بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ديلي تلغراف: رعاية الصين للصفقة السعودية- الإيرانية
 إشارة على تراجع مصداقية أمريكا

شبكة البصرة

إبراهيم درويش

نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” مقال رأي لمايكل ستيفنز، حول الصفقة التي رعتها الصين بين السعودية وإيران، قائلا إنها تفتح المجال أمام عهد جديد من الجيوسياسة في المنطقة. وأضاف أن غياب الأمريكيين عن الصفقة هو صورة عن الأشياء القادمة.

وأضاف ستيفنز، الزميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية، والزميل في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن، أن خريطة الطريق بين السعودية وإيران والتي وقّعت في بكين يوم الجمعة، أعطت العالم صورة مدهشة حول عصر جديد من الجيوسياسة التي لم تعد فيها الولايات المتحدة المتحكم الوحيد بالشؤون الدولية.

وقال الكاتب إن التوتر كان يغلي بين أكبر دولتين مؤثرتين في الخليج، وكاد في بعض الأحيان أن يتحول إلى نزاع شامل. ومن هنا، فقد كان جيدا أن تجلس الدولتان لحل المشاكل العالقة بينهما. فمع الحرب الأوكرانية المستعرة بدون أي أفق للنهاية، فلا أحد يريد حربا جديدة بين دولتين خاصة في منطقة تسهم بنسبة 20% من احتياجات العالم اليومية من النفط.

ومع ذلك، فالقصة تبدو كبيرة من ناحية جلوس بكين وليس واشنطن بين الطرفين لعقد الصفقة.

فمن ناحية قوة السياسة، ظل الشرق الأوسط ساحة هيمنة أمريكية. وتمتد قدرات الولايات المتحدة العسكرية في المنطقة من قبرص إلى العراق وسوريا والبحرين والكويت وقطر والإمارات، بشكل يمنحها التأثير والقوة. صحيح أن الكثير من دول الشرق الأوسط وجدت صعوبة في قبول القيادة الأمريكية، إلا أنها لم تتساءل عن الحقيقة الرئيسية، وهي أن الولايات المتحدة هي القوة الكبرى الحاضرة دائما في الغرفة، وإذا كانت هناك حاجة لعملٍ ما، فيجب عليك الحديث أولا مع واشنطن ثم يأتي دور البقية.

وحتى في الأوقات التي نُظر فيها لواشنطن كحكم متحيز ووسيط ضعيف، إلا أن آليات مثل الرباعية المكلفّة بحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني و”إي 3الاحد 12-3-20233 في حالة المفاوضات المتعلقة بالملف الإيراني، أنشئت للتستر وراء القوة الأمريكية، صحيح أن هناك قوى أخرى كانت موجودة على طاولة المفاوضات مثل روسيا وفرنسا والمملكة المتحدة، لكن الأمريكيين كانوا هم من يحددون الأجندات، لكن ليست هذه المرة.

ولم تحقق بكين الصفقة الأخيرة لوحدها، فقد استقبلت عُمان جولات من المحادثات، وقدم العراقيون (بتشجيع أمريكي وأوروبي واضح) المكان والدعم الدبلوماسي للمحادثات بين السعوديين والإيرانيين.

وفي الجوهر، حصل الأمريكيون على ما يريدونه، تخفيف التوتر ما بين قوتين كبريين في الشرق الأوسط، وتخفيف الصداع. إلا أن حقيقة عدم مشاركة الأمريكيين في الغرفة أثناء التوقيع، وعدم تشكيلهم معايير الاتفاق مهمة جدا، وهي إشارة عن طبيعة الأشياء القادمة.

فمن ناحية، أظهرت القيادة الصينية لزعماء المنطقة، أنها قوة يمكن الوثوق بها وتستطيع تقديم ما يتوقع منها. ومن ناحية أخرى، لن يعمل هذا الاتفاق إلا على تعزيز تأثير وقوة الصين المتزايدة بالمنطقة. ولم تخفِ إدارة بايدن رؤيتها للشرق الأوسط، وأنه مجرد عرض دبلوماسي جانبي، حيث جعله التنافس الأمريكي مع الصين، والحرب في أوكرانيا في آخر القائمة من أولويات الإدارة الأمريكية.

إلا أن هذا فتح المجال للصين كي تقدم نفسها كبديل عن القوة الأمريكية. وربما تفتقد بكين القوة العسكرية الأمريكية المنتتشرة في أنحاء المنطقة، إلا أن هذا الاتفاق قدم شيئا واحدا، وهو أن الولايات المتحدة لم تعد لديها مصداقية، وهذا لن يعوضه حجم الدبابات والقنابل والطائرات التي تملكها أمريكا على الأرض.

القدس العربي

شبكة البصرة

الثلاثاء 22 شعبان 1444 / 14 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط