بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ميليشيا الحشد في سوريا.. مساعدات إنسانية أم إعادة انتشار؟

شبكة البصرة

بادر الكثير من دول العالم لتقديم العون لمتضرري الزلزال، ألذي أحدث في السادس من شباط/فبراير الماضي دماراً هائلاً وخسائر بشرية كبيرة في كل من سوريا وتركيا، كما سارعت منظمات إغاثية من مختلف دول العالم لتقديم العون، باعتبار أن ذلك واجب إنساني يحتم على الجميع تقديمه، دون النظر إلى الاعتبارات السياسية. وذكرت مصادر تركية إن فرق الإنقاذ قدِمت من أكثر من 80 دولة للمشاركة في عمليات الإنقاذ، فيما حطت في المطارات السورية حوالي 300 طائرة خلال شهر واحد، وهي تحمل المساعدات الطبية والعينية من مختلف دول العالم.

وبلغت قوة الزلزال الذي خلف 50 ألف قتيل 7.8 درجة على مقياس ريختر، وأصبح قرابة مليون شخص بلا مأوى في كلا البلدين، فيما تجاوزت خسائر الممتلكات في تركيا 34 مليار دولار، وفي سوريا أكثر من 5 مليارات دولار، بحسب تقديرات أولية نشرها البنك الدولي مؤخراً.

وبينما كانت فرق الإنقاذ تقوم بواجبها الإنساني، إستغلت ميليشيات مسلحة تابعة للحشد الشعبي هذا الظرف الإنساني للتمدد داخل الاراضي السورية خاصة في مدينة حلب، متذرعة بتقديم المساعدات، بحسب ما ذكرته تقارير دولية. وبعد مرور أكثر من شهر على الزلزال وفقدان الأمل بالعثور على ناجين، غادرت فرق الإنقاذ إلى بلدانها، الا أن هذه الميليشيات لم تغادر حتى الآن، بل احتلت بعض المباني الفارغة التي هجرها سكانها وحولتها إلى مقرات لها، في محاولة لتثبيت أقدامها في مناطق جديدة من الأراضي السورية.

 

لماذا حلب؟

وينتشر العديد من الميليشيات العراقية الموالية لإيران منذ نهاية عام 2011، في مناطق عديدة في الداخل السوري، حيث شاركت في المعارك الدائرة هناك إلى جانب نظام الرئيس “بشار الأسد” المدعوم من طهران، وتمركزت في المناطق الحدودية بين البلدين خاصة في التنف والبوكمال وفي ضواحي دمشق، فيما أتاح لها الزلزال أن تنتشر في مدينة حلب تحت غطاء تقديم المساعات. ومن أهم هذه الميليشيات: الخراساني، الطفوف، الإمام علي، العصائب، النجباء، حزب الله، سيد الشهداء، وميليشيا بدر.

ونقلت مصادر صحفية عن سوريين في المدينة قولهم، إن هذه الميليشيات غير مرحب بها، نظراً لحجم الجرائم التي ارتكبتها بحقهم. وأرجعت بعض المصادر سبب دخولها المدينة وتقديم المساعدات لمحاولة تبييض صفختها، لكن مراقبين رجحوا أنها خطة لإعادة الإنتشار، لتنفيذ مهام قد تكلفهم بها إيران في المراحل اللاحقة من الصراع داخل سوريا.

وعن سبب تركيز إيران على مدينة حلب قال المحلل السياسي “أحمد الأبيض”، إن “الفصائل المسلحة المدعومة من إيران والموالية لها تستغل أي حدث من أجل التوغل في سورية، ولعل الزلزال جاء في توقيت مهم بالنسبة إليها وإلى إيران، للسيطرة على مدينة حلب التي تريد طهران أن تشارك دمشق في السيطرة على مواردها، باعتبارها العاصمة الإقتصادية لسوريا”.

وبالتزامن مع انتشار الحشد في سوريا بعد الزلزال، سجلت مواقع سورية معارضة تواجداً لعدد من المسؤولين والقيادات الإيرانية في المدينة، من بينهم زعيم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني “إسماعيل قاآني”، والقنصل الإيراني “نواب نوري”، فيما نَشرت صوراً لرئيس أركان الحشد الشعبي “عبد العزيز المحمداوي”، المعروف ب”أبو فدك”، إلى جانب رئيس النظام “بشار الأسد”.

 

أسلحة في قوافل المساعدات

وبحسب تحليل نشره “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، فإن الزلزال أتاح للحشد فرصة كبيرة للإنتشار والعمل بشكل علني في المناطق السورية المتضررة، كما سهل لإيران نقل الأسلحة إلى سوريا ولبنان داخل قوافل المساعدات.

ويشرف على قوافل المساعدات التي حملت مسميات مثل “سيدة الشام زينب” كل من زعيم الحشد “فالح الفياض” المدرج على قائمة انتهاكات حقوق الإنسان، ورئيس أركانه “عبد العزيز المحمداوي-أبو فدك” المصنّف على قائمة الإرهاب، ألذي اُرسل إلى سوريا للإشراف على الحملة. أما في الجانب العراقي فقد أوكل أمر تسهيل مرور القوافل إلى قائد عمليات الأنبار في الحشد الشعبي “قاسم مصلح”، الذي احتجز عام 2021 لإسبوعين في منزل “فالح الفياض”، لصلته باغتيال الناشط “إيهاب الوزني” من قبل عناصر ميليشيا حزب الله عام 2020، لكن القضاء العراقي أطلق سراحه “لعدم كفاية الأدلة”.

وجاء في التحليل الموجز الذي كتبه مساعد شؤون البحوث في برنامج السياسة العربية في المعهد “إريك يافورسكي”، إن القياديين الذين يشرفون على برنامج المساعدات هم في الحقيقة إرهابيون ومنتهكون لحقوق الإنسان، ومدرجون على قوائم العقوبات، في حين يستخدم شركاؤهم الإيرانيون الزلزال لتحسين تنسيقهم عبر الحدود بشكل كبير مع الأسد وحزب الله اللبناني. ودعا يافورسكي إلى التدقيق عن كثب في المواقع والعمليات لقوات الحشد الشعبي في سوريا، والتي اتخذت في هذا الظرف طابعاً خيرياً.

وذكرت مصادر صحفية إستقت معلوماتها من قياديين في الحشد، إن الشاحنات دخلت من العراق إلى سوريا عبر منفذ القائم البري دون أن يفتشها حرس الحدود السوري، أو أن يطلب من مرافقي الشاحنات جوازات سفر أو تصاريح دخول. وأكدت المصادر إن مجاميع من عناصر الميليشيات تتراوح أعدادها بين 500-700 عنصر دخلت الأراضي السورية بشكل مباشر أو كمرافقين للشاحنات، ولم تغادر الأراضي السورية حتى الآن.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الجمعة 25 شعبان 1444 / 17 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط