بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أول ارتداد ايراني على الاتفاق مع السعودية

شبكة البصرة

بقلم بدر الدين كاشف الغطاء

1- قبول ايران الاتفاق على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية برعاية صينية جاء بعد أن شهد النفوذ الإقليمي لإيران تدهورا كبيرا، فعملاء ايران في المنطقة يزدادون ضعفا في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وشعوب ايران بدأت تنتفض على هيمنة الفرس على السلطة وهيمنة ولاية الفقيه على السياسة، وعلاقات ايران مع جيرانها، وخاصة أفغانستان وأذربيجان تتدهور، وايران تتعرض الى خطر جدي بالتفكك كما حصل للاتحاد السوفيتي. وعلى المستوى الدولي، تزداد الضغوط الغربية على ايران بسبب تورطها في الحرب الأوكرانية، وبسبب استهدافها لرموز المعارضة الإيرانية المقيمين في الدول الغربية، والضغوط الاقتصادية الامريكية عليها تزداد، وهددت أمريكا العراق بأن أي تحويل غير قانوني للعملة الصعبة الى ايران سيعرض العراق الى عقوبات، وفعلا انخفض التمويل العراقي لإيران منذ شهرين. وجاء قرار البرلمان الأوروبي في شهر يناير 2023 باعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية ضربة أخرى لإيران التي تعول على دور الحرس في ضمان النفوذ الإقليمي لإيران.أما في الملف النووي فقد تباعد هدف العودة الى الاتفاق النووي، واضطرت ايران الى تقديم تنازلات كبيرة خلال زيارة مدير عام الوكالة السيد غروسي الى طهران يومي الثالث والرابع من آذار 2023، ووعدت بالإجابة على أسئلة الوكالة بشأن المسائل المعلقة وتشغيل كاميرات المراقبة من دون أي وعد مقابل من الوكالة.

2- في هذه الأجواء رأت ولاية الفقيه إن "ترطيب" الأجواء الإقليمية خطوة مهمة للحفاظ على وجودها، فجاء الاتفاق الإيراني – السعودي على إعادة العلاقات الدبلوماسية برعاية الصين يوم 10 آذار 2023. وقد تضمن الاتفاق جملة ما كانت ايران تقبلها سابقا وهي (ويتضمن تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية)، وبالإنجليزية، وكما وردت في نص الاتفاق:

"The agreement includes their affirmation of the respect for the sovereignty of states and the non-interference in internal affairs,"

وهذه هذه الجملة لم تأت للتعبير عن التزام ثنائي بعدم تدخل البلدين في الشؤون الداخلية للبلد الآخر كما يحصل عادة في الاتفاقات الثنائية، بل كانت شاملة (احترام سيادة الدول)، بمعنى أن أي تدخل إيراني في شؤون أي دولة أخرى يعني خرق ايران لهذا الاتفاق.

وكانت ايران تربط في السابق موضوع عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى بشروط، ومنها تلك التي طرحها روحاني في (مبادرة هرمز للسلام) التي اعلنها في خطابه في الأمم المتحدة في 25 أيلول 2019 والتي ولدت ميتة، حيث ربطت مبادرة هرمز مبدأ احترام سيادة الدول باحترام الرموز التاريخية والدينية والوطنية وبالامتناع عن المشاركة في تحالفات أو معاهدات ضد بعضها البعض، وبذا ضمنت التفسير "الأعجمي" لسيادة الدول وأوجدت بابا للتدخل الإيراني في شؤون الدول الأخرى تحت ذريعة حماية الرموز الدينية و “نصرة جميع المستضعفين على المستكبرين”، وعلى “النضال لبسط حاكمية القانون الإلهي في العالم” وهي مواد اساسية في دستور ولاية الفقيه.

3- والسؤال الآن هو:هل النظام الإيراني قادر وراغب فعلا في احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية بدون اشتراطات؟ وهل سيتوقف عن ادعاء تمثيل مسلمي العالم، أو على الأقل ادعاء "الولاية التكوينية" على شيعة العالم؟ أم انها تقية ناتجة عن ضعف سيتلوها ارتداد؟

وجاء الجواب سريعا، وقبل ان يجف حبر اتفاق بكين، إذ نقل موقع وكالة الانباء الإيرانية نص الاتفاق باللغة العربية، فكان فيه أول تحريف "أعجمي" للاتفاق، إذ ترجمت جملة "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية" بالآتي (أكد البلدان على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض) أي حصرته بالعلاقة الثنائية بين ايران والسعودية.

والبقية تأتي

والله المستعان على تدليس ولاية الفقيه

بغداد في 11 آذار 2023

المنبر الثقافي

شبكة البصرة

السبت 19 شعبان 1444 / 11 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط