بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

جامع اليهود في الجزائر..
قصة المسجد الذي حوّله الاحتلال الفرنسي إلى “كنيس” يهودي

شبكة البصرة

بين المعالم التاريخية التي تزين الواجهة البحرية للجزائر، ستجد "جامع اليهود" ذلك المسجد التاريخي الذي يعانقه مسجدان عريقان هما الجامع الكبير وجامع كتشاوة، ويشكّل برفقتهما المثلث الإسلامي الذي انتقم منه الاحتلال الفرنسي شرّ إنتقام.

هذا المسجد الذي تأسس في الفترة العثمانية، وتحوّل خلالها إلى أحد أبرز مراكز الدعوة ونشر العلوم، قبل أن تحوّله السلطات الفرنسية إلى كنيسٍ يهودي إبّان احتلالها الجزائر ليحمل بعد الاستقلال اسم جامع اليهود، بعد إعادته إلى طبيعته الأصلية، ويتحوّل إلى واحدٍ من أشهر مساجد الجزائر.

بناه إمامٌ أندلسي وأخذ اسمه في البداية

يعدّ جامع اليهود من أشهر مساجد الجزائر وأقدمها، إذ تختلف الروايات حول تاريخ بنائه، فهناك رواياتٌ تقول أنّه بني سنة 1400م، في حين ترجع مصادر أخرى تاريخ بناء المسجد إلى سنة 1666م، إذ يذكر المؤرخ الجزائري فوزي سعد الله في كتابه "الشتات الأندلسي في الجزائر" أن المسجد في بنائه الأول بني سنة 1666، في قلب مدينة الجزائر العاصمة، حيث تعلوه القصبة العثمانية التاريخية ويعانقه الجامع الكبير وجامع كتشاوة.

 

جامع اليهود

بنيّ مسجد ابن فارس على يد الشيخ عبد الرحمن ابن فارس الأندلسي سنة 1666 م/مواقع التواصل

وإن كان هناك اختلافٌ في تاريخ إنشاء الجامع، فهناك اتفاقٌ تام حول هوية الرجل الذي بنى هذا المسجد، إذ تشير المصادر التاريخية الجزائرية إلى أن شيخاً يدعى عبد الرحمن بن فارس الأندلسي هو من بنى جامع اليهود لأوّل مرّة، وكان الشيخ بن فارس حينها فقيهاً وتاجراً ثرياً فقام بشراء قطعة الأرض التي يقع عليها المسجد، ثمّ شرع في تشييد المسجد، وتسميته باسم "جامع ابن فارس"، وهو الاسم الذي لا يزال يطلق على الجامع توازياً مع اسم "جامع اليهود".

 

الاحتلال الفرنسي حوّل جامع اليهود إلى كنيسٍ يهودي

بعد سقوط الجزائر في يد الاحتلال الفرنسي، عمل هذا الأخير بكل ما أوتي من قوة على القضاء على كل ما هو عربي وإسلامي في الجزائر، واستهدف المنطقة التي يتواجد بها جامع اليهود في أكثر من مناسبة، فقام بتحويل جامع كاتشاوة إلى إسطبلٍ للخيول والجامع الكبير إلى ثكنة عسكرية، أمّا "جامع ابن فارس" فقام في عام 1845م بهدمه وإقامة كنيسٍ يهوديٍّ مكانه، يسمى كنيس "ربان يلوك".

ظل المسجد معبداً للأقلية اليهودية من سكان الجزائر الذين تجنسوا فيما بعد بالجنسية الفرنسية عام 1870، بعد إصدار مرسوم كريميو الذي يعطي الحق لليهود بالحصول على الجنسية الفرنسية، واستمر المسجد كونه كنيساً يهودياً إلى غاية الاستقلال سنة 1962.

 

بعد الاستقلال اشتهر باسم جامع اليهود

ولعلّ سبب شهرة المسجد باسمه "جامع اليهود" يعود إلى فترة تحوّله إلى كنيس يهودي، فبعد الاستقلال، قامت السلطات الجزائرية بإعادة جامع ابن فارس إلى أصله مسجداً من خلال عملية ترميم لاسترجاع بعضٍ من شكله الجمالي، وذلك بعد إزالة كل الآثار والأشكال التي تشير إلى أن هذا المكان كان معبداً يهودياً في السابق.

كما تمّ بناء مئذنة، وحفر محراب في المسجد، وتزيينه بالآيات القرآنية، وبعد إعادة افتتاحه، صار الجزائريون يسمونه باسم جامع اليهود، مع حفاظ البعض على اسمه القديم جامع ابن فارس.

عربي بوست

شبكة البصرة

الخميس 1 رمضان 1444 / 23 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط