بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المجرمون قتلة العدالة الدولية

شبكة البصرة

السيد زهره

المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي بوتين بتهمة "ارتكاب جريمة حرب، تتمثل في الترحيل غير القانوني ونقل الأطفال من أوكرانيا إلى روسيا".

أمريكا والدول الأوروبية رحبوا بحرارة شديدة بقرار المحكمة.

الرئيس الأمريكي بايدن رحب بالقرار، على الرغم من ان أمريكا لا تعترف بالمحكمة وليست عضوا فيها. بايدن قال "من الواضح ان بوتين ارتكب جرائم حرب".

الاتحاد الأوروبي اعلن دعمه "عمل المحكمة الجنائية الدولية"، وجميع القرارات التي تضمن "عدم الإفلات من العقاب". واعتبر ان المذكرة بداية عملية المساءلة.

فرنسا رحبت بحرارة، وقالت الحكومة الفرنسية إنه "ينبغي ألا يفلت أحد من العدالة". وزارة الخارجية الفرنسية بدورها قالت في معرض تأييد القرار ان "لا سلام دائما بدون عدالة"، وانه "من المهم جمع الأدلة على جرائم الحرب".

لسنا هنا بصدد الحديث عن مذكرة المحكمة الجنائية وما إذا كانت مبررة أم لا، ولو انه من الملفت انه قبل اصدار المذكرة بيومين فقط، خلصت لجنة تحقيق أممية الى ان تحقيقاتها توصلت الى انه لم تحدث أي إبادة في اوكرانيا، وذلك عكس كل ما دأب الغرب ان يردده منذ بدء الحرب.

نريد ان نتوقف خصوصا عند موقف أمريكا والدول الأوروبية، وما الذي يعنيه بالضبط بالنسبة للعدالة الدولية.

الكل يؤيد المباديء العامة التي اشارت اليها أمريكا والدول الأوربية في معرض ترحيبهم الحار بقرار المحكمة. نعني المباديء التي وردت في بياناتهم كما اشرنا من قبيل انه انه لا يجب ان يفلت احد من العقاب ومن العدالة، وانه لا سلام بدون عدالة، وانه لا بد من محاسبة كل من يرتكب جرائم حرب.

هذا كلام جميل جدا، لكن السؤال البديهي الذي لا بد ان يقفز الى ذهن أي احد في العالم هو: وماذا لو طبقنا هذه المباديء على قادة أمريكا والدول الأوربية؟.. ماذا لو طبقناها على مجرمي الحرب في الغرب؟

لسنا هنا في معرض استعراض السجل الكامل لجرائم الحرب والابادة التي ارتكبتها الدول الغربية في العالم، فهذا يحتاج الى مجلدات. لكن سنتوقف عند جرائم الحرب في حالتين فقط، العراق وفلسطين.

المحكمة الجنائية استندت في قرارها الى ان بوتين كما قالت قام بترحيل أطفال اوكران الى روسيا.

الغزو والاحتلال الغربي للعراق شرد اكثر من خمسة ملايين عراقي من بيوتهم، وبالطبع منهم مئات الآلاف من الأطفال.

قادة أمريكا وبريطانيا والدول الغربية الأخرى ارتكبوا كل صنوف جرائم الحرب والابادة التي حددها القانون الدولي في العراق. وكل هذه الجرائم موثقة في مئات التقارير الدولية بما في ذلك تقارير هذه الدول الغربية نفسها ومنها تقرير شيلكوت البريطاني الشهير.

وكل التقارير الدولية أجمعت على ان قادة أمريكا والغرب الذين شاركوا في غزو واحتلال العراق هم مجرمو حرب وابادة ويجب ان يحاكموا امام محاكم دولية.

لماذا لم تصدر المحكمة الجنائية امرا بتوقيف هؤلاء المجرمين من أمثال جورج بوش وتوني بلير وكل مسئولي البلدين الذين ارتكبوا هذه الجرائم؟

والمحكمة الجنائية أصدرت مذكرة توقيف لبوتين بسبب ما قالت انه ترحيل لأطفال اوكرانيا. ماذا عن اطفال فلسطين؟ ماذا عن جرائم الحرب التي ارتكبها ويرتكبها يوميا مسئولو الكيان الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني يوميا على مرأى ومسمع من العالم كله؟

هذا الجرائم وثقتها عشرات التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة نفسها وصنفتها كجرائم حرب وابادة.

لماذا للم يصدر امر اعتقال للمسئولين الاسرائيليين الذين ارتكبوا ويرتكبون هذه الجرائم؟ لماذا لا تتم محاكمتهم ومحاسبتهم؟

الكارثة التي يواجهها العالم اليوم ان الغرب يعتبر نفسه فوق القانون الدولي وخارج القانون الدولي. الغرب يعتبر انه ليس من حق احد في العالم محاسبة قادته ومسئوليه مهما ارتكبوا من جرائم حرب وابادة.

الغرب يستدعي القانون الدولي ويتشدق بمباديء العدالة فقط حين يتعلق الأمر بخصومه واعدائه، ويتعلق بأجندات سياسية غربية يريدون فرضها.

الغرب الذي يتشدق اليوم بالعدالة الدولية والقانون الدولي لا يفعل في واقع الأمر سوى قتل العدالة الدولية.

هؤلاء المجرمون في الغرب الذين يجعلون القانون الدولي مجرد أداة سياسية بيدهم ولخدمتهم هم فقط يدمرون أي مصداقية للمؤسسات القانونية الدولية ويقتلون العدالة الدولية.

شبكة البصرة

الاثنين 28 شعبان 1444 / 20 آذار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط