بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

في الذكرى العشرين لغزو العراق..
المقاومة العراقية وضعت مخططات الاحتلال في مأزق حقيقي

شبكة البصرة

يستذكر العراقيون في هذا اليوم اجتياح الاحتلال الأمريكي وحلفائه البلاد، بعد ضربها القانون الدولي ومجلس الأمن عرض الحائط، في حرب تهدف إلى تدمير العراق تحت راية (الحرية والديمقراطية) التي تسببت في مقتل مليون إنسان وإصابة أعداد أكبر بالإضافة إلى تهجير الملايين.

لم يكن مهندسو الحرب يتوقّعون أن تندلع المقاومة العراقية ضدّ قوات الاحتلال بتلك السرعة الكبيرة التي أذهلت العالم كله، فالعراقيون أظهروا سخطًا ورفضًا للغزو، ومظاهرات تحوّلت خلال وقت قصير إلى رصاص وقنابل وصواريخ وضعت مخططات الاحتلال في مأزق حقيقي دفعها إلى التراجع مرة بعد مرّة، في الوقت الذي توقّعوا فيه استقبالهم بالورود.

فمع دخول قوات الاحتلال إلى العاصمة بغداد في التاسع من نيسان/أبريل (2003)، بدأت المقاومة العراقية، وأخذت تتسع بشكل كبير مع أحداث الثامن والعشرين من الشهر ذاته، عندما فتحت تلك القوات النار على مدنيين في مدينة الفلوجة، كانوا يتظاهرون احتجاجًا على اتخاذ تلك القوات من بنايات المدارس قواعد لها، وسقط في تلك التظاهرات عدد من المواطنين، وسرعان ما تحولت تلك الاحتجاجات إلى شرارة أولى للانتقام من جنود الاحتلال، والتي ما لبثت أن اتّسعت لتشمل مدنًا وبلداتٍ أخرى في البلاد.

شهدت الأشهر الأولى من الاحتلال هجمات عديدة للمقاومة العراقية، اعترفت ببعضها قوات الاحتلال وأضفت التضليل والكذب على بعضها الآخر، ولم تعترف بالخسائر التي مُنِيَ بها، وظهر (بوش) في اليوم الأوّل من شهر أيار/مايو سنة (2003) ليُعلن "انتهاء العلميات العسكرية في العراق" متحدثًا عن "انتصار كبير"، وهو ما جعل وكالة (رويترز) تصف ذلك التصريح بالأضحوكة بعد الحدث المفاجئ الذي هزّ الاحتلال وأعوانه.

لم تكن دول الاحتلال تتوقّع أنّ المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد، وأن

ّ هناك هزيمة مخزية تنتظر جيوشهم في مكان لم يحسبوا حسابه، ولم يخطر على بال مخططي الحرب ومهندسيها مكان لم يسمع به من قبل سوى القليلون جدًا، ألا وهو الفلوجة، تلك المدينة الواقعة إلى الغرب من العاصمة بغداد، التي رفعت راية الجهاد والمقاومة منذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها أقدام المحتلين وحلفائهم أرض العراق، واستمرت تسدد لهم الضربات الموجعة واحدةً تلو الأخرى، فوصل بهم الحال إلى أنّهم لم يجدوا شمّاعة يعلّقون عليها هزيمتهم المخزية والمذلة.

وفي ليلة الرابع عشر من نيسان/أبريل سنة (2004) ظهر (بوش) وهو يحمل علامات الهزيمة على وجهه بينما كان يجيب على أسئلة الصحفيين، وقد أقرّ في تلك الليلة بأنّ عواقب الفشل في العراق سيكون من الصعب تخيّلها، بعد هزيمة قواته في الفلوجة، حتى وصف الإعلاميون والمحللون هذه البلدة الصغيرة بأنّها رمز المقاومة العراقية التي استطاعت أن تهزم أقوى جيوش العالم، وأنّها حطّمت المشروع الأمريكي في العراق والمنطقة.

وتطوّرت المقاومة العراقية بشكل سريع، واستطاعت تنفيذ عمليات نوعية كإسقاط الطائرات، وتدمير كاسحات الألغام وطورت أيضًا من قدرات العبوات الناسفة التي تمكّنت من اختراق الدروع، ما انعكس بشكل إيجابي إلى حدٍّ كبير على تزايد أعداد القتلى بين قوات الاحتلال، حيث بلغت حصيلة القتلى أكثر من (4000) جندي، فيما وصلت نسبة الجرحى بين تلك القوات (39%)، أي (585,000)، في السنوات الخمس الأول من الغزو، وفق تقارير عدّة نشرتها الوكالات العالمية والعربية.

وذكرت وحدة (سويس إنفو - Swiss Info) التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، أنّ هناك إجماعًا على أنّ المقاومة العراقية ستستمرّ بشكل أو بآخر مهما بلغت حدّة العمليات العسكرية للقوات الأمريكية، فقد كانت هياكل شبه عسكرية قد تشكّـلت في صورة خلايا بالفعل، وأضافت أنّ مقتل مسؤولي تلك الخلايا أو اعتقالهم لا يؤثّر عليها طالما لم تتفكك، فقد أفاد تقرير نشره موقع (الجزيرة الإخبارية) سنة (2008) باتساع رقعة المقاومة وتزايد الأعداد فيها إلى الاندفاع الشعبي الرافض للاحتلال والمدفوع بالمحفّزات الوطنية.

وعلى طول تلك السنوات سجّلت المقاومة العراقية صفحات تاريخية مشرّفة والتي كانت تخوض أقوى المعارك في المناطق الوسطى وشمال بغداد، وأفشلت بكل المقاييس مخططات الاحتلال في تحقيق أهدافٍ حدّدها صنّاع السياسة الأمريكية لتبرير الحرب على العراق، بعد استغلالهم كل ما أمكنهم استغلاله لدعم الغزو.

ولم تتوقف المقاومة رغم ما حققته من مكاسب مختلفة تمثلت في عرقلة المشروع الأميركي في العراق، وإلحاق خسائر الاحتلال خسائر اقتصادية كبيرة، إذ كبّدت الحرب على العراق الاقتصاد الأميركي مباشرة أو بشكل غير مباشر ما تقدّره التقارير بأكثر من (2,6) تريليونات دولار.

الهيئة. نت

شبكة البصرة

الاثنين 28 شعبان 1444 / 20 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط