بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بُني على المصالح.. ائتلاف إدارة الدولة يعد أيامه الأخيرة

شبكة البصرة

بانسحاب نواب “مقتدى الصدر” البالغ عددهم 73 نائباً من البرلمان أواسط حزيران/يونيو من العام الماضي، منح زعيم التيار الصدري بقية القوى السياسية التي انضوت في “ائتلاف إدارة الدولة”، فرصة على طبق من ذهب لتشكيل الحكومة الحالية. وكان بإمكان تيار الصدر أن يشكل حكومة في وقت مبكر بدل المخاض الطويل والعسير الذي كاد يجر البلاد إلى منزلقات خطيرة، لكنه فضل الإنسحاب في توقيت أكد مراقبون إنه لم يكن عشوائياً كما بدا للبعض، بل محسوباً من دوائر صنع القرار في قم، التي تشكلت الحكومة وفق رغباتها، كما تشكلت الحكومات السابقة.

وهكذا وُلدت حكومة السوداني على يدي قوى الإطار التنسيقي وبقية مكونات اتلاف إدارة الدولة، والتي لاتبشر الفترة الماضية من عمرها بإنها ستستمر طويلاً.

ورغم خسارتها انتخابات تشرين الثاني/اكتوبر2021، عادت قوى الإطار التنسيقي إلى الصدارة، لتؤكد اكذوبة الإنتخابات في العراق، حيث لا تمثل أصوات الناخبين أي أهمية، عندما تتشكل الحكومات وفق رغبات زعماء الكتل الخاضعة للإملاءات الخارجية، لا وفق ما يريده الناخب.

ومنذ بداية تشكيله، كان واضحاً للعراقيين إن الإتلاف لن يصمد طويلاً، نظراً لطبيعة تأسيسة المبنية على مصالح أطرافه، وللصراع الدائر بين هذه الأطراف على المغانم، لا بين الأحزاب المؤلفة له فحسب، بل وداخل كل حزب منها.

ويضم الإئتلاف ألحزبين الكرديين، ألديموقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني، وتحالف السيادة، وبابليون، بالإضافة إلى الإطار التنسيقي، الذي يضم الأحزاب الشيعية، باستثناء التيار الصدري.

 

أزمات داخلية

ومنذ تأسيسه في ذروة الأزمة السياسية التي شهدها العراق عقب الإنتخابات الأخيرة، كان واضحاً أن تحالف السيادة يحمل عوامل تفككه، رغم أن دواعي تشكيله كانت لنزع فتيل الخلافات المحتدمة بين أقطابه. ويضم “السيادة” تحالف العزم بقيادة “خميس الخنجر”، وحزب تقدم الذي يرأسه رئيس البرلمان الحالي “محمد الحلبوسي”. وبحسب تقارير صحفية، فإن تأسيس تحالف بين الحلبوسي والخنجر كان لظروف سياسية، وليس لوجود مشتركات بينهما، ولذلك فإن هذا التحالف مهدد بالتفكك في أي لحظة تنتفي فيها الحاجة لبقائه، خاصة وأن خلافات بدأت تطفو على السطح بين المسؤولين من أعضاء الحزبين، بلغت حد تبادل الشتائم على شاشات القنوات التلفزيونية، إضافة إلى عقدة الزعامة التي يعاني منها قطبا التحالف “محمد الحلبوسي” و”خميس الخنجر”، حيث يطمح كل منها لرئاسة التحالف. وتشمل هذه الخلافات عدداً كبيراً من الملفات، تركز بعضها على تعيين محافظين ومسؤولين جدد في المحافظات التي يمثلونها.

واعترف القيادي في تحالف الأنبار الموحد “أركان الطرموز”، بأن الخلاف بين أقطاب تحالف السيادة جاء نتيجة لتضارب المصالح والصراع على المناصب لاسيما في محافظة الأنبار، معرباً عن اعتقاده بأن الخلاف سيتسع، وأن قيادات جديدة ستنشق عن التحالف.

ولم يستطع الطرفان توحيد رؤاهما حتى في القضايا التي يدعيان الدفاع عنها، مثل قضية المهجرين والمغيبين والتطهير الطائفي، في محافظاتهم التي تسيطر عليها ميليشيات حلفائهم في الإئتلاف.

ولا يختلف الحزبان الكرديان الرئيسيان، ألديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني عن نظيريهما في تحالف السيادة، حيث تعصف الخلافات بينهما على تقاسم السلطة والمناصب في مناطق نفوذ كل منهما، إضافة إلى الخلافات المتجددة حول الإنتخابات التشريعية في الإقليم، والمغانم التي يحصل عليها الحزبان من الحكومة الإتحادية، والتي أفرزت وفق محللين سياسيين خلافات أخرى مع قوى الإطار التنسيقي التي تسيطر على القرارات الحكومية.

وبالإضافة لخلافاتها مع بقية مكونات ائتلاف إدارة الدولة، فإن أطراف الإطار التنسيقي تعاني هي الاخرى من خلافات كبيرة فيما بينها. وأكدت مصادر مطلعة إن الاطار يعيش أسوأ حالاته منذ تأسيسه في آذار/مارت 2021، مما يدفعه لتصدير خلافاته إلى شركائه في الائتلاف من تحالف السيادة والحزبين الكرديين. وخلال الفترة الماضية من عمر الإطار برزت العديد من الخلافات داخل مكوناته، منها ما يتعلق بالتعيينات في المناصب الكبيرة وحصة كل مكون من مكونات الاطار من الدرجات الوظيفية. ومن بين أهم هذه الخلافات برز الخلاف بين “نوري المالكي” و”قيس الخزعلي”، حول آليات توقيع العقود النفطية، بعد أن أحال الأخير مشروعاً نفطياً إلى الحكومة، دون تمريره على وزارة النفط التابعة لإتلاف دولة القانون بزعامة المالكي. وفسرت مصادر مطلعه ماحدث، على أنه صراع على حصصهم من المشروع، وليس خلافاً على إجراءات إدارية.

 

علامات الإنهيار

شعبياً لم يلمس العراقيون أن حكومة السوداني قد حلت أو في طريقها لحل أي من الأزمات المزمنة التي تراكمت خلال الحكومات السابقة ووعدت بحلها، إبتداء بالقصاص من قتلة المتظاهرين، ومروراً بحصر السلاح بيد الدولة، وانتهاء باستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين، بل على العكس من ذلك، حيث برزت أزمات جديدة قد تعجل بانهيارها، وانهيار الإئتلاف الذي شكلها. ومن هذه الأزمات أزمة سعر صرف الدولار، التي نجمت عن تهريب العملة إلى دول عديدة في مقدمتها إيران. ويعتمد السوداني في إدارة الحكومة على العديد من الوزراء من حملة الشهادات المزورة، ألذين أوصلتهم المحاصصة الحزبية إلى كابينته، مما عزز ضعف الأداء على مستوى الوزارات، نزولاً إلى المستويات الدنيا من الموظفين، الذين تسلموا وظائفهم وفق حصص الدرجات الوظيفية الموزعة بين أحزاب السلطة.

من ناحية اخرى برزت خلافات بين القوى المشكلة للإئتلاف، حيث يرى الحزبان الكرديان، إن الإطار التنسيقي نكث بوعود سبق أن تعهد بها مقابل دعمهما لحكومته. واشتدت الخلافات بعد إصدار المحكمة الاتحادية العليا قرارات تتعلق بوقف العمل بقانون النفط والغاز المعمول به منذ عام 2007، وكذلك التوقف عن إرسال الأموال إلى الإقليم، وإصدارها لقرار بعدم دستورية تمديد عمل برلمان كردستان، وهي قرارات رفضتها أحزاب الاقليم، معتبرة أن المحكمة الاتحادية تنفذ أجندة سياسية للإطار التنسيقي، حيث علق عليها زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني “مسعود بارزاني” بالقول، إن “المحكمة الإتحادية تنفذ أجندات مشبوهة”.

ويرى العديد من المحللين السياسيين أن هذه الخلافات، إضافة لإخفاقات الحكومة، جعلت من انهيار الإئتلاف والحكومة التي شكلها مسألة وقت ليس إلا، مرجحين أن عقد الائتلاف سينفرط إذا أقدم الشركاء على الإنسحاب، وعندها لن تصمد الحكومة طويلاً.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الاثنين 28 شعبان 1444 / 20 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط