بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
لغز له تفسير |
شبكة البصرة |
السيد زهره |
قبل أيام نشرنا في "أخبار الخليج" تقريرا لصحيفة " فاينانشيال تايمز" البريطانية بمناسبة مرور 20 عاما على غزو واحتلال العراق. ما يطرحه التقرير يتلخص في انه رغم مرور 20 عاما ورغم كل الدمار الذي حل بالعراق والمنطقة وصعود داعش والجماعات الإرهابية وتفجر الصراعات الطائفية، فان الغرب لم يتغير. كل القادة الذين نفذوا الغزو بقوا في مواقعهم دون محاسبة، وما زالت الدول الغربية تتبع نفس النهج المدمر باستخدام البطش والقوة الغاشمة في العالم.. وهكذا. التقرير يعتبر ان هذا امر غريب ولغز من منطلق الافتراض بانه كان من المفروض ان يتعلم الغرب دروس غزو واحتلال العراق والمصائب التي ترتبت عليه وأن يعيد بالتالي النظر في نهجه وفي حساباته وفي سياساته وممارساته في العالم. حقيقة الأمر انه ليس هناك أي لغز على الاطلاق. وان كان البعض يعتبر ما ذهب اليه التقرير لغزا فتفسيره واضح جدا. أصلا الافتراض الذي يقوم عليه التقرير خاطيء. بمعنى ان افتراض ان الغرب أخطأ واساء التقدير بغزو واحتلال العراق، وان كل الجرائم التي ارتبطت بالغزو وترتبت عليه كانت مفاجئة او غير متوقعة،وانه بالتالي من المفروض ان يراجع الغرب نفسه ويغير نهجه وسياساته وممارساته، ليس صحيحا بالمرة. غزو واحتلال العراق جريمة تاريخية تم ارتكابها عن عمد عن سبق إصرار وتخطيط وبمعرفة كاملة مسبقة بما ستقود اليه. الدمار الشامل الذي حل بالعراق والمنطقة كان بالضبط هو ما راده الغرب وما خطط له. بمجرد ان احتلت امريكا العراق شرعت فورا في تدمير كل مؤسسات ومقومات واسس الدولة العراقية، وشرعت فورا في إرساء النظام الطائفي المجرم واغرا قالعراق في الصراع الطائفي الدموي، وكانت النتيجة هي ما وصل اليه حال العراق من خراب وضياع. هذا دون ان نتحدث عن مئات الالاف الذين قتلوا والأكثر من خمسة ملايين الذين تشردوا من ديارهم... الى اخره. لم يكن هذا على سبيل الخطأ أو سوء التقدير بل تنفيذا لمخطط مدروس بعناية. وقل مثل هذا عن اكل الدمار الذي حل بالوطن العربي بعد الغزو والاحتلال من غرق في الإرهاب الذي مارسته جماعات أمريكا والدولالغربية هي التي شجعتها وقوتها، ومن صراعات طائفية..الى آخر ما نعرفه. وهذا هو الذي يفسر لماذا ان قادة الغزو والاحتلال وبالأخص جورج بوش وتوني بلير رغم انهم مجرمو حرب وابادة وفق القانون الدولي ووفق أي معيار انساني او أخلاقي او سياسي لم يتعرضوا لأي محاسبة او مساءلة او عقاب. هؤلاء في نظر الغرب ليسوا مجرمين ولم يرتكبوا خطأ، بل أدوا المهمة على اكمل وجه وبنجاح كبير. والتقرير حين يستغرب كيف ان الغرب ما زال حتى اليوم يلجأ الى القوة الغاشمة والى البطش والعنف والإرهاب مع مختلف دول العالم، يتحدث كما لو كان ما حدث في العراق حدثا عارضا او استثنائيا في تاريخ الغرب. التقرير يتناسى ان هذا العنف والإرهاب هو في صلب عقيدة الهيمنة الغربية على العالم. وهذا بدوره يفسر ما لاحظه التقرير من ان غزو واحتلال العراق لم يثر بشكل عام على مستوى الدول والمجتمعات الغربية حركة مراجعة او نقد مثلما حدث مع حرب فيتنام مثلا. كما ينبغي الا ننسى ان احد التفسيرات يتمثل في النظرة العنصرية المتأصلة في الغرب تجاه الدول والشعوب العربية. هم لسان حالهم ان كل الجرائم بحق العرب وما يحل بهم من دمار وخراب امور لا تستحق الاهتمام. للحديث بقية بإذن الله. |
شبكة البصرة |
السبت 19 شعبان 1444 / 11 آذار 2023 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |