بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

امة عربية واحدة  ذات رسالة خالدة           وحدة حرية اشتراكية

شبكة البصرة

العدد التاسع

24 آذار - مارس 2023

جريدة أسبوعية تصدر عن حزب البعث العربي الاشتراكي

الايميل: babiliraqi99@gmail.com

الفهرس

الافتتاحية: دوافع تجميد الحزب

من تراث الحزب: ميشيل عفلق: البعث لا يرضى باستغلال الواقع

بيانات الحزب

1- ما الذي يجري في العراق؟ قيادة قطر العراق

2- قيادة قطر العراق تنعى المرحوم محمد نجل القائد الشهيد طه ياسين رمضان

3- الناطق الرسمي يرد على تصريحات عمرو موسى

4- بيان قيادة قطر الجزائر لمناسبة الذكرى ال 20 لغزو العراق

كراس الرفيق بيتر قمري الجزء 3

ملف غزو العراق

1- روسيا تطلب عقد اجتماع لمجلس الامن حول الكذبة الشنيعة التي ادت لغزو العراق

2- قصة الدبلوماسي الذي كان بإمكانه وقف الحرب

3- كيف هو العراق بعد 20 عاما على غزوه؟

4- بول بريمير يتذكر اسرار غزو العراق

5- ذكرى حرب ظالمة عبدالمنعم حمندي - العراق

6- اعترافات الجنرال فوتيل

7- الزحف المتهور على بغداد

8- كيف اصبحت الصين الرابح من الحرب على العراق؟

9- المقاومة التي انطلقت منذ بدابة الغزو الرفيق صالح الدليمي - العراق

10- يوم استباح البرابرة ارض الوطن الرفيق غياث الشبيبي - العراق

11- ماذا قال زلماي خليل زادة عن الدور الايراني في غزو العراق؟

مقالات

1- لماذا تظل امريكا عالقة بالأحلام زائفة؟

2- مجذوب عيدروس: عطاء ثقافي صلاح شعيب - السودان

3- المؤشرات الموضوعية لتقييم الاتفاق السعودي الايراني طلال بركات - العراق

4- الاماني الضائعة: دماغ الانسان فوق الستين

5- اجتماع شرم الشيخ الامني الرفيق ابو شجاع - فلسطين

6- هل يقف الاقتصاد الامريكي على حافة الهاوية؟

7- فلسطين في فكر الشهيد صدام حسين

8- قراءة في الاتفاق التاريخي بين السعودية وإيران

تقارير واخبار

1- كيسنجر: الوساطة الصينية بداية لعبة جديدة

2- ما يعنيه وما لا يعنيه الاتفاق الايراني السعودي

3- لماذا الانبار بالذات؟

 

الافتتاحية:

دوافع تجميد الحزب اصبحت اكبر من تجاهلها

وردتنا العديد من الرسائل من قراء جريدة البعث يقيمون فيها ما تنشره ومن بينها رسالة مهمة تتساءل: لماذا لم يصدر ابو العباس بيانا في ذكرى مرور 20 عاما عشرين عاما على غزو العراق رغم انها ذكرى مهمة جدا في تاريخ العراق وبالتحديد في تاريخ الحزب؟ ان هذا السؤال جوهري ويجب ان يطرحه كل مناضل بعثي او غير بعثي راهن على تحرير العراق بقوة حزب البعث العربي الاشتراكي وحلفائه، ولكن كل من راهنوا على البعث صدموا خلال العامين وثلاثة شهور الماضية لان البعث لم يعد موجودا في الساحة فعليا، فقد جمد الحزب ووضع في حالة موت سريري، ومن وضعه هو من فرض امينا لسر الحزب السيد  ابو جعفر عمدا وتخطيطا فسحب من انتفاضة تشرين ولم يعد هناك اي نشاط حزبي ملموس، واكتفى لأسقاط فرض وابعاد الشبهات باستمرار اصدار بعض البيانات الاعلامية والتي تخلو، وهذه ملاحظة جوهرية، من تحديد اي موقف للحزب تجاه ما يجري في العراق وفي الوطن العربي والعالم، رغم ان تحديد المواقف هو اهم واجبات قيادة اي حزب ثوري.

وعندما جاء السيد ابو العباس تفاءل كثيرون وقالوا ان هذه المرحلة ستنتهي وسيعود الحزب نشطا وفعالا ولكن ها قد مضى عام على تسلم ابو العباس واذا به اكثر سوءا واكثر خطرا من ابو جعفر حيث انه لم يعد يحاول حتى اسقاط الفرض وابعاد الشبهات عنه، فقد اوقف حتى البيانات الحزبية ولم تعد تصدر منذ اكثر من عشرة شهور حيث مرت مناسبات ووقعت احداث خطيرة لم تحرك شعرة واحدة في رأسه، ولكن في الذكرى العشرين لغزو العراق على الاقل اصدر ابو جعفر بيانا، وان كان في يوم 21 اي بعد يومين من بداية هذا الغزو وبعد ان اصدرت القيادة القطرية المنتخبة بيانا ليلة 19 على 20 اذار، فلم يعد امام ابو جعفر الا ان يصدر بيانا لكي يتجنب الادانة، وهو بهذا الموقف يشير الى انه مازال متيقظا ويحاول تجنب ما قد يدينه، اما ابو العباس فهو صامت صمت الموتى ولا يهتم بالإدانة وبتسجيل نقاط تقصير فادح عليه، بل وربما يتعمد استفزاز البعثيين بصمته في زمن يجب فيه على البعثي الحقيقي ان ينطق بل يصرخ لأيقاظ من نام وتعبئة الجماهير ضد التدمير الشامل للعراق، ولذلك مرت ذكرى غزو العراق وكأن الحدث لا يعنيه!

مرت اكثر من عشرة شهور كانت مملوءة بالأحداث الخطيرة ومع ذلك لم يصدر فيها ابو العباس بيانا يحدد مواقف الحزب منها رغم ان اصدار البيان سهل جدا، وهذا مؤشر قوي يؤكد اننا امام تفسيرين لهذا السلوك المشين: فاما انه مرغم على هذا الموقف من قبل جهة تملي عليه ما يجب وما لا يجب ان يقوم به، واما انه مقتنع بهذا الموقف وبالتالي فانه يكون قد جند من قبل جهات معادية للحزب لكي يقوم بدور التخريب المتعمد الشامل للحزب!

ولكي تكون خطورة الوضع واضحة نؤكد بان الجهاز الحزبي يبقى واحدا في موقفه وفي نظرته عندما تكون هنا قيادة ترصد الاحداث وتنزل التعليمات له حول كل حدث تفسر فيها موقفها وتحدده، وبذلك يبقى الموقف البعثي واحدا ولا يتعدد الاجتهاد وهنا يظهر الحزب قويا واحدا اصيلا، اما حينما لا تكون هناك تعليمات دورية ومتواصلة حول كل حدث فان البعثي يتبنى وجهات نظر تتناقض جذريا او جزئيا مع وجهة نظر رفيقه البعثي الاخر، وهكذا تنتهي وحدة الحزب فعليا لان وحدته القاعدية وهي الاقوى ليست وحدة التنظيم وانما هي وحدة الموقف والفهم والتوجه ووحدة الخطوات، وكلها تتحدد وتصبح منسجمة بفضل التوجيهات الدورية مركزيا، فاذا غاب التوجيه المركزي انتهت وحدة الحزب العضوية لأنها مبنية على وجود الفهم الواحد لدى كل البعثيين للأحداث،وحينما تتعدد الاجتهادات يكون الحزب قد دخل في نفق مظلم وهو الانشقاق الفكري والنفسي والسياسي حتى ان بقي التنظيم واحدا، فالتنظيم في النتيجة سوف يلحق بحالة التشرذم التي ظهرت اولا في المواقف لان استمرار التناقض في الاجتهادات بين ابناء حزب واحد سوف يجرهم رغما عنهم الى انشقاقات تنظيمية ما دام كل طرف منهم متمسكا بموقفه!

وهنا نرى جذور الدوافع الخبيثة لتجميد الحزب، سواء بوضعه في حاله موت سريري كما فعل ابو جعفر، او في حالة العمل على قتله نهائيا كما في حالة ابو العباس، فالحزب الثوري ذو العقيدة والاهداف الستراتيجية الكبرى يحتاج لاجتماع دوري اسبوعيا او شهريا يتبادل فيه البعثيون الآراء ويتلقون التعليمات ويحاسبون بعضهم البعض الاخر بالنقد والنقد الذاتي، ويقومون بتقديم برامج ثقافية لأجل ان يرتقي دائما مستوى الرفاق في الحزب ويكونوا مطلعين على ما يجري وقادرين على التفسير والفهم، ومن ثم فان الحزب يبدأ بتكوين المواقف المنسجمة، واذا انعدم الاجتماع الدوري وغابت التعليمات المركزية فان الحزب يبدأ بالتحلل من داخله وتنمو عمليه تفسخ الوحدة العضوية وهي عماد وحدة الحزب التنظيمية.

حينما يحترق الوطن وتحل الكوارث في كل مكان ويصبح المواطن في جحيم ولا يجد من الحزب توجيها ولا تفسيرا ولا موقفا يستنهض الهمم لأجل انهاء الكارثة فان الثقة بالحزب تهتز ثم تنتهي ويعزل ويتعرض للانشقاقات، وهذا هو المطلوب مخابراتيا لتنفيذ خطوات اجتثاث البعث. وهنا علينا ان نتساءل: ما الذي يعنيه اجتثاث البعث؟ وما هي خطواته التنفيذية الابرز؟ ان الاجتثاث ومن معنى هذه الكلمة يعني اقتلاع الحزب من جذوره فكما تجتث الشجرة من جذورها كي لا تثمر فان اجتثاث البعث يتجسد اولا في التوقف عن اي نشاط ولا يقوم بالواجبات الوطنية والقومية.

ولهذا فان السؤال الطاغي الان على اذهان كل الرفاق في العراق هو:  لماذا وضع ابو جعفر الحزب في حالة موت سريري؟ ولماذا وضع ابو العباس الحزب على حافة القبر ويريد دفعه فيه ودفنه؟ ماذا وراء ذلك؟ هل هو مجرد اجتهاد فردي او تقصير؟ ام ان هناك دوافع مشبوهه وراء هذه المواقف الخطيرة؟ ان ما يتعرض له الحزب في بيئة الايقاف المتعمد لنضال البعث  يجعل الجهاز الحزبي في حاله قلق واضطراب وعدم استقرار لانه يدرك انه هناك خللا جوهريا في بنية الحزب وفي ادائه رغم ان الزمن يشهد اخطر خطوات تدمير الوطن والامة العربية وهي اوضاع تلزم الحزب بان يكون على العكس تماما من حالته الان، اي ان ينتفض من اجل احباط المخططات ويقود الجماهير بصفته الطليعة الواعية والمقتدرة .

فلنتصدى جميعا بحزم لهذه الظاهره الخطيرة التي تهدد بنهاية الحزب اذا استمرت،ولنحدد الموقف المطلوب اولا وقبل كل خطوة وهو انهاء الموت السريري، وهو ما يفعله ابو جعفر، وابعاد الحزب عن حافة القبر التي وضعه عليها ابو العباس، وتنشيطه والانطلاق مجددا بقوه الارادة الوطنية والقومية للحزب.

رئاسة التحرير

 

من تراث الحزب

ميشيل عفلق: البعث لا يرضى باستغلال الواقع

(من في سبيل البعث - الجزء الرابع)

أيها الاخوان(1)آمل أن تتاح لنا فرص عديدة في المستقبل للتباسط وللكلام دون كلفة، لكي يحصل التفاهم والتجاوب بين جميع أعضاء الحزب على الأمور الكبيرة والصغيرة. لأن ذلك شرط أساسي لقيام الحزب كقوة فعالة تنطلق من عقيدة موحدة. ولا يتسع المجال لإعطاء جميع شعارات الحزب حقها من الشرح، لذلك سأكتفي بأن أقول كلمة في موضوع الحزب نفسه:​ ​مهمة حزبنا​ ​لابد لنا من تكوين فكرة واضحة وبسيطة معا ً عن مهمة حزبنا في هذه المرحلة الخطيرة من حياة أمتنا. وأخشى كثيرا ً من أن تطغى المشاغل السياسية ومعارك النضال المتلاحقة وما يتبعها أيضا من فترات يستسلم فيها الحزب لنشوة الظفر أحياناً ويسترسل في الكلام، وغالباً ما يكون الكلام غامضاً وعاماً ومشوشاً، أخشى أن تضيع بساطة المهمة التي يحملها الحزب ووضوحها وتضيع خطورتها وسط هذه الجلبة. فعلينا أن نعود دوماً الى هذه المهمة بجديتها وببساطتها، وعلينا ان نتذكرها مراراً وتكراراً.

يجب ان نكون بمستوى الحركات العالمية​ ​نحن نعيش في هذا العصر وحزبنا لن يكون حزباً بالمعنى الصحيح الا اذا كان في مستوى الحركات العالمية في هذا العصر.​ ​حزبنا انقلابي كما يعرفه كل منكم. وهو لا يرضى باستغلال الواقع كما هو، بل صمم على إحداث انقلاب تاريخي فكري في حياة أمتنا، فما هو المقياس الذي يجب أن نرجع اليه لمعرفة ما اذا كانت أماني الحزب لم تبق وهماً وحلماً بل أصبحت حقيقة راهنة أو في طريق التحقيق الجدي؟ المقياس هو ان نقارن حركتنا بالحركات العالمية الجدية في عصرنا هذا. النضال رسالة لا هواية​ ​تذكرت ذلك عندما سمعت كلمة قيلت لكم: "ليقدم كل منكم هوايته أو ميله"، وسواء أقصد ذلك بالذات أم لم يقصد، فأني اغتنم هذه المناسبة وأستفيد من هذه اللفظة لأقول ان حزباً انقلابياً جدياً لا يقوم على هواية ولا يقبل في صفوفه الهواة. هذا الحزب أما أن يولد من الشعور القاهر، من الشعور العميق الأليم بضرورة حياتية قاهرة تدفع بطلائع أمتنا الى التضحية والمعاناة لإنقاذ الأمة من خطر الموت والفناء، وأما أن يكون خدعة لنفسه وللشعب الذي يطلب تأييده: فالعمل في حزب انقلابي ليس هواية ولا ميلاً وانما هو وظيفة هي أخطر من كل وظيفة وأكثر جدية من أي واجب، وهي كما عرفها الحزب منذ نشوئه، "هي رسالة" وعندما نفهم مهمة الحزب على هذا الشكل ندرك بالتالي ان الشيء الوحيد الجدير بحزب كهذا هو تنظيم حديدي، تنظيم لا يكتفي بجمع الكفاءات والمواهب وجمع أوقات الأعضاء، بل يضع هدفاً له ان يخلق منهم أناساً جدداً وأشخاصاً جديدين متكيفين مع ما تتطلبه المهمة الخطيرة منهم. فالتنظيم ليس جمعاً فحسب وانما هو خلق وإبداع في الدرجة الأولى. وليكن في بادئ الأمر مختصراً محدوداً، ليس في هذا ضير ولكن ليكن جدياً.

نتحرى الكيفية قبل الكمية​ ​وإذا كان جدياً فانه يستطيع ان يتسع وأن يتوالد ولكنه إذا بدأ بغير الجدية، إذا بدأ بروح التساهل وعدم التقدير لخطورة المهمة فليس من شيء يقدر على إصلاحه. وهذا ما يهيب بنا دوماً الى أن نتحرى الكيفية قبل الكمية والى ان نتطلع دوماً الى الافراد قبل المجموع، لأن الافراد هم الذين يستطيعون بالاتصال الحر العميق، وبربط مصيرهم بمصير أمتهم ان يدركوا حقيقة الطريق المرسوم لهم. وهم الذين يستطيعون ان يغيروا مجرى الحزب إذا وجدوه منحرفاً أو متهاوناً. وقد لا يكون الحزب دوماً في الطريق الصحيح السليم. فالحزب يضم بشراً والبشر يخطئون ويتهاونون ويتكاسلون وتطرأ عليهم شتى نقاط الضعف التي تصيب كل إنسان، ولكن الخطر كل الخطر هو الا يظهر في هذا المجموع بين حين وآخر أولئك الافراد الذين يقارنون بين ما رغبوا اليه في البدء واستهدفوه وصمموا عليه وما آل اليه الحزب، فيهتزون في أعماقهم ويهتز وجدانهم ويصلحون ويغيرّون ويرجعون الحزب الى الصراط القويم.

القدرة على إعادة النظر​ ​هذا قدرنا ولن نطمئن يوماً واحداً على أننا بلغنا ما نريد بلوغه وأننا ملكنا الحقيقة وسرنا في الطريق القويم. وبجانب ثقتنا بحزبنا والى جانب ثقتنا بشعبنا يجب ان تكون في نفوسنا القدرة على اعادة النظر دوماً في سيرنا ونهجنا وتفكيرنا حتى يكون تفكيرنا ناضجاً أصيلاً وحتى لا تطغى عليه السطحية والتقليد، لكي لا يودي بنا الغرور الى ما أودى بالكثيرين.

9 نيسان 1954 (1) كلمة في المهرجان الذي عقده حزب البعث العربي الاشتراكي في التاسع من نيسان، نشرت في جريدة "البعث"، العدد 532.

 

بيانات الحزب

1- بيان الحزب في ذكرى احتلال العراق

حزب البعث العربي الاشتراكي              أمة عربية واحدة   ذات رسالة خالدة

قيادة قطر العراق المنتخبة                        وحدة   حرية   أشتراكية

             مكتب الثقافة والاعلام

دروس غزو العراق المحفورة في حدقات عيوننا

تمر اليوم الذكرى العشرون لغزو العراق الذي شكل اكبر مأساة في تاريخنا المعروف، ونظرة سريعة لنتائجه تكفي لتأكيد هذه الحقيقة، وابرزها ان العراق العظيم المتقدم والقوي والواحد قد اصابه دمار شامل في مختلف مناحي الحياة، وانقلبت الحياة من حياة حرة كريمة لكل العراقيين الىى كوابيس وكوارث تتوالد منجبه اسوأ شياطين الارض واكثرهم فسادا وقسوة، وكانت النتيجة الطبعية هي استشهاد ملايين العراقيين وتهجير ملايين اخرى وتعريض اكثر من ثلاثة ارباع الشعب للجوع الحقيقي والمرض ونشر الفساد والشذوذ الجنسي والمخدرات عمدا وخرق كل المحرمات! ولم يتوقف مسلسل الكوارث عند حدود العراق بل امتد ليشمل اقطار عربية عديدة، ومقابل البؤس الشديد  تنعم بخيرات العراق ثلة من اللصوص نصبتهم امريكا وايران حكاما على العراق وتم اختيارهم عمدا لانهم فاسدون وجهلة، وبأزاء كل هذه النتائج الكارثية يحق لنا ونحن نعيش العام العشرون من الغزو ان نستعرض اهم الدروس التي نحتت في حدقات عيوننا لتكون مذكرا لنا مع كل رمشة عين كي لا ننسى من اغتال عراقنا وشعبنا:

الدرس الاول: ان امريكا هي العدو الاكثر خطورة علينا عراقيين وعرب لانها خططت للغزو وهي تعلم ان العراق لا يشكل خطرا عليها ولكن نزعه الافتراس الوحشي المسيطر عليها هي التي دفعتها للتخطيط لغزو العراق بعد انهاكه بالحصار وغيره، وغزو العراق،فلنتعلم هذا الدرس ولنعلمه لأبنائنا واحفادنا.

الدرس الثاني: ان ايران اخطر ادوات امريكا في المنطقة وان اسرائيل هي الخطر الثاني بعد ايران في المنطقة، وانهما عدوان لا يمكن التعايش معهما مهما طال غزوهما لعراقنا وبقية اقطارنا.

الدرس الثالث: ان التحرر من غزوات امريكا وايران واسرائيل من المستحيل ان يتم بالوسائل السلمية ولا بد من المقاومة بكافة اشكالها ولكن بشرط ان تكون المقاومة المسلحة هي السيد المتحكم بتطورات الصراع والا فاننا سنكون عبيدا نعد اعدادا منظما للزوال التدريجي كشعب وكأمة.

الدرس الرابع: عندما يكون عدونا متفوقا علينا تفوقا تاما في ادوات الحرب فيجب ان نفكر عشر مرات قبل ان نتخذ قرار الحرب او السلم، وفي حالتنا التي نعيشها فان امريكا وايران وان تفوقتا علينا بالسلاح والقدرات الا اننا نملك قوة جبارة لاتملكانها وهي ارادة التحرير لدى شعبنا والتي ظهرت طوال فترات الغزو وكانت هي القوة التي اجبرت امريكا على سحب قواتها لعجزها عن الصمود امام هجمات المقاومة العراقية غير المسبوقة في تاريخ العالم من حيث سرعة انطلاقها وعدد المشاركين فيها، وهذا الشعب بإرادته الفولاذية ايضا هو الذي فتت الصخرة الاصلب التي اعتمد عليها الغزو الامريكي وهي صخرة الاحقاد الفارسية خصوصا بعد انتفاضة تشرين المباركة التي اسقطت انجازات اعداء العراق خصوصا الفتنة الطائفية. وبهذه الارادة الفولاذية سيتحرر العراق وليس بالاستجداء او الانبطاح او التنازل عن حقوقنا، ومما يمكننا من النصر هو  ان كلا العدوين فقدا الارادة  والمعنويات.

الدرس الخامس: الحرب تضع الشعب كله والوطن كله امام الفناء او البقاء ولهذا يجب ان يكون قرار الحرب والسلام من صلاحية قيادة جماعية معتمدة وبعبقرية الجماعة نستطيع تحديد المواقف بصورة مدروسة.

سادسا: كل ما جرى اثناء وبعد الغزو هو خطوات مقررة سلفا، وليس اخطاء بريمير او غيره كما تدعي الان امريكا لاخفاء جرائمها ضد الانسانية .

سابعا:ان العلاقة بين امريكا واسرائيل من جهة وايران من جهة ثانية علاقات تلاق ستراتيجي قاسمه المشترك تدمير امتنا العربية ومحو قوميتنا العربية، والخلافات بين الطرفين تتمحور حول تقاسم اشلاء الجسد العربي، لذلك يجب ان لانقع في وهم ان الصراع بينهما صراع اهم من صراعهما مع الامة العربية.

ثامنا:ان اجتثاث البعث لم يكن مجرد خطة معادية لحزب بل كانت مخططا امريكيا –ايرانيا- صهونيا مشتركا لمحو العراق اولا ثم تترى الخطوات لمحو بقية الاقطار العربية،واول خطواته تدمير البعث بصفته طليعة واعية لهذه الامة ثم الانتقال لنشر الفوضى وافشال الدولة وتدمير الجيش والاقتصاد وتمزيق الوحدة الوطنية في العراق وبقية الاقطار العربية، وهذا ما نراه الان بوضوح.

تاسعا:ان اي محاولة لإيجاد حل للتفاهم مع امريكا بغير توفير عامل القوة ستنتهي بتحول اصحابها الى ادوات امريكية جديدة رغم كل النوايا، فاذا لم تكن هناك مقاومة مسلحة ونضال سلمي عام يدعمها فان اي محاولة للتفاوض مع امريكا او ايران ستكون استسلاما للعدو.

عاشرا: حل الحزب والجيش والاجهزة الامنية كان من الضرورات الاساسية لكي تخلق البيئة الفوضوية الصالحة لنشر كافة انواع التخريب الاخرى خصوص سيطرة الميليشيات وتلك هي من اخطر وسائل اجتثاث الدولة.

حادي عشر:يجب ان نتعلم من الدرس الصيني حيث ان الصين انتظرت اكثر من ثمانين عاما لكي تحقق اهدافها لانها بلورت منذ عقود طويله اهدافها البعيدة واجلت تنفيذها لحين توفير القوه اللازمة للتنفيذ الناجح واخذت تطبق اهدافا بسيطة يمكن تطبيقها في مرحلة معينة دون ان تنسى الاهداف البعيدة وهكذا بالجمع بين اعداد القوة واعادة بناء الحزب الذي يقود الامة نحو النصر نجحت الصين في الوصول الى اهدافها، فما احرانا اليوم ان نبني قوتنا اولا وفي مقدمتها حزبنا كي نضمن اننا لن نضطر للتنازل لأننا ضعفاء كما حصل في الساحة الفلسطينية بتوقيع اتفاقية اسلو المشؤومة؟

ثاني عشر: لنتذكر ان الجلاد عندما نتعامل معه على انه منقذ فاننا نكون دخلنا مرحلة سكرات الموت الحتمي، فجلادنا ليس اميا ولا متخلفا ولا مزاجيا كي يغير موقفه بين ليلة وضحاها فهو محكوم بقرارت مركزية ملزمة وعليه تنفيذها، فلنتعلم هذا الدرس ونتجنب اي تعويل على انقاذنا بواسطه الجلاد الذي قطع رؤوسنا . وليكن هدفنا مدعوما بقدرتنا النضالية وعزمنا وتمسكنا بحقوقنا كاملة .ولتبقى جرائم من غزا العراق محفورة في حدقات عيوننا كي لاننساها ابدا.

قيادة قطر العراق المنتخبة في 19-3-2023

 

2- الناطق الرسمي للبعث يرد على تصريحات عمرو موسى

البعث العربي الاشتراكي                   أمة عربية واحدة   ذات رسالة خالدة

قيادة قطر العراق المنتخبة                                  وحدة   حرية   أشتراكية

        مكتب الثقافة والاعلام

الناطق الرسمي باسم البعث يرد على تصريحات عمرو موسى

تعليقا على ما قاله السيد عمرو موسى في مقابلة مع قناة (روسيا اليوم) بثت يوم امس 22-3-2023 حول دور السيد محمد البرادعي في تقديم مبررات استخدمت لغزو العراق وتدميره اكد الرفيق صلاح المختار الناطق الرسمي باسم قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي بان السيد موسى يكرر اكاذيبه السابقة ويحاول تبرئة توامه في الفساد والتبعية للمخططات الصهيونية والامريكية بنفي دور محمد البرادعي في الاعداد لتدمير العراق بوصفه لحادثة محاولة المخابرات العراقية في العهد الوطني العراق اقناع البرادعي  بعدم تقديم تقرير يدعم اتهامات امريكا للعراق بانه يمتلك اسلحة دمار شامل، بانها مجرد (حدودات) اي حكايات لا اساس لها، في محاوله واضحه منه لنفي دور البرادعي الاجرامي والذي ثبت عبر اكثر من دليل ووثيقة، وعمر موسى حينما يفعل ذلك فانما يؤكد انه التابع المخلص لحسني مبارك وهو ايضا احد اهم المحرضين على غزو العراق، وهو بالتالي لا يختلف عن محمد البرادعي فكلاهما تلميذان في مدرسة التبعية لامريكا ومن المساهمين الاساسيين في التطبيع مع الكيان الصهيوني.

اننا نؤكد بان الحادثة التي ذكرها السيد سالم الجميلي بصفته كان مديرا في المخابرات العراقية ومطلعا على هذه الحادثة وقعت فعلا وانكارها الان هو تبرئة للخونة الذين ساهموا بأبادة اعداد ضخمة من العراقيين وتدمير الدولة وتشريد ملايين العراقيين ودفع العراق الى محرقة الكوارث المستمرة منذ عقدين، وكل ذلك نتيجة الاعداد للغزو بمعلومات ملفقة كان البرادعي من اهم من قدمها لامريكا وبريطانيا كي تقوما بغزو العراق.

واذا ظن السيد عمرو موسى بان احدا لن يرد عليه بعد اسقاط النظام الوطني عن طريق الاحتلال فهو واهم فالحزب موجود في اوساط الملايين العربية وهو جاهز للتصدي لكل محاولات التشويه والتزوير، والتاريخ لن يرحم الخونة الذين مهدوا لغزو العراق وتدميره .

مكتب الثقافة والاعلام في 23-3-2023

 

3- بيان قيادة قطر الجزائر للبعث في ذكرى غزو العراق

حزب البعث العربي الاشتراكي- قطر الجزائر

أمة عربية واحدة            ذات رسالة خالدة

وحدة -  حرية - اشتراكية

بيان

الغزو الأمريكي للعراق حلقة في سلسلة محاولات القضاء على امل الأمة في الوحدة والنهوض

- قبل عشرين سنة من اليوم وبالضبط بتاريخ 20 مارس من عام 2003 شرعت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في شن هجوم عسكري واسع على العراق معلنة عن الأسباب الرئيسية التي دفعتها الى هذا الخيار الخطير ملخصة إياه في سببين أساسيين هما:

1- امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.

2- ثبوت ربطه لعلاقات مع تنظيمات ارهابية خاصة تنظيم القاعدة، وبالتالي فهو يشكل تهديدا للأمن والسلام والاستقرار في العالم.

- لقد شنت أمريكا وحلفاؤها هذا العدوان بعد حصار دام أكثر من اثنى عشر (12) سنة، لإضعاف قدراته العسكرية والاقتصادية وحتى السياسية تخللته عدة هجومات عسكرية استهدفت قطاعات اقتصادية حيوية بدعوى أنها تشكل مواقع لإخفاء أسلحة الدمار الشامل.

وقبل هذا الحصار كانت قد شنت حربا شرسة عام 1991 شاركت فيها أكثر من ثلاثين دولة استهدفت الجيش العراقي والكثير من المنشآت الحيوية وتدمير البنى التحتية من مطارات وجسور وطرق ومبان سكنية لم تسلم منها الملاجئ كملجأ العامرية.  ورغم فشل الولايات المتحدة الأمريكية في الحصول على تفويض أممي يسمح لها باستخدام القوة ضد العراق بل والأكثر من ذلك رفض هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تبني هذا الهجوم إلا أنها نفذت خطتها فتمكنت من احتلال العراق وتدمير دولته، وإسقاط نظامه الوطني وقتل رموز الدولة وركائز النظام السياسي والإداري وقادة ومسؤولي الحزب الحاكم حزب البعث العربي الاشتراكي، وطال إجرامها قتل الملايين من الشعب وتشريد أخرى، ثم امتد الأمر إلى إعلان العراق دولة محتلة وتم حل الجيش وإلغاء الدستور، وتنصيب حاكم مدني أمريكي على الشعب العراقي ودولته (بول بريمر)، ثم شرعت في الإعداد لعملية سياسية جديدة وفقا لتصورها وفلسفتها لما يخدم ويضمن مصالحها كدولة محتلة.

- إن كل ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية شنها للهجوم العسكري على العراق إلى غاية تثبيت العملية السياسية ... لا يمكن وصفه إلا بالعمل العدواني من دولة على دولة أخرى خاصة أمام انعدام أي تفويض أو تكليف أممي دولي، والأكثر من ذلك عدم ثبوت أي سبب من الأسباب والمبررات المعلنة لشن هذا العدوان، بل ثبوت كذب وزيف كل التقارير التي تفيد  امتلاك العراق لاي نوع من اسلحة الدمار الشامل أو أية علاقة له بأي تنظيم إرهابي وهذا بإقرار أعلى الهيئات القيادية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على حد سواء.

- إن الهدف الأساسي والحقيقي الذي أخفته أمريكا وحركها ومن ورائها حلفاؤها لغزو العراق يكمن أساسا في القضاء على تجربة حزب البعث العربي الاشتراكي نظرا لما أبانه من قدرات في بناء الانسان المفكر والمبدع المتحضر.

ولأن حزب البعث العربي الاشتراكي حزب قومي يحمل مشروع نقل الأمة العربية من حالة الانقسام والتخلف إلى حالة الوحدة والتحرر والإبداع الحضاري كأمة رسالات وتاريخ وقيم، فإن أعداء الأمة ممثلين بالقوى الامبريالية الصهيونية العالمية سارعت إلى وأد هذه التجربة والقضاء عليها في مهدها. وأكبر دليل على ذلك هو ما قامت به كسلطة احتلال بسن القوانين الجائرة ومنها قانون "اجتثاث البعث" الذي يهدف إلى تجريم البعث واستئصاله فكرا وتنظيما ومطاردة واعتقال واغتيال قادته ومناضليه ومنتسبيه وحتى المتعاطفين معه ومصادرة أملاكهم، كما أسست لعملية سياسية عقيمة سمتها الأساسية هي المحاصصة والصراع الطائفي الذي حل محل مشروع الوحدة الشعبية والترابية.

- ولم يقتصر الأمر على قطر العراق فيما يتعلق بمشروع اجتثاث البعث بل شمل كل ساحات الوطن العربي لكن بوسائل وطرق أخرى أسندت مهمة تنفيذها لأذرع مختلفة خاصة منها الأنظمة التابعة المسلوبة السيادة التي تعمل على منع نشاط الحزب وحضره و هي ذات الأنظمة التي شاركت في العدوان على العراق سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

كما امتد مشروع الاجتثاث ليضرب الحزب من داخله.

لم يعد خافيا أن سعي الولايات المتحدة الأمريكية لاجتثاث البعث ومطاردة كوادره ومناضليه وتسخيرها لكل امكانياتها الاستخباراتية والعسكرية وحشدها لكل أتباعها وأذرعها في سبيل تحقيق هذه الغاية ليس لمجرد أنها تختلف مع فكر وأهداف ومبادئ الحزب وإنما لأنها ترفض أي مشروع نهضوي يهدف إلى وحدة الأمة وحريتها لأنها تدرك أن وحدة الأمة تعني قوتها وتعني نهضتها وتحضرها واستعادتها لتوهجها الحضاري القيمي الأخلاقي على الانسانية جمعاء لأنها أمة حضارة وأمة رسالة.

- إن احتلال العراق وتدمير دولته الوطنية فسح المجال واسعا أمام قوى إقليمية أخرى متربصة ومعادية للأمة وفي مقدمتها ايران للمشاركة في مسلسل التدمير الممنهج وتمزيق النسيج المجتمعي العربي بإشاعة النعرات الطائفية ونشر الفوضى والارهاب.

لقد ساهمت ايران في احتلال العراق بل سهلت ذلك وافتخرت به معلنة للعالم أن لولاها لما تمكنت أمريكا من غزو العراق، وكانت المكافأة من أمريكا سريعة بأن تخلت لها عن العراق لتعيث فيه فسادا وتجعله قاعدة انطلاق لتحقيق أطماعها التوسعية واستعادة أمجاد الامبراطورية الفارسية متخفية برداء الدين والمذهب وبالشعارات الكاذبة فتمكنت من بسط سيطرتها المطلقة على أقطار بأكملها وتهدد أخرى صراحة.

لقد اكتملت الصورة وتجلت الحقيقة وهي أن الولايات المتحدة الأمريكية تقود قطب وحلف معادي لنهضة الأمة العربية ودحر أي مشروع يسعى لتحقيق وحدتها وتقدمها ولما كان البعث حاملا لهذا المشروع فإنها حشدت كل امكاناتها لاجتثاثه.

لكن البعث بفكره وتنظيمه ورجاله صامد وفي مستوى التحديات وسينتصر لأنه منصهر في ذات الأمة العربية ورصيدها التاريخي القيمي الحضاري والأخلاقي الانساني.

عاشت فلسطين حرة موحدة مستقلة من النهر إلى البحر.      عاشت الأمة العربية حرة موحدة.

المجد والخلود لشهداء فلسطين وشهداء الأمة

عن قيادة قطر الجزائر الرفيق بلقاسم بلعباس

أمين سر/قيادة القطر     الجزائر في   20/03/2023

 

4- قيادة قطر العراق تنعى المرحوم محمد ابن القائد الشهيد طه ياسين رمضان

قيادة البعث تنعى الفقيد محمد ابن الشهيد طه ياسين رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم

كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)

تنعى قيادة قطر العراق المنتخبة المرحوم محمد ابن القائد الشهيد البطل طه ياسين رمضان الذي انتقل الى رحمه الله وهو  في عز شبابه، رحم الله الفقيد واسكنه جناته والهم اهله ومحبيه ورفاقه الصبر، انا لله وانا اليه راجعون.

قيادة قطر العراق المنتخبة لحزب البعث العربي الاشتراكية

19-3-2023

 

الجزء الثالث من كراس الرفيق د. بيتر قمري

ما هي الأسباب التي أدت لنكوص التنظيم الحزبي على الساحة الفلسطينية؟

لا يستطيع أحد أن يخوض في هذا المجال قبل أن يؤشر على محطات تركت بصماتها على التنظيم الحزبي بالسلب أو الإيجاب، كانت أول محطة في المنحى السلبي للمسيرة الحزبية على أرض فلسطين (الضفة الغربية) هي حركة الإعتقالات التي قامت بها السلطة الأردنية عام 1965 للكوادر القيادية والمتقدمة وملاحقة الكوادر الدنيا حتى في عملها ولقمة عيشها، مما دفع بالعديد العديد منهم للهجرة من الوطن والبحث عن أماكن للعيش ومجالات أخرى للعمل. وما أن قارب الرفاق الحزبيون على إعادة تنظيم أنفسهم ضمن التنظيم الموحد حتى جاءت المحطة الثانية وهي حرب الخامس من حزيران حين احتــُلَّتْ الضفة الغربية وتم إعتقال الرفاق الحزبيين من قبل القوات الصهيونية التي تسلّمت ملفات المخابرات الأردنية المنسحبة من الساحة نحو عمـان دون أن تُتلِفها. قام الرفاق عام 1970 بمبادرة لإعادة التنظيم، وبسبب نزوح القيادة عن الضفة الغربية وارتباط معظمها بالتنظيم السوري المنشق، فقد تمت إعادة الإتصال مع القيادة القومية في بغداد عِبر المبادرين من الرفاق والذين تمت تسميتهم حينها بمسؤولي ساحة فلسطين إذ اُنيطت بهم مهمة إعادة التنظيم على ساحتي الضفة وغزة. لم ينجح الرفاق في ما أوكل إليهم إذ اعتُمِد الاتصال الخيطي  بالرفاق، لأسباب خاصة، بدل نظام الخلية وسيلة للعمل الحزبي مما افقد التنظيم صيَغَهُ الحقيقية  ومقدرة الانتشار وجعل من القيادة، بذريعة الأمن، حالة تَكَتلية صادَّة لأي سعي للتوسع والانتشار، ولم تقم القيادة القومية حينها بتوجيههم لتغيير الحالة حتى عام 1988 ورغم هذا التوجيه إلاّ أنه لم يتم التعامل به إلى أن تم دمج جبهة التحرير العربية بالتنظيم الفلسطيني لحزب البعث في تنظيم واحد عام 1990 وبهذا تكون الحالة قد انتقلت إلى المرحلة الثالثة والتي عمّقت الحالة السلبية وزادت من انتشارها وأمعنت في ترسيخها.

يعرف جميع الرفاق أن كل الحزبيين أعضاء في جبهة التحرير العربية ولكن ليس كل الجبهويين أعضاء في حزب البعث العربي الاشتراكي ومرد هذا أن الحزبيين إعتنقوا فكر البعث ومبادئه وآمنوا بها وتثقفوا عليها ومن ضمنها الوحدة والحرية والاشتراكية كما آمنوا بالقومية العربية وبالانتماء إليها وبالكفاح المسلح والحرب الشعبية طريقاً لتحرير فلسطين   وبوحدة النضال القومي وبأن القضية الفلسطينية قضية قومية وليست قطرية، إذ تشكل مركزية النضال القومي نحو التحرير ونحو الوحدة العربية التي هي القاعدة الإنطلاقية لتحرير فلسطين. آمن الحزبيون البعثييون وتثقفوا على ضرورة فصل الدين عن الدولة، ورغم إيمانهم بالرسالة الخالدة للأمة فقد اعتُبر حيِّز الايمان حرية شخصية لكنها مفضلة لدى الحزب دون إلزام من ناحية أو إدانة من ناحية أخرى. هذه القواعد أو المسميات لم يتم تثقيف كوادر جبهة التحرير العربية عليها بل تُرك الإجتهاد الفكري لكل كادر مؤمن بالتحرير، هذا الإيمان الذي اعتُبِر دافع الانتماء للجبهة إلى جانب الإيمان بالكفاح المسلح آلية للتحرير، وبهذا تكون معظم كوادر جبهة التحرير العربية غير مثقفة حزبياً ولا تعرف بالمطلق ماهية التنظيم الحزبي ودستور حزب البعث العربي الاشتراكي ونظامه الداخلي ومنطلقاته الفكرية ومؤتمراته القومية وقراراتها وتاريخه النضالي ومخاضات مسيرته وتاريخ الحزب في فلسطين (قبل عام 1948، قبل عام 1967 في كل من قطاع غزة أو الضفة الغربية وما بعد 1967)، مبادراته القومية ومساهماته  في الثورات العربية وآليات التحرر العربي وتاريخ الحركة الانشقاقية في سوريا ودوافعها 1965 .

هذا الإطار غير المكتمل جعل كوادر جبهة التحرير العربية تعيش في عالم آخر من الفكر والالتزام، ورغم أنه تم لفت نظر القيادة لمخاطر عملية الدمج، للأسباب التي ذُكرت ولإطلاعنا الوثيق على المستوى الفكري والثقافي لكوادر الجبهة داخل الوطن المحتل نتيجة ضعف نتائج التثقيف العقائدي في مراحل النضال السلبي بسبب طبيعة الظروف السياسية والأمنية الصعبة التي عاشها الحزب أبان الاحتلال إلى جانب مقاطعة التنظيم الحزبي ورفض قيادة الساحة الفلسطينية لأي تعامل مع كوادر الجبهة، هذا الظرف السياسي والأمني كان ساهم بتمتين التكوين النضالي  لكوادر جبهة التحرير العربية وضعف  تكوينهم العقائدي والثقافي عدا ايمانهم بمبدأ الثورة حتى التحرير إصرار القيادة على الدمج، لأسباب لا مجال لذكرها، قد إنتهى بالتنظيم على الساحة الفلسطينية لأن يصبح تنظيم كَمِّية فقط دون نوعية حزبية حقيقية، كما أن عملية الدمج قد منحت،خروجا عن النظام الحزبي،جميع الرفاق المستجدين كافة الحقوق الحزبية مثل حق الترشيح والإنتخاب دون المرور في فترة التثقيف والإعداد أو حتى سنة التدريب الواجبة، حتى أن العديد مِن هؤلاء الرفاق لم يؤد قَسَم الإنتساب للحزب،لقد أوجد وشجع قرار الدمج هذا على التكتلات الجبهوية داخل التنظيم الموحد الجديد مما انعكس سلباً على التنظيم ككل، هذا الواقع غير السوي أفقد الحزب العديد مِن ثوابته الفكرية والتنظيمية، دون الخوض في التفاصيل، ووضعِه في الحالة التي هو عليها الآن، هذا الحال الذي لا يَسُر ولكنه لا يُفقدنا الأمل إذا ما توفرت للتنظيم قيادة تؤمن بماهية الحزب وثوابته بعيداً عن الأنانية والذاتية وحب الإستحواذ والظهور،قيادة تؤمن بوحدة الحزب لأن الوحدة بحد ذاتها ثورة على الخطأ الواقع وستعمل على إزالة التشويه الذي لحق بسمعة الحزب وبثوابته المبدئية الإيمانية، عليها أن تُغير الواقع وتكشف عن الأعماق وتُطلق القوى الحبيسة للرفاق والنظرة السليمة لهم وتَـقَـبُّل مفهوم الرأي والرأي الآخر الصائب والبنّاء. لقد كانت آلية التنظيم الموحد آلية جمع مُنفعل ولم تكن آلية وِحدة بين أجزاء متساوية في جوهرها،لم يكن للتنظيم الفلسطيني لحزب البعث العربي الاشتراكي منذ عام 1970 قيادة تُسيـِّر وتتعامل بمفهوم القيادة وواجباتها التنظيمية والرعائية والتثقيفية بالمعنى المتعارف عليه حزبياً، بل أخذت تتعامل بمفهوم الإرث المطلق غير قابل للنقد والتغيير وهذا ما ساعد على وجود الحالة التي يسأل عنها الرفاق، واكرر هنا أن علينا ألاّ نفقد الأمل وندخل في حيِّز اليأس بل علينا، إن كنا مؤمنين بالحزب وأهدافه وريادته للنضال القومي، أن نسعى جميعاً، كلٍ في موقعه الحزبي، على تغيير الحالة ضمن الإطار الحزبي وداخل الدائرة التنظيمية وليس خارجاً عنهما إذ أن من يخرج عن الدائرة التنظيمية يفقد حقه بالنقد وفي المساهمة بإعادة البناء.

هل مِن تفسير لديك لظاهرة الإنقسام التنظيمي ومنحى الولاءات ألذي أصبح ظاهرة لدى الرفاق في الفترة الأخيرة، إلى جانب التقوقع الحزبي وعدم وضوح الرؤية؟  في ظل الإنقسام والتمزق وسياسة تثبيت المراكز والإستحواذ التي تمارسها، ما يُمكن تسميته بأطراف الصراع في تنظيم فلسطين لحزب البعث العربي الإشتراكي، تحت مسميات وحجج،والتي هي نتاج دوافع يعرفها الجميع، وعلى رأسها الأبعاد الذاتية التي قد تؤدي إلى حالة تسارع نحو انقسام بائن إلى جانب توسيع الهُوة وترسيخ التباعد، يجوز للمخلصين من كوادر هذا الحزب، الذين آمنوا به حزباً قومياً ثورياً تعقد عليه آمال الأمة في الوحدة والحرية والاشتراكية، يجوز لهم أن يتساءلوا إن كان الحسُ التاريخي سيستيقظ لدى الرفاق ليأخذوا دورهم الأصيل في إصلاح هذا الواقع ليعود الحزب لأصالته التنظيمية، كما تتجسد به أصالة المبدأ والهدف، وليبعدوا عنه مؤامرات التشويه والتزييف السائرة على خطى ما تم في سوريا في 23 شباط 1966 وفي العراق بنكسة 18 تشرين عام 1963، عندما تم عزل الحزب عن قاعدته الشعبية وعن جماهيره وتم للقيادتين القطريتين، في كل من العراق وسوريا، ما تريدان فكانت النكستان. تجاوزٌ للصيغ التنظيمية، بذرائع وحجج، وتمسك بالموقف السلبي، الذي هو دافع التجاوز التنظيمي، كلها أمور تؤشر على قرب وقوع الكارثة . إن لحظات الإنفتاح على القيادة الوسطية أصبحت تنتهي بالسلب لأنها تأتي بعد سنوات من التباعد ومعروفة أهدافها، هذه اللقاءات (ما يسمى بالإنفتاح) قـُصد بها كسب التأييد لجهة فقدت مبررات وجودها إذ أن فاقد الشيء لا يعطيه. إن قيادة تعزل نفسها، بحجج وتفسيرات غير مقبولة وتبتعد عن واجباتها الحزبية لسنوات طويلة كما وتستمر بالدفاع عن مسببات التجاوز وتصر على منحها التأييد والدعم لأن بقاءها يعتبر دعماً لها فكل طرفٍ من الطرفين يتخذ من الطرف الاخر دافعاً قوياً لتجاوزه، رفاق قياديون يقطعوا كل حبال اللقاء ويصرون على التجاوز ما  دام التغيير غير حاصل ولن يحصل وهو موقف حقٍ يراد به باطل. لنصل أيها الرفاق إلى الحقائق وإلى الأعماق بدون تذرع بمثل الحجج المطروحة من كلا الطرفين. أمامكم مسؤوليات تاريخية، أمامكم التاريخ نفسه وأمامكم شعب وأمة تعقد عليكم الرجاء وعلى تنظيم حزب البعث الأمل، أمامنا قضية وهدف المحافظة على التنظيم والنهوض به وتهيئته ليأخذ دوره الفاعل على الساحة الفلسطينية، فكيف يمكننا أن نُغالط في مثل هذا الظرف التاريخي، كيف نجيز لأنفسنا أن نتجاهل ما يحصل وسعي الطرفين المتصارعين من أعضاء القيادة هو تسجيل النقاط وتسجيل الولاءات وكأن التنظيم سلعة، ولم يهتدِ أيٌ منهما بعد إلى الطريق السوي، الطريق الحق والمتمثل بدستور حزب البعث العربي الاشتراكي وبنظام الحزب الداخلي وكأن الطرفان يسعيان لتجميد الدستور والنظام، لأمر في نفسيهما وهذا ما انعكس على مجمل النشاط الحزبي، حتى تجميد دراسة الوضع السياسي الفلسطيني الحالي وكأننا لسنا جزءاً منه، بل أن أحد الطرفين، والذي يمثل ظاهرة انشقاقية بدعم سلطوي، أخذ بتسويق منهج التسوية والتطبيع وترديده لمفردة العصر الأمريكي وأصبح بوقاً إعلامياً لسياسة محمود عباس التسووية، يُنـَظـّر لها بإسم الحزب والجبهة ويحث من معه على إتخاذ هذا الموقف المتناقض بالمطلق مع المبدأ الحزبي  والجبهوي .

أيها الرفاق، إسمحوا لي أن أسألكم، هل لا زلتم قابلين ببقائكم على سطح الأشياء وخارج محيطها، ترفضون النطق بالحقائق العميقة... وإلى متى؟ لقد حاولت، كعضو قيادة، أن أعود بالأمور إلى الطريق الصحيح، لكن أسباباً غير واقعية وموانع وعثرات كانت توضع في طريق العودة لما هو صحيح. إبتعاد كلي عن الواجبات الحزبية وتكتلان مدانان يتحكمان اليوم بالتنظيم ولكل منهما رؤاه الذاتية ومصالحه الخاصة والكل ينادي بالشرعية، هل هذه الأعمال تجري في ظل الشرعية؟ لا مجال للمماحكة في هذا المضمار، فالحزب فوق الولاءات الشخصية والحزب فوق المصالح ولا مكان في حزب عقائدي ثوري جماهيري ديمقراطي لتخليد الذات. الجميع مطالبٌ بقول الكلمة الحق وبإتخاذ الموقف الصحيح تجاه ما يحصل وما يمارس من أخطاءٍ على كافة الأصعدة، المبدئية والتنظيمية، فالشرعية ليست ولاءات لأشخاص بل هي ولاء مطلق للفكر وللطريق الذي يؤدي لنشر هذا الفكر وسيادته.

إن تنظيم فلسطين لحزب البعث العربي الاشتراكي وتنظيم جبهة التحرير العربية (الفلسطينيةالهدف وقومية الإنتماء) يجسدان مفهوم وحدة الوطن العربي، بل هما نواة الوحدة العربية، أليست قضية فلسطين مركزية نضال الأمة؟ البعث العربي لم يحمل روحا سلبيةً ولا غرضاً أنانياً فلماذا هذا السلب ولماذا هذه الأنانية! وما هي المكاسب التي سيجنيها كل طرف؟ البعث  لا يحمل إلاّ الحب والوئام والتضحية إلى جانب الثورة حتى تحقيق الهدف، البعث يحمل حب الشعب ومصلحته وحب الأمة ومجدها وكرامتها، فلماذا هذا التقوقع ولماذا هذه الممالأة، ألم يتجسد البعث في حب العراق للأمة وحب الأمة  للعراق، لأن العراق ضم البعث بين جوانحه فكان العراق هو البعث والبعث هو العراق! ألا تدفعنا هذه الثنائية المتبادلة للدفع باتجاه فلسطين هي البعث والبعث هو فلسطين! ألم تدب الغيرة في نفوسنا وعقولنا لنبتدئ بشيء حاضر يكبر مع الأيام بتفانيكم وحضوركم وشهادتكم ونقائكم بدلاً عن التجمد وندب الحظ الذي صنعناه وعملناه نحن بأيادينا ومواقفنا السلبية تجاه الحدث الخاص، الذي نعاني منه، والوضع العام الذي نبتعد عنه كل يوم بحجة عدم الرغبة بالإحتكاك بالسلطة أو بحركة فتح، أو بحجة أننا لسنا جزءاً من الحدث وكأننا لم نعد من هذا القطر فلسطين، وأن القضية ليست قضيتنا ما دمنا لم نشارك بها، منذ  اوسلو وما تلاه حتى الانتخابات التشريعية والرئاسية الاخيرة، لماذا ننتظر حتى ندفع الثمن لاحقاً! وما نفع الإحتجاج أو التفسير حين نكون من بين الضحايا ولم نكن سجلنا موقفنا للتاريخ أو حاولنا دفع الأذى عن القضية بما نستطيع من قوة وعزم وقمنا بمقارعة الحجة بالحجة وتعرية المواقف الخيانية من على المنابر وفي الشارع وليس بالغرف المقفلة إذ ليس البعث بمفاهيم المداهنة والرياء والسكوت عن الحق والمبدأ وما كنا آمنا به ونذرنا أنفسنا لأجله. علينا أن نستوعب أهم المقومات، أهم الصفات والملامح للمرحلة التي نعيشها كشعب وأمة والتي تعيشها قضيتنا العربية الفلسطينية، بل والتي يعيشها تنظيمنا، وهي الحالة التي ذكرنا. علينا أن نبني الذات أولاً كي نسيطر على أنفسنا، أن نملك ارادتنا كي نعرف الطريق جيداً دون إملاء علينا. علينا أن نكون وحدة متراصة وشفافة، أي أن يشملنا توجيه واحد نابع عن مفاهيم البعث ورؤيته وأن يحرك سيرنا هدف واحد ومنطلق واحد وأن يكون ثمة تجاوب كامل وعميق بين القواعد والقيادة، علينا أن نتدارك الأخطاء ونصححها حال وقوعها مانعين تراكمها كي نـُبعد مجال العُقد والشكوك والأحقاد والتي تنتهي جميعها، إذا ما ترسخ وجودها، بإفشال التجربة الحزبية.

للحزب، أي جبهة التحرير العربية فلسطينياً، موقف معلن وهو الانسحاب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، موقف بني على مبدأ لم تتغير حيثياته، كيف يسمح الحزب والجبهة للرفيق عضو اللجنة التنفيذية بالعودة لحضور اجتماعات اللجنة  والمشاركة بها؟ كنا أُعلمنا سابقا من قبل القيادة القومية ً ومن رفاق قياديين آخرين أن الجبهة لا زالت منسحبة من اللجنة التنفيذية، فكيف يجوز هذا التعارض وما هي مبررات العودة والموقف الاستسلامي الفلسطيني لا زال كما هو بل أنه متسارع في الهبوط إلى الهاوية، كيف يسمح الحزب أو الجبهة لنفسها أن تكون شاهداً، إن لم تكن مشاركة، في مسلسل الضياع الفلسطيني وهل كان ممكناً أن يتم مثل هذا التصرف لو لم يتم احتلال بغداد؟ ماهي المتغيرات الثورية الجذرية التي حصلت لتغير الجبهة موقفها المبدئي؟ اليوم العودة للجنة التنفيذية وغداً ماذا سيكون؟ كل التوقعات واردة وخوفي من الغد كبير لأن الطامعين بالمناصب على حساب المبادئ  كثيرون وكذلك أصحاب المطامح الشخصية دون حساب لقواعد المبدأ والإنتماء، وللأسف ان أمثال هؤلاء أخذوا بإقناع الآخرين من الرفاق بصواب مواقفهم.

عندما انسحبنا من اللجنة التنفيذية كان هناك ما يبرر هذا الموقف إن لم يكن هناك ما يدفع إليه وهو فقدان منظمة التحرير لمقومات وجودها وهو انتفاء صفة التحرير عنها والإبقاء على عنوان الثورة دون المحتوى والآلية إلى جانب سعيها الدؤوب  لإيجاد حلول تنتهي بما يحلو للفرسان الحاليين لمنظمة التحرير بأن يسموه الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ولا يضير هؤلاء عدم تحقيق هذا السعي، بدلالة ما هو كائن ودلالة ما يجري على الأرض (الاستيطان الصهيوني وتدجين الفصائل وعلى رأسها حركة فتح وابتدائها في التساوق مع الطروحات الاستسلامية والتخلي عن مبدأ التحرير والاستعاضة عنه بإزالة الاحتلال وعودة المحتل الصهيوني لحدود عام 1967)، وقد سبق لمنظمة التحرير أن طرحت العديد من الموافق واتخذت العديد من القرارات، في المجالس الوطنية الفلسطينية، التي تتعارض وأهداف الثورة الفلسطينية وعلى رأسها تحرير فلسطين، ابتداءً مما يسمى بوثيقة الاستقلال (المتضمنة الاعتراف الضمني بالاحتلال الصهيوني لأجزاء من فلسطين) مروراً بالتمثيل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ونزع القضية الفلسطينية من عمقها القومي  وانتهاءً باتفاقيات العار في اوسلو والقاهرة وطابا إلى جانب شطب بنود الميثاق رضوخاً للطلب الأمريكي الصهيوني عام 1996  والإعلان الشهير لرئيس منظمة التحرير من القاهرة عام 1985 دون علم اللجنة التنفيذية به، فهل بعد كل هذا تبقى هناك منظمة تستحق أن يطلق عليها منظمة التتحرير؟

أؤيد تساؤلكم، وسبق أن سألنا القيادة القومية عن مبررات العودة عن قرارها، دعوني أكون أكثر صراحة معكم أيها الرفاق، لم تقنعنا القيادة القومية برأيها لأنه غير مبني على أسس مبدئية (بعثية) أو مستجدات، فمبررات الانسحاب من اللجنة التنفيذية لا زالت كما هي إن لم يكن وضع المنظمة أسوأ مما كان عليه ومواقف المنظمة أكثر استسلاماً وابتعاداً عن مبررات وجودها. تعرفون جميعكم، أيها الرفاق، أن الرفيق أبو إسماعيل كان حتى شهر تشرين الثاني من عام 2004  يقيم، وبشكل دائم، في عمان وأن عودته للوطن كانت بطلب من محمود عباس لتأمين النصاب للجنة التنفيذية ومنحه صوته وتأييده ليصبح رئيساً للجنة التنفيذية، المنسحبون نحن منها أصلاً، دون موافقة القيادة القومية على عودته للجنة التنفيذية (ممثلاً لنا) أو إشعارها بهذا التوجه، وقد طلبت قيادة التنظيم في الداخل والقيادة القومية من الرفيق أبو إسماعيل عدم حضور اجتماعات اللجنة التنفيذية والمشاركة بها إلاّ أنه أصر على الحضور والمشاركة تنفيذاً لاتفاقه الشخصي  مع محمود عباس(الذي هو بحكم الصفقة) طارحاً العديد من المبررات غير المقنعة بالمشاركة، فوجودنا، وإن تم قبول المبررات التي يطرحها الرفيق لن يزيد في قرارات التنفيذية أو ينقص منها مقدار حبة خردل لأن كافة قرارات التنفيذية مأخوذة مسبقاً

من قـِبل محمود عباس ومطبخه السياسي (ياسر عبد ربه، أحمد عبد الرحمن، أحمد قريع...الخ) والبيان الذي سيصدر عن اجتماع اللجنة مكتوب ومُعَد مسبقاً ولا توجد محاضر للاجتماعات كما ويستطيع أي عضو أن يدعي، خارج الاجتماع، أنه كان لديه موقفاً مغايراً للقرار وأنه ناقش كذا وكذا وطرح كذا وكذا، ولا يوجد ما يثبت هذا الادعاء أو ما ينقضه إلا ما يسجله الأعضاء أنفسهم على أوراقهم الخاصة من تعليقات ومداخلات الآخرين وقد تثبتنا مرتين من أن ما وصلنا على لسان من حضر يتناقض مع ما كان قاله في الاجتماع وهذا يؤكد ما كنا ذهبنا إليه من ضرورة التمسك بموقف الجبهة السابقة من الانسحاب من اللجنة التنفيذية حفاظاً على اسمنا وبقائه ناصعاً وعلى حرصنا بأن لا تلوث سمعتنا ونصبح أمام شعبنا وجماهيرنا مشاركين في مسلسل الهبوط المتسارع نحو الهاوية، وفي أبسط الأحوال أن لا نكون شهوداً دائمين على الطرح الدائم في اجتماعات اللجنة التنفيذية من رفض المقاومة المسلحة وإلصاق صفة العبثية على الكفاح المسلح وعلى إطلاق الصواريخ على مراكز القوات الصهيونية... فإن كان هذا موقفنا فما هي المبررات إذاً لبقاء جبهة التحرير العربية! ولكان الأشرف بنا أن نعلن حلَّها ونكتفي بتاريخنا السابق المشَرِّف حرصاً عليه من كـُنية الهروب والجُبن والخروج عن المبادئ التي أصبحت تلصق بنا.

إني أرى أن القيادة القومية قد فقدت بُعد نظرها للأسف وما عادت مهتمة بتقييم الواقع على الساحة الفلسطينية (لأسباب نجهلها) وهي مطالبة الآن بإعادة تقييمها لقرارها السابق ذكره والخاص بعودتنا للجنة التنفيذية،  بل ومحاسبة من غرر بها وطعن المبادئ من أجل صفقة ذاتية مع محمود عباس. كان على القيادة القومية،  قبل أن تأخذ قرارها الأخير، أن توجهنا وتدفعنا وتدعمنا باتجاه الصواب كأن تطالب أولاً وتسعى إلى وحدة قوى المقاومة العربية والفلسطينية على وجه الخصوص.

دعونا نسأل، أيها الرفاق، أليست فلسطين ما زالت محتلة؟ ألا يعني هذا أن السلطة الفلسطينية وجميع مؤسساتها التنفيذية والتشريعية، إلى جانب منظمة التحرير التي تتواجد هيئتها المركزية وبعض من مؤسساتها في الوطن المحتل، تعتبر جميعها لا شرعية؟ لأن ما يقام في ظل الاحتلال ويتعامل مع الاحتلال هو من إفرازات الاحتلال وهو غير شرعي وهذا هو المنطق الواجب التعامل وفقه حيث تصبح جميع هذه المؤسسات رهن قبول الاحتلال بها أو رفضها، وحيث أنه قابل بها ويتعامل معها فهي بالنتيجة النهائية فرز من إفرازاته، كيف تقبل جبهة التحرير العربية، ضمير البعث العربي الاشتراكي أن تصبح إحدى إفرازات الاحتلال (لا سمح الله)! لأجل ما ذكرت تكون السلطة وبكامل مؤسساتها والمنظمة بلجنتها التنفيذية مرفوضة مثل الاحتلال وعليه... على القيادة القومية أن تعود عن قرارها وتطالب جبهة التحرير العربية بالانسحاب من اللجنة التنفيذية، ولأكون أكثر وضوحاً أقول إن من كان يرفض الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان لم يكن بمقدوره أن يعترف بقوات لحد التي أوجدها الاحتلال كما أن من يرفض ويقاوم الاحتلال الأمريكي للعراق لا يجوز له أن يعترف أو يتعامل مع حكومة العملاء التي أقامها الاحتلال في بغداد ولا يستطيع أحد أن يجادل أو أن يقول أن هناك فرق بين الحالات الثلاث فجميعها إفرازات احتلال. كان على القيادة القومية أن تحدد المفهوم المطلق بالمقاومة المسلحة بعد أن كثرت الاجتهادات داخل قيادة التنظيم الفلسطين، لكلا الحزب والجبهة، في تفسير مفهوم المقاومة المسلحة وارتباطها الزمني  إذ أصبح البعض من الرفاق يتنكر لها ويدينها وفق حالة الانحدار والاستسلام الفلسطيني مما دفع الآن، ببعض الرفاق في القيادة، لأن يستنكروا المقاومة المسلحة ويطالبوا بعدم القيام بأي عمل مسلح أو الإشارة لتأييد الكفاح المسلح... أية جبهة تحرير عربية هذه؟ أكرر أية جبهة تحرير عربية هذه؟ إن كان هناك إصرار على رفض الكفاح المسلح فليُعِد الرفاق الذين تسلموا مبالغ طائلة من القيادة القومية بعد عام 2000 لإعادة الكفاح المسلح للواجهة الجبهوية وإعادة تفعيله، فليُعد هؤلاء الرفاق ما تسلموه من أموال للقيادة القومية أو لميزانية التنظيم الفلسطيني للحزب ولجبهة التحرير العربية وإن كانوا تصرفوا بها وفق ما طـُلب منهم فليقدموا كشفاً بما يمتلكوه الآن من وسائل وفي عهدة من هي؟ إذ من غير الطبيعي أن يستمر نقد الحالة دون تقييم طبيعي جاد لها تؤخذ كافة الجوانب بالاعتبار وعلى رأسها المنطلقات الفكرية لحزبكم العظيم ودوافع تشكيل جبهتكم الرائدة في العمل القومي وأهمية معركة فلسطين في الثورة العربية، ألم يقل القائد المؤسس المرحوم ميشيل عفلق... " إن جبهة التحرير العربية بالنسبة إلى الحزب ليست جزءاً من عمله، ليست الجزء العسكري، ولا الجزء القتالي ولا الجزء الفلسطيني وإنما هي الحزب بإرادته في الانبعاث من جديد..." أنرفض أن ينبعث الحزب من جديد!! نحن أمام خيارين إما أن نندب واقعنا المتعارض مع المبدأ أو نصمت أو أن نعمل على إيجاد حالة انقلابية تُطيح بمن تخلىّ عن المبدأ وخرج عن الثوابت من أجل مصالحهم الخاصة ومحاسبته وكلتا الحالتان مرفوضتين. القرار الآن للقيادة القومية، عليها أن تعيد تقييم الحالة فإن كان قرارها انعكاساً لمفاهيم البعث فنحن جميعاً جنود المبدأ، سنرحب به ونتعامل وفقه وإن لم يعجبنا سيحمل كل منا عصاه ويغادر التنظيم، ولكن سنبقى بعثيين فالمبدأ ملك الأمة والثوار وليس ملك اشخاص، وسندع التاريخ يحكم على مَن مِن الطرفين كان على صوابي.

 

ملاحظة ضرورية: من اجل فهم دقيق للكتابات الاجنبية والمعادية من الضروري عدم تغييرالنصوص والكلمات حتى لو كانت فيها الفاظ او احكام معادية فهي تقدم المعنى الدقيق لفهم المواقف وتمنحنا القدرة على التوصل للاهداف البعيدة. رئاسة التحرير

ملف غزو العراق

1- روسيا تطلب اجتماعا مغلقا في مجلس الأمن بشأن "الكذبة الشنيعة" في العراق

مارس, 2023 17:54

بمناسبة الذكرى السنوية الـ20 للغزو الأمريكي للعراق، طلبت روسيا إجراء مشاورات في إطار مجلس الأمن الدولي يوم 20 مارس، حيث ستُعقد في صيغة مغلقة.وأعلن ذلك اليوم السبت، النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، وقال في قناته على "تيلغرام":"يوم 20 مارس هو الذكرى العشرون للغزو الأمريكي للعراق، بناءً على كذبة شنيعة تمت في مجلس الأمن، عندما هزّ وزير الخارجية كولن باول أنبوب اختبار أمام الجميع، زاعما أن في داخله عيّنة من سلاح فتاك تم العثور عليها في العراق."وأضاف: "الأمر يتعلق بالعواقب الوخيمة لغزو العراق ومنطقة الشرق الأوسط بأسره، والتي لم يتعاف منها حتى الآن، ولم يستجب لها أحد. وإنما تم تعزيز "النظام القائم على القواعد" سيئة السمعة، أو بالأحرى الفوضى لصالح الولايات المتحدة وحلفائها ".

وأردف بوليانسكي: "قرّرنا مساعدة الأمريكيين في الاحتفال بهذا التاريخ الحزين (من غير المرجح أن يخمنوا هم أنفسهم) ونعتزم إثارة هذه المسألة في 20 مارس خلال مشاورات مجلس الأمن. وسيُختتم هذا الاجتماع، ولكن بعد ذلك، في حوالي الساعة 19:00. بتوقيت موسكو، سنتوجه إلى الصحافة ولنبدأ تقييماتنا".المصدر: تاس

 

2- غزو العراق: قصة الدبلوماسي الذي كان بإمكانه منع الحرب

فرناندو دوارتي

تم عزل السفير السابق *خوسيه موريسيو بستاني*بشكل مثير للجدل كرئيس لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في عام 2002 اُطيح بالدبلوماسي البرازيلي السابق خوسيه موريسيو بستاني بشكل مثير للجدل من وظيفته على رأس أكبر هيئة مراقبة للأسلحة الكيماوية في العالم، وذلك في إطار التحضير للعملية العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة في الوقت الذي كان يتفاوض فيه على إنضمامالعراق إلى معاهدة حظر استخدام تلك الأسلحة. في حديثه إلى بي بي سي، تحدث بستاني عن شعوره الدائم بالإحباط في الذكرى العشرين لغزو العراق لم يتجاوز خوسيه موريسيو بستاني، الدبلوماسي البرازيلي السابق البالغ من العمر سبعة و سبعين عامًا، هذا الملف حيث يطارده الدور الذي يعتقد أنه كان يمكن أن يلعبه في منع نشوب الصراع،وقال بستاني لبي بي سي: مشاعري لم تتغير منذ عشرين عاما

ويضيف قائلا: كانت حرباً عبثية أسفرت عن مقتل عدد كبير من الناس من

الجانبين، والشيء الوحيد الذي أثبته هذا الصراع هو أنه يمكنك التلاعب

بالمجتمع الدولي بالقوة المطلقة لقد كان الدبلوماسي البرازيلي السابق بطل الرواية في واحدة من أكثر الحلقات إثارة للجدل - وإن كانت منسية - في التحضير لحرب العراق. في شهر نيسان من عام 2002، تم فصله من منصب المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية(*أو بي سي دابليو *) بعد ضغوط مكثفة من واشنطن تعهد من بغداد كان بستاني في ذلك الوقت يحاول إقناع العراق بالانضمام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والتي بموجب المعاهدة ستلزم نظام *صدام حسين*بالسماح للمفتشين بالوصول الكامل إلى أي أسلحة كيميائية تحت تصرفه. كانت الادعاءات بأن صدام لديه مخزون من هذه الأسلحة هي القضية الرئيسية للحرب التي قدمتها إدارة *جورج دبليو بوش*لتبرير غزو العراق.

يقول بستاني إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كانت لديها معلومات استخبارية كافية بأن أسلحة العراق الكيماوية قد دمرت بعد حرب الخليج 1990-1991 و يتذكر الدبلوماسي السابق قائلا: تلقيت رسالة من الحكومة العراقية في نهاية عام 2001 قالت فيها إنها مستعدة لقبول اتفاقية الأسلحة الكيماوية وعمليات التفتيش في البلاد، لقد كانت لحظة سعادة مطلقة بالنسبة لي، لكن الأمريكيين لم يعجبهم الخبر على الإطلاق جرت المراسلات مع بغداد قبل فترة قصيرة من خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه بوش في شهر كانون الثاني من عام 2002، وكان الأول بعد هجمات الحادي عشر من شهر أيلول. وأشار فيه إلى أن إيران والعراق وكوريا الشمالية تمثل دول *محور الشر* واتهم نظام صدام بالتآمر لتطوير أسلحة كيماوية ونووية

وقال بستاني، الذي كان مسؤولاً عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منذ عام

1997 وأعيد انتخابه بالإجماع لولاية ثانية في عام 2000، لبي بي سي إن المنظمة كانت لديها معلومات استخباراتية كافية بأن الأسلحة الكيماوية العراقية قد دمرت بعد حرب الخليج 1990-1991، وأن البلاد ليست لديها القدرة على تجديد مخزوناتها من هذه الأسلحة بفضل العقوبات الشديدة التي كانت تخضع لها منذ ذلك تلك الحرب

وأضاف قائلا: أعتقد أن واشنطن كانت لديها بالفعل خطة انتقامية لأحداث

الحادي عشر من شهر أيلول، لأنهم كانوا مقتنعين بأن صدام حسين له صلة

بالهجمات، وبمجرد أن أخبرتهم عن العراق، بدأت حملة للإطاحة بي تحول موقف واشنطن اشتكت الحكومة الأمريكية من أسلوبه في الإدارة، وأضافت

لاحقًا اتهامات له بـسوء الإدارة المالية و التحيز و المبادرات غير المدروسة. لقد كان تحولًا دراماتيكيًا عن التأييد الذي تلقاه من وزير الخارجية آنذاك *كولن باول*، الذي كتب في عام 2001 إلى بستاني ليشكره على عمله الرائع جدا

لم تتقبل إدارة بوش مبادرات بستاني نحو العراق . وبصفتها المساهم الرئيسي

في ميزانية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، هددت الولايات المتحدة بسحب

دعمها المالي للوكالة وفي الحادي و العشرين من شهر نيسان عام 2002، وبناءً على طلب من الولايات المتحدة، عُقد اجتماع خاص حسم مصير الدبلوماسي البرازيلي في تصويت خاص حيث أيدت ثمانية واربعين دولة عزله، مع سبعة معارضين، وامتناع ثلاثة واربعين عن التصويت وقال مسؤول أمريكي لصحيفة *واشنطن بوست* في الثالث و العشرين من شهر نيسان: لقد شعرت عدة دول بالقلق بشأن أسلوب إدارته منذ فترة، وقررنا جميعًا إقناعه بالذهاب بهدوء وإيجاد مخرج مناسب لكنه اختار عدم القيام بذلك

وأشار المقال نفسه إلى أنها كانت أكثر حملة علاقات عامة مرارة من قبل

الولايات المتحدة لإجبار مسؤول دولي كبير على ترك منصبه منذ أن منعت إدارة

*كلينتون *إعادة انتخاب الأمين العام للأمم المتحدة *بطرس * *بطرس غالي*في

عام 1996 خلال السنوات الخمس التي قضاها في المنصب، أشرف بستاني على توسع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من سبعة و ثمانين إلى مائة و خمسة و اربعين دولة عضو،وكما ذكرت بي بي سي في ذلك الوقت، جرى تدمير نسبة كبيرة من منشآت الأسلحة الكيماوية في العالم. وقد شغل لاحقًا منصب سفير البرازيل لدى بريطانيا وفرنسا، وتقاعد في عام 2015

وقال الدبلوماسي السابق مازحا: كانت بريطانيا واحدة من الدول التي صوتت

لفصلي من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لكن الوقت الذي امضيته هناك لم يكن غير مريح كما قد يتصور المرء لقد فاز بقضية فصل تعسفي ضد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تحكيم من قبل منظمة العمل الدولية(*آي* *إل أو*)، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة، وقد تبرع بستاني بتعويضاته لميزانية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد إقالته من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، عمل بستاني سفيرا للبرازيل في المملكة المتحدة وفرنسا لا هذا النصر ولا عدم العثور على الأدلة على وجود أي أسلحة دمار شامل في العراق وقت الصراع كانا لهذه الدبلوماسي البرازيلي مصدر شعور بالرضا أو عزاء له

وقال بستاني: هذا لا يجلب لي العزاء، فبعد عقدين من الزمان ما زلت أشعر

بالإحباط لأنه نشبت حرب غير ضرورية أثرت على العالم بأسره، كنت أفضل أن

أكون على حق ويتم تجنب هذا الصراع، وما زلت أعتقد أن ذلك كان ممكنا

 

3- كيف هو العراق بعد 20 عاماً؟

أحمد مولان​​ا​  ​19 مارس 2023

في 20 آذار/مارس من كلّ عام، تحلّ ذكرى عقدين على تدشين الولايات المتحدة الأميركيّة، رفقة تحالف من عدة دول في مقدمتها بريطانيا، حرباً لغزو العراق. على وقع هجمات 11 سبتمبر، والسير خلف طموحات المحافظين الجدد، أرادت واشنطن أن تُظهر عينها الحمراء للعالم. يقول وليام بيرنز، المدير الحالي للاستخبارات الأميركيّة (CIA) ونائب وزير الخارجية سابقاً، في كتابه "القناة الخلفية": "اعتبرت إدارة بوش الابن أنَّ الإطاحة بطالبان عام 2001 حدثت بسرعة كبيرة وبسهولة، وأنه لا بد من توجيه ضربة أخرى أكبر لردع الخصوم وإعادة تأكيد الهيمنة الأميركية بعد انتهاء الحرب الباردة، ولبدء تحوّل جديد في المنطقة بأكملها". لذا، كان العراق هو المحطة الثانية في الانتقام الأميركي بعد أفغانستان؛ انتقامٌ سيقت له حجج عديدة مثلَ إحياء صدام للبرنامج النووي العراقي، وضلوعه في أحداث سبتمبر، وهي ادعاءات ثبت زيفها لاحقاً.

اهتزاز العرش الأميركي​ ​وعدت المعارضة العراقيّة في لندن، على لسان أحمد الجلبي، باستقبال الجيش الأميركي بالورود على أبواب بغداد، ولكنّ ذلك لم يحدث. لقد غاصَ الغزاة في وحلٍ عميق، وتعرَّضوا لاستنزافٍ كبيرٍ على يد المقاومة العراقيّة، مما كبّد القوات الأميركية وحدها أكثر من 4400 قتيل، ونحو 32 ألف إصابة، مع كلفة ماليّة تتجاوز الـ 800 مليار دولار. أبو غريب، العراق، مقاومون عراقيون يحتفلون أمام قافلة عسكريّة أميركية محترقة على مشارف مدينة الفالوجة. (وكالة الصحافة الفرنسية).نيسان 2004، أبو غريب، العراق، مقاومون عراقيون يحتفلون أمام قافلة عسكريّة أميركية محترقة على مشارف مدينة الفالوجة. (وكالة الصحافة الفرنسية).دفع كلّ ذلك واشنطن للانسحاب رسميّاً من العراق بحلول عام 2011، وإبقائها على أعدادٍ محدودة من القوات بحجة تدريب الجيش العراقيّ، إذ أسفرت الحربُ عن تدهورٍ في الوضع الاستراتيجيّ لأميركا، وذلك باعتراف كبار المسؤولين، مثلَ بيرنز الذي قال:"لقد اختفت لحظةٌ أميركيّة دامت نصفَ قرنٍ في الشرق الأوسط، ورثناها عن البريطانيين... إنّ التخلي عن نهج الحذر والجرأة في عهد بوش الأب لصالح مزيجٍ كارثيّ من التشدد والغطرسة في عهد بوش الابن، أفسد فرصةً تاريخيّةً لإعادة رسم دور أميركا في العالم، وبدلاً من تشكيل نظامٍ جديدٍ بنجاح، ضاعفنا الاختلالات الإقليمية وقوّضنا نفوذنا… وأدّى الإرهاق بعد ما يقرب من عقدين من الحرب إلى تغذية الرغبة في تحرير الولايات المتحدة من قيود التحالفات والشراكات القديمة وتقليل الالتزامات الخارجيّة... فيما سمّمت الصورُ البائسة للمحتَجَزين في سجن أبو غريب صورةَ أميركا ومصداقيتها، كما أصبح العراقُ نقطةَ جذبٍ للجهاديين".

أما مارك إسبر، وزير الدفاع في عهد ترمب، فتحدّث في مذكراته بلغةٍ عسكريّةٍ عن تداعيات الحرب في العراق على القوّة الأميركيّة: "لقد وجدنا أنفسَنا في وضع ضمورٍ استراتيجي بعد عقدٍ ونصفٍ رَكَّزنا فيه على مكافحة الإرهاب والدوريات الراجلة ونقاط التفتيش، دون إيلاء الاهتمام اللازم بمتطلبات قتال خصمٍ مثل الصين وروسيا".

 

4- الحاكم المدني الأمريكي في العراق بول بريمر يكشف أسراراً جديدة

ويعترف بأخطاء في قراري تفكيك البعث وحل الجيش

يورو تايمز واشنطن: علي بردى 21-3-2023ك تويتر لينكدإن ماسنجر

عندما هممتُ بإجراء هذا الحوار مع السفير بول بريمر، أخبرته أن صديقاً عراقياً أميركياً همس في أذني بأن «هذا ليس مجرد سفير، إنما هو رئيس. لقد حَكَم العراق لأكثر من عام»!بصفته رئيساً لـ«سلطة الائتلاف المؤقتة» بعد حرب العراق التي أعلنها الرئيس الأميركي جورج بوش ليل 19 مارس (آذار) 2003، بهدف إطاحة حكم الرئيس صدام حسين في العراق، جلس «الدبلوماسي الكيسنجري» في البيت الأبيض وحيداً، وجهاً لوجه مع الرئيس الذي كلفه مهمتين جليلتين: تشغيل عجلة الاقتصاد، وتشكيل مسار جديد للحكم في العراق. ذهب إلى هناك متسلحاً بهذا التفويض، ومستفيداً مما تعلمه من وزير الخارجية سابقاً، هنري كيسنجر، ومِن عمله في القطاع الخاص بعدما تخرج في جامعتي يال وهارفرد بالولايات المتحدة و«معهد الدراسات السياسية» في فرنسا.
يحمل بول بريمر أسراراً كثيرة يتجنب الخوض فيها. لم يُشر كثيراً إلى وثائق الدولة العراقية وحزب البعث هناك، بعد انهيار حكم صدام تماماً في 9 أبريل (نيسان) 2003، أبلغني مازحاً أنه بعدما «أنجز» مهمته التي بدأت في 9 مايو (أيار) 2003، وانتهت في 28 يونيو (حزيران) 2004، دفع للمحامين الأميركيين «مبالغ أكبر من تلك التي استحصلت عليها من عملي في العراق». وكانت تلك فرصة لتبادل قصة طريفة مع المندوب الألماني السابق لدى الأمم المتحدة، كريستوف هيوسيغن، الذي كان مستشاراً للأمن القومي في عهد المستشارة أنجيلا ميركل، ويعمل حالياً رئيساً لـ«مؤتمر ميونيخ للأمن»، حين اقترحت عليه مازحاً أن يفشي أسراره كي أنشرها. قلتُ: «بذلك تطير شهرة كل منا… ولكن بطريقتين مختلفتين». قهقه الدبلوماسي الأميركي قبل أن نبدأ بالفعل في إجراء هذا الحديث لـ«الشرق الأوسط».

كشف بريمر تفاصيل بالغة الأهمية في الحوار الطويل معه، مصراً على «صوابية» قرار الحرب، رغم الإخفاق الأميركي في الحصول على تفويض بذلك من مجلس الأمن. اعتبر أن مصالح الولايات المتحدة تتقدم على واجباتها في القانون الدولي، مقارناً المعركة مع حزب البعث بقيادة صدام بتلك التي أدت إلى هزيمة الحزب النازي الألماني بزعامة هتلر. وأكد أن هذا السبب الذي دفعه إلى إصداره مرسوميه الشهيرين؛ الأول خُصِص لـ«تفكيك البعث»، والثاني ركز على «حل» الجيش العراقي، معترفاً بأنه ارتكب «خطأين» فيهما، ضمن المهمة التي أصدر خلالها مائة من المراسيم (الأوامر) ليعكس بها استراتيجية فريق الرئيس بوش الابن، ومن حوله مهندسو الحقبة التي «أنهت حكماً للسنَّة استمر ألف عام»، وأبرزهم نائب الرئيس ديك تشيني، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، ومساعده آنذاك بول وولفوفيتز وآخرون، علماً بأن وزير الخارجية كولن باول ومستشارة الأمن القومي، كوندوليزا رايس، اضطلعا بدورين مختلفين أيضاً في العلاقة مع «نافذة واشنطن» على المعارضة العراقية؛ من جلال طالباني ومسعود بارزاني إلى أحمد الجلبي وإياد علاوي، ومن عبد العزير الحكيم ومحمد بحر العلوم إلى غازي الياور وعدنان الباجه جي، وغيرهم من الشخصيات العراقية المؤثرة التي لا تزال حاضرة في العراق بـ«صورته الأميركية».

شخص واحد فقط، وهو الأكثر أهمية وتأثيراً في العراق منذ ذلك الوقت، وحتى اليوم، رفض أن يستقبل بريمر أو يلتقيه، وهو آية الله علي السيستاني.

هنا نص الحوار مع بريمر: الآن، مع حلول الذكرى العشرين للحرب في العراق، كيف تنظر إلى تلك اللحظة؟      
– كما تعلم، يتحدث كثيرون عن النظر إلى الوراء 20 عاماً؛ لذلك نظرتُ للخلف بالفعل. النقطة الأساسية التي خلصت إليها أن ذلك كان القرار الصائب من الرئيس بوش؛ بأن يتحرك ليطيح صدام حسين. النقطة الثانية أنني أعتقد أنه رغم الوضع الصعب الذي يجد العراقيون أنفسهم فيه اليوم، وبالنظر إلى الأمر من منظور نسبي، فإن العراق بعد 20 عاماً الآن أفضل حالاً برحيل صدام.
> كان الثمن الذي تكبده العراقيون فادحاً للغاية، وكذلك الأميركيون!
– نعم، هذا صحيح، لكن الفوائد كانت ضخمة للغاية أيضاً للعراقيين؛ فبمقدورهم الآن اختيار حكومتهم. نحن في الولايات المتحدة لم نعد نواجه عودة صدام حسين إلى مساعيه من أجل الحصول على أسلحة دمار شامل، حسبما كان يخطط. ونعلم من الوثائق التي استولينا عليها بعد إطاحته أنه كان يخطط لاستئناف جهوده لامتلاك أسلحة دمار شامل.

عراق وإيران «نوويان»

> وهل المنطقة أصبحت أفضل حالاً؟ هل تعتقد ذلك؟

– في الواقع، المنطقة أفضل حالاً، لأنه لو بقي صدام في الحكم، لكانت المنطقة تواجه اليوم عراقاً مسلحاً نووياً يقف أمام إيران مسلحة نووياً. ولم يكن ليصير لدينا اتفاق إيراني لوقف البرنامج النووي، الأمر الذي تحقق في عهد إدارة أوباما. كان الإيرانيون ليستمروا في برنامجهم النووي، الأمر الذي كان ليجعل المنطقة أقل استقراراً بكثير، وكنا لنصبح أمام قوتين نوويتين على الأقل: إيران والعراق.

> ترى أن ذلك ربما كان ليشجع، في اعتقادك، إيران أكثر على إنتاج أسلحة نووية؟
– عندما كنتُ في العراق، خلصت وكالات الاستخبارات الأميركية إلى أن إيران أبطأت وتيرة (ولم توقف) برنامجها بسبب شعورها بالقلق. ونعلم الآن أن الاتفاق الذي توصلت إليه إدارة أوباما مع إيران يجري تقويضه كل يوم من قبل الإيرانيين. والآن، لدينا تهديد حقيقي بظهور مشكلة هناك.

«لا حاجة» إلى الأمم المتحدة

> أخفقت الولايات المتحدة في الحصول على موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على الحرب. لذلك كانت الحرب غير قانونية؛ هل ترى الأمر على هذا النحو، أم أن لديك رأياً مختلفاً؟      
– شاركت في السياسة الخارجية طوال 50 عاماً، وكقاعدة عامة، من المفضل دوماً أن تحظى بدعم دولي واسع. إلا أنني لا أعتقد أن الولايات المتحدة بحاجة للحصول على موافقة الأمم المتحدة عندما يتهدد الخطر مصالح الولايات المتحدة.

> يستخدم الروس الآن ما أظهره الوزير كولن باول أمام مجلس الأمن ليقول إن هناك أسلحة دمار شامل وأشياء أخرى. لم يكن ثمة شيء هناك. لقد كنت في العراق، ولم تجد شيئاً. هل كنت مدركاً لذلك؟

– لا، لم أكن مدركاً. من المهم التزام الدقة حيال الأمور هنا. أفادت الاستخبارات بأن صدام يسعى بجد إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، ومن الواضح أن هذا لم يكن صحيحاً. إلا أنه من المهم أن نتذكر أن الوكالات الاستخبارية الأميركية لم تكن الوحيدة التي على ثقة من أن صدام يعكف على تطوير هذه الأسلحة، وإنما كذلك الفرنسيون والألمان والبريطانيون والروس. اتفقت وكالات استخبارات هذه الدول كلها مع الولايات المتحدة. لذا، أعتقد حتى لو قلت الآن: حسناً، ألم يكن ذلك خاطئاً؟ أعتقد أن أي رئيس أميركي بعد 11 سبتمبر (أيلول) – حدث جلل وصدمة كبرى للشعب الأميركي راح ضحيته 3 آلاف أميركي – بما في ذلك آل غور، لو فاز في انتخابات عام 2000، كان لينظر إلى تقديرات الاستخبارات الأميركية ويقول: علينا فعل شيء حيال صدام. والآن، ثمة نقطة أخيرة هنا؛ القول إننا لم نجد شيئاً يجافي الحقيقة، ذكر تشارلز دولفر، وهو محقق قدير للغاية، أن صدام أبقى على الخطط والأفراد ومشروعات أسلحة الدمار الشامل، وكان عازماً على استئناف هذه المشروعات.

> ذكرت للتو، سعادة السفير، أمراً لافتاً للغاية؛ أن المصالح الأميركية تعلو القانون الدولي…

– لا، ما قلته أنه ليس من قانون دولي ينص على أنه يجب علينا الحصول على موافقة من الأمم المتحدة كي ندافع عن المصالح الأميركية.

> ما الأساس القانوني للحرب إذن؟

– الأساس القانوني داخل الولايات المتحدة كان قراراً رئاسياً.

> بالتالي، هل كان الرئيس بوش العقل المصمم للحرب؟ ذكرت في مقابلات سابقة أن هذا جرى ليس لإطاحة صدام حسين فحسب، وإنما كذلك الحكم السنّي الذي دام ألف سنة بالعراق. وسيترك ذلك تداعيات عميقة ليس في العراق فحسب، وإنما في المنطقة بأسرها.

– أولاً، الرئيس هو مَن يتخذ القرارات. أما بمراجعتي للأمر بعد ذلك، بعد فترة طويلة من مغادرتي العراق، فخلصت إلى أنه بعد الهجمات الإرهابية في التسعينات وهجمات 11 سبتمبر، فإن أي رئيس أميركي، ديمقراطي أو جمهوري، كان ليوافق على ما عرضته الاستخبارات على بوش. ومن المثير أن تجد (إذا عدت بالذاكرة إلى الوراء إلى داخل «الكونغرس» الأميركي) أن غالبية السياسيين بفارق كبير وافقوا على شن هجوم ضد العراق؛ سواء في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ.

> إذن، لم يكن هذا قرار رجل واحد.

– لا، لا.

> خلصت الولايات المتحدة إلى أن هذا أمر يجب القيام به.
– صحيح، أعتقد أنه من الإنصاف القول إنه كان هناك إجماع سياسي عبر أرجاء البلاد عندما اتخذ بوش هذا القرار.
> صحح لي إن كنت مخطئاً… كيف لك وأنت دبلوماسي كيسنجري النهج، بمعنى أنك تؤمن بالسياسة الواقعية، أن تنفذ خطة للمحافظين الجدد داخل الولايات المتحدة… كيف ذلك؟
– لم أنفذ خطة للمحافظين الجدد، أو المحافظين القدامى، أو أي طرف آخر، وإنما نفذت خطة بتوجيه من رئيس الولايات المتحدة الذي قال لي: أمامك مهمتان: الأولى محاولة تسيير عجلة الاقتصاد من جديد لصالح الشعب العراقي، والثانية معاونة العراقيين على اتخاذ مسار الحكم التمثيلي. هذان هما الأمران اللذان صدرا لي من جانب الرئيس، وهما الأمران اللذان أنجزتهما.

الرئيس وأنا

> كان ذلك مجرد إعلان؟     
– لا، لم يكن إعلاناً فحسب، وإنما دعاني الرئيس لتناول الغداء معه فقط داخل غرفة الطعام الصغيرة الخاصة الملحقة بالمكتب البيضاوي للتحدث معاً. كنا أنا وهو فقط، ولم يكن هناك مَن يدون ملاحظات، ولم يكن من أحد سوانا…
> لكنك تعلم أن الرئيس كان يدلي بكثير حول «الشرق الأوسط الكبير»، وأمور أخرى على صلة بالغزو العراقي. كما تحدث الرئيس علانية حول أن هذا الأمر ستكون له تداعيات قد تستمر لعقود، ليس داخل العراق فحسب، وإنما في المنطقة. وبعد 20 عاماً، ثبت أنه كان صائباً.

– نعم، حسناً، لا أعتقد أن الرئيس استخف بهذا القرار. وأعتقد أنه أدرك أنه ستكون له تداعيات، لكنني استوعبت أيضاً هدفه. وكان هدفه مساعدة العراقيين على استعادة بلادهم اقتصادياً وسياسياً.

> حسناً، لقد عملت محل غارنر (جاي غارنر الجنرال الأميركي الذي عينته حكومته حاكماً للعراق بعد الغزو) في أعقاب سقوط صدام بفترة وجيزة. كيف حدث ذلك؟ ولماذا قرر الرحيل؟

– أكن احتراماً شديداً للجنرال غارنر، وأعتقد أنه أبلى بلاءً رائعاً للغاية في ظل ظروف شديدة الصعوبة. وحسب علمي، فإن اسمي، بصورة ما، وُضع على مكتب وزير الدفاع رامسفيلد.

> أنت لا تعرف كيف؟

– لم أكن أعرف أن لديه اسمي. كانت لديه قائمة تضم 12 أو 14 اسماً لأشخاص آخرين. ولست أدري العملية التي خاضها للاختيار. على أي حال، أوصى بي في نهاية الأمر للرئيس.

> ربما ذكرت ذلك في كتابك، «عامي في العراق»؛ أن غارنر رغب في تنظيم انتخابات في غضون 90 يوماً من الغزو. لم يبدُ الأمر واقعياً. هل بدا لك واقعياً؟

– لا، لا. خلال لقاءاتي بالرئيس، ومجلس الأمن الوطني، ونائب الرئيس، ووزيري الدفاع والخارجية قبل مغادرتي البلاد، كانت الرسالة الوحيدة الواضحة من الرئيس والآخرين، بمن في ذلك وزير الدفاع رامسفيلد، ووزير الخارجية (كولن) باول، أننا سنحظى بالوقت الكافي. وسُئلت عن ذلك وقلت: أتفق مع أن هذا الأمر سيستغرق عاماً على الأقل، وربما عامين. سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً، وعلينا التحلي بالصبر. وسمعت في الراديو أن غارنر أخبر الجميع لتوه بأنه سيعين حكومة في غضون 10 أيام. وقلت ذلك في كتابي: «إنني في تلك اللحظة كدت أنحرف عن مساري على الطريق السريع». لقد أصابتني دهشة شديدة…

> جرى التعجيل بإرسالك للعراق. ما كانت النصيحة المثلى التي تلقيتها قبل مغادرتك؟
– حسناً، كانت أفضل نصيحة قدمها الناس لي؛ أن أحاول تحقيق بعض الفوائد الاقتصادية للشعب العراقي بأسرع ما يمكن. لقد دمر صدام فعلياً الاقتصاد العراقي على أي حال. وعندما وصلتُ إلى بغداد، وأنا هنا أطرح مجرد مثال، كنا ننتج على مستوى البلاد بأكملها 300 ميغاواط فقط من الكهرباء. وهذه الكمية لا تكفي، كما تعلم، لقرية صغيرة.

من إسبانيا إلى أنغولا

> نعم، كانت البلاد تحت الحصار. إذن، فإن أقل ما يمكن قوله إن هذا لم يحدث بين عشية وضحاها؟
– لا… عانت البلاد من قبل بصورة ما بسبب العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، رغم أننا سرعان ما علمنا بالفساد في برنامج «النفط مقابل الغذاء». عندما جاء صدام للسلطة، كان إجمالي الناتج الداخلي بالنسبة للفرد داخل العراق أعلى منه في إسبانيا. وأخبرنا «البنك الدولي» أنه عام 2002 تراجع إجمالي الناتج الداخلي العراقي لأقل مما هو في أنغولا. أما النصيحة الثانية التي تلقيتها، كي أجيب عن سؤالك، فكانت الحرص على ضمان الحديث إلى نطاق واسع من العراقيين حول أي نمط من الحكم كان ممكناً، وأي نمط من الحكم يرغبون فيه .
> ذكرت بالطبع مَن التقيته حينذاك من الجانب الأميركي. هل التقيت أي شخص من المعارضة العراقية التي كانت هنا في الولايات المتحدة؟
– لا، لا أتذكر لقائي أي شخص. ربما التقيت شخصاً أو اثنين…
> هل تعرف كنعان مكية. كان ينتقد قرار الولايات المتحدة تشكيل سلطة الائتلاف المؤقتة، بدلاً من عقد انتخابات واختيار كيان ديمقراطي…

«البنتاغون» (عمل وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسات) في ظل قيادة رامسفيلد. كانت تلك مسودة وثيقة لتفكيك حزب البعث. وجاءت متسقة تماماً مع النتيجة التي خلصت إليها دراسة وزارة الخارجية ووافقت عليها. سلمني فايث هذه الوثيقة وقال: «نفكر في إصدار هذه غداً»، وكان يوم أحد، وأجبته: «حسناً، انتظر لحظة. أود الحديث مع بعض العاملين مع غارنر (في مكتب الإعمار والمساعدات الإنسانية) بالعراق». بعد ذلك أصدرت الأمر الخاص بحزب البعث، الذي صيغ على أساس القرارات التي اتخذتها أميركا، باعتبارها قوة الاحتلال داخل ألمانيا عام 1945، عند نهاية الحرب العالمية الثانية. كان لديهم برنامج لتفكيك الحزب النازي، الذي كان واسع النطاق، ولم يكن يسمح لأي شخص له أي صلة بالحزب النازي بأن يكون له أي دور من القمة إلى القاعدة. في المقابل، فإن تفكيك البعث الذي صاغته الحكومة الأميركية استهدف فقط الـ1 في المائة من قادة الحزب.

إلا أنني ارتكبتُ خطأ هنا عندما حولت مسؤولية تنفيذ أمر نطاقه شديد الضيق إلى سياسيين عراقيين، لأنه تحول بعدها إلى أداة تقاتل بين أطراف مختلفة بين العراقيين الذين حاولوا توسيع نطاق التنفيذ، وطرد أكبر عدد ممكن من البعثيين، مثل المدرسين، من وظائفهم. ما كان ينبغي لي فعله (…) هو اختيار لجنة مؤلفة من 5 قضاة عراقيين وأقول لهم: أنتم ستتولون الإشراف على تفكيك حزب البعث. إلا أنني أخطأتُ بتحويل هذه المهمة إلى السياسيين، وعندما سمعت أنهم يطردون مئات، بل آلاف المدرسين من وظائفهم، أتى إليّ وزير التعليم. لذا، اضطررت إلى استعادة هذا المرسوم. لذا، كان هذا خطأ.

> وتفكيك الجيش العراقي، اقترفتَ خطأ في هذا الأمر…

– نعم، ولا. تفحصت دراسة «مستقبل العراق»، التي أخبرتك عنها سابقاً، مسألة القوة العسكرية العراقية. واضطلع الجيش العراقي، الجيش الحديث الذي جرى بناؤه بعد الحرب العالمية الثانية، بدور مقدر ومسؤول حتى جاء البعثيون وصدام حسين إلى السلطة. بعد ذلك، تحول الجيش العراقي إلى أداة أساسية للسيطرة الجبرية على الشعب العراقي. ومن جديد، ذكرت دراسة «مستقبل العراق»، التي كانت في جوهرها مناقشات بين العراقيين، الأمر ذاته: لا مكان لهذا الجيش في عراق ما بعد صدام (…) لدى سقوط بغداد في 9 أبريل 2003 قال «البنتاغون» والجنرالات الأميركيون والجنرال جون أبي زيد إنه لا توجد كتيبة واحدة من الجيش العراقي مرابطة بأسلحتها داخل العراق. ذهب أفراد الجيش إلى منازلهم. كان الجيش العراقي بضخامة الجيش الأميركي، وضم نحو 700 ألف رجل. وينتمي جوهر مجموعة الضباط بالجيش بالجزء الأكبر منهم إلى السنَّة. أما المجندون، فكانوا في أكثريتهم من الشيعة. وكان هذا الجيش متورطاً فيما اعتبرته الأمم المتحدة حرب إبادة ضد الأكراد في الثمانينات، بما في ذلك استخدام أسلحة دمار شامل ضد بلدة حلبجة عام 1988، واستغل صدام حسين الجيش نفسه، تحديداً ألوية الحرس الجمهوري، في قمع انتفاضة الشيعة بالجنوب بعد حرب الخليج الأولى… وإذا سألتني: أين كان الخطأ؟ فسأجيبك أنه كان اختيار فعل «حل». كان السؤال: هل نستدعي الجيش؟ وتحدث بعض الضباط الأميركيين حول احتمالية استدعاء الجيش. وعندما سمع الأكراد ذلك، أخبرني قائدا الأكراد؛ بارزاني وطالباني: إذا استدعيت الجيش العراقي، فسننفصل عن العراق. وكان هذا ليشعل حرباً أهلية. وسمع الشيعة الذين كانوا يتعاونون مع التحالف، بناءً على توجيه من آية الله السيستاني، الشائعة ذاتها. وقال لي الشيخ عبد العزيز الحكيم: لن نتعاون إذا ما أعدتم ذلك الجيش.

ديمقراطية أم حرب أهلية؟

> سعادة السفير، أنت سعيت إلى بناء عراق ديمقراطي…    
– صحيح.    
> بدلاً من ذلك، غرقت البلاد في حرب أهلية في ظل قيادتكم، لا أدري حجم الأخطاء التي تصفها، لكن هذا ما حدث.
– لا، ليست حرباً أهلية، ما حدث كان ظهور «القاعدة». نعلم أن هذه حقيقة لأنها كُتِبت بيد الزرقاوي في رسالة بعثها إلى بن لادن. وكان هدف «القاعدة» إشعال حرب بين الشيعة والسنَّة. هذا أمر شديد الوضوح، ويجب أن تطلع على رسالة الزرقاوي. ولذلك ذكر بالمناسبة السبب وراء الهجمات المروعة التي نفذوها، بينما كنت لا أزال هناك والتحالف هناك. أولاً: الهجوم ضد مقر الأمم المتحدة الذي أدى إلى مقتل سيرجيو دي ميلو، وبعد ذلك وقع هجوم كبير ضد مسجد في النجف، في 30 أغسطس (آب) 2003، وأدى إلى مقتل عدة مئات من الشيعة. وعليه، كان هدف «القاعدة» إثارة حرب أهلية. وأنت تقول إنهم ليست لديهم ديمقراطية. هذا غير صحيح. أجروا انتخابات هي الأولى من نوعها بعد مرور عام أو عام ونصف العام من تحرير بغداد، في مطلع يناير (كانون الثاني) 2005، أجرى العراقيون 6 انتخابات، منها 5 انتخابات وطنية واستفتاء حول الدستور. وعاين العراقيون انتقالاً سلمياً للسلطة 6 مرات منذ رحيلنا. وليس بإمكان أي دولة عربية القول إنها أنجزت ذلك.

النموذج الأميركي

> روسيا تستغل ذلك داخل الأمم المتحدة، وعندما أذهب إلى هناك أراهم يسألون: هل تذكرون عندما أتى كولن باول إلى هنا بهذا الشيء؟ هل تذكرون عندما نفذت أميركا تفكيك حزب البعث. نحن نفكك نازية. كيف ترى تأثير ذلك على السياسات أو الاستراتيجيات الأميركية بمختلف أرجاء العالم؟
– أي رئيس، ويمكنني القول إنني واثق من أن هذه كانت حالة الرئيس بوش، في هذه الحالة، كان عليه التفكير في أي قرار يواجهه، وكان السؤال ما ينبغي فعله مع صدام في إطار تأثير ذلك على باقي المصالح الأميركية. وأنا واثق من أن بوش فعل ذلك. وقرر، وأعتقد أنه صائب في ذلك؛ أنه لا يمكننا التساهل إزاء ترك صدام يمضي بطريقه. وعليه، اتخذ القرار الصعب بغزو العراق للتخلص من صدام، الأمر الذي أرى أنه نجح. أما تأثير السياسة الأميركية على ما يجري في بنغلاديش أو أوكرانيا، فربما تكون مسألة منفصلة.

> لا، هذا السبب وراء قول بعض الأميركيين، وبينهم رؤساء، لاحقاً، إن حرب العراق كانت كارثة.

– آسف، مَن قال ذلك؟

> الجميع. ألم تسمع بالذي يقول إنها كارثة؟

– نعم، وأقول إنهم مخطئون. وسأظل متمسكاً بما قلتُه تواً لك حول النجاح الذي حققناه سياسيا، والنجاح الذي أحرزناه اقتصادياً.

> إذن، أنت ترى أن العراق اليوم أفضل حالاً؟

– بالتأكيد. العراق اليوم أفضل حالاً بأي مقياس… لقد بدأ الربيع العربي في تونس، إلى أين ذهبت؟ انظر إلى تونس اليوم…

> لا شيء.

– أما العراقيون، حتى مع وجود تنظيم «داعش» وكل المشكلات التي يجابهونها، فقد اختاروا حكومتهم 6 مرات على التوالي.

> إذن ليست لديك مشاعر جيدة حيال الربيع العربي؟

ـ آسف، لم ينجح. أما العراق، فيعاني اليوم بشدة بسبب الفساد. لا شك في ذلك.

> هل وضعتم نموذج العراق الجديد على غرار النموذج اللبناني؟

– لا.

> كان العراق بلداً علمانياً في ظل قيادة صدام. أنت تقول إن السنَّة حكموا البلاد ألف سنة، وبعد ذلك سحبتم العراق بعيداً عن جيرانه العرب وألقيتموه في أيدي إيران…

– يمكنني الحديث بثقة فقط عن الفترة التي كنت خلالها هناك. الإيرانيون لم يكن لهم أي وجود.

> على الأقل الحكيم والشخصيات الأخرى من المعارضة العراقية كانوا مقيمين هناك…

– حسناً، والبعض كان مقيماً في سوريا، والبعض في لندن، وقليل في ألمانيا، وبضعة في فرنسا. عبد المهدي كان في فرنسا. لم يكن لدينا نموذج نحاول أن (…). لقد فعلنا ما اعتقدنا أنه مهم، وهو أن الهيكل الذي يجري تأسيسه بالعراق ينبغي أن يعزز وجود حكومة تمثيلية. ومن جديد، الأمر كان يعود إلى العراقيين بخصوص مسألة صياغة الدستور، الأمر الذي أنجزوه بالفعل، وأقاموا نظاماً فيدرالياً، من دون إيعاز منا.

> لماذا كنتَ تتفاخر في مواضع عديدة بأن السنَّة قد حكموا العراق لألف سنة، وتوقفتَ عن القيام بذلك الآن؟ 
– صحيح، لقد كان ذلك مجرد بيان للحقيقة، ليس إلا.

البعث السوري

> لقد كان واضحاً أن الحكومة البعثية السورية كانت تدعم ما يسمى بالمقاومة العراقية في محاربة قوات التحالف في العراق. وكان ذلك أيضاً خلال فترة حكمك في العراق. كيف تعاملت إذن مع ذلك الأمر؟ هل حاولت التحدث مع الحكومة السورية، أم قمتَ بشيء لمنع الأمر؟  
– لستُ على علم بأي مناقشات محددة تمت بين المسؤولين الأميركيين والسوريين، لكنني أعلم جيداً أن قوات التحالف في العراق كانت قلقة بشأن الدعم السوري، وبوجه خاص تسلُّل أشخاص مدعومين من الجانب السوري كان يتم تجنيدهم أحياناً في شمال أفريقيا، خصوصاً في ليبيا، ويجري تدريبهم في سوريا، ثم يتسللون عبر الحدود في القائم.  
> ألم يكن عليك فعل أمر ما حيال ذلك؟      
– فعلتُ كل ما كنت أستطيع القيام به.
> هل كان لإيران دور أيضاً في ذلك الأمر؟  
– خلال فترة عملي هناك، لم يكن هناك أي دليل على ضلوع الإيرانيين بدور في ذلك الأمر.

الإيرانيون خافوا

> ولا حتى ما اكتشفناه لاحقاً، وبات منشوراً على المنابر الإخبارية هذه الأيام؛ بأنهم كانوا يؤوون بعض عناصر تنظيم «القاعدة» في إيران؟
– لم يكن ذلك جزءاً من المعلومات التي كانت لدينا في ذلك الوقت. أهم شيء كان خطاب الزرقاوي، الذي تمكنا من اعتراضه في يناير (كانون الثاني) 2004؛ فقد كان ذلك واضحاً، لكنه كان أردنياً، وليس إيرانياً.     
> لقد عملتَ على مكافحة الإرهاب من قبل؛ لذا كنتَ مدركاً تماماً لكل الأخطار.

– نعم، كانت إيران مصنفة بالفعل دولة إرهابية حين كنتُ مسؤولاً عن مكافحة الإرهاب في إدارة ريغان بسبب التفجيرات التي نفذها «حزب الله» في بيروت عام 1983؛ لذا لم يكن هناك أدنى شك في أنها كانت دولة إرهابية. مع ذلك كانت إيران تتجنب لفت الانتباه، وإن كنتُ أفضل أولاً أن أطلق عليهم الفرس، لأنهم يرون أنفسهم كذلك، ودائماً ما يفكرون من منطلق الإمبراطورية الفارسية القديمة، التي كانت تمتد من نهر السند حتى البحر المتوسط. هذه هي الإمبراطورية الفارسية، ويمكنها أن تشغل ضعف مساحة الفراغ في العراق… لا أمنحهم العراق بعد؛ فالعراق لا يزال صامداً. لكن المؤكد أنهم ذهبوا إلى لبنان، وفعلوا ذلك، ولا تزال سوريا أكثر صعوبة قليلاً بالنسبة إليهم. مع ذلك هناك بالتأكيد مشكلات في إيران، لكن إذا فكرت بناء على منظور الشعب في طهران في خريف 2003؛ كان لديهم جيش أميركي على حدودهم الشرقية وجيش على حدودهم الغربية. وفي 2003، استنتجت الدوائر الاستخبارية، على ما يبدو، بحسب ما يقرأه المرء في الصحافة، أن إيران أوقفت برنامجها النووي النشط.
> في حين كان الوضع يتردى في العراق، كما في أفغانستان، أبعدتم عن الإيرانيين عدوين لدودين على حدودهم؛ فعل الأميركيون أمراً جللاً، لكن مع ذلك كان عليك التحدث معهم… هل قابلت الإيرانيين 
– لا، لم يكن هناك إيرانيون لأتحدث معهم.

التواصل… والخلاف مع السيستاني

> لكنك لم تشعر بأنك كنتَ بحاجة للتحدث معهم؟

– الإيراني الوحيد الذي كنت أرغب في الحديث معه كان السيستاني، لكنه لم يكن ليقبل ذلك، ولا بأس في ذلك؛ تفهمتُ الأمر، ولم أضغط عليه. لم أطلب حتى ذلك فعلاً، كان لدي تواصل جيد مكثف مع السيستاني وأنا هناك.

> مِن خلال مَن؟

– العديد من الوسطاء. راجعت الأمر، ووجدت 48 مبادلة غير مباشرة مع السيستاني خلال 13 شهراً.

> هل كانت تلك المبادلات شفهية، أم مجرد رسائل؟

– عادة ما تكون شفهية، وكانت أحياناً كتابية.

> لديك خطابات منه إذن؟

– لديه خطابات مرسلة مني (ضحك).

> لكن هل لديك خطابات مرسلة منه؟

– لدي رسائل؛ فهو لم يكن يراسلني كتابة؛ فهذا أمر لا يقوم به مَن هو في مثل مكانته ومستواه. مع ذلك رأيي أنني إذا نظرتُ إلى السؤال إجمالاً، فيسعني القول إنه اضطلع بدور مفيد وفاعل في الأمر. كان يدعم بقوة إجراء انتخابات، وإتاحة الفرصة للعراقيين لاختيار حكومتهم. كان ذلك معتقداً راسخاً لديه، وكانت هذه مهمتي بطبيعة الحال.

> لكن كانت هناك فترات سادها التوتر بينك وبينه؟

– صحيح، بالنظر إلى أهميته في العراق، وفي المنطقة بشكل عام، أردتُ التأكد من أنه يتفهم ما نحاول القيام به، وهو إرساء عملية سياسية مع العراقيين حتى يتمكنوا من اختيار حكومتهم. هنا تكمن مشكلة، ظهرت لأن سيرجيو دي ميلو، الذي كان المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ذهب لمقابلة السيستاني بعد فترة قصيرة من وصوله إلى العراق، في بداية يونيو (حزيران) 2003، طلبني لإجراء محادثة، وعقدنا اجتماعين؛ أحدهما في مكتبي والآخر في مكتبه، وذهب إلى النجف لمقابلة السيستاني. سمعت لاحقاً من أحدهم نقلاً عن السيستاني أن دي ميلو قال للسيستاني إن الأميركيين سوف يصوغون دستوراً لإقامة كيان سياسي على الطريقة التي اعتمدوها في اليابان، من خلال دوغلاس ماك آرثر، قائد قوات الحلفاء عام 1945، هذا غير صحيح على الإطلاق.

لذا كانت أكثر الاتصالات مع السيستاني من جانبي موجهة نحو إطلاعه على نقاشاتنا، وأنا متأكد أنه كان يوجد أشخاص آخرون في الحكومة العراقية يُطلِعونه على نقاشاتنا المتعلقة بما كنا نعتزم القيام به، وكنتُ أحاول توضيح أنه لم يكن لدينا نية لصياغة دستور. الأمر الآخر أنه كان يريد إجراء انتخابات فورية، ولم يكن ذلك ممكناً، للأسباب التي ناقشناها آنفاً، ورأت الأمم المتحدة أيضاً أن ذلك لم يكن ممكناً. لقد أدرك دي ميلو ذلك، لذا كان محتوى الاتصالات مع السيستاني يتعلق تقريباً بجعله يفهم النظرة الشاملة لما كنا نحاول تحقيقه سياسياً، وهو دستور يصوغه العراقيون لا نحن، وإجراء انتخابات، مع توضيح صعوبة تحقيق ذلك. في النهاية فهم الأمر جيداً، ومرت 6 أو 7 أشهر، حتى يناير (كانون الثاني) 2004، إلى أن اتضح أن آية الله السيستاني قد أدرك عدم قدرتنا على إجراء انتخابات بصورة فورية. كان من الضروري وجود دستور، وكان ذلك الترتيب الذي اتبعناه؛ لقد تمت صياغة الدستور في يناير وفبراير (شباط) 2004، وإجراء أول انتخابات في يناير 2005.
> هل حصلتَ على بركته في النهاية؟
– لم أكن أبحث عن بركته؛ فأولاً، كنت أحاول اطلاعه على الوضع باستمرار، وأعتقد أنه تفهم ماهية هدفنا. كانت هناك بعض الأمور الأخرى التي كنا نتواصل بشأنها، لكن كان هذا الهدف الرئيسي من الاتصالات، وأرى أن دوره كان مفيداً ومساعداً.

القبض على صدام

> أريد أن أسألك عن صدام. كيف علمتَ بنبأ القبض عليه؟

– كانت مهمة الجيش محاولة القبض عليه، ونسقنا هذا الأمر بشكل واضح؛ كنا نسمع جميعاً شائعات، وكان هناك أشخاص يأتون لي ويخبرونني بمكان صدام، وكنتُ أنقل ذلك إلى الجيش، الذي كان يذهب إلى المكان المذكور، ولا يجده. كانوا يقولون إنه يقود سيارة أجرة    …
> هل كان ذلك صحيحاً؟      
– لا، كنا نسمع إشاعات مثل تلك. أقول إن الأمر كان جنونياً، لذا تلقى الجيش في ديسمبر (كانون الأول) خبراً بأنه في تكريت، مسقط رأس عائلته. أنت تعلم القصة، وهي أنهم وجدوه مختبئاً داخل حفرة. لم أُبلغ بعملية البحث وقت حدوثها، لكن الجنرال أبي زيد، قائد القيادة المركزية الأميركية في ذلك الوقت دعاني إلى الانتقال من غرفتي إلى مكتبي في الساعة الثانية صباحاً تقريباً في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2003، وقال: «أعتقد أننا عثرنا على صدام!»، وأخبرني القصة، مشيراً إلى أنه يبدو مثله تماماً، ولديه ندب أو شامة أو علامة ما على إحدى ساقيه، ويعتقدون أنه هو، لكن من الضروري إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من هويته، ولديهم تحليل الحمض النووي من ولدَيْه (عدي وقصي) اللذين قُتلا في الموصل، في يوليو (تموز)، لكن الأمر سيستغرق يومين لأنه ليس موجوداً في البلاد، بل في ألمانيا. قلت: «لا يمكن الحفاظ على سرية هذه القصة ليومين»، ورد أبي زيد: «سوف نعيده إلى بغداد، ونعرضه على بعض المعتقلين البارزين، خصوصاً طارق عزيز، ليخبرنا ما إذا كان هو صدام أو لا». رآه معتقلون وقالوا إنه صدام بالفعل، لذا اكتشفت هذا الأمر في ذلك الوقت، وكان نبأً ساراً.

رأوا صدام

> كيف كان يبدو صدام، وكيف كان تحت الأرض؟   
– المشكلة التي كنا نواجهها أنه عندما هاجم ولداه قواتنا في الموصل، في يوليو (تموز) 2003، وجرى قتلهما، كنا بحاجة إلى إعلان ذلك، لكننا تساءلنا عما إذا كان العراقيون سوف يصدقوننا. لذا جمع الجيش ورامسفيلد، والعاملون معه مجموعة من علماء الأمراض والأطباء لرؤية الجثتين، وتأكيد ما إذا كانا ابنَي صدام حقاً أم لا، لأنه، طبقاً لـ«اتفاقية جنيف»، لم يكن من المفترض عرض صور لجنود قتلى، وهو أمر تفعله روسيا باستمرار في أوكرانيا. هذا مثير للاهتمام بطبيعة الحال، لأن الإشاعات بأننا قتلنا الولدين كانت منتشرة لمدة 15 ساعة في العراق، من دون أن يعلم أحد الحقيقة، بشكل مؤكد، إلى أن أكدها الأطباء الشرعيون العراقيون الذين قاموا بعملية التشريح. في ذلك الوقت، أُطلِقت النيران بشكل احتفالي في أنحاء بغداد والبصرة والموصل وكركوك، وكانت هذه هي التجربة في يوليو (تموز). لذا واجهنا المعضلة ذاتها مرة أخرى مع صدام، وكان القرار الذي توصلنا إليه ضرورة إتاحة مقابلته لمجموعة من العراقيين في مكان وجوده، الذي كان مطار بغداد. لذا وُجهت دعوة إلى أعضاء مجلس الحكم لمقابلته واصطحاب أي شخص يريد المجيء. في النهاية كان هناك 5 أشخاص، هم عدنان الباجه جي، وأحمد الجلبي، وموفق الربيعي، وعادل عبد المهدي. كان صدام هناك، وسرعان ما تعرفوا عليه من صوته ومن كل الملامح الأخرى. لم يكن هناك أي شك، لذا شعرتُ بأنه من المهم أن يكون الباجه جي الذي كان رئيس مجلس الحكم آنذاك، موجوداً أثناء الإعلان. وهكذا تم الإعلان عن الأمر.

> هل رأيت صدام قبل ذلك؟ هل تحدثت معه؟
– لا، ولم أقل أي شيء. لم يكن لديه أدنى فكرة، وكنت أقف عند الباب.
> وقبل ذلك؟  
– لا، لم أتحدث إليه أبداً.     
> لم تكن تشعر بفضول لأن تسأله؛ فقد كان لديه كثير من الأسرار التي كانت لتساعدك.
– (ضحك) لا أعتقد، كنت لأسأله (مداعباً) ربما عن مكان الأسلحة النووية. (ضحك)
> هل كانت تربطك علاقات جيدة بأحمد الجلبي وإياد علاوي؟
– نعم، كنت أتحدث معهما كثيراً، وكذلك مع طالباني، وبارزاني، وبالطبع موفق الربيعي، وعبد العزيز الحكيم، وضياء جبيلي مؤلف رواية «أسد البصرة». أمضيتُ وقتاً طويلاً مع أولئك الأشخاص.

«جنة عدن»!

> ما أغرب شيء واجهته في العراق؟
– لا، لا. من الصعب الإجابة عن السؤال. لا أصف الأمر بالغريب، لكن من أكثر الأمور إثارة للاهتمام زيارة أهوار العراق، ورؤية البيوت التي كانوا يشيدونها من القصب. أعتقد أنها غير موجودة حالياً. ما يثير الأسى في نفسي معرفة أن صدام، في إطار حملته ضد عرب الأهوار، حوَّل مجرى المياه بعيداً، مما عرَّض حياتهم للتهديد. أعتقد أن المنطقة اختفت وتغيرت تماماً، كان الأمر غريباً جداً. في إحدى المرات كنت أحلق في مروحية أعلى ملتقى نهري دجلة والفرات، وقال لي الطيار: «بالأسفل، هل ترى النخلة عند نقطة تلاقي النهرين؟ إن هذه جنة عدن!».
> حسناً، أنت فخور إذن بإنجازاتك… 
– أشعر بالرضا

المصدر: الشرق الأوسط

 

5- ذكرى حرب ظالمة- عبد المنعم حمادي*

في يوم ١٩ آذار من عام ٢٠٠٣ بدأت حرب بوش الامريكية او حرب  الطغمة المتغطرسة في العالم، حرب كونية ثالثة ، تجمعت وحوش الارض من قوات الغزو 263 ألف جندي و 3500 دبابة أم 1 أبرامز وتشفتن و 1820 طائرة مقاتلة. ثلاث طبقات من الطائرات غطت سماء العراق .

عشرون عاما مضت، عشنا اقسى ظلم في التاريخ، سنين عجاف، لملمت ال ciA من كل مزابل العالم سفّلة ولصوصاً وقتلة  تحت غطاء المعارضة العراقية، وماهم بمعارضين لهم رأي وموقف وطني مختلف ، كان معظمهم (أفرارية) وبعضهم من المرتشين والسراق والمهربين والمتاجرين بأسم الدين وآخرين من المطلوبين للقضاء بجرائم اخلاقية وجنائية تم اختيارهم واحداً واحداً تحت إشراف المخابرات الامريكية والموساد الصهيوني فصنعوا دستوراً ملفقاً ملغوماً واوجدوا المحاصصة والفساد والطائفية وزرعوا بذرة التقسيم ونشروا رايات عصابات وحشود داعش وأخواتها .. كل ماحصل من دمار وخراب وانهيار وقتول مبني على كذبة وجود أسلحة الدمار الشامل، وعلى زعم خادع (طغيان الدكتاتور) في زمن ترزح فيه نصف شعوب الارض تحت دكتاتوريات متنوعة تبدأ من سلطة دكتاتورية السلطان الى دكتاتورية الدين والحاكم والحزب والقبيلة والرئيس والأمير، ومضت 19سنة من الدمار والسرقة والابتزاز والفتن والرعب والفساد وتشريع قوانين ظالمة تصادر الفكر  وقمع الآخر المعارض في ظل ديمقراطية لعوب، وطن مشرع الأبواب منتهك الحدود يدار من غير أهله،  مطمع دول الجوار، ثرواته منهوبة، خراب وجوع وملايين من العاطلين والمرضى والأميين،فماذا جنينا وكيف كنّا وكيف أصبحنا في حكم محاصصة مقرفة؟

لعن الله أمريكا ولعن الله كل من خان الوطن!

* شاعر عراقي

6- عترافات الجنرال جوزيف فوتيل

الذي شغل منصب قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) بين 2016 - 2019، قبل أن يتقاعد

▪️مجلدات كُتبت عن الأخطاء التي ارتكبناها في العراق. لم يكن تخطيطنا الأولي كافياً، ولم نفكر بجدية في الخطوات اللازمة بعد انتهاء العمليات القتالية الرئيسية.

▪️فقد أفرطنا في عسكرة سياستنا واستراتيجيتنا ولم نستغل المهارات والقدرات الممتازة لدبلوماسيّينا وحكومتنا.

▪️لقد حرمنا فئات كبيرة من القيادة السنيّة من تقلد مناصب في الجهاز الإداري للدولة، وهمشنا المثقفين، ما أوجد مكاناً للقوى والمنظمات المتطرفة.

▪️وسجنّا آلافاً من الشباب، ما أدى إلى تسريع وتيرة التطرف، وفشلنا في تأمين التجمعات السكانية، وتركنا المواطنين العراقيين عرضة للهجمات والفوضى، وفشلنا في تقدير الأسس الثقافية العميقة للبلاد.

 

7- الزحف المتهور على بغداد: الدروس الصحيحة والخاطئة من حرب العراق (1 – 2)

هال براندز* – (فورين أفيرز) 28/2/2023 ترجمة: علاء الدين أبو زينة

الغد الاردنية الثلاثاء 21/3/2023

كتب عالم اللاهوت رينهولد نيبور Reinhold Niebuhr في العام 1923، بعد خمسة أعوام فقط من انتهاء الحرب العالمية الأولى: “الحقيقة المروعة الكاملة عن الحرب يجري الكشف عنها. كل كتاب جديد يدمر المزيد من الوهم.

كيف يمكننا أن نصدق أبدًا أي شيء مرة أخرى؟”. كان الأميركيون قد أمِلوا ذات مرة أن تجعل “الحرب العظمى” العالم مكانًا آمنًا للديمقراطية.ولكن بحلول العشرينات من القرن الماضي، ساد تفسير أكثر قتامة. جادل المفكرون من أنصار مراجعة التاريخ بأن الحلفاء كانوا مسؤولين عن بدء الحرب هم أيضًا، مثلهم مثل الألمان.

وقالوا إن الصراع قد مكَّن ببساطة مجموعة من الإمبراطوريات الشرهة على حساب أخرى.وكان الشيء الأكثر استحقاقًا للإدانة، كما ادعوا، هو أن حرب واشنطن كانت متجذرة في الجشع والأكاذيب -وأن الولايات المتحدة جرها إلى صراع لا داعي له الممولون، ومصنعو الأسلحة والمصالح الأجنبية. واستطرد نيبور: “كانت الادعاءات الأخلاقية لأبطال الحرب وهمية”.في الواقع، لم تكن الاكتشافات المفترضة عن الحرب العالمية الأولى كما بدت تمامًا. على الرغم من أن أسباب الصراع ستظل محلاً لنزاع لا نهاية له، إلا أنها كانت ترتكز في المقام الأول على التوترات التي خلقتها ألمانيا القوية والاستفزازية.

ولم يكن جشع الشركات هو الذي دفع واشنطن إلى الحرب. بدلاً من ذلك، كانت قضايا مثل حرية البحار والغضب من الفظائع الألمانية هي التي دفعت أميركا إلى دخول المعركة.ولم يكن التدخل الأميركي عديم الجدوى: لقد ساعد على قلب وجهة المد على “الجبهة الغربية” ومنع ألمانيا من تشكيل إمبراطورية قارية تمتد من بحر الشمال إلى القوقاز. ولكن، وسط خيبة الأمل التي زرعتها حرب دموية وسلام غير كامل، ازدهرت المزيد من التفسيرات القاتمة -وأثرت بشكل لا يمحى على سياسة الولايات المتحدة.في العشرينيات من القرن الماضي، كانت الآراء المحبطة عن الحرب الأخيرة هي السبب وراء قرار الولايات المتحدة رفض تقديم التزامات استراتيجية في أوروبا.

وفي الثلاثينيات، شجعت المخاوف من أن “تجار الموت” جروا البلد إلى الحرب على إصدار قوانين صارمة من أجل التزام الحياد، تهدف إلى إبعاد أميركا عن النزاعات المستقبلية. وقام الانعزاليون الرائدون، مثل تشارلز ليندبيرغ Charles Lindbergh والأب تشارلز كوغلين Charles Coughlin، بتوجيه هذا التفسير المشوه للحرب العالمية الأولى عندما جادلوا بأن الأقليات الأنانية والمصالح الغامضة كانت تخطط مرة أخرى لجر الولايات المتحدة إلى الحرب.وجعلت هذه الديناميات من الصعب على الولايات المتحدة أن تفعل أكثر من مجرد المراقبة بينما ينهار النظام العالمي. وتشكل وجهات النظر حول الحروب الماضية بشكل ثابت الكيفيات التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع التهديدات الراهنة.

في حقبة ما بين الحربين العالميتين، حرضت المراجعة التاريخية في الديمقراطية الرائدة في العالم المراجعات الجيوسياسية التي أجراها الاستبداديون المتوحشون.حرب العراق تركت بصمة دائمة على النفسية الأميركية عندما تسير الحروب التي تبدو جيدة بشكل سيئ، غالبًا ما يستنتج الأميركيون أن تلك الحروب كانت غير مجدية أو أنها كانت فاسدة منذ البداية.

ومنذ الغزو الأميركي للعراق، في العام 2003، رأى العديد من المراقبين هذا الصراع كما رأى نيبور ذات مرة الحرب العالمية الأولى.ثمة الآن إجماع من الحزبين على أن الحرب كانت خطأ فادحًا قائمًا على أساس فرضيات خاطئة، وهو ما كانته بالفعل. لكن العديد من النقاد ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك، فروجوا لما لا يمكن تسميته إلا نظريات مؤامرة: أن الحرب كانت من عمل لوبي قوي مؤيد لإسرائيل أو مجموعة شريرة من المحافظين الجدد، وأن الرئيس جورج دبليو بوش كذب عمداً من أجل بيع صراع كان حريصًا على خوضه، أو أن الولايات المتحدة تدخلت بدافع شهوة النفط أو دوافع أخرى خفية.وليست هذه صرخات صاخبة تصدر من هامش مجنون. في العام 2002، في الفترة التي سبقت الغزو، وصف باراك أوباما، سيناتور ولاية إلينوي في ذلك الحين، الصراع القادم بأنه “حرب غبية” مدفوعة بمحاولة إدارة بوش “إلهاء” الأميركيين عن المشاكل الاقتصادية و”فضائح الشركات”.

وكرئيس، وصف دونالد ترامب الغزو بأنه “أسوأ قرار منفرد تم اتخاذه على الإطلاق”، وألقى باللوم على مقاولي الدفاع الجشعين والجنرالات السعداء بتشجيع المغامرات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط.وقدم نقاد آخرون تفسيرات أكثر حكمة لأصول الحرب. ولكن في كثير من الأوساط، ما تزال حرب العراق مرادفًا للخداع وسوء النية.الآن، بعد عشرين عامًا من إطلاق الغزو الأميركي، لم يحجب مرور الوقت حقيقة أن الحرب كانت مأساة ألحقت خسائر فادحة بالولايات المتحدة وخسائر أكبر بالعراق.

وإذا كانت الحرب العالمية الأولى، لدى مراجعتها في وقت لاحق، حربًا تفوقُ فوائدُها بالتأكيد تكاليفها على الولايات المتحدة، فإن حرب العراق كانت حربًا ما كان على واشنطن أن تخوضها أبدًا.ولكن، كما أظهر ملفين ليفلر Melvyn Leffler في كتابه الجديد “مواجهة صدام حسين” Confronting Saddam Hussein، كانت الحرب مأساة يمكن فهمها، ولدت من دوافع شريفة ومخاوف حقيقية.

ويمكن للمرء أن يضيف أنها كانت مأساة أميركية: لم تكن الحرب من عمل أي فصيل ماكر ولكنها حظيت في البداية بدعم واسع النطاق من الحزبين.وأخيرًا، كان العراق مأساة منطوية على مفارقة: فشل الولايات المتحدة في حرب، والذي غالبًا ما يتم تصويره على أنه مثال للغطرسة الأميركية، كان في النهاية نتيجة لـ، أولاً، الكثير من التدخل، ثم بعد ذلك القليل جدًا منه.لن تكون للولايات المتحدة سياسة خارجية سليمة حتى تفهم بشكل صحيح قصتها المحزنة والمعقدة في العراق. والآن، بعد جيل بعد الزحف إلى بغداد، ليس أقل التحديات التي ما تزال ماثلة بشأن حرب العراق هو فهم تاريخها، وبالتالي دروسها، بالشكل الصحيح.

المهمة لم تنجز:لا يمكن لأي مراقب جاد أن يجادل في حكم مبكر واحد على العراق: أنها كانت كارثة. قررت إدارة بوش مواجهة صدام حسين في 2002-2003 للقضاء على ما اعتبرته تهديدًا متزايدًا -وبعد 11 أيلول (سبتمبر)، لا يطاق للأمن الأميركي.وكان الهدف هو الإطاحة بطغيان وحشي كان ينبوعًا للعدوان وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال تدخل وجيز ومنخفض التكلفة. لكن القليل جدًا سار حسب الخطة.أفسح الانتصار على نظام صدام الطريق أمام قيام تمرد مستعر وحرب أهلية مروعة. وقد ارتفعت التكاليف العسكرية والاقتصادية في شكل دوامة صاعدة.بين العامين 2003 و2011، قُتل أكثر من 4.000 جندي أميركي في عمليات مرتبطة بالعراق وأصيب أكثر من 31.000 آخرين.

أما بالنسبة لعدد القتلى العراقيين، فلا أحد يعرف على وجه اليقين، لكن الباحثين قدروا عدد القتلى بين 100 ألف و400 ألف خلال الفترة نفسها.وفي غضون ذلك، انهارت مصداقية المجهود الحربي عندما تبين أن مخزون صدام المشتبه به من أسلحة الدمار الشامل غير موجود في الغالب.وعانت سمعة الولايات المتحدة بشأن الكفاءة من حيث سوء التخطيط وسوء التقدير المتسلسل -الفشل في الاستعداد بشكل مناسب لفراغ السلطة بعد سقوط صدام، ونشر عدد قليل جدًا من القوات لتحقيق الاستقرار في البلاد، وحل الجيش العراقي بطريقة غير حكيمة، والعديد من السقطات الأخرى -مما أفسد الاحتلال اللاحق وغذى الفوضى التي أعقبته.

وبدلاً من تعزيز الموقف الجيوسياسي للولايات المتحدة، أدى الصراع إلى إضعافه في كل مكان تقريبًا.كثفت الحرب دوامة طائفية في العراق وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، بينما حررت إيران ثيوقراطية لتوسيع نفوذها. ومن خلال تحويل العراق إلى مرجل للعنف، أعاد الغزو إحياء تنظيم القاعدة والحركة الجهادية الأوسع التي كانت قد ضُربت بشدة بعد 11 أيلول (سبتمبر).

وتوافد المقاتلون الأجانب على العراق للحصول على فرصة لقتل الجنود الأميركيين. وبمجرد وصولهم إلى هناك، أنشأوا شبكات إرهابية جديدة واكتسبوا خبرات قتالية قيمة.

كما تسببت الحرب في شقاق مؤلم مع حلفاء أوروبيين رئيسيين. واستهلكت الطاقات الأميركية التي ربما كان يمكن استغلالها للتعامل مع مشاكل أخرى، من البرنامج النووي لكوريا الشمالية، إلى سياسة الانتقام الروسية وصعود الصين.

مع ذلك، أصبحت انتقادات الحرب مبالغًا فيها لدرجة أنه قد يكون من الصعب إبقاء حجم الضرر في نصابه الصحيح. بل إن أحد المعلقين البارزين، ديفيد كيلكولن David Kilcullen، اعتبر الحرب مماثلة لغزو هتلر الذي كان محكومًا عليه بالفشل للاتحاد السوفياتي.صحيح أن الخسائر البشرية كانت مذهلة، لكنها بالنسبة للجيش الأميركي بلغت ما يقرب من ربع الوفيات التي عانت منها القوات الأميركية في أكثر الأعوام دموية في حرب فيتنام.

وبمجرد أن تمكنت القوات الأميركية من السيطرة على التمرد في البلد في 2007-2008، أصبح العراق فخًا مميتًا للجهاديين الذين كانوا قد توافدوا إلى هناك.وتم إصلاح الكثير من أسوأ الأضرار التي لحقت بتحالفات الولايات المتحدة في فترة ولاية بوش الثانية أو تجاوزتها ببساطة تحديات جديدة.وبحلول العام 2013، مع خروج القوات الأميركية من العراق، كان الخطأ الفادح في الشرق الأوسط الذي شغل العديد من الدول الأوروبية هو قرار أوباما عدم التدخل في سورية بعد أن استخدم بشار الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه.

وبشكل عام، أثرت حرب العراق على القوة الأميركية، لكنها بالكاد دمرتها. في أوائل العقد الثالث من الألفية، ما تزال الولايات المتحدة اللاعب الاقتصادي والعسكري البارز في العالم، ولديها مشكلة أكبر في إبعاد البلدان عن شبكة تحالفها التي لا مثيل لها أكثر مما لديها في جلبها إليها.كان المكان الذي تركت فيه الحرب في العراق بصمة دائمة هو النفسية الأميركية. فقد أدى تدخل مكلف أسيئت إدارته لفترة طويلة إلى تقويض الثقة المحلية في قوة الولايات المتحدة وقيادتها.

وأثار دعوات إلى الانسحاب وإعادة التخندق -ليس فقط من العراق أو الشرق الأوسط، ولكن أيضًا من العالم جميعًا. بحلول العام 2014، كانت النسبة المئوية للأميركيين الذين يقولون إن على الولايات المتحدة أن “تبقى بعيدة عن الشؤون العالمية” أعلى مما كانت عليه في أي وقت منذ بدء الاستطلاعات حول هذا السؤال.وبحلول العام 2016، العام الذي انتخبت فيه البلاد رئيسًا أعاد إحياء الشعار الانعزالي “أميركا أولاً”، اتفق 57 بالمائة من المشاركين في استطلاع أجراه “مركز بيو للأبحاث” على أن واشنطن يجب أن تهتم بشؤونها الخاصة. كان هذا الأثر من مخلفات حرب العراق هو الأكثر إيلامًا لأنه جعل الولايات المتحدة في حالة خمول استراتيجي بينما كانت المخاطر التي تشكلها القوى العظمى المنافسة في ازدياد.

وإذا كانت فيتنام قد حفزت، كما قال هنري كيسنجر في مذكراته، “هجومًا على سياستنا الخارجية بأكملها بعد الحرب”، فإن التاريخ أصبح يعيد نفسه هنا بالفعل.التراجع في الوقت المناسب الكيفية التي دخلت بها الولايات المتحدة في هذه الفوضى هي موضوع كتاب “مواجهة صدام حسين”. ولا أحد أكثر ملاءمة للإجابة عن هذا السؤال من ليفلر، المؤرخ الدبلوماسي الذي يحظى بإعجاب كبير.وتعد دراسته البارزة للحرب الباردة المبكرة، “التفوق للقوة”، نموذجًا لكيفية انتقاد أخطاء صانعي السياسات، مع الاعتراف بإنجازاتهم وفهم الضغوط الشديدة التي شعروا بها. يتطلب التأريخ الجيد التعاطف -رؤية العالم من خلال عيون الأشخاص حتى عندما يختلف المرء معهم- وعمل ليفلر مليء به

تعد “مواجهة صدام حسين” أكثر دراسة علمية لأصول الحرب جديّة، حيث تعتمد على المقابلات مع صانعي السياسة الرئيسيين والمواد الأرشيفية المحدودة التي تم رفع السرية عنها.

ويهدف ليفلر في دراسته إلى الفهم وليس الإدانة. وأطروحته هي أن حرب العراق كانت مأساة، لكنها مأساة لا يمكن تفسيرها بنظريات المؤامرة أو مزاعم سوء النية. كما يوضح ليفلر، قبل الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، اعتقد المسؤولون الأميركيون أن المشكلة التي يطرحها وجود عراق غير حميد وغير نادم كانت تزداد سوءًا، لكنهم أظهروا القليل من الحس بالإلحاح في معالجتها.

وبعد الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، تزامنت المخاوف طويلة الأمد بشأن برامج أسلحة صدام وعلاقاته بالإرهابيين وميله للعدوان مع ظهور مخاوف جديدة من أن الفشل في التعامل مع المشاكل المزمنة، لا سيما تلك التي تجمع بين أسلحة الدمار الشامل والإرهاب، قد تكون له عواقب وخيمة.ووسط انعدام الأمن الملموس، رفع بوش الأمور إلى ذروتها، أولاً من خلال التهديد بالحرب في محاولة لجعل صدام ينزع سلاحه بشكل يمكن التحقق منه، وبعد ذلك -بعد أن استنتج أن هذه الدبلوماسية القسرية قد فشلت- عن طريق الغزو.

وكتب ليفلر أن “الخوف، والقوة، والغطرسة، أنتجت حرب العراق: الخوف من أن واشنطن لم يعد يمكنها أن تتجاهل الأخطار المحتدمة؛ القوة التي يمكن أن تستخدمها ولايات متحدة لا تُدانى للتعامل مع مثل هذه المخاطر بشكل حاسم؛ الغطرسة التي دفعت بوش إلى التفكير بإنه يمكن إنجاز هذا المسعى بسرعة وبتكلفة زهيدة.

لم يكن كتاب ليفلر تبرئة ولا ذريعة. في الكتاب، كان الخلل البيروقراطي الذي أعاق نقاش البحث قبل الغزو والتنفيذ الكفؤ بعد ذلك قيد العرض.وكذلك حال الفشل في التدقيق في المعلومات الاستخباراتية الضئيلة والافتراضات المعيبة. إن الإحساس بالغاية الذي دفع بوش بعد 11 أيلول (سبتمبر)، إضافة إلى كراهيته الشديدة لصدام -الذي كان، بعد كل شيء، أحد أكبر المذنبين في العصر الحديث- جلب الوضوح الأخلاقي، بقدر ما جلب قصر النظر الاستراتيجي.ويشير ليفلر إلى أن بوش وحليفه المقرب، رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، “كانا يكرهان صدام حسين”، وأن “رؤيتهما لتحديه، وخداعه، وبربريته” شكلت سياساتهما بقوة.

ولكن لا شيء من هذا النقد يشكل أخبارًا في العام 2023، ولذلك، فإن مساهمة ليفلر الحقيقية تكمن في نسف الأساطير الضارة حول أصول الصراع.

تصحيح السجل:إحدى الأساطير هي أن العراق كان قد تم احتواؤه فعليًا حوالي العام 2001، ولذلك، فإن الغزو الذي تلا إنما عالج تحديًا وهميًا متخيلاً. في الحقيقة، بدت مشكلة العراق -كيف يمكنك أن تتعامل مع نظام هزمته واشنطن في حرب الخليج 1990-1991 لكنه ظل يشكل تهديدًا للاستقرار الدولي- حقيقية للغاية.كان صدام قد طرَد مفتشي الأمم المتحدة عن الأسلحة في العام 1998؛ ومع تآكل نظام العقوبات المصاحب، زاد العراق تمويله للمفوضية الصناعية العسكرية بأربعين ضعفًا. وزرع النظام مجموعات إرهابية لا تعد ولا تحصى في الأراضي الفلسطينية، ومصر، ودول أخرى في الشرق الأوسط.وكان صدام قد دمر سرًا مخزوناته من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، ولكنه لم يدمر البنية التحتية لتطويرها. كانت الجهود التي دامت عشر سنوات لاحتواء صدام تستنزف الموارد الأميركية، بينما أصبح الوجود العسكري الأميركي الداعم في المملكة العربية السعودية بمثابة منجم لتعزيز التجنيد لتنظيم القاعدة.

كما عانت صورة الولايات المتحدة العالمية من مزاعم مبالغ فيها بشأن الضرر الذي تلحقه العقوبات الاقتصادية بالمواطنين العراقيين.لقد شكل صدام تهديدًا متناميًا، إن لم يكن وشيكًا. وهذا هو السبب، كما أوضح العالم السياسي فرانك هارفي Frank Harvey، في أن أي إدارة أميركية كانت ستشعر بالضغط لحل مشكلة العراق بعد 11 أيلول (سبتمبر).

وهذا هو السبب أيضًا في أن أي نقد مسؤول للحرب يجب أن يأخذ على محمل الجد مخاطر عدم إزاحة صدام من السلطة -على سبيل المثال، احتمال أنه ربما سيقوم في نهاية المطاف باستخدام القوة ضد جيرانه مرة أخرى أو أن طموحاته ربما كانت للتفاعل بشكل متفجر مع طموحات إيران تتحول إلى نووية.كما يدحض ليفلر أيضاً نظرية “الاندفاع إلى الحرب”، التي تقول إن بوش كان يتطلع إلى غزو العراق قبل 11 أيلول (سبتمبر).

لم يكن أي من كبار صناع السياسة في ذلك الوقت يتصور أي شيء مثل غزو كامل، وكان اهتمام بوش يتجه إلى مكان آخر. وكما كتب ليفلر، فإنه حتى نائب وزير الدفاع في ذلك الحين، بول وولفويتز، الذي فضل جهدًا طويل الأمد لإسقاط نظام صدام، “لم يكن يدعم غزوًا عسكريًا، أو نشر القوات البرية الأميركية” في أوائل العام 2001.وبعد أن زادت أحداث 11 أيلول (سبتمبر) بشكل كبير من حساسية الولايات المتحدة تجاه جميع التهديدات، أصبح بوش مقتنعًا تدريجيًا بالحاجة إلى مواجهة صدام، لكن ذلك لم يحدث إلا في أوائل العام 2003 -بعد أن واصل العراق لعبة القط والفأر مع المفتشين الدوليين، الذين يعاد إدخالهم إلى البلد بسبب الضغط الأميركي- حين خلص بتردد وعلى مضض إلى أن الحرب كانت حتمية.

ولم تكن الحرب من بنات أفكار المحافظين الجدد الأقوياء العاكفين على أجندة متطرفة لتعزيز الديمقراطية. في الحقيقة، أولئك الأقرب إلى مركز القرار -وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، ونائب الرئيس ديك تشيني، وخاصة بوش نفسه، الذي يظهر، عن حق، في كتاب ليفلر باعتباره الفاعل الرئيسي- بالكاد كانوا من المحافظين الجدد.ومن الأفضل وصف رامسفيلد وتشيني بالقوميين المحافظين. وكان بوش نفسه قد خاض حملته الانتخابية ضد مهام بناء الدولة في الخارج، ودعا إلى سياسة خارجية “معتدلة” عند ترشحه لمنصب الرئيس.وكان للمسؤولين الأقرب إلى حركة المحافظين الجدد، مثل وولفويتز، تأثير ضئيل على سياسة العراق. وعندما سعى وولفويتز إلى توجيه تركيز الإدارة على العراق بعد 11 أيلول (سبتمبر) مباشرة، “تجاهل بوش نصيحته ودفعها جانباً”، كما كتب ليفلر. ويجادل بأنه لا يوجد دليل على أن وولفويتز أثر بشكل كبير على رؤية بوش للقضية.

ويضيف ليفلر أن تصوير “رئيس تنفيذي غافل، يسهل التلاعب به من قبل مستشارين من المحافظين الجدد”، هو ببساطة خطأ.صحيح أن الفكرة القائلة إن الدمقرطة في العراق سيكون لها تأثير إقليمي بنّاء كانت دافعًا معززًا للحرب، وواحدًا قلل ليفلر من شأنه؛ لكن بوش لم يتابع فكرة الترويج للديمقراطية لأن المحافظين الجدد أرادوا ذلك -لقد فعل لأن استراتيجية الولايات المتحدة التقليدية لنزع أنياب بلدان الطغيان المهزومة هي تحويلها إلى ديمقراطيات سلمية. (يُتبع)

*هال براندز Hal Brands: باحث أميركي في العلاقات الدولية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وأستاذ هنري أ. كيسنجر البارز للشؤون العالمية في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، وزميل أول وباحث مقيم في معهد أميركان إنتربرايز. عمل مستشارًا مدنيًا في وزارة الدفاع الأميركية من العام 2015 إلى العام 2016.وهو مؤلف مشارك لكتاب “منطقة الخطر: الصراع القادم مع الصين” The Danger Zone: The Coming Conflict With China.

 

8- الذكرى 20 للغزو الأميركي للعراق ..

كيف أصبحت الصين الرابح الأكبر من الحرب؟ محمد المِنشاوي الثلاثاء 21/3/2023

واشنطن ـ خلال الحملة الانتخابية الأميركية عام 2000، انتقد المرشح الرئاسي آنذاك جورج دبليو بوش بشدة فكرة الرئيس بيل كلينتون عن "الشراكة الإستراتيجية" مع الصين، واقترح بدلا من ذلك أن الولايات المتحدة والصين "منافسان إستراتيجيان".وبعد شهرين من بدء حكم جورج بوش، وفي الأول من أبريل/نيسان 2001، اصطدمت طائرة مقاتلة صينية بطائرة استطلاع أميركية من طراز "EP-3" قبالة سواحل الصين، مما أجبر الطيارين الأميركيين على القيام بهبوط اضطراري على الأراضي الصينية.واحتجز الصينيون الطاقم الأميركي 11 يوما، وفتشوا بعناية الطائرة المتطورة قبل تسليمها، واتهمت واشنطن الطيار المقاتل الصيني بالتهور، وطالبت بكين بالاعتذار، وهو ما لم يحدث.

وقد عزز هذا الحادث وجهة نظر إدارة بوش بأن الصين هي الخصم الرئيسي التالي لأميركا، لكن في صباح يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 اختطفت عناصر تنتمي لتنظيم القاعدة 4 طائرات، اصطدمت 3 منها بمركز التجارة العالمي في نيويورك والبنتاغون في فرجينيا، مما أدى إلى مقتل نحو 3 آلاف شخص، ومن ثم تحول انتباه أميركا فجأة وبالكامل إلى "الحرب على الإرهاب" التي كانت من تبعاتها احتلال أفغانستان ومن بعدها العراق.

وانتشر ما يقترب من نصف مليون جندي أميركي في الشرق الأوسط، وتم تنحية التحدي الذي تشكله الصين جانبا لما يقرب من عقدين.مثلت الحرب الأميركية التي شنتها عقب تعرضها لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، والتي غزت على إثرها أفغانستان قبل نهاية العام، ولاحقا العراق في مارس/آذار 2003، علامة فارقة في تاريخ صعود الصين للحاق بالولايات المتحدة، بل منافستها في المجالات التكنولوجية والعسكرية والاقتصادية.

وشهد عام 2001 انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في الوقت الذي استعدت فيه واشنطن لبدء حروبها التي لم تنته بعد. فكان دخول بكين إلى المنظمة التجارية مع العالم واستغلالها رخص الأيدي العاملة الماهرة والضخمة فيها، بجذب ملايين المستثمرين؛ عوامل دفعت الصين لتنطلق وتنجح في تحقيق معدلات نمو متوسطها 8% خلال 20 عاما الماضية.على النقيض، أعلنت الولايات المتحدة "حربها العالمية ضد الإرهاب" التي جرّتها إلى حربين مكلفتين في أفغانستان والعراق، خرجت من الأولى عام 2020 بعد اتفاق مع حركة طالبان، ولا تزال لها قوات في العراق.

وتشير دراسة بحثية مشتركة صدرت عن جامعة "براون" المرموقة إلى وصول تكلفة الحروب منذ هجمات سبتمبر/أيلول حتى نهاية العام المالي 2023 إلى 6.4 تريليونات دولار، فضلا عن التكلفة البشرية ومئات الآلاف من الضحايا الأفغان والعراقيين الأبرياء.وأدرك الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أهمية إنهاء التورط الأميركي والانشغال بالشرق الأوسط والانتباه لمخاطر الصعود الصيني، وتبنّي إستراتيجية "التوجه نحو آسيا" بغرض تحقيق التوازن الإستراتيجي في منطقة المحيطين الهادي والهندي.وسعى أوباما إلى الحد من نشر القوات الأميركية في العراق من أجل تسهيل وزيادة نشر القوات الأميركية في منطقة آسيا والمحيط الهادي لمواجهة الصين عند الحاجة، إلا أن ظهور تنظيم الدولة عرقل هذه التصورات.

قدمت حرب العراق "فرصة إستراتيجية" للصين لتطوير قوتها، بينما كانت واشنطن مشتتة بشدة، ويرى العديد من الإستراتيجيين الصينيين أن حرب واشنطن على الإرهاب وغزوها لأفغانستان والعراق منح الصين عقدين من حرية التركيز على تنميتها دون تحديدها واستهدافها كتحد ذي أولوية للولايات المتحدة.ومثلت حرب العراق استنزافا مؤلما أدى إلى تعثر موارد الولايات المتحدة المادية، فضلا عن تلطيخ مصداقيتها وقيادتها على مستوى العالم، وفي الوقت نفسه تمكنت الصين من الاستفادة من الفرصة لتخصيص وقتها وبناء قوتها بصورة أسرع مما كان يتصوره قادة الصين.

ونقلت حرب العراق قدرا هائلا من القوة العسكرية الأميركية من آسيا إلى الشرق الأوسط، جعل من المستحيل على الولايات المتحدة مضاهاة النمو العسكري الصيني في شرق آسيا.لم تكن الولايات المتحدة لتنتظر ما يقرب من عقدين آخرين لتعريف الصين على أنها التحدي الإستراتيجي الأكثر أهمية والانخراط بقوة فيما يسميه الرئيس جو بايدن الآن "المنافسة الشديدة" مع الصين لو لم تحتل الولايات المتحدة العراق ومن قبلها أفغانستان.

قال وزير الدفاع الأميركي الجنرال لويد أوستن الأسبوع الماضي "إن الصين هي الدولة الوحيدة التي لديها الإرادة المتزايدة والقدرة على إعادة تشكيل منطقتها والنظام الدولي ليناسب تفضيلاتها الاستبدادية، لذا اسمحوا لي أن أكون واضحا: لن ندع ذلك يحدث".وهيمنت مكافحة الإرهاب على إستراتيجية الأمن القومي لواشنطن حتى مجيء الرئيس السابق دونالد ترامب للحكم عام 2016، وبدأت عملية إعادة التقويم في عام 2017، وبحلول عام 2021 عادت منافسة القوى العظمى، بخاصة مع الصين، إلى الظهور واستبدلت مكافحة الإرهاب كأولوية قصوى لواشنطن.

ولم تعرف الصين التورط في أي نزاعات عسكرية منذ انتهاء نزاع حدودي مع فيتنام عام 1979، وإن كانت تتبنى إستراتيجية توسع في بحر جنوب الصين، أجّجت خلافات على الحدود البحرية مع إندونيسيا، والفلبين، وفيتنام، وماليزيا، وتكرر الصين تهديداتها لتايوان بضرورة العودة للوطن الأم إما طوعا أو قسرا لو تطلب الأمر.بعد 20 عاما من الغزو الأميركي للعراق، أصبحت الصين على رأس شركاء بغداد التجاريين بخاصة في مجال الطاقة، وتضاعفت التجارة بين العراق والصين إلى ما يقرب من 70 ضعفا عما كانت عليه قبل الغزو، إذ كانت التجارة بين الدولتين عام 2002 تبلغ قرابة 517 مليون دولار، ووصل حجم التجارة الثنائية بين الدولتين إلى 38 مليار دولار بحلول نهاية عام 2022، في الوقت الذي بلغ فيه إجمالي التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والعراق ما يقرب من 12 مليار دولار العام الماضي.

وفقدت الولايات المتحدة قدرا كبيرا من السلطة الأخلاقية بسبب غزو العراق، وما قامت به واشنطن من احتجاز متهمين دون محاكمة، وقيامها بالتعذيب المباشر أو عن طريق حلفائها، وسهّل ذلك لبكين الرد على الاتهامات الأميركية بانتهاكاتها لحقوق الإنسان بحجة "أننا نفعل ما فعلتموه أنتم من قبلنا".وبعد 20 عاما من غزو العراق، تظهر استطلاعات للرأي أجرتها شبكة "الباروميتر" العربي بجامعة برنستون أن الصين تحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول الأكثر تفضيلا عند العراقيين، حيث عبر أكثر من نصف العراقيين (54%) عن وجهة نظر إيجابية جدا أو إلى حد ما تجاه الصين، في حين نظر ثلث العراقيين فقط (35%) بصورة إيجابية إلى الولايات المتحدة.

ويرى 48% من العراقيين أن سياسات الرئيس الصيني شي جين بينغ كانت جيدة جدا أو جيدة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حين تحصل سياسات الرئيس الأميركي جو بايدن على تفضيل 32% فقط من العراقيين.

المصدر: الجزيرة

 

9- المقاومة التي انطلقت منذ بداية العدوان -الرفيق صالح حسن الدليمي العراق

المقاومة التي نحتفل بعد ايام الذكرى  20 لإنطلاقتها استطاعت وفي وقت قياسي أن تجعل الإحتلال الذي غزا العراق ليبقى وليجعل منه منطلقا لما يسمى " مشروع شرق أوسط جديد" يعيد حساباته فقد أعلنت الإدارة  بقيادة باراك الرئيس السابق والذي زار العراق في كنف السرية مثل زيارات سابقه أنها ستترك العراق هذا الإعلان لم يكن صحوة ضمير أو مراجعة لسياسة الإمبريالية العالمية بل كان نتاجا طبيعيا  لمنطق الربح والخسارة وهو نفس المنطق الذي غادر به الإحتلال البريطاني والفرنسي المنطقة العربية فخسائر الإحتلال المادية والمعنوية وإستماتة المقاومة وتجديدها لآلياتها وعجز العملاء على خلق وجود لهم كلها عوامل جعلته وهو المصدوم من المقاومة يعيد حساباته وينطلق عمليا في سحب قواته التي أصابها الوهن.

فالمقاومة وبفعل إحتكاكها بالشعب وتبني الشعب بكل طوائفه وأقلياته وفئاته لها بل أصبح حاضنها الوحيد في الوقت الذي سعت فيه كل الأنظمة المجاورة الى عزلها وتزكية العملية السياسية المزدوجة بين الإحتلال الأمريكي والصفوي استطاعت أيضا وهي تخوض معركة التحرير أن تضع في إهتماماتها معركة لا تقل أهمية وهي معركة التوحيد توحيد الفصائل المقاومة وتوحيد القوى السياسية الوطنية التي تتبنى مشروع دحر الإحتلال وإعادة بناء العراق الحر الديمقراطي والثوري اللامهادن لكل توجهات الإمبريالية بالمنطقة.

كل هذه التبريرات الواهية والمشاريع التي صاغها الإحتلال استجاب له العملاء  الذين دخلوا الحياة السياسية  خلف الدبابات وحاملات الطائرات معتقدة أن الإحتلال دائم وأنها ستحقق مكاسبها الذاتية التي طالما كان نظام البعث بقيادة الرفيق القائد الشهيد صدام حسين حائلا دونهم ودونها لكن حساباتهم خابت بفعل المقاومة التي انطلقت منذ بداية العدوان وواصلت تصديها للمحتل لليوم متشبثة بمشروع تحرير العراق وتصفية كل اللذين تآمروا على العراق وشعبه.

هذه المعركة  معركة التوحيد هي أهم معركة وأهم تحدي أمام المقاومة خاصة وأن الهدف منها هو تحصين الجبهة الداخلية ووضع حد لكل المشاريع التي تستهدف العراق خاصة مشروع طمس هوية العراق العربية وتقسيمه ونهب ثرواته وتقزيم دوره الإقليمي الذي كان يضطلع به.

ومثلما خلقت اصطفافا سياسيا وشعبيا حول معركة التحرير استطاعت أيضا أن تخلق اصطفافا أوسع وأشمل حول معركة التوحيد وهي بذلك تأكد ما أعلنته في منهاجها السياسي الإستراتيجي الذي صاغته مع بداية العمليات القتالية ضد المحتل وتنفذ وعدها الذي قطعته لشعب العراق ولكل الشهداء الذين سقطوا في معركة الكرامة وعلى رأسهم الرفيق القائد الشهيد صدام حسين.

وهذا ليس بالغريب على العراق وشعبه  فبغداد عبر تاريخها أثبتت أنها مدينة ترفض السقوط وأن شموخها يتعالى كنخيلها  فهي العروس العربية التي ترفض أن تزف بغير زغاريد ولعلعة الرصاص وأنها السيف العربي الذي ما أعيد الى غمده.لقد حسم العراقيون الأشاوس وفي طليعتهم رجال المقاومة الأبطال بقيادة المجاهد المرحوم عزة إبراهيم الصفحة الأولى من حربهم وجهادهم المقدس لتحرير العراق من الغزاة الأمريكان الذين انسحبوا عسكرياً مهزومين مدحورين بعد ان تكبدوا خسائر بشرية ومادية فادحة خلال ملحمة بطولية دامت تسع سنوات قدم فيها أبناء شعبنا العراقي الأبي وفي طليعتهم المناضلون البعثيون قوافل من الشهداء والتضحيات السخية يتقدمهم شهيد الحزب والأمة الرئيس صدام حسين وعدد من رفاقه في القيادة.

وبعد ان حققوا هذا الإنجاز التاريخي نيابة عن الأمة العربية والإنسانية بهزيمة جيش القطب الأوحد ها هم يتصدون الآن لما تبقى من ذيول الأمريكان بأوجهها وأغطيتها المختلفة وللوجود الإيراني العنصري الفارسي والطائفي الذي أوكلت له أمريكا مهمة استكمال المشروع الإمبريالي الصهيوني لتدمير العراق وتفتيته بعد أن هيأت له كل مستلزمات ذلك سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، وأوكلت له إدارة ما يسمى بالعملية السياسية الاستخباراتية.

ونحن على يقين ثابت من أن الانتصار الذي تحقق بهزيمة المحتلين عسكرياً سيُكّلل بهزيمة مشروعهم الإمبريالي الصهيوني الإيراني وسيعود العراق موحداً معافى ليستأنف دوره الوطني والقومي.

 

10- يوم إستباح البرابرة ارض الوطن الرفيق غياث الشبيبي- العراق

إزدحم تأريخ أمريكا طيلة المراحل ومنذ تأسيسها عام   1776بأنتهاكات دموية  وسياسة معادية للشعوب وممارسات مخالفة للاعراف والقوانين وللشرعية الدولية ,ورغم تعرض أمريكا إلى إنتقادات بسبب سياستها المتبعة والى نكسات عسكرية في الكثير من الجبهات منها فيتنام عام 1965 وغيرها لكنها لم تغير من سلوكيتها المرفوضة ونهجها المعادي وخطها المسلكي الذي يبحث عن إراقة الدماء والإتجاهات المدمرة والمنافية لطموحات الشعوب ونهضة أوطانها

بصراحة ليس ضروريا الخوض بنوعية السياسة الامريكية التي كانت ولازالت  سياسة ذات إتجاهات عديدة ومتنوعة منها البحث عن منافعها ومصالحها ,لكنها لاتنكر ان سياستها موجهة لجميع الدول والقوى الطليعية ذات الثقل السياسي المعبر عن طموحات الشعوب  ورغبتها وأوطانها في النهضة والتقدم ..وبما ان العراق كان  رائد للحركة الثورية لعب دورا رياديا بدعمها وتضامن مع حقوقها في الحرية والاستقلال  ومع القضية العربية المركزية وشعبها المناضل  ونضاله ضد الصهيونية  وضد أبعاده التوسعية من اجل التحرير أثارت تلك المواقف الوطنية والقومية للقيادة في العراق مخاوف أمريكا من ثقله العسكري وإمكانياته الاقتصادية وطاقاته البشرية وإتجهت أمريكا كعادتها لتعطيل دور العراق الريادي الوطني القومي لمخاوفها من المد الجماهيري الذي إستطاع العراق بنضال شعبه وقيادته الوطنية القومية تعبئة الخندق المجابه للقوى المعادية .

ورغم المحاولات المتكرر من قبل الادارة الامريكية والكيان الصهيوني وعملائها حتى في الداخل  إستنزاف إمكانيات العراق وطاقاته وقدراته العسكرية لكنها لم تفلح  بسبب القوى الجماهيرية التي وقفت خلف قيادتها الطليعية وأسقطت الكثير من المحاولات التي إستهدفت مسيرة الثورة وأهدافها ثورة 17 تموز المجيدة بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي

وبما أن جميع المحاولات بائت بالفشل ومع إنتخاب جورج دبليو بوش رئيسا للادارة الامريكية عام 2000 ومعاداة بوش للدول التي تناقضت مواقفها مع الادارة الامريكية تحركت الولايات المتحدة الامريكية  نحو سياسة أكثر عدوانية اتجاه العراق كما بحثت الادارة الامريكية عن الثأر للكيان الصهيوني بسبب موقف العراق من القضية المركزية القضية الفلسطينية ومدها بالدعم المادي وحتى المعنوي طوال المراحل رأت الادارة الامريكي فرصة إتهام العراق بأسلحة الدمار الشامل والديمقراطية المزيفه لاجتياح العراق وغزوه واحتلاله لتنفيذ مآربها وأهدافها الشريرة وتنفيذا لرغبة الكيان الصهيوني للتخلص من أكبر عدو لها

وبتاريخ 19/3/2003 بدأت أمريكا تحريك أساطيلها مدعومة بإستراتيجية إعلامية فاشية لتعبئة القوى المعادية للوطن وتنفيذا للرغبة الامريكية بالتحرك باستباحة الوطن غزوا وإحتلالا وتدميرا وقواتها المتجمعة لتبدأ جريمتها  الكبرى التي إقترفتها حيث عززت من قواتها الجوية في ذلك اليوم المشئوم لتكثف من قصفها الاجرامي مستهدفة تدمير البنية التحتية للوطن لكي تبرهن على حقدها الدفين وكراهيتها للعراق وللامة ولشعوبها المناضلة وتأريخ تلك الفعلة الشنيعة وقبل 20 عاما على إرتكابها سيبقى عالق بالاذهان . وجريمة من جرائم العصر ترتكبها أمريكا  في 19/3/2003 ومن صف صفها حيث ستتحدث عنه الاجيال وأجيالها أضافة الى جريمة ملجأ العامرية البشعة والدموية في 13/2/1991

في الحقيقة لقد كشف ذلك التأريخ ليس حقيقة أمريكا برمتها فحسب , وإنما  كشف كذب أمريكا وعدم مصداقيتها ذلك النهج الفاسد الذي يكرر نفسه كنهج إجرامي وبهذا التأريخ 19/3/2003 إستطاعت شمس الوطن  ومرة أخرى أن تكشف حقيقة البرابرة وأبعادهم ونواياهم  وأطماعهم , حقيقة أمريكا والقوات المشتركة من المملكة المتحدة وإستراليا وبولاندا وتجديد تجاسرها على الوطن عرين الأمة وأملها وقلعتها الصامدة لتستبيح ارض الامة حاملة معها الكثير من نماذج المسلكية التخريبية والدمار والتقتيل وإراقة الدماء لتقويض دور العراق الريادي  ودوره الطليعي وتحطيم خندقه المواجه للقوى الطامعة وشل الحركة الجماهيرية العربية التي قادها البعث العظيم سياسيا وعسكريا وتنظيميا بغرض الثأر للكيان الصهيوني الذي تلقى ضربات من العراق الشامخ لم يتلاقاها منذ زراعته بقلب الأمة عام 1948 وفوق الأرض العربية وإغتصاب فلسطين

نحن لانبحث عن أسباب العدوان الذي إستهدف الوطن بغزوه وإحتلاله وإستباحت ارضه لانها واضحة للعالم باسره , أو طبيعة أمريكا السياسية والمآرب التي تسعى اليها والأهداف التي تبحث عنها  وممارستها  وإنتهاكاتها بحق الشعوب والأمم وأفعالها الدنيئة التي عبرت بها عن إتجاهاتها البربرية وعدوانها الهمجي ضد الوطن وفعلتها الدنيئة بتدمير الوطن والذي أصبح يأن من جراح الفوضى والاقتتال والتناحر ,ومن تبادل التهاني بإحتلال الوطن في ذلك الوقت بدأ مراجعة رؤيته ووجهة نظره بعد أن إتضحت له أهداف وأبعاد الغزو والاحتلال وما آلت اليه الاحداث الدامية المستمرة التي قد تطاله , والعراق الذي وقف بالامس مدافعا عن البوابة الشرقية لابد وأ يستعيد سيادته ليستعيد دوره الطليعي لأنه وقف وفي جميع المراحل مدافعا عن قيم الامة وكرامتها وضحى في سبيلها ..والمثلث الفاشي المتمثل بالادارة الامريكية والكيان الصهيوني والنظام الايراني المجوسي قلوبهم تنبض مثلما تنبض قلوب الافاعي ونواياهم نوايا العقارب لايمكن الوثوق بها  لانهم أعداء الامة الحاقدين على  شعوبها.

 

11- ماذا قال زلماي خليل زادة عن الدور الايراني في غزو العراق؟

في ذكرى الغزو الاسود * جوانب خفية * نشر زلماي خليل زاد , احد اعمدة السياسة الخارجية الامريكية  المخزية , كتابه (المبعوث Envoy) , مذكرات حول غزو العراق. * يذكر خليل زاد , ان فترة ما قبل الغزو الامريكي شهدت تنسيقا عاليا بين الامريكان والايرانيين. وكان ممثل ايران في الامم المتحدة: محمد جواد ظريف , هو الذي يمثل ايران في التنسيق. قبل الغزو بشهر جاء بطلبات الحكومة الايرانية وهي: * تكون الطبقة السياسية الجديدة في العراق هم من عراقيي المنفى حصرا , وعدم قبول اي عراقي من الداخل. * العمل على اجتثاث حزب البعث واخراجه من الخدمة وفصل البعثيين من الوظائف. * يذكر خليل زاد , ان ايران بعد سقوط صدام فورا , قامت بتشكيل ميليشيات , ودعم منظمة بدر وجيش المهدي. وقامت بتوجيه الميليشيات بقتل الضباط والطيارين القدماء , وتولت الميلشيات مهمة القضاء على العلماء والاساتذة والكفاءات. * ايران لعبت لعبة قذرة , بالتضحية بالشيعة العرب من اجل مصالحها , واطلقت افراد منظمة القاعدة الموجودين على اراضيها وادخلتهم الى العراق للفتك بالشيعة اولا .  * ايران كانت حريصة على نشر الفوضي بالعراق. واميركا كانت تتجنب الصدام مع ايران لكي لا تخسر اكثر. *

 

مقالات

1- "فورين أفيرز": لماذا تظل أميركا عالقة بالأحلام الزائفة للهيمنة الولايات المتحدة الأميركية

بقلم أندري ج. باسيفيتش واشنطن28 شباط/2023

إذا كان لدى أميركا نحو 50 مليار دولار إضافية (المبلغ الذي خصصه الكونغرس لمساعدة أوكرانيا حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2022)، فيجب أن تستخدم هذه الأموال للتخفيف من تغيّر المناخ، أو معالجة أزمة الحدود، أو تخفيف معاناة الطبقة العاملة الأميركية.

كتب البروفسور أندري ج. باسيفيتش، أستاذ العلاقات الدولية والتاريخ في جامعة بوسطن ورئيس مجلس إدارة معهد كونيسي البحثي، مقالة مطولة في مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تناول فيها الأحلام الزائفة للهيمنة التي لا يزال الأميركيون مخدوعين فيها.وقال الكاتب إن الحرب العالمية الثانية ظلت بالنسبة لمعظم الأميركيين المصدر الرسمي للذاكرة ذات الصلة بالهيمنة الأميركية وكانت الحرب الباردة تتمة لذلك من نوع ما. فكما هزمت القيادة الأميركية في الحرب العالمية الثانية الرايخ الثالث وإمبراطورية اليابان، فإن واشنطن قلبت التهديد السوفياتي وضمنت بقاء الحرية كذلك. مع اندماج الحدثين في المخيلة الجماعية للبلاد، أسفر ذلك عن درس أساسي: أصبحت قيادة الولايات المتحدة للعالم مدعومة بقوة عسكرية متفوقة ضرورة جازمة.

وأشار الكاتب إلى أن انتصار عام 1945 قد أثبت أنه مصدر أوهام. ففي ستينيات القرن العشرين، بدت الحرب المكلفة والمثيرة للانقسام في فيتنام وكأنها حطمت تلك الأوهام. أعاد انهيار الشيوعية في نهاية ثمانينيات القرن الماضي إحياءها مؤقتاً. لقد كشفت المغامرات الفاسدة التي أعقبت هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، والتي قامت بها واشنطن في متابعة "حربها العالمية على الإرهاب"، مجدداً مزاعم التفوق العسكري للولايات المتحدة على أنها خادعة. فقد كان من المفترض أن تكون النتائج المخيبة للآمال للحروب المطولة في أفغانستان والعراق بمثابة دعوة للاستيقاظ مماثلة لتلك التي مرت بها المملكة المتحدة في عام 1956، بعد أن دبرت الحكومة البريطانية تدخلاً لإعادة تأكيد سيطرتها على قناة السويس، وعلى نطاق أوسع ووضع الرئيس المصري جمال عبد الناصر عند حده. أسفرت الكارثة التي أعقبت ذلك عن إذلال واحد كلف رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن وظيفته. وصف منافس إيدن، زعيم حزب العمال البريطاني هيو جيتسكيل، عملية السويس بأنها "عمل من أعمال الحماقة الكارثية" التي "أضرّت بشكل لا يمكن إصلاحه بهيبة وسمعة بلدنا". عارض قلة من المراقبين هذا الحكم. أجبرت الأزمة البريطانيين على الاعتراف بأن مشروعهم الإمبراطوري قد وصل إلى طريق مسدود. الطريقة القديمة لفعل الأشياء - ضرب الأشخاص الأضعف في صف الانتظار - لم تعد تعمل.

لحظة السويس:ورأى الباحث أن العقدين الماضيين ربما كانا بمثابة "لحظة السويس" الممتدة للولايات المتحدة. لكن مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية رفضت المضي قدماً، متشبثة بأسطورة أن ما يحتاجه العالم هو المزيد من القوة العسكرية الأميركية. لم يمنع الفشل في العراق واشنطن من مضاعفة "حربها الجيدة" في أفغانستان - وهو عمل متسرع بلغ ذروته بانسحاب فوضوي ومهين في عام 2021. كان من الممكن أن يكون هذا المشهد مناسبة لإعلان نهاية العصر الذي حددته الحرب العالمية الثانية، والحرب الباردة، والتطلعات التي أوجدتها. ولكن، بفضل جزء ليس بصغير، من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سرعان ما مرت اللحظة. أعاد التدخل الروسي في أوكرانيا إحياء تقليد ما بعد الحرب المتمثل في استعراض العضلات الأميركية. الحرب الأفغانية، وهي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، قد اختفت من الذاكرة، وكذلك الحرب الكارثية المختارة التي شنّتها واشنطن قبل 20 عاماً في العراق. وكنتيجة جزئية، يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية مستعدة لمواصلة ارتكاب نفس الأخطاء التي أدت إلى تلك الكوارث، وكلها تبرر بالالتزامات الظاهرة للقيادة العالمية. قد تقدم الحرب في أوكرانيا فرصة أخيرة لواشنطن لتتعلم درساً على غرار ما حدث في قناة السويس، ومن دون أن تتعرض للهزيمة. حتى الآن، كانت سياسة الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا واقعية ومنضبطة. لكن الرئيس الأميركي جو بايدن وفريقه يتحدثون بشكل روتيني عن الحرب بطرق توحي برؤية أيديولوجية ومتهورة للقوة الأميركية قد عفا عليها الزمن. إن مواءمة الموقف الخطابي لإدارة بايدن مع التقييم الرصين للمخاطر الحقيقية التي تنطوي عليها أوكرانيا قد يسمح لبايدن بفطم المؤسسة عن هوسها بالهيمنة. إن البرهنة على أن الأميركيين لا يحتاجون إلى دور بلادهم في العالم، وشرحها لهم بأسلوب رواية قصة للأطفال قبل النوم ستكون بمثابة مكافأة. يكمن الخطر في أن العكس قد يحدث: قد يؤدي تأطير بايدن لأوكرانيا على أنها بوتقة لعصر جديد من الهيمنة الأميركية المدعومة عسكرياً إلى تقييده، وسياسة إدارته المدروسة بعناية قد تشبه إلى حد كبير خطابه المتصاعد وغير المدروس. وهذا بدوره سيؤدي إلى حساب مختلف كلياً وأكثر كارثية.

يضيف الباحث أن النفوذ الذي يمارسه جهاز الأمن القومي الأميركي المترامي الأطراف يفسّر جزئياً سبب استمرار هذه العقلية. في هذا الصدد، فإن التحذير الشهير الذي تم نقله في خطاب وداع الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور في كانون الثاني/يناير 1961 لم يفقد أياً من أهميته. في ذلك الخطاب، حذر أيزنهاور من "الصعود الكارثي للقوة في غير محلها" في أيدي "المجمع الصناعي العسكري". كما اقترح حلاً: "وجود مواطنين متيقظين ومطلعين" لإبقاء "آلية الدفاع الصناعية والعسكرية الضخمة في البلاد" تحت السيطرة "حتى يزدهر الأمن والحرية معاً". لكن أمله كان في غير محله. في الأمور المتعلقة بالأمن القومي، أثبت الأميركيون أنهم أكثر لامبالاة من كونهم يقظين. لا يزال العديد من الأميركيين يقدسون أيزنهاور. لكن ليس رئيس عام 1961 هو الذي يميلون إليه للبحث عن الإلهام ولكنه الجنرال عام 1945 هو الذي ضمن الاستسلام غير المشروط للرايخ الثالث.

إن التعبير الأكثر موثوقية عن النظرة العالمية لما بعد الحرب - حجر رشيد في فن الحكم الأمريكي في الحرب الباردة - هو ورقة مجلس الأمن القومي المعنونة NSC-68، وهي وثيقة سرية للغاية تمت صياغتها في عام 1950 من قبل فريق تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأميركية، بقيادة بول نيتز في ذلك الوقت.منح الانتصار في الحرب العالمية الثانية معنى جديداً للهدف في سياسة الولايات المتحدة، والتي تم تدوينها لاحقاً في ورقة مجلس الأمن القومي المعنونة NSC-68. لكنه فرض أيضاً قيوداً. كما كتب الباحث ديفيد برومويتش أخيراً، فإن "الحرب العالمية الثانية هي الصورة التي أسرتنا". من نواحٍ مهمة، تركز قصة سياسة الأمن القومي للولايات المتحدة على مدى العقود السبعة الماضية على محاولة الحفاظ على تلك الصورة وتحديثها. كان الهدف الأسمى هو هندسة انتصار آخر من هذا القبيل، وبالتالي توفير الأمن والازدهار والإذعان والامتياز، أو على نطاق أوسع إدارة العالم وفقاً للشروط الأميركية، وهي هيمنة تبررها مهمة مخصصة لنشر الحرية والديمقراطية.

نهاية التاريخ؟ وقال الكاتب إنه للحظة قصيرة، بدا أن سقوط جدار برلين، وما تلاه من انهيار الشيوعية وانتصار الولايات المتحدة في حرب الخليج 1990-1991، قد جعلا هذا العالم في متناول اليد. كانت هذه انتصارات، مجتمعة، يمكن مقارنتها في نطاقها بنطاق عام 1945. أدت "نهاية التاريخ" المزعومة إلى نظام أحادي القطبية تتولى زمام الأمور فيه قوة عظمى وحيدة باعتبارها "الأمة التي يُستغنى عنها" في العالم. اليوم، تندرج مثل هذه العبارات في نفس فئة "عبء الرجل الأبيض" و"الحرب لإنهاء كل الحروب": لا يمكن استخدامها إلا بشكل ساخر. ومع ذلك، فهي تعكس بدقة الثمالة التي أصابت النخب السياسية الأميركية بعد عام 1989. "لم يحدث إطلاقاً أن بلداً مكرساً بشكل مفترض للقضايا النبيلة قد خلق أو عزز الفوضى أكثر مما فعلته الولايات المتحدة في أعقاب الحرب الباردة، حيث شرعت في ضرب الأشرار في كل مكان"، يضيف الكاتب.

وتابع: استمر هراء واشنطن الذي تغذيه الأيديولوجيا حتى عام 2016، عندما قلب دونالد ترامب السياسة الأميركية رأساً على عقب. كمرشح للرئاسة، تعهد ترامب برسم مسار مختلف، مسار يضع "أميركا أولاً". كانت تلك العبارة التي تبدو حميدة ذات دلالات متفجرة، حيث عادت إلى المعارضة الشعبية واسعة النطاق للتدخل الأميركي نيابة عن المملكة المتحدة وهي تقاوم العدوان النازي. لم يكن ترامب يعِد ببساطة بسياسة خارجية أقل عدوانية. سواء كان يعلم أم لا، كان يهدد بالتخلي عن "الأسس الأخلاقية" لفن الحكم الأميركي في فترة ما بعد الحرب.كانت دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) "لا تدفع نصيبها العادل" وكانت "تمزق الولايات المتحدة"، كما اشتكى ترامب خلال خطاب صاخب في تجمع لحملته عام 2016. "إما أن يدفعوا ثمن النواقص السابقة أو عليهم الخروج. وإذا حطم الناتو، فإنه يحطم الناتو". عاد إلى هذا الموضوع مراراً، بما في ذلك في خطاب تنصيبه. أعلن ترامب: "لقد دافعنا عن حدود الدول الأخرى بينما رفضنا الدفاع عن حدودنا، وأنفقنا تريليونات وتريليونات من الدولارات في الخارج، بينما تدهورت البنية التحتية الأميركية. لقد جعلنا دولاً أخرى غنية بينما تبددت ثروة وقوة وثقة بلدنا في الأفق". وقد تعهد ترامب قائلاً: "من هذا اليوم فصاعداً، ستكون فقط "أميركا أولاً".

هرطقات ترامب: أدت مثل هذه الهرطقات إلى انهيار لم تتعافَ منه مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية بالكامل بعد. بطبيعة الحال، فإن كذب ترامب وجهله بالتاريخ جعلتا من الصعب معرفة ما إذا كان قد فهم حتى ما تعنيه عبارة "أميركا أولاً". وحتى لو عرف ذلك، فإن عدم كفاءته المذهلة وقصر مدى انتباهه سمحا للوضع الراهن بالاستمرار. خلال فترة رئاسة ترامب، استمرت الحرب التي لا نهاية لها والتي بدأت بعد 11 أيلول/سبتمبر. بقيت التحالفات على حالها. مع تعديلات طفيفة، كذلك بقي الوجود العسكري للبلاد في الخارج. في الداخل، ازدهر المجمع الصناعي العسكري. استمر التحديث المكلف لقدرات الضربة النووية الأميركية، لكنه جذب الحد الأدنى من الاهتمام. بشكل عام، نجت أساسيات نموذج ورقة مجلس الأمن القومي المعنونة NSC-68، وكذلك الاقتناع بأن الحرب العالمية الثانية احتفظت بطريقة ما بأهميتها كمعيار للسياسة. ظل مصطلح "الانعزالي" صفة تُلقى على أي شخص لا يدعم الاستخدام النشط لقوة الولايات المتحدة في الخارج لعلاج أمراض العالم.

ولكن حتى مع بقاء تفكير المؤسسة حول دور الولايات المتحدة في العالم غارقة في الماضي، كان العالم نفسه يمر بتغيرات عميقة. وهنا تكمن المفارقة المركزية لرئاسة ترامب: أدى تعهد ترامب بالتخلي عن نموذج ما بعد الحرب إلى قيام المؤسسة بالالتفاف وشن دفاع مفعم بالحيوية عن ورقة مجلس الأمن القومي NSC-68، حتى في الوقت الذي واجهت فيه الولايات المتحدة موجة متصاعدة من المشكلات التي تواجهها كان هذا الإطار غير ذي صلة. القائمة طويلة: صعود الصين، وأزمة مناخية متزايدة، وفقدان السيطرة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وتبخر فرص الطبقة العاملة، والوفيات المتصاعدة المتعلقة بالمخدرات، ووباء كورونا الشديد، والاضطراب المحلي الناجم عن الاستقطاب على مستويات عرقية وإثنية واجتماعية-اقتصادية وحزبية ودينية. غذّت هذه الانقسامات انتخاب ترامب في عام 2016، وسمحت له بالفوز بعدد أكبر من الأصوات في حملته الخاسرة لإعادة انتخابه عام 2020، وجعلت جهوده ممكنة لمنع الانتقال السلمي للسلطة والإطاحة بالنظام الدستوري في أعقاب هزيمته.

صانعو الأساطير:قال الكاتب إن هذه الإخفاقات وأوجه القصور المتتالية وقصور رؤية قوة الولايات المتحدة على مواجهتها تبشّر بلحظة السويس. بدلاً من ذلك، في تاريخ فن الحكم في الولايات المتحدة، مثلت رئاسة بايدن نقطة تحول عندما لم تتغير الأمور. في منتصف فترة ولاية بايدن، أصبحت الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة غارقة في مجموعة متشابكة من التناقضات غير المعترف بها. أبرزها إصرار واشنطن على أن الولايات المتحدة يجب أن تحافظ على النموذج المقدس للقيادة العالمية العسكرية حتى مع تضاؤل أهمية هذا النموذج، وتضاؤل الموارد المتاحة لمتابعته، وانخفاض آفاق الحفاظ على المكانة المتميزة للبلاد في النظام الدولي. ومع ذلك، تصر مؤسسة السياسة الخارجية على أنه لا يوجد بديل يمكن تصوره للقيادة الأميركية العسكرية، مشيرة قبل كل شيء إلى "الغزو" الروسي لأوكرانيا لإثبات حجتها.

الحرب في أوكرانيا:من وجهة النظر هذه، فإن الحرب في أوكرانيا تعيد تأكيد إطار ورقة "مجلس الأمن القومي  NSC 68". لكن الجيش الروسي ليس الجيش الأحمر (السوفياتي) ولا حتى قريباً منه. ما لم يختَر بوتين استخدام الأسلحة النووية، وهو سيناريو غير مرجح، فإن روسيا تشكل تهديداً ضئيلاً لأمن الولايات المتحدة ورفاهيتها. إن الجيش الروسي الذي لا يستطيع حتى الوصول إلى كييف لا يشكل خطراً كبيراً على برلين أو لندن أو باريس، ناهيك عن مدينة نيويورك. إن عدم الكفاءة الذي أظهره الجيش الروسي يعزز الحجة القائلة بأن الديمقراطيات الأوروبية، إذا بذلت الجهود، ستكون أكثر من قادرة على توفير الأمن الخاص بها. باختصار، بالنسبة لواشنطن، كان ينبغي للحرب أن تعزز الحجة لتصنيف روسيا على أنها مشكلة طرف آخر. إذا كان لدى الولايات المتحدة نحو 50 مليار دولار احتياطية (المبلغ الذي خصصه الكونغرس لمساعدة أوكرانيا بين شباط/فبراير 2022 وتشرين الثاني/نوفمبر 2022)، فيجب أن تستخدم هذه الأموال للتخفيف من تغيّر المناخ، أو معالجة أزمة الحدود، أو تخفيف معاناة الطبقة العاملة والمهام الحيوية الأميركية التي تتعامل معها إدارة بايدن بإلحاح أقل بكثير من تسليح أوكرانيا.

وأضاف الكاتب: تحدث بايدن عن الحرب في أوكرانيا بعبارات كاسحة تعكس خطاب العصور السابقة. ردد في خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه بعد نحو أسبوع من تدخل روسيا في أوكرانيا، في شباط/فبراير:  "حان الوقت الآن: لحظة مسؤوليتنا، اختبارنا لعزمنا وضمير التاريخ نفسه. وسننقذ الديمقراطية". يبدو أن مثل هذه اللحظة ومثل هذه المهمة لا تتطلبان فقط إظهار الالتزام والعزم ولكن كذلك تقديم التضحيات والاختيارات الصعبة. لكن جهود الولايات المتحدة في أوكرانيا لم تتطلب هذه الأشياء. إنها حرب بالوكالة، وقد تعهد بايدن بحكمة أنه على الرغم من المخاطر الوجودية المزعومة للديمقراطية، فلن تقاتل أي قوات أميركية نيابة عن أوكرانيا. بالعودة إلى إطار  ورقة مجلس الأمن القومي NSC-68، خلقت خطابات الإدارة، المصحوبة بسيل لا نهاية له من التعليقات الإعلامية، انطباعًا بأن حرب أوكرانيا قد استدعت الولايات المتحدة مرة أخرى للاستيلاء على مقود التاريخ وتوجيه البشرية نحو وجهتها المقصودة. لكن هذا هو بالضبط نوع الغطرسة الذي أدى بالبلاد إلى الضلال مراراً وتكراراً.

ورأى الباحث الأميركي أنه من الصعب تخيّل فرصة أفضل لتجاوز هذا الموقف الذي يرضي الذات وإيجاد طريقة أكثر مسؤولية للتحدث عن دور الولايات المتحدة في العالم وفهمه، ولكن يبدو أن بايدن مصمم على تفويت الفرصة. ضعوا في اعتباركم هذا المقطع من استراتيجية الأمن القومي للإدارة الأميركية لعام 2022: "في جميع أنحاء العالم، إن الحاجة إلى القيادة الأميركية كبيرة كما كانت في أي وقت مضى. نحن في خضم منافسة استراتيجية لتشكيل مستقبل النظام الدولي. وفي الوقت نفسه، فإن التحديات المشتركة التي تؤثر على الناس في كل مكان تتطلب تعاوناً عالمياً متزايداً وتضطلع الدول بمسؤولياتها في وقت أصبح فيه ذلك أكثر صعوبة. رداً على ذلك، ستقود الولايات المتحدة (العالم) بقيمنا، وسنعمل على قدم وساق مع حلفائنا وشركائنا ومع جميع أولئك الذين يشاركوننا مصالحنا. لن نترك مستقبلنا عرضة لأهواء أولئك الذين لا يشاركوننا رؤيتنا لعالم حر ومنفتح ومزدهر وآمن".

وأضاف الكاتب: تقدم خلطة الكلمات هذه شيئاً للجميع ولكنها خالية من الخصوصية ولا يمكن أن تكون بمثابة أساس لسياسة متماسكة. يتم تسويقها على أنها بيان استراتيجية، وبدلاً من ذلك تشهد على غياب الاستراتيجية.

طريقة كينان:بحسب الكاتب، ما تحتاجه الولايات المتحدة اليوم هو بيان واضح للغرض الاستراتيجي الذي سيحل محل نموذج ورقة مجلس الأمن القومي NSC-68.. كان هذا البديل متاحاً منذ الأيام الصعبة التي أعقبت انتصار الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، لكن لم يلاحظه أحد. في عام 1948، في بداية الحرب الباردة، اقترح جورج كينان، مدير لتخطيط السياسات، مقاربة لقياس نجاح السياسة الأميركية التي كانت خالية من الأوهام الأيديولوجية. في إشارة إلى أن الولايات المتحدة في تلك اللحظة كانت تمتلك "حوالى 50٪ من ثروة العالم ولكن فقط 6.3٪ من سكانها"، اقترح أن المهمة المقبلة كانت "ابتكار نمط من العلاقات يسمح لنا بالحفاظ على هذا الموقف من التفاوت من دون إلحاق ضرر بأمننا القومي".

كان الهدف هو الحفاظ على سلامة الأميركيين مع الحفاظ على الوفرة المادية التي جعلت الولايات المتحدة موضع حسد العالم وبل تعزيزها. تحقيق هذا الهدف، وفقاً لكينان، سيتطلب من الولايات المتحدة "الاستغناء عن كل المشاعر والأحلام اليومية" والتركيز "على أهدافنا الوطنية المباشرة". كتب كينان أن الدولة لا تستطيع تحمل "رفاهية الإيثار وإحسان العالم".حددت مذكرة كينان الطويلة بتفصيل كبير كيف ينبغي للولايات المتحدة أن تتعامل مع مشاكل عالم ما بعد الحرب. هذا العالم لم يعد موجوداً. لذلك ليست تفاصيل تحليله هي التي يجب أن تجذب الانتباه اليوم ولكن الروح التي تغذّيها: الواقعية والرصانة وتقدير الحدود، جنباً إلى جنب مع التركيز على العزيمة والانضباط وما أسماه كينان "اقتصاد الجهد". في عام 1948، كان كينان يخشى أن يستسلم الأميركيون "للمفاهيم الرومانسية والعالمية" التي ظهرت خلال الحرب الأخيرة. كان محقاً في قلقه.

منذ عام 1948، تضاءل التفاوت الاقتصادي الذي أشار إليه كينان. ومع ذلك، فإنه لم يختفِ: اليوم، تمثل الولايات المتحدة ما يزيد قليلاً عن أربعة في المائة من سكان العالم ولكنها لا تزال تمتلك حوالى 30 في المائة من ثروة العالم. وداخل البلاد، تغير توزيع تلك الثروة بشكل كبير. في عام 1950، كان أغنى 0.1 في المائة من الأميركيين يسيطرون على حوالى 10 في المائة من ثروة البلاد. اليوم، يسيطرون على نحو 20 بالمائة منها. وفي الوقت نفسه، تراجعت الوضع المالي للبلاد: تجاوز إجمالي الدين القومي للولايات المتحدة الآن 31 تريليون دولار، حيث بلغ متوسط العجز الفيدرالي أكثر من تريليون دولار سنوياً منذ عام 2010.

إن مزيجاً من اللامساواة الشنيعة والإسراف الفاسد يفسّران سبب أن مثل هذا البلد الهائل والغني بالموهب يجد نفسه غير قادر على مواجهة الخلل الوظيفي في الداخل والأزمات في الخارج. لا يمكن للقوة العسكرية أن تعوض عن غياب التماسك الداخلي والانضباط الذاتي الحكومي. ما لم ترتب الولايات المتحدة منزلها، فإن أملها ضئيل في ممارسة القيادة العالمية، ناهيك عن أن تكون سائدة في منافسة خيالية في الغالب تضع الديمقراطية في مواجهة الاستبداد.

وخلص الباحث باسيفيتش إلى القول إن واشنطن تحتاج بشكل عاجل إلى اتباع النصيحة التي قدمها كينان في عام 1948 والتي تجاهلتها أجيال من صانعي السياسة: تجنب الحرب التي لا داعي لها، والوفاء بالوعود الواردة في الوثائق التأسيسية للبلاد، وتزويد المواطنين العاديين باحتمال حياة كريمة. مكان البدء في ذلك هو إعادة تشكيل الجيش الأميركي ليصبح قوة مصممة لحماية الشعب الأميركي بدلاً من أن يكون بمثابة أداة لإسقاط القوة العالمية. يجب على الولايات المتحدة أن تطلب من وزارة الدفاع، الدفاع.

كيف يمكن أن يبدو ذلك في الممارسة؟ بالنسبة للمبتدئين، قد يعني ذلك أن نأخذ على محمل الجد الالتزام الوارد في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بالقضاء على الأسلحة النووية؛ إغلاق المقار العسكرية الإقليمية المختلفة، مع وضع القيادة الوسطى الأميركية أولاً على قطعة التقطيع؛ وتقليل حجم الوجود العسكري الأميركي في الخارج؛ وحظر المدفوعات للمقاولين العسكريين في مقابل تجاوزهم التكاليف؛ إغلاق الباب الذي يدعم المجمع الصناعي العسكري؛ وتنشيط قانون "سلطات الحرب" في الكونغرس كما هو محدد في دستور الولايات المتحدة؛ وباستثناء إعلان الحرب، وضع حد للإنفاق العسكري بنسبة 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما سيسمح للبنتاغون بقيادة العالم في النفقات العسكرية.

وختم الكاتب مقالته الطويلة بالقول إنه في عام 1947، ربما في أشهر مقال ظهر في مجلة "فورين أفيرز"، كتب كينان، أنه "لتجنب التدمير، تحتاج الولايات المتحدة فقط إلى الالتزام بأفضل تقاليدها وإثبات أنها تستحق أن يحافظ عليها كأمة عظيمة".وأضاف باسيفيتش: "اليوم، قد تكون هذه التقاليد في حالة يرثى لها، لكن مبادئ كينان لم تفقد أياً من أهميتها. ولا يمكن لوهم انتصار عسكري آخر أن يصلح ما يزعج الولايات المتحدة. فقط "المواطنون المتيقظون والمطلعون" الذين دعاهم أيزنهاور يمكن أن يلبّوا احتياجات اللحظة المتمثلة بـ: نظام حكم يرفض التسامح مع المزيد من إساءة استخدام القوة الأميركية وإساءة معاملة الجنود الأمريكيين واللتين أصبحتا من السمات المميزة لعصرنا.

*أندرو ج. باسفيتش هو أستاذ فخري للعلاقات الدولية والتاريخ بجامعة بوسطن ورئيس مجلس إدارة معهد كوينسي للحكم الرشيد الذي شارك في تأسيسه.نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم

 

2- مجذوب عيدروس..عطاء ثقافي مميز لنصف قرن

بقلم صلاح شعيب  -السودان

النقد الأدبي عنصر مهم في العملية الإبداعية. وما يزال الناس بحاجة ملحة إليه في ظروف الانفتاح الثقافي الذي أثر على مجمل حراك المبدعين من روائيين، وشعراء، وقصاصين، وغيرهم.

وفي بلادنا كان النقد الأدبي منتجاً بكثافة عبر الأكاديميا، وكذلك في مجالات الإعلام الرحبة. وشهدت جامعة الخرطوم في أوج مجدها دوراً كبيراً في دعم ساحة النقد الأدبي عبر فطاحلة النقاد أمثال إحسان عباس، ومحمد مصطفى هدارة، وعبده غانم، ومحمد عبد الحي، وعلي المك، وعبدالله الطيب، وعبدالله علي إبراهيم، ومحمد إبراهيم الشوش، ومحمد المهدي بشرى، وكثيرين يصعب حصرهم.

وتزامناً مع هذه المجهودات النقدية في البيئة الأكاديمية، كان هناك أساتذة كبار في المجال وظفوا طاقتهم لدعم الصحف والمجلات أيضاً بمجهودات قيمة لرفع قيمة الكتابة النقدية. ومن خلال هذين المنبعين للنقد تنوعت التيارات، والمدارس النقدية، حتى وصلنا إلى مرحلة النقد البنيوية الذي اضطلع به شبان في نهاية السبعينات.

معظم النقاد الأدبيين كانوا في ذات الوقت يمارسون النقد الثقافي الذي يتناول قضايا الثقافة من زوايا فكرية، وسياسية، واجتماعية. وكانت مساهمتهم تسعى إلى معالجة قضايا تتصل بالسياسات الثقافية للدولة، ومسألة الهوية، وهموم المبدعين، وغيرها من القضايا التي تشغل الانسانية، والدولة، والمجتمع، والفرد. بالإضافة لهذا كان هولاء النقاد - ومعظمهم مبدعون في مختلف المجالات - يقومون بترجمة آداب اللغات الإنسانية إثراءً للمعرفة بشكل عام.

مجذوب عيدروس كان واحداً من نقادنا المخضرمين الذي قدم مساهمات عظيمة ومستقرة في إعداد الملفات، أو الملاحق الثقافية، التي تصدرها الصحف بجانب عمله التحريري في المجلات، حيث قام برئاسة تحرير بعضها. ولذلك خدم الثقافة والأدب في الصحافة، وبالمقابل نقل قراءها إلى مناخات المنتج الإبداعي، وبالتالي صارت صحافته المجودة تعطيه أهمية قصوى لدى ناشري، وروساء تحرير الصحف، لما لصياغته البديعة للعمل الصحفي الأدبي من تأثير في استقطاب القراء المهتمين.

٢-مجذوب عيدروس من مواليد مدينة الدامر، وتنقل بين بربر ومدني حيث كان والده موظفاً. ولكن في مدني استقرت الأسرة، وتعلم بمدرسة مدني الشرقية الأولية، ومدني الأميرية المتوسطة، وودمدني الثانوية.عمل موظفاً في رئاسة محافظة الجزيرة، والتحق بمعهد الموسيقى والمسرح (كلية الموسيقى والدراما) الآن متخصصا في النقد ودراسات المسرحية. في منتصف الثمانينات أسس مجذوب مع عدد من زملائه ١٩٧٣ رابطة الجزيرة للإداب والفنون.وشغل منصب الأمين العام لها عدة دورات، وساهم في تأسيس اتحاد المسرحيين بولاية الجزيرة، وانتخب السكرتير الثقافي للاتحاد.

بدأ عيدروس بنشر مقالات، ودراسات، بالصحف والمجلات السودانية والعربية في عام ١٩٧٦. وفي عام ١٩٨٦ أشرف علي الملف الثقافي لصحيفة الهدف. وفي عام ١٩٨٨ أصبح مدير تحرير مجلة الثقافة الوطنية التي توقفت مع استيلاء انقلاب  ٣٠ يونيو على السلطة، ومصادرة المجلة وممتلكاتها.وفي عام ١٩٩٢ أصبح مدير تحرير مجلة الخرطوم ثم رئيس تحرير لها خلفاً للأستاذ عيسي الحلو.ومنذ التسعينات أشرف علي الملفات الثقافية لصحف الرأي الآخر، والشارع السياسي، والصحافة، والبعث السوداني.

قام بجمع وتقديم ديوان البوشي وشارك في كتابة بحوث في الرواية السودانية. كما صدر له كتاب مختارات من الشعر السوداني ضمن سلسلة كتاب في جريدة في عام ٢٠٠٥.كذلك صدر له كتاب الظواهر المسرحية في السودان(١٨٧٥/١٩٠٠) عن مركز عيدابي للفنون ١٩٢١. أسس مجذوب في عام ٢٠٠٥م رابطة الكتاب السودانيين، وشغل منصب الأمين العام فيها، وترأسها الشاعر عبدالله شابو.شارك عيدروس في مهرجان المربد الشعري ببغداد، ومهرجان بابل، وفي مؤتمرات وملتقيات ثقافية في القاهرة، والجزائر، وتونس، وقطر، والسعودية، والأردن، والإمارات، وسلطنة عمان. عند تأسيس جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي ٢٠١٠، واختير أميناً عاما لها. له عدة كتب، ودراسات في التاريخ، والنقد الأدبي، والمسرحي، والهوية في طريقها للنشر. وكتبت عيدروس عدة مسرحيات فازت إحداها بالجائزة الأولي في مهرجان الإبداع الثقافي عام ١٩٨٤ بودمدني، وهناك جوانب أخري منها ممارسة كرة القدم، والكتابة في مجالها في فترة باكرة.

٣-معرفتي بالأستاذ مجذوب عيدروس تزامنت مع بدء التحاقي بالمهنة في منتصف الثمانينات، وظللت من قرائه المداومين لما يكتبه من دراسات نقدية ومقالات تناقش قضايا الساعة الثقافية، والأدبية، بكثير من الموضوعية. وبرغم انتمائه الفكري إلا أنه ظل من أكثر النقاد حياداً في التعريف بإنتاج الجيل الرائد، وجيله الذي عاصره، وكذلك الأجيال الجديدة. وقد وازن في قناعاته النقدية بين كل المدارس النقدية، ولم يتطرف في الانتماء إلى مدرسة نقدية محددة تحصره دون أن ينظر لمنهجيات نقدية أخرى قد تعينه في عمله النقدي الأدبي. وربما كان ارتباط عيدروس المستمر بالصحافة المستقلة قد حرره من الانحياز الايديولوجي لتيار أدبي، وغض الطرف عن آخر. وكذلك ساهم هذا في أن يتخذ موقفاً مستقلاً في منهجيته النقدية التي تزاوج الأصالة بالمعاصرة بقناعة أن الأدب مدارس. ولهذا يصعب لنقده أن ينطلق من فرضيات نقدية أحادية، وإنما هناك ضرورة لموسوعية الناقد حتى يتحرر من المدارس النقدية نفسها. ذلك ما دام الأدب أصلاً متحرراً في طبيعته، وأنه يقدم على الدوام رؤية جديدة تضيف للمعرفة ما لم يكن كامناً في السابق.

بل ربما رأى عيدروس إمكانية للناقد لتأكيد صوته الخاص الذي هو عصارة قراءاته لمجمل الاتجاهات النقدية الإنسانية. أضف إلى هذا أن طبيعة الملفات الثقافية، وكذلك المجلات المتخصصة في الأدب تفرض نهجاً مهنياً متنوعاً في العرض الإعلامي ما يتطلب ذلك من الصحافي الناقد أن يكون أمينا في تغطيته الصحفية، بحيث ألا يجعل من الوسيلة الإعلامية ضيعة لفرض مذهبيات أدبية، أو نقدية، أو أيديولوجية بعينها.عرف مجذوب بجديته في المواصلة في درب التفرغ التام للصحافة الأدبية برغم الصعوبات التي واجهتها في كل الفترات، ومع تراجع فرص الصحافة الورقية بما فيها المجلات لم يبق الكثير من اهتمام صحفي بتحرير الملف الثقافي الأسبوعي، والذي كان ينتظره القراء بشغف.

والآن انفتحت للناقد الكبير مساحات معتبرة للنشر عبر الإنترنت، إذ وقفنا على ثراء للمادة الثقافية، والأدبية. ومع ذلك ما تزال صحافة مجذوب الأدبية تناضل لتأكيد وجودها، وهناك مجلات ثقافية محكمة تصدر ورقياً واليكترونياً محاولةً لحفظ الإرث.نحن نفتقد اهتمام الدولة، والقطاع الخاص، بهذه المجلة الثقافية التي تعرف بالبلد، ومساهمتها في رفد عطائها الثقافي، والأدبي. وأتمنى أن يهتم وزير الثقافة والإعلام القادم بأن يوكل لمجذوب مهمة رئاسة المجلة الثقافية، وهو بها جدير، ومؤهل، ومأمون.

 

3-الاتفاق السعودي الايراني في ميزان الاستراتيجي والتكتيكي

عند الجانبين ابو عمر-القدس المحتلة

بعد مخاض طويل غالبه صامت على مدى سنتين بحسب ما صرحت اطراف الاتفاق  على الرغم من الشد والجذب والاتهام المتبادل باسباب التوتر في المنطقة والذي تمثل في التورط للطرفين في حرب اليمن استطاع البلدين وبعد جولات سريه عده من الحوار في عواصم عده منها بغداد مسقط التوصل لاتفاق لتبادل العلاقات الدبلوماسية علي اساس مبدا حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون كل بلد للبلد الاخر والمحافظة علي الهدوء في منطقة الخليج. وعلى ضوء ذلك لنرى ظروف هذا الاتفاق وايجابياته لكل طرف وانعكاساته علي المنطقه والاقليم خاصه ان للبلدين دورا محوريا في استقطاب اطراف اخري في المنطقه.

-1ان الاتفاق جاء ليتجاوز التقليدي والظاهر في الاصطفاف الدولي  فالسعودية  المتحالفة والمتوافقة تقليديا مع الغرب وزعيمته امريكا  وايران التي اقتربت وتحالفت بعد ثورتها مع روسيا والصين بشكل وصل لدرجه ان الدولتين هما الوحيدتان اللتان لم تتَوقفان عن الوصول للموانى الإيرانية َوشراء المنتوجات الإيرانية المستهدفة بالعقوبات ومقايضتها باحتياجات ايران الاخري.

-2الاتفاق ارتفع بالاداء التكتيكي ليصل حدود التماهي مع,الاستراتيجي للحد الذي عبرت  فيه الولايات المتحدة عن عدم انزعاجها من آلاتفاق على الرغم من تقاطعه في الظاهر مع المعلن من المواقف

-3اظهر تقدم السياسة واالمصالح على العقائد كأولويه فالسعودية ذات الماضي القريب السني الوهابي وايران ذات الماضي  والحاضر الشيعي صاحب نظام الولي الفقيه يصل بهم للتفاهم الصين صاحبة الماضي والحاضر الشيوعي

-4اظهر حجم التابعين وذيليتهم خاصه من هم في الطرف الايراني معبرين عن هذا الحجم اما بالتسحيج له والترحيب به بالعين ما كانوا يصفون به السعودية من اوصاف او بالصمت المطبق لا يدرون ما يقولون وقد اخذتهم المفاجئة.

-5اتى  الاعلان عن الاتفاق في ظروف اقليميه ودوليه مختلفة عن ظروف بدا الحرب اليمنية التي بدات باصطفاف خليجي مصري سوداني مع السعودية يقابله سيطرة إيرانية علي اربع عواصم عربيه مباشرة او من خلال ذيولها مع تقدم تركي بملا الفراغ البيني الاقليمي من جانب تركيا خاصه في شمال سوريا وليبيا وشمال العراق فاصبحت هي وبعد التلاقي مع قطر محورا قائم بذاته

-6اتى الاتفاق عشية السباق الخليجي المغربي السوداني للتطبيع مع الكيان الصهيوني واقتراب الاعلان السعودي عن لحاقها بقطار المطبعين  وبعد اعلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان والتي معزما سبق من ترسيمها بريا من  خلال الخط الازرق اكتملت معها اتفاقية الاعتراف باحتلال الكيان الصهيوني من كل دول الجوار  لفلسطين  وما يرتب ذلك عليهم دوليا من منع اي جهد او خرق مقاوم من هذه الحدود واعتباره عمليا مستهدفا للسيادة الوطنية لهذه الدول؛

-7 ياتي بعد تراجع دولي واقليمي لمركزية واهمية القضية الفلسطينية ووزنها

-8ارتخاء القبضة الأمريكية والأوروبية على المشروع النووي الايراني واقتراب ايران من انجاز قنبلتها النووية مع ما رافق ذلك من توسع وتلاقي في المصالح الروسية الإيرانية والصينية الإيرانية

-9 اتت الخطوة بعد تقارب سعودي قطري تركي وتباعد سعودي مصري وعشية تصاعد الرفض الجماهيري لنظام الملالي.

-10اتت في ظل تحسن ملحوظ في علاقات السعودية مع حكومة المنطقة الخضراء في بغداد وتراجع نسبي لذيول ايران فيها

بعد دراسة وتحليل هذه البيئة والظروف جاء الاتفاق وعلى ضوء ذلك نستطيع ان نقرأ النتائج المباشرة وغير المباشرة التأليه:

-1 تفاهم سعودي ايراني لوقف الحرب اليمنية رسميا وبالضغط على اطرافها المحليين علي تقاسم طائفي للسلطة على طريقة محاصصة بغداد او لامركزية المحافظات

-2سيفضي الاتفاق الى تفاهم سعودي ايراني في الساحة اللبنانية يؤدي لتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية

3-سيؤدي لتباعد في العلاقات المصرية السعودية وتقارب سعودي تركي وسعودي اثيوبي

-4تقد م وتسارع الدور الإماراتي في العلاقات التطبيعيه مع الكيان وبروز مراكز محليه في الخليج تتقاطع مع الدور السعودي ومنها الدور العماني اضافة للقطري

5-بروَز  دور للعراق كقاعدة الدولة المحايدة كدور النمسا في اوروبا يلتقى على ارضها اية محادثات سرية او علنيه لتسوية اي تناقضات تظهر

6-بروز للدور الاردني كقاعدة متقدمة للوجود الامريكي عقب اخلاء قاعدة العديد القطرية وانتقالها للاردن كقياده مركزية للمنطقة الوسطى وخاصة بعد توقيع الاتفاقية الاستراتيجية مع الاردن

7-انسجم  هذا الوضع مع التوجه الامريكي في تهدئة الصراع في الشرق الاوسط لتتفرغ للصراع الاوكراني الروسي ولتتهيا للتصعيد الصيني القائم ولمحاَولة قطع ايران في مشروع طريق الحرير لاحتواء التمددالصيني باتجاه اوروبا

8-صمت تام للحدود اللبنانية قد يؤدي لتفكيك حزب الله كقوة عسكرية

9-ضبط الحراك المقاوم في قطاع غزة ليتماهى مع مقتضيات المصالح الايرانيه والاقليميه

10-الذهاب  للتطبيع السعودي  الصهيوني من خلال خلق مصالح اقتصادية مشتركة كمشروع جزيرة صنافير ومشروع نومان

11-ضيط سقف السلوك للايراني في الخيار النووي عند الحد النووي او خلق مبررات التصالح الداخلي او طبخ نار التغيير في ايران علي نار هادئه اذا امكن

12-وعليه  تثبيت الاوضاع التقسيمية للعراق واليمن وسوريا والكيان الصهيوني  سينعم باستقرار نسبي وانتشار استثماري في تطبيع مصالح تقوده الامارات

هذا هو المامول ولكن لا يمنع ذلك من ان يكون لكل طرف اجندته وخاصة الاستراتيجيه وعليه سيغير من تكتيكاته واساليبه فلا ايران ستسقط اهدافها في نشر التشيع السياسي ولا السعودية ستفرط في دورها كبلد تحتضن مكة والمدينه،ولكن هل تجري الرياح بما تشتهي سفن الاطراف المعنيه وهل حسب حساب للشعوب ومدي قبولها ورضاها؟ وهل الشعب الفلسطيني يترك زمام تحرره بيد غيره؟  منطق التاريخ يقول لا يوجد شعب يقبل بالاحتلال للابد ولا بد ان يبدع اساليب نضاله ويطورها وان غدا لناظره قريب

 

من مصلحة أمريكا بقاء الملالي   الدكتور اكرم الجبوري - العراق

رغم التهديدات الاميريكيه والصهيونيه لايران، فهي في الواقع تهديدات وصواريخ اعلامية متبادلة لذر الرماد في العيون  عن الاحداث الجاريه في العراق والمنطقه العربيه.امريكا والكيان الصهيوني لم تكونا يوما ضد ايران واحتلالها للعراق والاقطار العربيه، بل كل تلك المدافع الصوتية لتخويفها ومنعها من امتلاك  القوه العلميه الصناعيه في مجال السلاح النووي حصرا.المليشيات الايرانيه وحرسها الثوري تصول وتجول داخل العراق وسوريا واليمن ولبنان كما في ليبيا، ولم يصدر من امريكا موقفا ضد هذه مليشيات الموت  وارهابها في العراق والعواصم العربيه.

ايران حامية المصالح الاميربكيه والغربيه في منطقة الخليج العربي وهي من حركت عمل الشركات والمعامل والمصانع الاميريكيه والغربيه لصناعة الاسلحه، وهي من نشطت تجارة بيع وشراء الاسلحه لتزويد الحرس الثوري والمليشيات المواليه لها بكافة الاسلحة المتطورة في منطقتنا العربية وكذلك في الدول الافريقيه حيث تمتد اذرعتها باسم الدين والمذهب.ان الفوضى المختلقه ايرانيا في الساحه تعتبر واحده من حلقات المخطط الاميريكي. داعش وليد ال (سي أي إي) والقاعدة كذلك، يموتون ويتم إحياءهم تماشياً مع  السيناريوات الطائفيه والمذهبيه.

ان من مصلحة أمريكا وشركاءها ابقاء الفوضى والاقتتال داخل العراق والاقطار العربيه، وأي استقرار لاي قطر عربي وطني، يعتبر بمثابة تهديد مباشر للتواجد الصهيوني الأمريكي في المنطقة. ابتداء من سلسلة الاغتيالات واستهداف المثقفين ورجال الدين الوطنيين في العراق بأدوات ايرانيه، ناهيك عن ملاحقة البعثيين وتنظيماتهم في المدن العراقيه، وتفشي المخدرات حتى في  المدارس الابتدائية. فبعد سيطرة المليشيات على الحدود مع سوريا وإيران تحول العراق من ممر لعبور المواد المخدرة إلى مركز لتعاطيها والمتاجرة بها.

السؤال الذي يطرح نفسه، وهو سؤال ساذج، هل أمريكا عاجزه عن اسقاط ملالي طهران أم هي من تعزز وثتبت وجوده في المنطقة؟؟ايران تعزز الحشد الشعبي وحزب الله والحوثيين والحرس الثوري  المليشيات التابعة لها بالأسلحة والأموال المنهوبة من العراق ونفطه، بمباركه امريكيه- صهيونيه.ومن يراهن على عداوة أمريكا لإيران فهو خاسر.

 

3- المؤشرات الموضوعية لتقييم الاتفاق السعودي الايراني

طلال بركات – العراق العربي 20-3-2023

قبل كل شيئ لا يمكن التعويل على مايروح في الاعلام من اخبار مشوشة حول مستقبل الاتفاق .. وايضاً لا يمكن القياس على العواطف والتمني والتفائل او التشائم، وانما التقييم الموضوعي يحتاج الى تأني وفهم حقيقي للدراسات والتحليلات العلمية والفكرية وقراءة ما بين السطور لغرض استنباط مخرجات الاتفاق من خلال الغوص في البحث عن الخفايا والنوايا والدوافع والاسباب والمؤشرات التي ادت الى قبول الطرفين التوقيع على الاتفاق، لان العالم استقبل بشكل مفاجئ اعلان تسوية الخلافات بين السعودية وايران واعادة العلاقات الدبلوماسية بعد شهرين من تاريخ التوقيع برعاية الصين التي تسعى هي الاخرى الى التقارب مع الرياض كونها البوابة للتواجد في المنطقة من اجل منافسة الوجود الامريكي .. لهذا انتاب الشك لكثير من المحلليين السياسيين في استمرار نجاح هذا الاتفاق الذي اعتقد البعض انه قبول ايراني تكتيكي ومرحلي، وان الظروف الإقليمية والدولية هي التي دفعتها الى قبول الاتفاق أكثر من كونها رغبة حقيقية في إقامة علاقات طبيعية مع جيرانها في المنطقة، لان من سمات الاستراتيجة الثابته في السلوك الايراني التي تتسم بالمراوغة والخداع على مدى عقود ورغبتها في الهيمنة الإقليمية النابعة من الحلم المغروس في نفسية العنصر الفارسي ذو النزعة القومية الذي يرمي الى اعادة الامبراطورية الفارسية والتي يصعب التخلي عنه، واشار اصحاب هذا الرأي الى تصريح شمخاني الذي قال (ان ايران تسعى الى اقامة علاقات ثنائية مع دول المنطقة) وهذا موقف مماثل لما فعلته اسرائيل بانفرادها باغلب الدول العربية كل على حدة لاقامة اتفاقات سلام هزيلة ومتباينة من اجل تشتيت الاجماع العربي، وهذا التصريح جعل الكثير يعتقد بأن ايران تراوغ من اجل اقامة علاقات منفردة ومتباينة مع كل دولة على حدة وفق سلوكها المعروف بالخداع .. وايضا هناك مخاوف اخرى مشروعة تتعلق في عقيدة ولاية الفقية المثبته في الدستور الايراني لنشر التشيع في الدول الاسلامية وفق طموح ايران في تصدير الثورة من اجل قيادة العالم الاسلامي تحت مفهوم ولاية الفقية، وهذا يتعارض بكل تأكيد مع المصالح العربية والدولية بشكل عام ومع جوهر الاتفاق لاستحالة تغيير ايران عقيدتها الدينيه والقوميه، لهذا السبب يؤكد البعض ان موافقة النظام الايراني على الاتفاق مع السعودية موافقة تكتيكية لما للرياض من ثقل سياسي واقتصادي وديني في المنطقة قد يساعدها على تسويف الضغوط عليها والخروج من العزلة الدولية ومن ثم العودة الى نقطة الصفر .. ولكن هناك اراء اخرى تقول ايران دخلت بنوايا صادقة نتيجة غضبها من السياسة المخادعة لامريكا والغرب واستغلالهم الدول والشعوب لخدمة مصالحهم دون الاكتراث بمصالح الاخرين، واولها ايران التي خدمت الغرب في كثير من المواقف الاستراتيجة وتم استخدمها على مدى عقود معول هدم لصالح اجنداتهم في المنطقة، ومن ثم خرجت بخفي حنين دون ان تحصل على المكافئة الموعودة غير العزلة الدولية والعقوبات الاقتصادية وهشاشة الوضع الداخلي وافتعال الازمات التي باتت تهدد النظام فضلا عن التواجد العسكري والقواعد المنتشرة في محيطها الاقليمي .. لهذا السبب كان قبولها للاتفاق ناتج عن موقف مبدئي كما يعتقد اصحاب هذا الرأي نتيجة تيقنها من خداع الغرب واستحالة تحقيق حلم اعادة امجاد إمبراطوريتها المنقرضة ولابد من التفكير بمنطق الدولة بدلاً من منطق تصدير الثورة الذي ادى الى نتائج كارثية على دول النطقة، وهذا ما يتحتم عليها الاستمرار بصدق في التصالح مع العرب وتضع احلامها واتفاقاتها المشبوهة مع الغرب في سلة المهملات من اجل المساهمة في تشكيل عصر شرق اوسط جديد ينهي كل الخلافات ويفشل كل المخططات الاجنبية .. بمعنى لو صحت هذة الاراء فأن الاتفاق يعد فعلاً ضربة قاسمة للغرب الاستعماري وعلى رأسهم امريكا .. لذلك يفترض بايران إثبات مصداقيتها وابداء حسن النوايا بالافعال لا بالاقوال من خلال خطوات عملية يظهر من خلالها تغيير واضح في السلوك الايراني لازالة شكوك اربعين عاماً من العبث في المنطقة واولها موضوع الميليشيات ومشكلة اليمن التي سنتحدث عنها بشكل تفصيلي في مقال لاحق باعتبارهما مفتاح اثبات حسن النوايا ..

 

4- الاماني الضائعه .. دماغ ما فوق الستين.  د. محمد عوض (شيكاغو):

حقائق مدهشة يكشفها الطب الحديث ؛

*المجتمعات المتخلفة هى التى تفقد طموح و إبداع الذين تجاوزوا الستين  والسبعين... للتخلص من المنافسين الأشد علما  وخبرة و تعقلا*يقول عميد كلية الطب بجامعة جورج واشنطن بأن دماغ الشخص الأكبر سنًا هو أكثر نضجا مما يُعتقد عمومًا.  وللأسف في بعض الدول يحال الشخص الى التقاعد فى هذا العمر بحجة انتهاء دوره فى الحياة ويستبدل بشخص اقل عمرا .

وفى الحقيقة ان الانسان فى عمر الستين الى الثمانين يصبح تفاعل نصفي الدماغ الأيمن والأيسر عنده متناغمًا، مما يوسع إمكانياته الإبداعية.  هذا هو السبب في أنه من بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، يمكنك العثور على العديد من الشخصيات التي بدأت للتو أنشطتها الإبداعية.

بالطبع، لم يعد الدماغ بالسرعة التي كان عليها في الشباب.  ومع ذلك، فإنه يكتسب  المرونة.  لذلك، مع تقدمنا ​​في العمر، من المرجح أن نتخذ القرارات الصحيحة ونكون أقل تعرضًا للمشاعر السلبية. حيث تحدث ذروة النشاط الفكري البشري حول سن السبعين،

عندما يبدأ الدماغ في العمل بكامل قوته. بمرور الوقت، تزداد كمية (المايلين)

في الدماغ، وهي مادة تسهل المرور السريع للإشارات بين الخلايا العصبية.

ونتيجة لذلك تزداد القدرات الفكرية بنسبة 300٪ مقارنة بالمتوسط.

ومن المثير للاهتمام أيضًا حقيقة أنه بعد 60 عامًا، يمكن لأي شخص

استخدام نصفي دماغه  في نفس الوقت.  هذا يسمح لك بحل مشاكل أكثر تعقيدًا. يعتقد البروفيسور مونشي أوري،من جامعة مونتريال، أن دماغ الرجل العجوز يختار المسار الذي يستهلك طاقة أقل  ويزيل ما هو غير ضروري ولا يترك سوى الخيارات الصحيحة لحل المشكلة.  أجريت دراسة شملت مختلف الفئات العمرية.  كان الشباب مرتبكين للغاية عند اجتياز الاختبارات، بينما اتخذ من تجاوزوا الستين من العمر القرارات الصحيحة.

الآن، دعونا نلقي نظرة على خصائص الدماغ للذين تتراوح أعمارهم بين 60 و 80. انها حقا وردية.خصائص دماغ الشخص المسن. *

1. الخلايا العصبية في الدماغ لا تموت، كما يقول كل من حولك.  بل تختفي الروابط بينهما ببساطة إذا لم ينخرط المرء في عمل عقلي.

2. ينشأ الإلهاء والنسيان بسبب كثرة المعلومات.  لذلك، ليس من الضروري أن تركز حياتك كلها على تفاهات غير ضرورية.

3. من سن 60، لا يستخدم الشخص عند اتخاذ القرارات احد فصي دماغه  في نفس الوقت، مثل الشباب، ولكن كليهما.

4. الخلاصة: إذا كان الشخص يعيش حياة صحية، ويتحرك، ولديه نشاط بدني قابل للحياة  ونشط عقليًا بالكامل، فإن القدرات الذهنية لا تنخفض مع تقدم العمر، فهي ببساطة تنمو، وتصل إلى ذروتها في سن 80-90 عامًا.لذلك لا تخافوا من الشيخوخة.  اسعَ جاهدا لتطوير فكرك .تعلم الحروف الجديدة، وصنع الاشياء، وتعلم فنون جديدة، ورسم الطبيعة!   اهتم بالحياة،

التقِ بالأصدقاء وتواصل معهم، خطط للمستقبل، سافر بأفضل ما يمكنك.

لا تنس الذهاب إلى المحلات التجارية  والعروض.  لا تصمت وحدك، إنه مدمر لأي شخص.  عش مع الفكر: كل الأشياء الجيدة لا تزال أمامك!  أبشروا ياشباب السبعين والثمانين بالخير..

**Source: New England Journal of Medicine .

 

5- اجتماع شرم الشيخ - الامني-الرفيق ابو شجاع فلسطين المحتله

بعد إجتماع شرم الشيخ الامني والثاني في هذه السلسله من الترتيبات الامنيه التي تحاول امريكا فرضها علي المنطقه بالايعاز لبيادقها في الاقليم التحرك  لفرض الهدوء والامن في المنطقة كجزء من استراتيجية فرض الحلول في منطقتنا بما يحافظ على تفردها في  السيطرة علي الاقليم وضمان امن الكيان الصهيوني وتفوقه واستقراره بما يعيد رسم خريطة المنطقه وتخالفاتها وفق هذه الاهداف والرؤية الأمريكية. من هنا ليتصدر الدور في هذه التوجيهات يتقدم الكيان الصهيوني الادوار في فرض سياسة الاجرام والقمع علي الاصوات المقاومة فبعد ان تدخل الاقليم واسكت صوت المقاومة في القطاع بمسميات واهداف مختلفة استلم جيش الاحتلال المبادره ليفرض الصمت بقوة لكل بندقية مقاومة في الضفه متصدرا فعل التصفيه الجسدية للمقاومين والعصاه الحديديه ويصرخ ليل نهار بانه يتصدي لموجه ارهابيه تستهدف كيانه ليعطي لنفسه ولمستوطنيه شمولية الاجرام والقسوة تجاه شعبنا في الضفة الفلسطينيه. وفي هذا السياق ليفتح المجال لاستغلال اللحظه في فرض الفصل العنصري  من خلال التشريع لكل البور الاستيطانيه وتوسيع القائم منها فذهب لاجتماعات شرم الشيخ بحقيبة من الانجازات وذهبت وفود الاطراف العربيه بحقيبة التمنيات والاحلام الفارغة المضمون.

ان اجتماعات الشرم تؤكد انها جزءا من مسلسل المتابعه لجملة الاجراءات الامنيه المامولة ومنها تشكيل وتدريب قوة امن فلسطينيه مهمتها تطوير مهنية اجهزة الامن الفلسطينيه لملاحقة وضبط واعتقال المناضلين الفلسطينيين تحت شعار ان الهدوء والنضال السلمي ضد الاحتلال مصلحه فلسطينيه تعجل برحيل الاحتلال وقيام المشروع الوطني الفلسطيني نافخين في قربة مخرومة لم يعد يصدقها عاقل في صفوف الشعب الفلسطيني بعد ٣٠عاما من سراب التفاوض والضم الفعلي للقدس واتساع الاستيطان ليزداد عدد المستوطنين من ١٢٠الف مستوطن عشية توقيع اوسلو الشؤم ليصل الان اعتاب المليون مستوطن والمرسوم ان يتسع ليفرض الضم الفعلي لكل مناطق (ج)  للكيان دون السكان وليقسم الضفه الي ٧كتل كبري التواصل بينها محكوم يانفاق او جسور يتحكم بها حواجز دائمة كبوابات لهذه المعازل البشريه. هذا كله يعيه ويعرفه الطفل الصغير ولهذا حانت اللحظه في تسريع انجاز اليات ما سميت بالتهدئه مستعينين بالجهد الاقليمي العربي وتيويقه على. انه مصلحة فلسطينيه لتخليص الشعب الفلسطيني  وان هذا سيقوده للانعتاق  متزامنا مع ذلك بسياسة الجزره بفتح قنوات اقتصادية من خلال سوق العمل داخل الكيان او انشاء مناطق صناعيه على نقاط التماس.

يقينا بعد النتائج المعلنه وتصوير النجاح في الاتفاق على التعاون علي فرض التهدئه  ووقف الاستيطان لمدة 4شهور ووقف تشريع البؤر الاستيطانيه لستة شهور  ما هي الا ذر للرماد في العيون يكشف زيف الكيان اجرائاته العنصرية في تضييق حرية العباده في رمضان واقتحام مستوطنين لكنيسة الجثمانيه في القدس والاعلان عن نيتهم تقليص الاعتقالات الافي الحالات الضرورية وهذه لهم تقديرها وفي الواقع هم يحتاجون التهدئه لكونهم في فترة اعيادهم الدينيه ولهذا  لم يكن اجتماع الشرم الامني بعيدا عن هذه الرؤيه ولن يكون الاجتماع الاخير بل سيكون الثاني في هذة السلسله لما يرتب للشعب الفلسطيني من خطط سرية غير ما يصرح به و من تفريغ لمشروعه الوطني الحقيقي من معني ولكن الشعَوب الحيه دائما تفاجىء نفسها وخصمها بالمكنون من القوة لديها لانها صاحبة الحق التاريخي في ارضها.

 

6- هل يقف الاقتصاد الأمريكي على حافة الهاوية؟

08.03.2023  RT

كما هو معلوم، تواصل البنوك المركزية الغربية، بقيادة الاحتياطي الفدرالي، رفع أسعار الفائدة في محاولة لكبح جماح التضخم.إلا أن الأمور لا تسير على ما يرام، فبعد نجاح مؤقت الخريف الماضي، عاد التضخم من جديد، فبراير الماضي، في أكبر دول أوروبا للنمو مرة أخرى، فيما توقف تراجع التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية. وتندفع الأمور نحو ضرورة الاستمرار في رفع أسعار الفائدة الأساسية (تبلغ الآن 4.75% في الولايات المتحدة).لقد أدى ذلك إلى زيادة سعر الفائدة على السندات الحكومية الأمريكية (التي بلغت 5.16% على سندات 6 أشهر) وإلى زيادة الفائدة على سندات الشركات، ما جعل هذا النوع من الإقراض غير مربح للأخيرة، وانهار حجم إصدار سندات الشركات عام 2022.

وبدلا من السندات، تحولت الأعمال التجارية الأمريكية إلى القروض المصرفية، حيث أصبح معدل الفائدة عليها الآن 2-3 مرات أقل من السندات.ومع ذلك، فكيف يمكن للبنوك أن تقدم قروضا بخسارة؟ البنوك لا تتكبد الخسائر على الإطلاق، لأنها، وأثناء منحها القروض للشركات، بفائدة على سبيل المثال 2-3% سنويا، تحافظ على معدل الفائدة على الودائع للجمهور عند مستوى 0.35% في فبراير و0.17% في سبتمبر من العام الماضي. بمعنى أن إقراض الشركات الأمريكية يتم على حساب سرقة مدخرات المواطنين الأمريكيين العاديين، الذين لا تدفع لهم البنوك أي شيء تقريبا على الودائع. وفي نفس الوقت، كان التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية، فبراير الماضي، عند مستوى 6.4%، وهي النسبة التي انخفضت بها قيمة هذه الودائع.

في عام 2020، أغرقت الحكومة الأمريكية مواطنيها بجميع أنواع المدفوعات والإعانات، وتلقى المواطنون الكثير من الأموال التي لم يتمكنوا من إنفاقها أثناء الحجر الصحي، لتذهب هذه الأموال جزئيا إلى الودائع في البنوك، وجزئيا لشراء الأسهم في سوق الأوراق المالية.لكن هذا المورد هو الآخر يقترب من نهايته. تم إلغاء الإعانات، وبدأ الناس في زيادة الديون مرة أخرى، وبدأت المدخرات في التلاشي. كما يقوم الناس أيضا بتحويل الأموال من الودائع إلى السندات. ومنذ سبتمبر، تضاعف معدل الودائع، وسرعان ما ستبدأ البنوك في تكبد الخسائر، أو سترفع سعر الفائدة للشركات.

العامل الثاني، هو أن معدل الرهن العقاري آخذ في الازدياد، وبحلول نهاية فبراير تجاوز 6.5%، وذلك من ناحية يساوي معدل التضخم. أي أنه رسميا أمر مفيد للمدينين. ومع ذلك، لا تنمو جميع الرواتب بمثل هذه المعدل، لهذا انهار سوق الرهن العقاري عام 2022، ثم بدأت قيمة العقارات هي الأخرى في الانخفاض، وهو ما يؤدي إلى انخفاض قيمة الضمان على الرهن العقاري، الأمر الذي سيدفع البنوك قريبا إلى طلب زيادة لهذه الضمانات، وهو ما لن يتمكن كثير من المدينين من القيام به.لكن الاحتياطي الفدرالي يواصل رفع سعر الفائدة، وهو ما يعني أن كل شيء يتجه نحو الأسوأ! أي أن الولايات المتحدة الأمريكية على أعتاب أزمة رهن عقاري كتلك التي بدأت الأزمة المالية العالمية عام 2008.

العامل الثالث، هو طباعة البنوك المركزية في الغرب، عام 2020، أثناء انهيار الاقتصاد بسبب الحجر الصحي، مبالغ مجنونة من النقود الورقية غير المغطاة، تريليونات الدولارات. ولم يتم استخدام كل هذه الأموال، حيث يقبع جزء منها في احتياطيات البنوك التجارية، وجزء آخر في حسابات وزارة الخزانة الأمريكية. إنها تلك الأموال في حسابات الخزانة التي تسمح لإدارة بايدن بدفع الفواتير على الرغم من حقيقة أن الاقتراض الجديد من قبل حكومة الولايات المتحدة قد تم تجميده بسبب أن الكونغرس لم يوافق بعد على رفع سقف الديون الوطنية.

ووفقا لعدد من التقديرات، ستكون هذه الأموال كافية فقط حتى منتصف الصيف المقبل، عندما ينتهي الوقت المخصص لاتخاذ قرار بشأن رفع سقف الديون الوطنية. ودعونا لا نفكر في السيناريو الكارثي، الذي لا يرفع فيه السقف، وتتخلف الولايات المتحدة الأمريكية عن سداد ديونها، ما سيقضي على جميع احتياطيات دول العالم الأخرى، التي تخزنها في السندات الأمريكية، ولنفترض أنه قد تم رفع سقف الديون.

إن استئناف وزارة الخزانة الأمريكية لعملية الاقتراض، بعد توقف دام 6 أشهر، يعني أن مكنسة كهربائية ستقوم بشفط تلك الأموال بسرعة مضاعفة، وسوف تمتص رأس المال من السوق.دعوني أشير في معرض حديثي فقط إلى أن الاقتراض الجديد سيكون متاحا للجميع بمعدل متزايد، وهو ما يعد بزيادة كبيرة في مدفوعات الفائدة، أي أن أزمة الميزانية وأزمة الديون في عام 2024 أو حتى في خريف عام 2023 شبه مضمونة.وبالتالي، فإن ذلك سيعقد الظروف لجميع المقترضين، من الشركات إلى المواطنين الأمريكيين، وبالذات بالنسبة لمديني الرهن العقاري، فيما يبلغ إجمالي ديون المواطنين في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 17 تريليون دولار، منها حوالي 73% على الرهون العقارية. وهذا الدين موجود في الميزانية العمومية للبنوك الأمريكية، التي يمكن أن تبدأ في الانهيار في ظروف أزمة الرهن العقاري.

فعدد من البنوك بالكاد لا زالت على قيد الحياة، ومنذ عدة أشهر ينتظر الجميع إفلاس بنوك عملاقة على غرار كريديه سويس Credit Swiss ودويتشه بنك Deutsche Bank. أضف إلى ذلك انهيار سوق الأسهم المحتمل جدا في حالة حدوث تشديد حاد على الشروط المالية.

باختصار، يبدو لي أنه بحلول الخريف، ستهب عاصفة كاملة في الاقتصاد الأمريكي، وستتلاقى عدة أزمات في وقت ما.ربما يحدث هذا لاحقا، فالنظام متحرك، ولا أحد يعرف التوقيت الدقيق، إلا أن ما يبدو لي أننا نشهد بالفعل سيناريو اقتراب أزمة عظمى من شأنها أن تجبر البنوك المركزية حول العالم على استئناف طباعة نقود ورقية غير مغطاة بأحجام قد تكون كافية لبدء تضخم عالمي مفرط.

المحلل السياسي/ألكسندر نازاروف

 

7- فلسطين في فكر الشهيد الخالد صدام حسين ابن البعث/القطر الاردني

وفاء للقائد صدام حسين نتناول موقفه ورؤيته للقضية الفلسطينية والذي أقرن القول بالفعل وخرج عن المألوف السياسي عربيا ودوليا وتجاوز كرسي الحكم ليكون بطلا للتحرير وقائدا تاريخيا ربح المنازلة تاريخيا وان خسرها عسكريا. صدام حسين يستلهم فكر البعث في سلوكه الثوري ويربط بين مسؤوليات حزب البعث العربي الاشتراكي في القطر العراقي وقضية فلسطين في نواحي عديدة: 1- الإستراتيجية والتصوير الفكري للمباديء والهزائم والانتصارات.. الخ. 2- التنمية في القطر العراقي والثورة العربية في فلسطين. ولنتجول في قراءة ومسلكيات القائد العربي صدام حسين وواقعيته الثورية. صدام حسين ليس مستسلما في نظريته الثورية كالذين يبررون الواقعية وصولا إلى الاستسلام إلا انه يؤمن بالواقعية العلمية الثورية التي تفتش عن عوامل لانتصارات وتضغط باتجاهها على عوامل الهزيمة التي تؤدي إلى الانكسارات "نحن لا نقول ولا نتوهم بأن العرب قادرون على تحطيم الكيان الصهيوني الآن ولا نتوهم أن العالم يسمح بتحطيم الكيان الصهيوني في هذه المرحلة...".

ويضيف "أيها الأخوة العرب تعالوا لنفتش معا وننتظر هل استخدمنا كل العوامل المتاحة التي تزيد من قدرتنا الذاتية القومية والوطنية على طريق الضغط بحجم ووزن أكبر وعلى مساحة أوسع في السياسية الدولية وروافدها ولصالح العمل التحريري لمجابهة العدو الصهيوني؟.." . ويدرك القائد صدام حسين إن سبب الهزيمة العربية أمام الكيان الصهيوني تعود لامتلاكها التقنية العسكرية ثم لأن الحياة العربية غير مهيأة لأن تقبل هذه التصورات جعلت القائد صدام حسين يرصدها بذكاء ويضع لها علاجاتها في خدمة المعركة تمثيل العلاج في تهيئة هذا الإنسان العراقي ثم استخدام واستنفار جميع القوى للتقدم بالقضية العسكرية وحول القضية العسكرية. يقول عام 1937م "إننا غير قادرين على مباراة اسرائيل في مجال القضية العسكرية". ولكنه أضاف معطيا الرؤية والحل "... إن الحساب وفق هذا الطريق لن يوصل إلا إلى الهزائم وأن القائد الناجح هو الذي يفتش عن طريق جديد فعلينا أن نفكر بصيغ ذات قوة لا تتمكن إسرائيل من استخدامها عندنا مائة مليون إنسان أعطهم مواقعهم الحقيقية فإنهم يتفوقون على إسرائيل وأمريكا". وحول الاستفادة من تجربة هزيمة حزيران كتجربة نافعة لرصد السلبيات وتجاوزها لا الهزيمة والتراجع والخذلان والانحدار في المفاهيم فهو يقول "لنكسة الخامس من حزيران عام 1967م في جانب منها فضل عل العرب يجب أن تظل بارزا لكي تستطيع التغلب على العدوان والتخلف ولكي نصبح أمة محترمة بين الأمم.. تستطيع أن تساهم جديا في خدمة الإنسانية ويكمن الفضل لعدوان 5حزيران في نقطتين أساسيتين الأولى:- هي بداية احترام العرب للصفحات والاحتمالات المتعددة في التفكير الاستراتيجي. الثانية:- بداية احترام العرب للعلم وأهميته في حركة المجتمع وصولا إلى الأهداف فيجب أن ننتبه إلى هذا وفي وقت مبكر لكي لا نستطيع أن نبلغ جانبا من أهدافنا- بوقت مبكر". القائد صدام حسين يكشف في أحاديث مختلفة أن الكيان الصهيوني يحارب حالة التقدم الحضاري العربي في مظاهر مختلفة وشتى كضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981م وهو يقتل ويغتال علماء العرب وعراقيين ليحارب توجهات العراق النهضوية وان مجمل ممارساته العدوانية تكشف طبيعته التوسعية ولهذا السبب فهو يرى أن عدم وعي هذه الحقيقة من قبل الحكام العرب سيجعل إسرائيل تتحكم في أشياء كثيرة حتى في برامج التنمية في الوطن العربي وتتحكم بعدد المدارس التي تفتح وبأي اتجاه.. وعند ذلك لن يبقى شيء". وبدوره يقرأ الحركة الصهيونية في تنظيمها وعلميتها ويدعو التعلم من أسلوبها ومواجهتها على نحو علمي وللمواجهة السلمية يحث القائد على ضرورة تخلص الثورة الفلسطينية من اتجاهاتها السلبية الغريبة عليها، والداخلية من خلال قومية القضية الفلسطينية ويقول: إن عروبة الثورة الفلسطينية هي أساس قوتها وتفاؤلها وأساس نجاحها قطعا وإذا ما تخلت عنها لن تصل إلى الهدف ولكن عروبة الثورة الفلسطينية هي أيضا عن عبء على أكتاف الثوار الفلسطينيين". وحول تعزيز علاقة الثورة العربية بالثورة الفلسطينية باعتبار تحرير فلسطين هدفا مشتركا يقول القائد صدام حسين "نتصور قيمة وأهمية التفاعل بين رافد الثورة العربية في اختصاصها الفلسطيني وبين الروافد الأخرى للثورة العربية ولنقرب الصورة فنقول بين الثورة العربية بمعناها إلى الهدف الواحد وليس الهدف المشترك وهو تحرير فلسطين". ويستدرك القائد صدام حسين بطولات شعب فلسطين ونضالات ثورته لكنه يضيف "لقد دفعت حركة المقاومة الفلسطينية ثمنا كبيرا بسبب المساومات التي تجرها إليها بعض الأنظمة جرا مؤسفا لأنه عندما توزع قضية فلسطين إلى أوراق في سوق المساومة فان النتيجة النهائية لهذا ليس إيذاء فلسطين جغرافيا فحسب وإنما إيذاء القضية الفلسطينية والنضال القومي للأمة العربية". والقائد صدام حسين يؤكد أهمية اختيار علاقات المنظمة بالجماهير لا بالأنظمة وسبب ذلك أنه لا يوجد لدى الثورة الفلسطينية أرض محررة حتى تسلك سلوك الأنظمة بينما عليها أن تسلك سلوك الجماهير لهذا السبب ويؤكد بدوره على أهمية احترام القرار السياسي الفلسطيني بدون مزايدة لكنه بالمقابل ينتقد منذ عام 1975م الطريق الخاطيء الذي سلكته قيادة المنظمة فيقول: "... إن الطريق الذي سلكته قيادة المقاومة هو طريق خاطيء.. هل أن استخدام "التكتكة" يفضي إلى تحصين المقاومة ويمنع الذين يريدون ذبحها من تنفيذ غايتهم؟ .. إن المقاومة الفلسطينية معرضة للذبح سواء "تكتكت" أو لم "تتكتك". هذه بعض من أقوال وكتابات صدام حسين التي أكدتها التجربة العلمية والحسابات الصائبة أن معركة القومية العربية بجماهيرها وحركتها معركة حضارية شرسة مع أعدائها وأن لا بديل بغير الرؤيا والاستراتيجية العربية الشاملة وتهيئة عوامل الانتصار والتعلم من التجربة العراقية في هذا المجال بدون التفصيل أكثر. إن كل التحليلات السابقة تقودنا إلى حقيقة أن تجزئة القضية العربية الثورية، وقطرية منظمة التحرير وانسجامها مع فكر التجزئة، واشتداد نزعتها الإقليمية، وعدم مواجهة الهجمة الشاملة للعدو الصهيوني بأوسع مشاركة ثورية عربية قد أدى في نهاية الأمر إلى انفراد أعداء الأمة العربية بقيادة منظمة التحرير المتنفذة ولوي ذراعها العسكري وشطبها وتدجينها واحتوائها وحرفها عن مسارها عبر حل تصالحي تسووي تصفوي. وكم كانت قيادة البعث في العراق حكيمة في تخوفها عام 1974م حينما "عترفت الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا على طريق تحرير فلسطين" .

 

8- قراءة في الاتفاق التاريخي بين المملكة السعودية وإيران

المركز الديمقراطى العربى

بقلم: التجاني صلاح عبد الله المبارك - المركز الديمقراطي العربي

بقدر ما يعتبر قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة السعودية وإيران هو إنجاز تاريخي يحسب للدبلوماسية الصينية، وبقدر ما هو أيضا علامة فارقة من علامات صعود الصين وتنامي القوة الصينية، إلا انه أيضا في ذات الوقت بداية الانهيار للفاعل الأمريكي وأفول دوره وخططه الاستراتيجية في الشرق الأوسط.

جاء البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس" ووكالة أنباء "إرنا" الإيرانية، أنه على أثر محادثات، فقد تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتيهما وممثليتاهما خلال مدة أقصاها شهران، لينهي ذلك البيان المفاجئ سبع سنين عجافا من القطيعة والاحتقان والتوتر بين البلدين الجارتين.

ولأن البيان الأخير الصادر عقب القمة الصينية الخليجية كان مزعجا ل-إيران، فقد تضمن وقتها فقرات تعتبر إيران مصدرا من مصادر زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، فقد كان التوصل لاتفاق بين المملكة السعودية وايران وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، هو أشبه بما يكون إعجازا للدبلوماسية الصينية.

وزير الخارجية الإيراني قال: إن سياسة حسن الجوار أمر محوري ونواصل العمل نحو مزيد من الخطوات الإقليمية.. إن عودة العلاقات الإيرانية السعودية توفر إمكانات كبيرة للمنطقة والعالم الإسلامي.

أما وزير الخارجية السعودي فقد قال: إن دول المنطقة يجمعها مصير واحد يجعل من الضرورة أن تتشارك لبناء نموذج للازدهار، وإن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وإيران يأتي انطلاقا من رؤية المملكة القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار.

كبير الدبلوماسيين الصينيين قال: إن محادثات وحوار السعودية وإيران في بكين نصر للسلام، أما الولايات المتحدة فقالت إنها كانت على علم بالاتصالات السعودية الإيرانية، وأن ما يهم واشنطن إنما هو إنهاء الحرب في اليمن ووقف الهجمات على السعودية.

أما رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، نفتالي بينيت فلم يكتم مخاوفه: إن تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، هو تطور خطير بالنسبة لإسرائيل وانتصار سياسي بالنسبة لإيران.. وهو ضربة قاضية لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران.. أنه فشل ذريع لحكومة نتنياهو، نجم عن مزيج بين الإهمال السياسي والضعف العام والصراع الداخلي في البلاد

ترتب على هذا الاتفاق التاريخي أن فقدت الولايات المتحدة وإسرائيل في صفها الخصم التقليدي ل-ايران، ومن ناحية ثانية لا يعزز الاتفاق الاستراتيجي التاريخي بين المملكة السعودية وايران الآمال والطموحات فقط في وقف نزيف الدم العربي في اليمن، لكن من شأنه أيضا أن يبث الرعب في الدولة العبرية وتهديد مباشر للشيطان الأكبر (الولايات المتحدة) مثل ما تصف ايران.

ولأن المملكة السعودية تواجه علاقات مضطربة مع الولايات المتحدة، وتخوض حربا موجعة في اليمن تمثل لها احدى نقاط الضعف، وفي ذات الوقت تواجه إيران حصارا اقتصاديا كبيرا، وعزلة دولية، واضطرابات وفوضى داخلية، وحربا محتملة من الطرف الإسرائيلي والأمريكي، فانه بهذه الاعتبارات في تقديري، ربما يمثل الاتفاق الوشيك بين الدولتين مخرجا سياسيا مناسبا، يمكن معه تبلور اتحاد يتسم بالقوة في مواجهة القطب الأمريكي والإسرائيلي.

بدأت العلاقات السعودية الصينية الرسمية منذ تسعينات القرن الماضي، ورغم التباين الكبير بين البلدين من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد شهدت العلاقات تطورا كبيرا، لأن الصين دولة صناعية اقتصادية ليس لها مصادر كافية للطاقة وتحتاج لتأمين حاجاتها من مصادر الطاقة المختلفة سواء النفط أو الغاز الطبيعي، بينما المملكة السعودية هي من اهم الدول المنتجة للطاقة في العالم.

ولأن الاستراتيجية الصينية تعتمد على التنمية الشاملة، وتهدف من خلال ذلك إلى خلق أرضية ثابتة من التعاون المشترك من شأنه أن يؤسس لعلاقات قوية تقود لحل النزاعات والصراعات، على أسس من المصالح المتبادلة، ولأن الصين تربطها بالمملكة السعودية علاقات اقتصادية كبيرة، كما هي الشريك الاقتصادي الأكبر ل -ايران فقد انضمت ايران إلى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وهي اتفاقية مدتها 25 عاما، لتمهيد الطريق للاستثمارات الصينية في إيران، فقد مكنت هذه الروابط الصين من توجيه دورها القيادي في حلحلة النزاع السعودي الإيراني في المنطقة المحتقنة، والنظر بعين الاعتبار لمصالحها الاقتصادية والسياسية.

إن التطلع الدائم للأمن يجعل الدولة في حالة قلق وتوجس مستديمين، فأعداء الأمس من الممكن أن يكونوا هم أصدقاء ليوم وأصدقاء اليوم من المحتمل أن يكونوا هم أعداء الغد، وفي ظل المتغيرات السياسية والمصالح المتعاقبة والمتلاحقة فإنه لا يمكن التكهن بما يضمره الطرف الأخر مهما كانت متانة العلاقات بين الطرفين، ومهما كان تطور الطرف الأول المعلوماتي والتقني ومهما بلغت درجته الاستخباراتية.

أخيرا وبعد كل ما جرى فإن المتوقع حدوث احدى احتمالين في تقديري: الأول هو أن يمضي الاتفاق إلى نهايته، وهو ما يحسب نجاحا للتدخل الصيني، الذي يرى بوجوب إيجاد تصور جديد للأمن يتمثل في التعاون الأمني الجماعي المتبادل والدائم، لأن الأمن الفردي المطلق قد يسبب لدول أخرى حالة من الخوف وفقدان الأمان، ويتوقع أن تضع الحرب أوزارها في اليمن، وبروز اتحاد وتحالف بين أعداء الأمس وأصدقاء اليوم وهو ما تتطلبه معطيات الواقع السياسي الراهن.

أما الاحتمال الثاني فهو إجهاض الولايات المتحدة وإسرائيل للاتفاق التاريخي بإحدى فرضيتين: الأولى هي تغذية الخلافات والفوضى الخلاقة بإحدى الدولتين بما تكون محصلته سقوط النظام القائم، والفرضية الثانية هي وقوع عمل عسكري ضخم تقف خلفه إسرائيل، داخل احدى الدولتين بما يعيد خلط الأوراق من جديد.

 

تقارير واخبار

1- كيسنجر: الوساطة الصينية في الشرق الأوسط بداية لعبة جديدة بمخاطر مختلفة

18 مارس , 2023  وكالة اخبار العرب

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للمعلق ديفيد إغناطيوس، قال فيه إن الصين تبشّر اليوم بشرق أوسط متعدد الأقطاب، في تعليق على الإنجاز الدبلوماسي الذي حققته بكين بالتوسط بين السعودية وإيران، لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد انقطاع لسبعة أعوام.وقال الكاتب إن وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر، كان لديه حس “دي جافو” (الشعور بأنك عشت تجربة اليوم سابقا)، حيث كان السياسي العجوز يراقب الصين وهي ترعى تقارب السعودية- إيران. فقد كان المثلث الدبلوماسي مشابها لما أنجزه كيسنجر في 1971. وقال كيسنجر في مقابلة مع الكاتب هذا الأسبوع: “أنظر إليه كتغير جوهري في الوضع الإستراتيجي بالشرق الأوسط”.

مضيفا أن “السعوديين يحاولون موازنة أمنهم من خلال اللعب بورقة الولايات المتحدة ضد الصين”. وبطريقة مقارنة قال كيسنجر إنه كان قادرا مع الرئيس ريتشارد نيكسون على اللعب بالتوتر بين بكين وموسكو في اتفاقهما التاريخي. وعليه، فخفض التوتر في منطقة الخليج هو في مصلحة الجميع على المدى القريب. ولفت: “لو أراد الرئيس شي جين بينغ لعب دور مَن يحاول ضبط إيران وتطمين السعودية، فحظا سعيدا له، فالولايات المتحدة تحاول عمل هذا منذ عام 1979 وحرف قوس الثورة الإيرانية نحو الاستقرار”.

على المدى البعيد، يقول كيسنجر إن ظهور بكين كصانع سلام “سيغير شروط المرجعية الدبلوماسية الدولية”، فلم تعد الولايات المتحدة القوة التي لا يستغني عنها أحد بالمنطقة، أي الدولة القوية أو المرنة بدرجة لكي ترعى اتفاقيات السلام، وقد طالبت الصين بحصة من هذه القوة. ويعلق كيسنجر قائلا: “أعلنت الصين في السنوات الماضية عن حاجتها لأن تكون مشاركة في خلق النظام الدولي”، و”تحركت خطوة مهمة الآن بهذا الاتجاه”.

ويرى الكاتب أن الدور المتزايد للصين سيعقّد من قرارات إسرائيل، وما يراه قادتها حول شن حرب وقائية ضد إيران كخيار أخير، في وقت تتحرك طهران باتجاه التحول إلى قوة نووية. ويرى كيسنجر أن “الضغوط على إيران يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المصالح الصينية”.

ويعتبر إغناطيوس أن الصينيين طالما اتسموا بالانتهازية، واستثمروا الجهود الأمريكية الحثيثة (التي لم تشكر عليها) لتقوية السعودية كي تكون في وضع لمقاومة الجماعات الوكيلة لإيران في اليمن والعراق وسوريا. وبنت الولايات المتحدة الطريقة للتقارب السعودي- الإيراني، ولكن الصينيين هم من قصّوا الشريط.

فقد بدأت المحادثات السعودية- الإيرانية قبل عامين في بغداد برعاية رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، شريك الولايات المتحدة. وعقدت بعض المحادثات في عُمان، الحليفة لأمريكا. وفي ست جولات من المفاوضات، اتفق الممثلون السعوديون والإيرانيون على خريطة طريق تقود لاستئناف العلاقات بين الدولتين. واشترطت السعودية قبل إعادة فتح السفارات، أن تعترف طهران بدورها في دعم الحوثيين والحد من هجماتهم على أراضيها.

وأشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة هي التي عبّدت الطريق نحو تسوية للحرب الفظيعة في اليمن. فقد ساعد تيموثي ليندركينغ، مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية لليمن، في التفاوض على وقف إطلاق النار في نيسان/أبريل الماضي. وبدأت الطائرات بالتحليق من مطار صنعاء، وتدفقت البضائع من ميناء الحديدة، وكلاهما تحت سيطرة الحوثيين. وأعلنت السعودية في الفترة الأخيرة عن إيداع مليار دولار في المصرف المركزي اليمني لبناء الاستقرار في البلد.

ثم جاءت الصين لتحصد كل جهود حسن النية الأمريكية. وعندما زار الرئيس شي السعودية في كانون الأول/ديسمبر، تعهد باستخدام تأثير بلاده على إيران لإتمام الصفقة. وعندما التقت الأطراف الثلاثة في بكين هذا الشهر، اعترف مستشار الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني بدعم إيران للحوثيين، وتعهد بوقف إرسال الأسلحة إليهم، بحسب مصدر مطلع. وتعهدت إيران أيضا بأنها لن تهاجم المملكة مباشرة أو عبر جماعات وكيلة.

وبعد شهرين من الآن، وعلى افتراض سيطرة إيران على الحوثيين والحدّ من نشاطاتهم، فستعيد الرياض وطهران فتح السفارات. ويمكن للمبعوث الأمريكي التفاوض على اتفاقية لتسوية الحرب في اليمن أيضا. ولكن “الفيل في الغرفة” يظل هو البرنامج النووي الإيراني. فمع انهيار الاتفاق النووي عام 2015، زادت إيران من عمليات تخصيب اليورانيوم. ويقول الخبراء إنها قد تقوم باختبار أسلحة نووية بسيطة في مدى أشهر لو أرادت ذلك. وهنا تعرف إيران أنها تقترب من الحافة، فقد تعهدت بأنها ستسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستئناف عمليات التفتيش لمنشآتها النووية.

ويعلق الكاتب أن النظام الإيراني في تراجع، عملته انهارت، نساؤه الشابات تحدين قوانين الحكومة في ارتداء الحجاب، ويتساءل السكان عن طبيعة البلد الذي سيظهر بعد وفاة المرشد العجوز، آية الله علي خامنئي.

وتحول الشرق الأوسط من مكان المواجهة إلى منطقة توازن القوة، فالسعودية تتعامل مع الصين وإيران، وتقدم 400 مليون دولار لدعم جهود الولايات المتحدة في أوكرانيا، إلى جانب إنفاق 37 مليار دولا على 78 طائرة بوينغ.

وتتعاون الإمارات مع الصين مع احتفاظها بالعلاقات الدفاعية مع الولايات المتحدة، وتسوية خلافاتها الإقليمية مع قطر وتركيا في ليبيا. وبدلا من أن تكون “إسبرطة الصغيرة” كما وصفها وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، تتحول إلى “سنغافورة الصغيرة”. وعندما كان الشرق الأوسط منطقة هيمنة أمريكية، شجع ذلك السياسات الصدامية من حلفائها السعوديين وإسرائيل ولم يكن مستقرا أبدا. في المقابل، فشرق أوسط متعدد الأقطاب، بعمليات تحوط وتوازن مستمرة، سيجلب معه مخاطره، ولكنه سيفتح المجال أمام قواعد لعبة جديدة كما يقول كيسنجر.

 

2- معهد واشنطن: ما يعنيه اتفاق الخليج بوساطة بكين - وما لا يعنيه

هنري روم وغرانت روملي    21/3/2023           
هنري روم هو زميل أقدم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، متخصص في العقوبات على إيران والقضايا الاقتصادية والنووية.
غرانت روملي هو زميل أقدم في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، حيث يتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في الشرق الأوسط.
تحليل موجز،توسطت الصين في الاتفاق بين السعودية وإيران، إلّا أن ذلك لا يشير إلى قيام نظام جديد بزعامة بكين في الشرق الأوسط. وفي الواقع، يمكن أن يجعل التوترات الإقليمية أكثر سوءاً    .
لم يشكل الاتفاق الذي أبرمته طهران والرياض في الأسبوع الماضي لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما "اتفاقية سلام"، بل قراراً صدر عن الخصمين لتهدئة التوترات وإعادة فتح السفارات بعد مرور سبع سنوات على انقطاع العلاقات. إلا أن واشنطن تخوّفت بالدرجة الأولى من دور الصين في تسهيل الاتفاق، مما دفع بالبعض إلى الإعلان عن بداية "عهد جيوسياسي جديد" والتأكيد أن الاتفاق فاق "كل ما تمكنت الولايات المتحدة من تحقيقه في المنطقة منذ تولّي بايدن منصبه".        ولكن ثمة أسباب كثيرة تدعو إلى الشك في أن الاتفاق يشير إلى براعة دبلوماسية صينية جديدة أو إلى تغير النظام في المنطقة. على سبيل المثال، تلعب بكين دوراً في المجال الدبلوماسي في الشرق الأوسط منذ سنوات، ومؤخراً عبر الرحلة التي قام بها الرئيس شي جين بينغ في كانون الأول/ديسمبر لترؤس القمم الإقليمية في المملكة العربية السعودية، إلّا أن جهوده لم تثمر عما يستحق الذكر. (للحصول على نظرة تفصيلية على الأنشطة الدبلوماسية السابقة للصين في المنطقة، راجع المقالة المصاحبة "سجل الصين على الصعيد الدبلوماسي في الشرق الأوسط".)
بالإضافة إلى ذلك، لم يتضح بعد مدى أهمية دور بكين في المفاوضات الإيرانية السعودية. فمنذ سنوات يجري الطرفان محادثات غير رسمية (عبر قنوات خلفية) على أمل تهدئة التوترات، وقد جرت الجولات السابقة برعاية العراق وسلطنة عُمان. ووُضعت هذه المحادثات جانباً مع تغيير الحكومة في العراق واندلاع الاحتجاجات في إيران العام الماضي.   
وفي هذا السياق، تشير التقارير حول الاتفاق الجديد إلى أن كلا الجانبين كانا قادرين على التوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا المهمة، نظرياً على الأقل. ويبدو أن الرياض وافقت على التخفيف من حدة حملتها الإعلامية عبر قناة "إيران إنترناشيونال" الكائنة في لندن والممولة من السعوديين، وهي التي وصفتها طهران بالمحرض الأول المناهض للنظام خلال حركة الاحتجاج الأخيرة. وفي المقابل، أفادت بعض التقارير أن إيران وافقت على تشجيع حلفائها الحوثيين في اليمن على الأبقاء على الهدنة الحالية المستمرة منذ عام. ومنذ بداية تلك الحرب في عام 2015 أنفقت السعودية ملايين الدولارات للدفاع عن أراضيها ضد هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيّرة، والتي غالباً ما استهدفت مواقع مدنية رئيسية. باختصار، كان لدى الرياض وطهران أساساً حوافز قوية لاتخاذ بضع خطوات دبلوماسية أولية على الأقل لتعزيز استقرارهما الداخلي، لذا فإن إبرام هذا الاتفاق ليس بمثابة أنجاز بارز جداً لبكين. 
وثمة مسألة أخرى مطروحة وهي ما إذا كان سيتم تنفيذ الاتفاق بالكامل، وما إذا كانت بكين تنوي مساءلة كل جانب. ورفقاً لـ  البيان الثلاثي الصادر في 10 آذار/مارس، اتفقت إيران والسعودية على "استئناف العلاقات الدبلوماسية" وإعادة فتح سفارتيهما في غضون شهرين. كما أكدتا "احترامهما لسيادة الدول... وعدم التدخل في الشؤون الداخلية"، فضلاً عن  اعتزامهما تنفيذ اتفاقية التعاون الأمني ​​لعام 2001 واتفاق عام 1998 الذي يتناول التعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي (ستتم مناقشة الاتفاقيتين الأخيرتين بشكل كامل في مقال مصاحب قادم).
إلا أن اتفاقية التعاون الأمني لعام 2001 غامضة - على الرغم من أنها تتضمن لغة عامة تشجع على تبادل المعلومات والتدريب المشترك لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب وتهريب المخدرات، إلا أنها لا توفر مساراً محدداً نحو بدء مثل هذا التعاون. بالإضافة إلى ذلك، يوضّح البيان الثلاثي بشكل جاد أن دور الصين اقتصر على "استضافة المحادثات ورعايتها"، ومن الممكن أن تستضيف قمة إقليمية أخرى في وقت لاحق من هذا العام. ولم يلمّح البيان بأي شكل على أنها تعتزم تأدية دور الضامن للاتفاقية أو إبقاءها على المسار الصحيح.
وبالفعل، تبدو مخاطر الخروج عن المسار عالية نظراً لانعدام الثقة بين الرياض وطهران. وقد يؤدي تجدد الاحتجاجات في إيران إلى اندلاع موجة جديدة من غضب النظام تجاه السعودية، سواء شاركت الرياض وحلفاؤها في إثارة الاضطرابات أم لا. وعلى الرغم من أن الحوثيين متحالفون بشكل وثيق مع طهران ويعتمدون على أسلحتها وأموالها وتدريبها، إلا أنهم قد يواصلون عمليات القصف على السعودية لأسبابهم الخاصة، مما يهدد وقف إطلاق النار الهش. وبالمثل، من الممكن أن تقرر شبكة وكلاء إيران في العراق وسوريا مهاجمة الشركاء السعوديين أو المملكة ذاتها، مما يقوّض دعم الرياض الداخلي للتسوية.       
وقد يؤدي الاتفاق إلى تفاقم التوترات الجيوسياسية الأوسع نطاقاً التي تسعى بكين على الأرجح إلى تهدئتها. وعلى وجه الخصوص، قد ترى إيران في الاتفاق تأييداً ضمنياً لسياستها النووية الحالية والتي جمعت بين التعنت السياسي والتطورات التقنية غير المسبوقة. وإذا قررت طهران مضاعفة الجهود في استراتيجيتها النووية نتيجة لذلك، فإنها ستزيد من قلق المسؤولين الغربيين والعرب والإسرائيليين. بعبارة أخرى، على الرغم من أن الاتفاق قد يخفف من حدة التوترات بين إيران والسعودية، إلّا أنه قد يؤدي في الوقت نفسه إلى تفاقم التوترات بين طهران والجهات الفاعلة الأخرى، ما قد يزيد من احتمال حدوث تصعيد عسكري.      
لذلك، على واشنطن التيّقظ بشأن ما تعنيه وساطة بكين - وما لا تعنيه. ومن المرجح أن تواصل الصين زيادة استثماراتها في الشرق الأوسط؛ فهي في النهاية القوة الاقتصادية المهيمنة في المنطقة وقد سعت منذ فترة طويلة للمواءمة بين مكانتها الدبلوماسية وتأثيرها الاقتصادي الكبير. وحتى الآن، لم تتأثر سمعتها الدبلوماسية في المنطقة بما يجري على أرض الواقع. وفي النهاية، لا شكّ في أن إقناع إيران والسعودية بالموافقة علناً على اتفاق لخفض التصعيد يشكل فوزاً. لكن في واقع الأمر، يُعد إلزامهما بالاتفاقية على المدى الطويل تحدياً مختلفاً تماماً، حيث سيكشف الكثير عن تأثير الصين الحقيقي.
هنري روم هو زميل أقدم في معهد واشنطن. جرانت روملي هو "زميل غولدبرغر" في معهد واشنطن ومؤلف دراسته الأخيرة "الوجود الأمني للصين في الشرق الأوسط: الخطوط الحمراء والمبادئ التوجيهية للولايات المتحدة".

 

3- لماذا الأنبار بالذات؟ أوليست صحراء؟

لماذ الانبار بالذات اليس هي مجرد صحراء قاحلة ام ان الحقيقة غير ذلك لماذا هذا الاصرار على الانبار وعلى الصحراء بالذات هل فيها شئ لا يوجد بغيرها هل فيها كنز نعم فيها كنوز وليس كنز فيها خيرات الله من كل صنف لكم نبذة مختصرة عن ما يوجد في هذه الصحراء القاحلة

1- تضم الأنبار نحو ثلاثة وخمسون تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي وهو يعتبر اكبر من احتياطي روسيا الدولة الاولى في احتياطي الغاز في العالم والذي يبلغ احتياطيها من الغاز اربعة واربعون ترليون قدم مكعب وهذا حسب تقديرات العالمية لسنة 2008 اي ان الانبار اكبر احتياطي غاز في العالم

2- . يتوقع خبراء النفط إمكانية وجود ما قد يصل إلى ثلاثمائة مليار برميل من النفط الخام في صحراء الأنبار، ويعتقد أن هذا سبب محاولات القوات الأمريكية السيطرة على منطقة الأنبار دون غيرها طيلة السنوات الخمس الماضية.

وهذ يعتبر اكبر من احتياطي فينزويلا التي تحتل المركز الاول في احتياطي النفط في العالم بأحتياطي مائتان وسبعة وتسعون مليار برميل واكبر من السعودية البلد الثاني في النفط بمقدار مائتان وخمسة وتسعون مليار برميل وفي عام 2008م نشرت مؤسسة IHS الدولية النفطية دراسة حول اكتشاف منطقة نفطية كبيرة في الأنبار بعد إجراء مسح عبر الأقمار الإصطناعية ولكن تم تكتيم على الخبر إعلامياً

3- الفوسفات يوجد في الانبار عشرة مليارات طن وهو قريب من احتياطي مصر التي تمتلك اكبر احتياطي عالمي

4- حجر الكلس تسعمائة وسبعة وتسعون مليون طن

5- الكاؤولين ثمانون مليون طن

6- رمال الزجاج ستة وثمانون مليون طن

7- الحصى والرمل مائتان واثنان وعشرون مليون متر مكعب

8- القار الف وسبعمائة وخمسون الف متر مكعب

9- الحديد الرسوبي ستة ملايين طن

10- الجبس اثنان وعشرون مليون طن

الان علمتم لما صحراء الانبار بالذات علمتم لما يسيل لعاب الناس على هذه البقعة لانها صحراء الانبار عفواً بل هي فردوس الانبار التي يجب ان نعض عليها بالنواجذ

شبكة البصرة

السبت 3 رمضان 1444 / 25 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط