بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يوم الارض ما هو ولماذا؟؟

شبكة البصرة

د. سالم سرية

عندما يذكر يوم الارض يتبادر للذهن انه يوم الارض العالمي (22 نيسان) المتعلق بالحفاظ على البيئة.ولكنه في الحقيقة هو يوم اخر ومناسبة فلسطينية جليلة وفي تاريخ اخر انه يوم الارض الفلسطيني.

انه يوم اعلان الاضراب العام يوم 30 اذار من عام 1976 حيث اقدم العدو الصهيوني على مصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل ومنها عرابة، سخنين، دير حنا وعرب السواعد وغيرها لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات الصهيونية في نطاق خطة تهويد الجليل وتفريغه من سكانه العرب. وفي هذا اليوم أضربت مدن وقرى الجليل والمثلث إضراباً عاماً، وحاول العدو كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى صدام بين المواطنين وجيش الاحتلال، وكانت أعنف الصدامات في قرى سخنين وعرابة ودير حنا. , وقد بلغت حصيلة أحداث يوم الأرض ستة من الشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم الطاهرة ثرى أرض الوطن وسقطوا دفاعاً عن حقهم وأرضهم. علماً بأن السلطات الصهيونية قد صادرت خلال الأعوام ما بين 48-72 أكثر من مليون دونم من أراض القرى العربية في الجليل والمثلث إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى التي استولت عليها عام 48 (وهي القرى التي تدعى اليوم مثلث الأرض) قد تم تخصيصها للمستوطنات الصهيونية.ومسلسل قضم الاراضي لا زال يتواصل لبناء المزيد من المستوطنات ووصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية الى اكثر من نصف مليون مستوطن.

اذن يوم 30 اذار من كل عام اصبح ذكرى واستذكار ليوم الارض يوم انتفض شعبنا في مناطق ال48 دفاعا عن الارض.فهي ذكرى يتم احيائها كل عام داخل الوطن المغتصب وفي الشتات بالمسيرات والفعاليات الاعلامية والفنية.كما انها استذكار متجدد لمعنى الانتماء للأرض والتضحية من اجلها.هذا الانتماء الذي مسخ مفهومه بعض المتأسلمين واعتبره انتماء للجغرافيا بينما هو انتماء للحضارة وللتاريخ وللجغرافيا. فالصلة التي تربط الانسان بوطنه تشبه صلة الانسان بوالديه فهل هذه الصلة يمكن تلخيصها بكلمات!!!!! انها صله نفسيه وروحيه عدا عن كونها صله بيولوجية.فصلة الانسان بأرضه لها ابعادها الزمانية والمكانية والروحية والحضارية والتاريخية وتعبر عن ارتباط شائك ومعقد ومتعدد الابعاد وليس ارتباط مكاني وجغرافي كما يدعي بعض اقطاب الاسلام السياسي. والدليل على زيف ادعائهم هذا سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، يعز عليه ترك مكة حينما هاجر منها فنظر إليها نظرة المحب المشتاق وقال مودعاً: “والله إنك لخير أرض ألله وأحبُ أرض الله إلي ولولا أني أُخرجتُ منك ما خرجت” (رواه الترمذي). وعن ابن عباس قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة: “ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك” (رواه الترمذي)وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يذكر موطنه غزة ويشتاق إليها:

واني لمشتاق إلى أرض غزة وإن خانني بعد التفرق كتماني

سقى الله أرضاً لو ظفرت بها كحلت بها من شدة الشوق أجفاني

اذن يدعونا الاسلام الحنيف الى حب الوطن والتضحية من اجله. انه شعور غريزي في النفس الانسانية.فالأرض هي محور الصراع ولا بديل عن ثرى فلسطين الطاهر في اي بقعة في العالم.فمنها اسرى الرسول العربي الكريم (عليه الصلاة والسلام ) وتضم في حناياها سيدنا المسيح ومراقد الانبياء وكل المقدسات, وتبقى الارض عنوان الكرامة العربية التي تنتهك كل يوم وعلى ارضها يتقرر المصير العربي بمجمله.فالأرض هي الام وهي الاب ولا خيار للإنسان باستبدال امه وأبيه. ولا شك ان الاسرى هم من لبوا نداء الارض (وطبعا قبلهم الشهداء الابرار) وهذا يستدعي ان نذكر ونستذكر هؤلاء الابطال الذين كانوا مشاريع شهادة والآن يعانون ما يعانون في زنازين الاحتلال. انهم اطفال ونساء ورجال ميامين يقاومون بصدورهم العارية بنادق الاحتلال وسياط جلاديه بصبر ايوب عليه السلام.

تُحدّثنا الحقائق القادمة من فلسطين أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال عام 2019 قد وصل إلى ما يقارب من (7040 ) أسير فلسطيني يتوزّعون على 23 سجناً ومعتقلاً ووفقاً لأحدث إحصائيات (هيئة الأسرى والمُحرّرين )الصادرة عام 2018، فإن من بين الأسرى (48) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاما بشكل متواصل وهؤلاء يُطلق عليهم “عمداء ألأسرى وأن (29) أسيراً منهم اعتقلوا منذ ما قبل عام 1993، و (25) أسيرا منهم مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن، وهؤلاء يُطلق عليهم الفلسطينيون مُصطلح “جنرالات الصبر، و(12) أسيراً هم “أيقونات الأسرى” وهم من مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاماً بشكل متواصل، وأقدمهم الأسير كريم يونس المُعتقل منذ ما يزيد عن (37) عام وأبرزهم الأسير الفلسطيني عبد الله البرغوثي” وهو صاحب أعلى حُكم في العالم 67 مؤبّداً ومُعتقل منذ العام 2003.ومن بين الأسرى الفلسطينيين حوالى 350 طفلاً و(62) أسيرة بينهن (21) أمّاً، وقاصرات و(500) معتقل إداري و(1800) مريض بينهم (700) بحاجة إلى تدخّل عِلاجي عاجل منهم 30 أسيراً مصاباً بالسرطان، والشلل النصفي، والفشل الكلوي… الخ، 37 منهم في حالة الخطر ألشديد وخريطة هؤلاء الأسرى كالتالي 400 أسيراً من قطاع غزّة -700 أسير من القدس وأراضي الـ 48 – 5900 أسير من الضفة الغربية المحتلة أما الأسرى الإداريون فقد ارتفع عددهم في الشهور الأخيرة وفقاً للمصادر الفلسطينية إلى: 500 معتقل إداري.أما شهداء الحركة الأسيرة فبلغ 217 أسيراً فلسطينياً منذ العام 1967 حتى نهاية عام 2018، منهم 75 استشهدوا نتيجة القتل ألعمد و7 نتيجة إطلاق النار عليهم مباشرة و62 نتيجة الإهمال الطبي، و73 نتيجة التعذيب. وفي سياق التأريخ لدور الأسرى العرب في مسيرة الصراع يشير رياض الأشقر – وهو الناطق باسم مركز أسرى فلسطين – إلى أن دماء الأسرى العرب اختلطت بدماء الأسرى الفلسطينيين حيث ارتقى عدد منهم شهداء خلال مسيرة الحركة ألأسيرة بينهم الأسير المصري “حسن السواركة” من العريش والذي ارتقى في سجن عسقلان نتيجة التعذيب في عام 1972، كذلك الأسير السوري “عمر شلبي” الذي سقط في سجن عسقلان نتيجة التعذيب بينما ارتقى بعد التحرّر الأسير “سيطان الولي” من الجولان، نتيجة الأمراض التي أصيب بها في سجون الاحتلال، والأسير المُحرّر ” هايل أبو زيد” الذي عانى من مرض السرطان خلال فترة اعتقاله وأضاف الأشقر إن من بين الأسرى العرب الذين يقضون أحكام بالسجن المؤبّد مدى الحياة، منهم الأسير الأردني ” مرعي صبح أبو سعيدة ” ومحكوم بالسجن المؤبّد 11 مرة، ومُعتقل منذ عام 2004، والأسير الأردني “منير عبد الله مرعي” 5 مؤبدات، والأسير الأردني ” هشام أحمد كعبي” 4 مؤبّدات”.ويعاني الأسرى داخل سجون الاحتلال من أبشع ألانتهاكات سواء من خلال إدارة مصلحة السجون أو من خلال سياسة الاحتلال. والقوانين التي تقدم في الكنيست ضدهم، وضد عائلاتهم، تهدف إلى المزيد من التنكيل بهم والتضييق عليهم. إن الأسرى الفلسطينيين ما زالوا متمسكين بالآمل فهم أصحاب ظاهرة سفراء ألحرية “النطف المهربة الذي هو في حقيقة الأمر ابتكار جديد لصناعة الحياة من داخل زنازين ألموت حيث يؤكدون على حقهم في الحياة وممارسة حقوقهم المشروعة والمكفولة على أكمل وجه من خلال المبادرة إلى بناء أسرة كريمة لهم خارج الأسر. وقد وصل عدد أطفال “النطف المهربة” من داخل سجون الاحتلال خلال نهاية 2018 الى 68 طفلا بينهم “17” طفلا أنجبوا خلال 2017، وكان آخرهم ابن الأسير سائد صلاح من جنين والمحكوم بالسجن 27 عاما. وتتعرض الأسيرات الفلسطينيات، منذ لحظة اعتقالهن على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي للضرب والإهانة والسب والشتم؛ حيث تمارس بحقهن كافة أساليب التعذيب سواء النفسية منها أو الجسدية، كالضرب والحرمان من النوم والشبح لساعات طويلة، والترهيب والترويع و تستمر عمليات الضغط والترهيب بحقهن حتى بعد انتهاء فترة التحقيق، وانتقالهن من أقبية التحقيق إلى غرف التوقيف؛ حيث تسعى سلطات السجن جاهدة إلى ابتكار السبل لإذلالهن وقمعهن والمساس بكرامتهن من خلال اقتحام غرفهن ليلاً أثناء نومهن، والحرمان من الاحتياجات الإنسانية ألأساسية كتقديم وجبات طعام سيئة من حيث الكم والنوع؛ وحرمانهن من الحق في العلاج بعدم توفير الأدوية اللازمة؛ بالإضافة ولتضييق الخناق أكثر، وفي انتهاك صارخ على خصوصية ألأسيرات عمدت إدارة سجن الشارون إلى تشغيل كاميرات المراقبة في ساحة الفورة في 5 أيلول 2018؛ ما دفع الأسيرات الفلسطينيات إلى عدم الخروج إلى “الفورة”؛ احتجاجاً على تشغيل الكاميرات فسارعت إدارة سجن هشارون إلى حرمان عددٍ منهن من زيارة بعض ذويهن. كما ان الاحتلال استهدف اطفالا لم تتجاوز اعمارهم العشرة سنوات من بينهم الطفل ” عبد السلايمة” (9 اعوام) من مدينة القدس، حيث نقل للتحقيق في مركز شرطة القشلة، والطفل “ابراهيم غيث” (11 عاماً) من باب العامود بالقدس، كذلك اعتقل الاحتلال 3 أطفال بعد اصابتهم بالرصاص بينهم الطفل ” حامد عمر المصري” (14 عاماً) ولا يزال يخضع للعلاج في مستشفيات الاحتلال بعد اصابته بالرصاص في منطقة الوجه وأدت إلى تفتيت عظام الأنف وإصابة بليغة في عينه اليسرى واصابته حيث تقوم بالاعتداء عليهم بالضرب المبرح فور اعتقالهم وعلى المناطق العليا من ألجسم وإطلاق الكلاب البوليسية المتوحشة عليهم، ثم تنقلهم في الاليات العسكرية تحت الضرب ألمستمر حتى الوصول الى مراكز التحقيق، وهناك يتعرضون لأبشع انواع التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات منهم تحت الضغط والتهديد،.

ومع الحملة الانتخابية الاسرائيلية الحالية كشف العدو عن أنيابه وهمجيته في قمع الاسرى لرفع رصيد نتنياهو الانتخابي مستخدما الرصاص الحي والنوم في العراء بالبرد القارص وقنابل الصوت والفلفل حيث واجهوا القمع بطعن اثنين من السّجانين

المجد كل المجد للأسرى الابطال الذين لبوا نداء الارض في يوم الارض.

ان الشعب العربي الفلسطيني وهو يستذكر يوم الارض الفلسطيني فانه يستذكر كل شبر عربي سلخ من جسم ألامه العربية ويدعوا الى تحريرها فقدسية الارض واحدة وان اختلف لون الاحتلال وتبريراته.

*أكاديمي وكاتب (فلسطين)

------

الهوامش:

1- رفعت سيد احمد http://www.almayadeen.net/articles/rightdirection/928787 على مذبح الاحتلال من أسرى فلسطين إلى الأسرى العرب

2- http://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=3799

3- http://natourcenter.com د.اسعد عبد الرحمن يكتب معانا الأسرى

4- https://blogs.aljazeera.net/blogs/2019/3/26 أسرى سجن النقب صلابة في مواجهة جبروت الاحتلال

المنبرالثقافي العربي

شبكة البصرة

الخميس 8 رمضان 1444 / 30 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط