسلمين لغرض تشظي الواقع العربي لحساب امريكا والغرب المتصهين، وانتشار التشيع الفارسي).. كما لم يرسل النظام الايراني جنوداً أو وحدات عسكرية إلى الخارج، إنما أرسل (مستشارين) و(مدربين) بمختلف الصنوف العسكرية مع طواقم استخبارات الحرس الايراني، كما أمر النظام الفارسي مليشيات العراق ومليشيا حزب الله في لبنان بإشاعة الفوضى في سوريا والمنطقة بأسرها.

 

تاسعاً: وبعد ان تعرفنا على التخطيط الاستراتيجي الفارسي وأدواته التنفيذي في المنطقة العربية لا بد ان نأتي إلى الوسائل العسكرية الأخرى للنظام الايراني وتتمثل في 1- النووي الايراني واهدافه وغاياته ووسائله وتمويهاته وقدراته ومستقبله في ظل عدم الانتشار 2- الصواريخ البالستية وقدراتها ومدياتها وطبيعتها التأثيرية على واقع الصراع في المنطقة 3- المشتركات بين امريكا و(اسرائيل) وايران، هل هي مشتركات (سياسية اقتصادية أمنية تعبوية في صيغة تعارض وتقاطع مشاريع) أم أنها مشتركات (استراتيجية) كما هي العلاقة الأمنية الكائنة بين امريكا والكيان الصهيوني على أساس الدفاع المشترك الملزم بمعاهدة دفاع وقعت عام 1985؟ 4- ثم هل يأتمن الغرب الصهيوني بزعامة أمريكا نظاماً (أوليغارشيا- ثيوقراطياً) منبوذاً لا أحد يأتمنه على زر القنبلة النووية 5- ثم هل أن الغرب يرجح مصالحه على موضوعة رجحان كفة (سنه) أو رجحان كفة (شيعه) في واقع باتت نظرية ولي الفقيه متهرئة وقاعدتها متفككة، رغم عناد النظام الفارسي وغطرسته واستعراضاته لقوته الفارغة؟ ثم ان العرب يصل تعداد نفوسهم أكثر من (450) مليون نسمة، فيما يصل تعداد نفوس العنصر الفارسي ليس أكثر من 43% من مجموع الشعوب الايرانية التي تبلغ قرابة (90) مليون نسمة؟

هذا ما سنناقشه على وفق واقع العلاقات الدولية، وكذلك من منظار الردع والردع المتبادل المؤكد في منطقة تشكل قلب العالم وهي المنطقة العربية المحكومة باختلال ميزان تعادل القوى الاقليمي، وعلى أساس فرضيات نظريات القوة.

 

ولكي نتعرف من خلال علم السياسة على اختلال ميزان تعادل القوى علينا ان نضرب مثلاً واحداً قبل تناولنا نظرية القوة:

أولاً- قدم الاتحاد السوفياتي عام 1962 مقترحا الى الولايات المتحدة يدعو الى جعل منطقة البحر المتوسط منطقة منزوعة السلاح النووي، مقابل ضمانات امريكية تقوم على التعهد بعدم استخدام الاسلحة النووية ضد الدول الواقعة في تلك المنطقة.. وقد فسر الغرب الاقتراح السوفياتي بأنه يرمي إلى خلق (فجوة) في نظم الدفاع الغربي عن طريق كسر واحدة من أهم الحلقات الاستراتيجية التي يعتمد عليها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأمر الذي يترتب عليه الإخلال بعلاقات التوازن الاستراتيجي العام.. عندها رفض الغرب المقترح.

إذن، هنالك توازن قوى دولية وتوازن قوى اقليمية في ظل انقسام العالم بين قوتين نوويتين احداهما بزعامة الاتحاد السوفياتي السابق والاخرى بقيادة الولايات المتحدة.. في هذا العصر وبعد انتهاء الحرب الباردة لم تعد هناك قطبية ثنائية، إنما أحادية قطبية تتحكم بموازين القوى على وفق نظريات القوة ونظريات الردع المختلفة ونظريات التسلح التقليدية والنووية ونظريات عدم الانتشار ومعاهداتها واتفاقاتها والتزاماتها الموثقة من قبل الامم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الامن، فضلا عما انتجته العلاقات الثنائية في هذه المجالات. والغرض منها تخفيف استخدام القوة ومنع التهديد باستخدامها على اساس التوازن في الرعب النووي المكفول باتفاقيات و معاهدات موثقة دوليا ومنها على وجه التحديد جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل، ومن ضمنها نزع السلاح النووي للكيان الصهيوني، الذي لم يعلن عن امتلاكه هذا السلاح لحد الآن، وما تزال كافة دول المنطقة تؤكد اهمية مثل هذه الاتفاقية، إلا ان القنبلة النووية الهندية ومقابلها القنبلة النووية الباكستانية اللتان حققتا توازن الرعب النووي بين البلدين، قد جعلت دول المنطقة تصر على إخلائها من جميع اسلحة الدمار الشامل بما فيها الاسلحة البيولوجية والكيمياوية والجرثومية والمتطور من القنابل الفراغية والعنقودية وقنابل الفسفور الأبيض، وذلك من أجل جعل منطقة الشرق الاوسط تعيش بسلام.

 

ثانياً- المنطقة العربية، وهي تمثل قلب الشرق الأوسط يسودها اختلال ميزان القوة 1- الهند وباكستان متوازنتان في الردع النووي نسبياً 2- (اسرائيل) تتفرد في موضوعة الردع المنفرد تجاه العرب.. ولكن، ما الذي تستطيع أن تفعله في المنطقة التي ترفضها منذ عام 1948، ولن تقبلها بين صفوقها لأنها دويلة مصطنعة ومفروضة بالقوة الاستعمارية الغربية؟ ما الذي تستطيع هذه الدويلة ان تفعل بقنبلتها النووية؟ لا تستطيع ان تفعل شيئاً بل على العكس، هي تعيش مأزقاً (DiLemma)، من الصعب الخروج منه، لأن القنبلة النووية صنعت لا للاستخدام إنما للردع الأقصى.. ولم تستخدم هذه الدويلة هذا السلاح الذري وظلت في إطار استخدام (القوة التقليدية) ضد الشعب العربي الفلسطيني المكافح رغم حروب الصواريخ والاجتياحات المحدودة. 3- وما الذي تريد ان تفعله القنبلة الفارسية المحتملة في المنطقة؟ هل تريد التوازن مع القنبلة الاسرائيلية، التي تعيش مأزقاً حقيقياً؟ كلا، لأن ليس بين بلاد فارس ودويلة الكيان الصهيوني عداء تاريخي ولا عداء حديث، لأن حقائق التاريخ تفصح عن معاونة الفرس لليهود في الأسر البابلي زمن "نبوخذ نصر" القائد العربي الذي حطم الهيكل اليهودي في إثر مجازر اليهود ضد الشعب الفلسطيني سكان فلسطين عبر التاريخ. وما زال دهاقنة معهد شامير يذكرون كيف نقل الفرس اليهود من العراق الى بلاد فارس وبات الصهاينة يشعرون بالامتنان من إيران حتى هذه اللحظة، بأنه دَيْنٌ في رقابهم، فيما يذكرهم الرؤساء الايرانيون خاتمي ونجاد وحسن روحاني ورئيسي بواقعة التاريخ هذه، في الوقت الذي يشن الاعلام الفارسي الكاذب والمنافق حملة شعواء بالضد من (إسرائيل)، ويرفع شعارات (الموت لأمريكا. الموت لإسرائيل)!!

 

ثالثاً- لا عداء بين (تل أبيب) وطهران، بمعنى لا عداء بين قنبلة إيران النووية المحتملة والقنبلة النووية الإسرائيلية، وليس هناك ما يلفت الى التوازن بينهما.. والتساؤل هنا، ما هو وضع العرب الخاص بين سلاحين نوويين اسرائيلي وفارسي؟ وما الذي يريد ان يفعله الغرب وتفعله امريكا حيال هذا الواقع؟

1- لا تستطيع (اسرائيل) ان تفعل شيئاً بقنبلتها النووية تجاه العرب.

2- ولا تستطيع إيران ان تفعل شيئاً بقنبلتها النووية المفترضة تجاه العرب.

3- وليس بوسعهما ابتزاز العرب رغم مخطط التقسيم والتفتيت الذي اشاعه الغرب الصهيوني، لأن الشعب العربي تدجنه الحكومات المتواطئة وتفككه اطياف الاحزاب الهجينة وتعبث به مخططات العملاء.. شعب فلسطين قاوم المخطط الصهيوني منذ عام 1948 ولحد الآن، والتغلغل الصفوي الطائفي قاومه العرب منذ عام 1979 ولحد الآن.. فمشروع التشيع الفارسي تكشفت دواخله، ومضامينه وتعرى على أرض الواقع.. فما الذي تبقى للفرس؟ وما الذي تبقى للصهاينة؟ الصراع يظل مفتوحاً على مصراعيه طالما كان القرار العربي قطرياً، ولكنه يحسم حينما يكون القرار قومياً. وحين يكون الشعور الوطني لم تدنسه رغبات ونوازع المشعوذين الدجالين من بعض رجال الدين، وملامح الفصل باتت ضرورية بين أحكام الدولة المدنية وأحكام الدولة الدينية التي من المستحيل ولادتها في هذا العصر.

 

رابعاً- نظام الأمن الاقليمي بدعة ابتكرها الغرب الصهيوني كما ابتكر أسم جامعة الدول العربية، والغرض من ذلك هو طمس (الأمن القومي العربي) وتذويب ركائزه بـ(مشروع الشرق الاوسط الكبير).. وبعض مظاهر الانحطاط في الواقع العربي الجيو- سياسي (سوريا ولبنان واليمن وليبيا وتونس والعراق)، لا يعني ان برنارد هنري ليفي الصهيوني قد انتصر ومن خلفته الصهيونية والفارسية والامبريالية، إنما هي حالة (امتصاص) الصدمة التي يعيشها الشعب العربي، ومن ثم الرد عليها، إما أن يكون صاعقاً أو بطيئاً حسب تكوين الشعب وقدراته وشروط نضجه الذاتية وظروفه الموضوعية على حد سواء.

 

خامساً- سياسة التجاوزات التي يستخدمها النظام الفارسي على مصالح دول المنطقة والعالم لا يعني التسليم بسياسة الأمر الواقع الذي يخيل لصانع القرار الفارسي فرضها على الدول العربية قطراً قطراً. ولا يعني أن الغرب وامريكا يلعبون لعبة السكوت على ابتلاع مصالهم في المنطقة بتخطيط استعادة الامبراطورية الفارسية ومن ثم توزيع الحصص.. الأمر ليس هكذا، إنما القراءة المتأنية تشير إلى 1- مراعاة التوازن الاستراتيجي العام مع الكبار (روسيا والصين) و (الهند وباكستان) 2- أمن الكيان الصهيوني 3- استنزاف عناصر القوة في الهيكل الفارسي كما هو حال استنزاف عناصر القوة في هيكل الدولة الروسية في أوكرانيا.4- العودة إلى مخطط (زبيغنيو- بريجنسكي) المعني بإشعال الحرائق في المجال الحيوي الصيني والروسي.. وازاء هذا الوضع المأزوم الذي تعيشه إيران في الداخل والخارج.. تماطل الامبريالية والغرب لإنقاذ إيران من مأزقها الصعب.. في النووي الايراني والمفاوضات بشأنها حتى باتت مسخره.. والتساؤل هنا هل تنجح امريكا وأوروبا المتصهينة في مراوغاتها وألاعيبها؟ الجواب، لن تنجح في استخدام (نظام أوليغارشي ثيوقراطي) يرفضه العالم.. ولكنها تعمل من أجل إنقاذ هذا النظام من التلاشي أمام ضربات الشعوب الايرانية من جهة، ومن أجل تمكينه من إنهاء القضية الفلسطينية بالتطبيع وبأداة فارسية من جهة ثانية.. لم تقدم امريكا ولا الغرب الصهيوني أي دعم لنضال الشعوب الايرانية والمجازر التي يرتكبها رغم اعلانات حقوق الانسان والتطبيل الامريكي في منهج سياسته الخارجية حول الانسان وحقوق الشعوب المضطهدة.

 

نظرية إشعال الحرائق:

أمريكا لا تهمها الشعوب، وهي مستعدة لأن تشعل الحدود السياسية للدول، ما دام هدفها الاستراتيجي يقوم على ذلك وبوسائلها الخاصة، ومن هذه الوسائل (اشعال الحرائق في المجال الحيوي للخصم).. والتساؤل هنا هل تشعل امريكا حريقاً في المجال الحيوي للخصم الروسي؟ وهل تشعل حريقاً في المجال الحيوي للخصم الصيني؟ والجواب، نعم هي جاهزة تماماً ومؤشرات ذلك كثيرة 1- إذا تمكنت روسيا من اختراق اوكرانيا وباتت تهدد دولا اوربية محددة.. ستشعل الحرائق في المجال الحيوي الروسي و(إيران تقع في هذا المجال) 2- وإذا زادت الصين من زخم حركتها نحو البحر المتوسط مروراً بالخليج العربي وإيران والعراق، ستشعل الحرائق في طريق الحرير لمنع الصين من الوصول الى البحر المتوسط و(إيران تقع في هذا المجال).

ففي كل الاحوال، هذا النقلة الاستراتيجية ممكنة، يتغير فيها النظام الايراني.. إيران ماضية في مخطط الامبراطورية الفارسية رغم مأزقها الصعب، وامريكا تحاول إنقاذها كما أنقذها اوباما من قبل، ولكن الظروف تغيرت وإيران تتوسع على حساب مصالح الغرب وتتمدد حتى بلوغ ليس فقط سواحل البحر المتوسط إنما حافات المحيط الاطلسي!!

إيران خرقت التزاماتها وتعهداتها مع امريكا في العراق والمنطقة وباتت تهدد بتصعيد تخصيب اليورانيون والغرب ووكالة الطاقة الذرية يعزفون على نغمة التصعيد.. والنتيجة لا أحد يقدم على إخراس طهران من النباح.. لأن المهمة الأمريكية- الصهيونية إزاء العرب والقضية الفلسطينية لم تنتهي بعد.. القنبلة النووية الاسرائيلية لم تخف أحداً، لأنها لم تمتلك أداة لتفكيك المجتمعات العربية، أما القنبلة النووية الفارسية المحتملة فهي الاخرى لن تخيف احداً بقدر أداتها التشيعية الفارسية التي تستلب حقائق التاريخ وحقائق الجغرافيا!!

شبكة ذي قار

شبكة البصرة

السبت 19 شعبان 1444 / 11 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط