بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الانتهازية سلوك ومعالجة

شبكة البصرة

جابر خضر الغزي

المقدمة:

ترافقت المتغيرات السياسية والحزبية وعلى مر التاريخ السياسي للحركات الثورية والمجتمع بشكل عام، فالعناصر الانتهازية التي تتماها مع المركز بالإخلاص والولاء والتفاني والخضوع والطاعة واطلاق الصفات في المهابة والتعظيم لمن هو في المركز الأول ولكنها تضمر في داخلها عكس ما تظهره مخطط الغش والخديعة والتضليل للوصول لأهداف وغايات أكيدة غير نبيلة، وقد تصل للتآمر والردة، لا بل الخيانة من خلال اقتناص الفرص واستغلال الظرف والمرحلة والمسؤولية، هذه العناصر ذات الألوان الشاملة الحرباوية تجيد خلط الألوان والقفز والتسلق العالي والعريض وتستطيع أن تتكيف بما يناسب سيرها بسلام داخل الحزب أو المؤسسة أو المجتمع أو الجمعيات أو النوادي وفي أي مكان، بعد أن تتأكد من ثغرات وتنفذ من خلالها كأسلوب وفي طبيعة عملها الفني المرن، وينطبق عليه قوله سبحانه وتعالى: (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون) 167 آل عمران، وقد خصص جل جلاله لهم سورة كاملة هي سورة المنافقون.

ومنذ زمن بعيد تنبهت العرب إلى النمط الانتهازي، وقالت في عبارة بليغة مازالت تدوي في مسامع الدنيا إن فلاناً يعرف من أين تأكل الكتف!

1- مفهوم الانتهازية كظاهرة في المجتمع فهي كما جاء بتعريف الباحث علي عنبر حيث عرفها ببساطة: (اتخاذ الإنسان مواقف سياسية أو فكرية لا يؤمن بها في سبيل تحقيق مصالح فردية او حماية مصالح شخصية ان يتخذ الشخص مواقفه السياسية واراءه الفكرية حسب تغيير الظروف املا في الحصول على مصلحته الخاصة او المحافظة عليها دون ان يكون مؤمنا بالمواقف والافكار التي اتخذها، والانتهازية تعني التضحية بالأهداف الاستراتيجية من اجل تحقيق اهدافا مرحلية. كما ان الانتهازية ليست صناعة سهلة او قريبة المنال او متاحة لكل من هب ودب وإنما هي مهنة معقدة تحتاج لعبة مركبة تحتاج الكثير من فنون التمويه والخداع والتضليل والتزوير حتى تنطلي على اذكى الناس واكثرهم شطارة وحذرا كما عبر عنها الاستاذ فهد الريماوي.

 

2- السياسة الانتهازية: هنالك مثقف ثوري عقلاني منضبط مبدئي يسعى لتحقيق اهداف حزبه بطاعة واعية يقابله مثقف انتهازي له ظاهر وباطن وألوان عديدة يسعى لتحقيق اهداف ذاتية نفعية بغطاء اظهار طاعته وخنوعه للمركز السياسي، ان هذا النموذج وضف معارفه العلمية ليستخدم مبادئ بتعميق الصفة الانتهازية لديه، اما ابائنا واجدادنا البسطاء يصعب عليهم التعمق في هذه اللعبة لمحدودية مداركهم وعفويتهم وبراءتهم وبساطة فطرتهم وضعف قدراتهم على المناورة والتمثيل، ومعظم اقطارنا العربية شجعت النخب على اعتناق الانتهازية ونبذ المبادئ والبعض تاريخه يشهد عليه تقلب بالارتباط بأكثر من منهج تارة لهذه الجهة او ممثل لتلك الجهة الاخرى: وهلم جر والعياذ بالله سبحانه وتعالى، فاليوم تنتشر الانتهازية بالأحزاب السياسية الدينية لديها اكثر من موقف سياسي عندما تشتد الحاجة لضعف قدراتها لمواجهة التحديات وتعاظم مصلحتها الذاتية واستفحلت أنانيتها وغابت مسؤولية الضمير وضمير المسؤولية.

 

3- الموقف من الانتهازية: إن هذا الاتجاه الموصوف بالانتهازية اتجاه سيء فلابد لمكافحة من داخل الحزب او الحركة او الجمعية ومهمة المخلصين الثابتين على المبادئ والاخلاق الثورية المرتكزة والمتفاعلة مع التربية المؤثرة الايجابية في المجتمع، وحزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي حزب نظيف فبولادته وافكاره ونضاله التي لم تكن مستوردة من الخارج بل هي نابعة من تاريخ الامة وتراثها، فهو حزب رافض الانتهازية بكافة انواعها واشكالها وحيلها السينمائية في أطاريحها الداخلية في إطار سياسته، وفي اطار علاقته الجماهيرية لأنها الضمانة الاكيدة للاستمرار ومشخصا وناقدا وطاردا لهؤلاء الدخلاء على الحزب.

فالمناضل البعثي الاصيل منذ انتمائه يعي خطوات الانتهازية والوصولية وللاثورية وللامبدئية لذلك فهو مسؤول عن سلامة حزبه في الوقاية والتحصن من مرض خطير يتمثل بالانتهازية، إن الذيليين يتسللون من بين الصخور ويتقدمون ويتحدثون بالوطنية والقومية والإخلاص والثورية وهو في حقيقته الهدامة باطني فاسد متاجر مستخدما وجاهته ملتويا في علاقته، وشيء طبيعي في هذا الزمن الرديء تتعرض الحركة الثورية للردة والخيانية واليوم انكشفت هذه العناصر لأنها صاحبة نفس قصيرة لا تستطيع تتحمل أعباء النضال وهؤلاء النفعيون الانتهازيون لا يعرفون إلا أنفسهم المريضة خالقين من أساليبهم القذرة وأفكارهم معوقات أمام مسيرة الحزب في البناء والتحرير.

 

4- المعالجات: الانتهازية مرض له علاج ثوري واقعي عقلاني عملي من خلال تجسيد نظرية الحزب التنظيمية في الحياة الداخلية ونظامه الداخلي وتقاليده وأعرافه النضالية عبر مؤتمراته القومية والقطرية والمحافظة على المناضلين الشرفاء الذين تمسكوا بالشرعية بعد الهزة الكبرى في احتلال العراق وغزوه ولا نساوي بين الشجعان والجبناء، فالمناضلون البعثيون الحقيقيون الذين جسدوا قيم المبادئ والمعاني العالية لوضوح مواقفهم المبدئية لا من كان قدمه بالجنة والاخرى بالنار فلابد أن ننظف صفوفنا من الانتهازيين والنفعييون اصحاب النفاق والدجل المزورين للنضال والتاريخ والملفقين على الاخرين زورا وبهتانا وعلينا نجسد مقولة الشهيد المجدد صدام حسين رحمة الله عليه ورضوانه (من يرضى الكل يخسر الكل).

وعلى ضوء ذلك على كل المناضلين المثقفين المبدئيين المخلصين لأمتهم لمواجهة الانتهازيين وتسليط الأضواء على نفوسهم المظلمة بالسلوك الثوري والعمل المنتج من أجل أن نوسع مزرعتنا الخضراء بالدماء الجديدة.

إن غداً لناظره قريب.

شبكة ذي قار

شبكة البصرة

الجمعة 25 شعبان 1444 / 17 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط