بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هل يوجد (بعث صدامي)؟

شبكة البصرة

صلاح المختار

ازدادت في الفترة الاخيرة ظاهرة ترديد مصطلح (البعث الصدامي) والتي استخدمت من قبل اعداء البعث والامة العربية، ولكنها ايضا استخدمت من قبل محبي سيد شهداء العصر القائد الخالد صدام حسين بدافع مخلص لم يسمح برؤية ما يستبطنه من دلالات، ونحن نريد هنا ان نوضح معاني وايحاءات استخدام هذا المصطلح والذي ادخل في دستور الاحتلال للاشارة الى حزب البعث العربي الاشتراكي، ومصطلح البعث الصدامي وان نظر اليه بعض الرفاق على انه ايجابي الا انه ليس كذلك وانما هو يستبطن معان خطيرة تمهد لاستبدال عقيدة الحزب بافراد لتسهيل الاجتثاث، فكيف نتجنب الفخاخ؟

اولا: بما ان البعث عقيدة مبنية على اركان ثلاثة هي الوحدة والحرية والاشتراكية فانه ليس حزب فرد مهما كان دوره بل هو حزب عقيدة ومبادئ، ولذلك فاننا في عام 1959 وما بعده حينما اطلق الدكتاتور عبد الكريم قاسم وانصاره لقب (العفالقة) علينا تمسكنا باننا بعثيون قبل كل شيء وليس عفالقة، رغم اننا تشرفنا بان أمنا بالعقيدة التي وضعها القائد المؤسس ميشيل عفلق رحمه الله، وناضلنا من اجل الاهداف التي بلورتها، ولكنه فرد والفرد ليس بوصلتنا بل العقيدة هي البوصلة، وتسميتنا بالعفالقة كان يقصد بها تقزيم الحزب بجعله حزب فرد وليس له عقيدة واضحة الاركان، وكذلك تشرفنا بان سرنا خلف سيد شهداء العصر صدام حسين وقاتلنا بقيادته حتى استشهاده وما زلنا نسير على دربه ونتشرف بحمل رايته والدفاع بلا مساومات عن انجازاته وسيرته العطرة، وكما في حالة القائد المؤسس فاننا لسنا صداميين بل بعثيين.

 

ثانيا: هناك بديهية تتعلق بالديانات والحركات الاصلاحية والثورية في تاريخ الانسان وهي ان التغييرات الجذرية والعظمى لاتحدث الا وفقا لعقيدة دينية او دنيوية لانها هي التي تستقطب الالاف في صفوف التنظيم المنفذ لها، وهؤلاء عندما يفهمون العقيدة يتحولون الى دعاة لها يشرحون مضامينها واهدافها للناس لاجل كسبهم، ويترتب على ذلك ان العقيدة عندما توضع وتتكامل وتعلن بصفتها هوية حزب وتحدد اهدافه الكبرى تصبح البوصله والمرجع الاساسي، وقد تظهر في مجرى النضال بوصلات رمزية كالقادة العظام لتلك الحركة الثورية والذين يقدمون للشعب والحزب اعظم الخدمات وهؤلاء تشتق عظمتهم من تجسيدهم لتلك العقيدة، فهم بهذا الواقع بوصلات فرعية تستمد صواب تأشيراتها للاتجاه الصحيح من البوصلة الاساسية وهي العقيدة.

وبهذا المعنى فان العقيدة، وهذا ما يجب الانتباه عليه، تنفصل عن واضعها ومؤسسها في اللحظة التي صارت فيها حزبا انتمى اليه الالاف، وما انتموا اليه الا ايمانا بعقيدته وليس ايمانا بالفرد الذي وضعها، ولا بالفرد الذي طبقها، فكلاهما عظيمان، ولكن المرجعية في نهاية المطاف هي العقيدة وليس الافراد لانها اصبحت ملكا للالاف الذين انتموا الى الحزب ووضعت لهم ضوابط عمل مثل النظام الداخلي للحزب ودستوره وهما ملزمان للجميع، وحتى هؤلاء ومن يمثلهم في مؤتمر قومي منتخب وهو اعلى سلطة في الحزب، لا يستطيعون تغيير المبادئ الاساسية للحزب لانها جوهر عقيدته، وتتجسد في ثالوثه المقدس: الوحدة العربية والحرية والاشتراكية، ولهذا فان المادة الاخيرة من دستور الحزب اكدت بانه لا يمكن تغيير المواد الاساسيه فيه.

 

ثالثا: ان تفسير افكار وسيرة افراد اسهل من اعادة تفسير عقيدة عرفت اركانها، والبعث الصدامي هو ربط الحزب بقائد من قادته وبمرحلة من مراحل نضاله، وذلك اسهل من التصدي للحزب في كل مراحله ومكوناته العقائدية.

اننا نوضح هذه الحقائق لاننا نرى اليوم البعض يفتخر بانه بعثي صدامي وهذا ليس خطأ من حيث العواطف ولكنه خطأ من حيث المفاهيم فنحن بعثيون ولسنا صداميون، كما اننا لسنا عفالقة، الحزب الثوري الذي يناضل من اجل نمط حياة مختلف جذريا يسمى بعقيدته وليس بقادته، والاحزاب التي تسمى باسماء قادتها ليست احزابا عقائدية وانما هي احزاب سياسية تظهر في فترة معينة وتقترن بافراد وتزول مع رحيلهم، بينما الاحزاب العقائدية باقية عقودا وقرونا لانها تمثل اهدافا يجب ان تتحقق وليس نوايا ورغبات افراد. ومن وضع مصطلح البعث الصدامي في دستور دولة الاحتلال اراد التمهيد لدفن الحزب بتصفية البعثيين الاصلاء تحت غطاء (انهم صداميون)! والسماح للذين جندتهم اجهزة المخابرات بالعمل تحت تسميه (البعث غير الصدامي)!

واخيرا نؤكد بان صدام حسين كان بعثيا وليس العكس وميشيل عفلق كان بعثيا، رغم انه القائد المؤسس، وكذلك فجميع القادة في الحزب هم بعثيون ولا يسمى الحزب بهم بل يسمى بعقيدته، فاحذروا كل الحذر من هذه التسميات لاجل المحافظة على اصالة البعث وهويته كما وضعت وكما انتمينا اليه نتيجة ايماننا بعقيدته، ووقتها لم يكن هناك اي من القادة الذين ظهروا بعد القادة المؤسسين له، ويترتب على ذلك ان الحزب بقي بعد رحيل القادة المؤسسين والقادة المطبقين لاهداف عقيدته، وسيستمر بنفس قدرته على التوالد والاتساع البشري بقدر ما يحافظ على عقيدته.

Almukhtar44@gmail.com

23-3-2023

شبكة البصرة

الخميس 1 رمضان 1444 / 23 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط