بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
حلقة جديدة في مسلسل قديم.. الوقف الشيعي يصادر جامع سامراء |
شبكة البصرة |
إستغلت الأحزاب الحاكمة وميليشياتها المسلحة حادثة تفجير (مرقد العسكريين) في الثاني والعشرين من شباط/فبراير 2006، لإحداث تغييرات ديموغرافية واسعة في مدينة سامراء، وتغيير الطابع الثقافي والتاريخي لعاصمة الخلافة العباسية، وسط دعوات شاذة من بعض قادة هذه الأحزاب للإمعان في مسخ هوية المدينة. ووصلت هذه الدعوات حد المطالبة بهدم المئذنة الملوية غرب المدينة، التي يعود تاريخ بنائها إلى عام 237هـ في عهد الخليفة العباسي المتوكل بالله، لتصبح أعلى منارة لأكبر مسجد في العالم الإسلامي في ذلك الوقت، والتي تعرضت بعض أجزائها بالفعل للتخريب بعد الغزو الأمريكي. ولم يقتصر المد الطائفي بعد حادثة التفجير على مدينة سامراء بل تعداه لمحافظات أخرى، حيث شمل هدم وإحراق ومصادرة مئات الجوامع، وقتل أكثر من 100 ألف شخص على الهوية، إضافة لتهجير وتشريد مئات الآلاف من المواطنين. ومن بين حلقات هذا المسلسل، عمل الوقف الشيعي مدعوماً بالميليشيات المسلحة وبتواطؤ حكومي، على مصادرة العديد من الجوامع في أكثر من محافظة، ومؤخراً استولى بالإشتراك مع ميليشيا سرايا السلام والعتبة العسكرية، على جامع سامراء الكبير والمدرسة العلمية المتصلة به؛ في خطوة قوبلت باستياء ورفض كبيرين، من مختلف الأوساط الإسلامية داخل العراق وخارجه.
جريمة مكتملة الأركان ووصفت هيئة علماء المسلمين في العراق هذه العملية بأنها جريمة مكتملة الأركان، مؤكدة أنها “خطوة أخرى خطيرة في مشروع الاستيلاء الممنهج على الأوقاف الإسلامية في العراق، وفرض الوصاية الطائفية بسطوة القوة العسكرية.” وجاء في بيان أصدرته الهيئة بهذه المناسبة، إن “الانتهاكات التي يرتكبها (ديوان الوقف الشيعي) بمعونة الميليشيات تحت مظلة السلطة الحكومية مستمرة في جميع أنحاء العراق، ولا سيما ما يتعلق منها بالهيمنة على الأوقاف الإسلامية في عدة محافظات”. وأوضح البيان ظروف الإستيلاء على الجامع بالقول، إن الجهات المذكورة أقدمت “الثلاثاء (7/3/2023م)؛ وبتواطؤ من السلطات الحكومية -المركزية منها والمحلية- على تغيير اسم الجامع الكبير في سامراء، وإعادة افتتاحه تحت مسمى طائفي جديد، متخذة من ذريعة (إعادة ترميم القبة) غطاءاً للاستحواذ التام عليه في جريمة مكتملة الأركان، وعن سبق إصرار وترصد” وأوضح البيان إن الجامع والمدرسة اللذين يعبران عن هوية المدينة، قد تعرّضا لخطوات تدريجية من الإغلاق والحجز، بدءاً من تفجير المرقدين المجاورين لهما، حيث عانى أبناء المدينة من صعوبة بلوغ الجامع في صلوات الجمعة، بينما أجبر طلبة المدرسة العلمية على اتخاذ بناية أخرى بعيدة عن مبنى المدرسة التأريخي، وانتهاءًا بأحداث (حزيران/2014م)، التي كانت قاصمة؛ إذ أغلق الجامع بشكل تام بوجه المصلين، وحظر رفع الأذان فيه وإقامة الصلوات. وأشار البيان لعدد من الأساليب التي اتخذتها هذه الجهات للإستيلاء على عقارات أبناء المناطق الغربية من سامراء المحيطة بالمرقد والجامع والمدرسة، مثل “وضع اليد عليها دون وجه حق أو بفرض البيع على مالكيها تحت طائلة التهديد والاعتقال، وفي بعض الأحيان بالإغراءات مقابل مبالغ مالية خيالية”، مشيراً إلى تأكيد “كثير من الشهود على أن العقود التي كانت تبرم في بيع هذه الأملاك؛ كان الحقل الذي يدوّن فيه اسم الشاري فارغاً.”
نيات مسبقة وأشار بيان هيئة علماء المسلمين في العراق لتقصير الوقف السني في المحافظة على الأوقاف بقوله، إنه “هو المسؤول في المقام الأول عن التفريط بحمايتهما، ولا سيما وأن له سوابق في التخاذل عن القيام بمهامه، ومنها تسليمه نظيره (الشيعي) المرقد دون قيد أو شرط ونقل ملكيته إليه بعد أحداث سنة (2006م)”، مؤكداً أن من يشاركه في تحمل هذه المسؤولية هم “من يسمّون بالسياسيين (السنّة) الذين رضوا لأنفسهم أن يكونوا أوراقاً على طاولة العملية السياسية تتلاعب بها الأيدي كيفما شاءت”، بحسب البيان. وكان الوقف الشيعي قد انتزع ملكية المرقدين العسكريين من الوقف السني بنفس اليوم الذي جرى فيه التفجير، وبحسب مراقبين فإن هذه الخطوة أثبتت وجود نية مسبقة للإستيلاء على الأوقاف، مما يعني أن التفجير حدث بالإساس لمنح هذه الأطراف ذريعة للإستيلاء عليها واستكمال مشروع تغيير هوية المدينة، كما يشير لصلتها بالجهة التي نفذت التفجير. وبالفعل فقد كشف النقاب في وقت لاحق عن العديد من الأدلة، التي تثبت تورط إيران بالجريمة، منها تصريح قائد القوات الأميركية السابق في العراق، الجنرال “جورج كيسي” عام 2013، الذي كشف فيه مسؤولية فيلق القدس بقيادة قائده السابق “قاسم سليماني” عن التفجير.
من جيش المهدي الى سرايا السلام من جهة اخرى أقر القيادي في التيار الصدري “عواد العوادي” بوقوف إيران وراء العديد من الحوادث الإرهابية في العراق، من بينها تفجير مراقد سامراء. وقال العوادي في مقابلة تلفزيونية بثت يوم 7 آب/أغسطس 2017، إن “هناك تقارير تقول إن الذي حدث في سامراء عام 2006 نفذته مجاميع إرهابية جاءت من إيران، إضافة إلى أن الأخيرة متهمة بإدخال إرهابيين إلى العراق”. واكتفى العوادي بحادثة التفجير، ولم يتطرق لدور جيش المهدي التابع لتياره، في إستثمار الحادثة والقيام بعمليات انتقامية في العديد من المحافظات، تضمنت إحراق الجوامع وقتل المصلين فيها، والعديد من عمليات التهجير والقتل على الهوية. وبحسب مصادر صحفية، فقد ساهمت “سرايا السلام” التابعة لتيار مقتدى الصدر بعمليات الإستيلاء والسيطرة على هذه الأوقاف، خاصة بعد إسناد أمر “حماية” مدينة سامراء إليها بالاتفاق مع رئيس الوزراء الأسبق “حيدر العبادي”، حيث فرضت سيطرتها على المدينة منذ ذلك الوقت، وبقيت هناك حتى الآن. وخلال هذه الفترة استولى الوقف الشيعي على “مسجد حسن باشا”، وعلى عشرات العقارات الصغيرة التي جرى تسجيلها كأوقاف شيعية. وقال الموظف السابق في الوقت السني “علاء زعين العباسي” لصحيفة أجرت تحقيقاً حول الموضوع، إنه “في عام 2012 جرى استقدام قوة عسكرية خاصة، طوقت دائرة التسجيل العقاري، وطردت جميع الموظفين وصادرت الأوراق الثبوتية للأراضي المحيطة بمرقد الإمامين، ونقلتها إلى دائرة الوقف الشيعي في بغداد”. وأشار العباسي إلى أن الهدف من ذلك تسجيل 12 من تلك الأراضي كأوقاف شيعية، مؤكداً أن وزارة العدل أيضاً ساهمت بهذه العملية. وكالة يقين |
شبكة البصرة |
الاحد 4 رمضان 1444 / 26 آذار 2023 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |