بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الذكرى العشرون لاحتلال العراق الجزء السادس

شبكة البصرة

اللواء الطيار الركن دكتور علوان حسون العبوسي

المرحلة الرئيسة الرابعة 1 - 9 نيسان/ابريل 2003

الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي)

أستمرت القوات البريطانية بالعمل على أحكام السيطرة على محافظة البصرة بعد نجاحها في السيطرة على قضاء ابو الخصيب وام قصر والفاو ومعظم المدن المحيطة بالمحافظة، في 6 نيسان/ابريل نجحت القوات البريطانية دخول محافظة البصرة من اتجاهين الجنوبي والغربي والاستقرار بها، في 8 منه أحكمت قبضتها تماماً على محافظة البصرة، وفي 9 منه نجحت هذه القوات دخول محافظة ميسان (العمارة) ومن ثم عزلها والسيطرة على مطارها الثانوي دون مقاومة، وفي نهاية 9 نيسان فرضت السيطرة التامة على جنوب العراق بدءً من الحدود الدولية وحتى العمارة.

 

احتلال محافظة البصرة

أستمرت القوات العراقية بمقاومة القوات البريطانية في محافظة البصرة الا ان مقاومتها اصبحت غير كافية وغير مؤثرة وقد اعلن مقتل قائد المنطقة الجنوبية على حسن المجيد عضو القيادة السياسية كإحدى خطط الخداع التعبوي لكنه كان متواجد في بغداد - الكاظمية - منذ يوم 7 -8 نيسان/ابريل ادى ذلك الى ضعف في المقاومة بسبب فوضى القيادة والسيطرة، في 5 نيسان(ابريل) حاولت القوات العراقية شن هجوم مقابل ضد القوات البريطانية حول البصرة الا انه فشل في تحقيق اهدافه، بعد ذلك غادرة القوات النظامية المحافظة اعتبارا من 7 نيسان/ابريل مما عجل في احكام السيطرة عليها في 8 منه 2003.

المنطقة الوسطى العراقية (ضمن المرحلة الرابعة)

الفيلق الخامس الامريكي يزيد من سرعة تقدمه للوصول الى بغداد على محوري الكوت - بغداد و كربلاء - بغداد بالتزامن مع القصف الجوي والصاروخي تجاه القوات البرية ومراكز القيادة والسيطرة ووسائل الدفاع الجوي أضافة الى الاسناد الجوي للقوات الامريكية أثناء زحفها الى بغداد، في الاول من نيسان استولت قوات التحالف على جسر المسيب (جرف الصخر) على نهر الفرات والذي ساعدها كثيراً في سرعة تقدمها الى بغداد من الجنوب (علما كان مخطط لتدمير هذا الجسر الذي يبلغ طوله حوالى 800 متر الا اسباب عدم التدمير غير معلومة)، كما استمر القتال حول مدينة كربلاء مع فرقة المدينة المنورة المدرعة، وضمن خطة الخداع أعلنت قوات التحالف انها بحاجة الى قوات اضافية جديدة، كما اعلنت وصول الفرقة الرابعة الجبلية الى الكويت في 2 نيسان/ابريل 2003.

 

معارك حول كربلاء

خسائر القوات الامريكية في المنطقة الوسطى

قوة الإحاطة والتطويق التي تتحرك على محوري الناصرية - الشطرة - الحي - الكوت اعلنت في 2 نيسان/ابريل انها حققت مهمتها بعد قتال شرس في الناصرية والشطرة وحاصرت الكوت (واسط) وتقدمت الى العزيزية واصبحت على بعد 50 كلم عن بغداد، كما اعلنت نفس القوة باتجاه محور الناصرية - السماوة - كربلاء - بغداد في 2 نيسان/ابريل انها حققت مهامها وعزلت محافظة كربلاء ووصلت مسافة 50 كلم عن بغداد في 3 نيسان نجحت الفرقة الاولى مارينز المتقدمة على محور الكوت - بغداد في السيطرة على جسر ديالى مما ادى الى تسهيل حركتها للتقدم نحو بغداد، كما استخدمت القنابر العنقودية ضد القوات العراقية المدافعة عن بغداد، في 3 نيسان/ابريل ايضاً، اقتربت قوات التحالف مسافة 30 كلم عن بغداد من كافة المحاور، في 4 نيسان/ابريل وصلت عناصر من قوات التحالف مطار بغداد الدولي وبدئت في مشاغلة القوات العراقية هناك ونجحت بالتصدي لهجماتها المقابلة لاستعادة المطار، في ذات الوقت تحركت عناصر من القوات الخاصة الامريكية وقطعت الطريق بغداد - تكريت - والسيطرة عليه كما استمر القصف الجوي على بغداد على مدى 24 ساعة وبدئت قوات التحالف قصف بغداد من المطار الدولي، في نفس اليوم استولت قوات التحالف على أكثر من 50 % من مطار بغداد وتوغلت في المناطق المحيطة به واحكمت طوقها عليه بإسناد جوي شديد رغم المقاومة الشديدة التي واجهتها من قبل القوات العراقية، في هذه الاثناء وتحديداً يوم 5 نيسان/ابريل تمكنت قوات التحالف دفع عناصر مدرعة محدودة لتنفيذ عمليات استطلاع بالقوة في اطراف بغداد ونجحت بالتوغل داخل بغداد في نهاية يوم 5 نيسان/ابريل وصلت معظم قوات الهجوم الرئيسة (الإحاطة والتطويق) الى المشارف الجنوبية الشرقية والغربية للعاصمة بغداد واحكام السيطرة عليها ليومي 5 و 6 نيسان/ابريل 2003، في 7 منه تسللت 40 دبابة وعجلة مدرعة الى وسط بغداد وتمركزت امام قصر الرئاسة وفندق الرشيد أضافة الى الاستيلاء على أجزاء كبيرة من بغداد، في نفس اليوم ظهر احمد الجلبي ومعه 700 فرد برفقة القوات الامريكية في مدينة الناصرية الا ان الشعب العراقي رفض القادمين من الخارج بصحبة القوات الامريكية، في 8 منه نجحت قوات التحالف احتلال وسط بغداد كما احتلت القصر الجمهوري وفي نهاية هذا اليوم بدأ الهجوم الشامل على بغداد من ثلاث محاور رئيسة (محور الكوت - بغداد من الجنوب الشرقي، محور كربلاء - بغداد من الجنوب الغربي، ومحور الحلة- بغداد من الجنوب)، في 9 نيسان/ابريل تمكنت قوات التحالف من أحكام السيطرة على معظم ضواحي ووسط بغداد وتمكنت من احتلال المباني الحكومية الهامة خاصة وزارة النفط، في نهاية هذا اليوم حققت قوة الهجوم الرئيسة مهمتها النهائية وهي احتلال بغداد وقامت الفرقة الثالثة مستعرضة قواتها في وسط بغداد (منطقة الكرادة الشرقية) وهي تلوح بشارة النصر.

 

محاور تقرب القوات الامريكية لاحتلال بغداد

معركة الجسر

يستمر الفريق رعد مجيد الحمداني بسرد تفاصيل معارك تشكيلاته للفترة من الاول من نيسان/ابريل وحتى احتلال بغداد وهو يواجه العدو بأقصى ما يملك من قدرات وامكانيات بشجاعة واقتدار عاليين لا توازي ولو بنذر قليل من قوات التحالف، (في الساعة 0200 يوم 3 نيسان/ابريل خضنا معركة الجسر وكان معي قائد فرقة المدينة المنورة يقود جزءً من المعركة وكذلك آمر اللواء العاشر العميد الركن سعد الحياني يقود قوة من الاتجاه الاخر، وكنت قد دفعت القوات الخاصة على امتداد قناة اروائية جافة تتصل باستدارة الجسر، بعد ساعتين من القتال استشهدت مجموعة القيادة والمخابرة التابعة لمقري وكذلك جزء من مقر قائد فرقة المدينة المنورة نتيجة للغارات الجوية المعادية المكثفة، وقد نجوت مع قائد الفرقة من موت محقق أكثر من ثلاث مرات، وضاع املي في دفع جماعة تدمير الجسر بقيادة آمر الهندسة العسكرية للفيلق العميد الركن جاسم محمد وبإسناد آمر الهندسة العسكرية في الحرس الجمهوري اللواء الركن بكر عبد الكريم، الا انني اصررت على مواصلة التقدم والقتال باي ثمن فمصير بغداد سيتحدد في اليوم التالي، مع انبلاج ضوء الثالث من نيسان وصلت طلائع قواتنا الخاصة الى استدارت الجسر، وفي هذا الوقت شنت اعداد كبيرة من الطائرات المعادية والمروحيات سلسلة من الهجمات الشديدة، بحيث لم يتبقى لي اية دبابة او ناقلة حتى عجلات القيادة العائدة لي ولقائد الفرقة، اشرقت الشمس وطائرات العدو تمعن بقواتنا تدميراً حتى قرى الفلاحين المحيطة بالمنطقة لم تسلم من القصف المعادي، عندها فقدت الامل وامرت بالقتال التراجعي الي خطوط صد الى الخلف، لقد خسرنا المعركة، وقد تبين لي عند نهاية الجسر وجود اكثر من ستين دبابة وعجلة قتال معادية وعشرات المروحيات ناهيك عن الطائرات المقاتلة التي لم يتوقف قصفها، في الساعة السادسة والنصف صباحاً قطعنا التماس بدروع العدو.

 

احتلال جسر جرف الصخر

يستطرد الفريق رعد قائلاً، لم تنقصنا الشجاعة لكن تقنيات اسلحتهم وتفوقهما حسما المعركة لصالحهم، في الساعة التاسعة من صباح يوم الثالث من نيسان جلست ومعي قائد فرقة المدينة المنورة وآمري الهندسة العسكرية للفيلق قرب الشارع الرئيسي في المنطقة وقد انهكنا التعب والالم لما يجري وما باليد حيلة الا استخدمناها، وصلنا رئيس اركان الحرس الجمهوري الفريق الاول الركن سيف الدين الراوي ومعه رئيس اركان فيلقي، قلت لهم لم يقصر احد ان تفوق العدو التقني وقوته الجوية لا يجاريان والرجال قاتلوا حتى النهاية.)

في ليلة 4/5 نيسان/ابريل شنت أحدى فرق الحرس الجمهوري الخاص هجوم مقابل في منطقة المطار الا انها تكبدت خسائر فادحة بعد ان استخدمت القوات الامريكية أسلحة جديده منها القنابل الفراغية ذات القدرة التدميرية العالية والتي تشل من حركة القوات قبل اشتباكها، في هذا الصدد يذكر الفريق الركن رعد الحمداني (في السادس من نيسان كانت هناك قوة تدافع عن المطار بقيادة العميد الركن برزان عبد الغفور الناصري حيث كان يقود عناصر من الحرس الجمهوري الخاص وفدائي صدام وبعض اجهزة الحماية الخاصة وقد استخدمت القوات الامريكية القنابل النارية الحارقة، و سبق ذلك تدنيس الامريكيين للجزء الغربي منه لكنهم انسحبوا تحت وطأة الخسائر الشديدة وفي النهاية استخدم الأمريكان القنابر النيوترونية المحرمة)، اعتبارا من 5 نيسان/ابريل 2003 حاولت القوات العراقية غلق طريق تقدم القوات الامريكية الى العاصمة بغداد لكن دون جدوى، بعد تكبدها خسائر اضافية بالأفراد والمعدات رافقها محاولات القوات العراقية القيام بهجمات مقابلة في اتجاه مقتربات بغداد الجنوبية والجنوبية الشرقية والغربية وباتجاه المطار دون اية فائدة فقد زاد توغل القوات الامريكية مع زيادة حجمها وزيادة الاسناد الجوي بمختلف الطائرات القاصفة والهليكوبتر وطائرات الاسناد (اي 10) في ظل سيادة جوية مطلقة، لم تستطيع القوات العراقية تحقيق اي نجاح حتى يوم 7 نيسان سوى كثرة الخسائر بالأشخاص والمعدات رغم ادائها البطولي (الاستشهادي)، ثم يضيف الفريق الركن رعد الحمداني في كتابه المشار اليه آنفاً(في ليلة 6/7 نيسان/ابريل قال الشهيد صدام للفريق سيف الدين الراوي بعد إعفائه من رئاسة اركان الحرس الجمهوري ((لقد سلبت ارادة الحرس الجمهوري على القتال، لقد كنت فيك مخطئاً خطئاً كبيراً، ولم تكن تقديراتك صحيحة لكل المواقف))، ثم اوكلت قيادة الحرس الجمهوري الى وزير الدفاع الفريق الاول الركن سلطان هاشم ورئيس اركان الجيش الفريق الاول الركن ابراهيم عبد الستار...)، في يوم 8 منه بدأت تضيق حلقة الحصار حول بغداد مما اضطرت القيادة العراقية فرض حضر التجوال ليلا في مداخل ومخارج بغداد، كما عقد وزير الاعلام آخر مؤتمراته الصحفية امام فندق فلسطين مريديان ليؤكد استمرار المقاومة والصمود وتم خلال المؤتمر قصف الفندق وقتل ثلاث صحفيين، وفي ذات اليوم ايضاً تراجعت الاجراءات الامنية داخل بغداد وأخليت المواضع الدفاعية فيها من شاغليها من مقاتلي القوات شبه العسكرية بعد ان اشيع عن سقوط النظام العراقي بمغادرة القيادة السياسية خارج بغداد ومعها انهارت القيادة العسكرية كما يذكر الفريق رعد ايضاً (في 8 نيسان اصدر علي حسن المجيد أمراً لتجميع ضباط المقر العام من رتبة فريق الى ملازم في نادي الضباط بمنطقة الكسرة كمشروع استشهاديين وتوزيع للبعض منهم الاحزمة الناسفة لتدمير الدروع المعادية بأجسادهم ولا اعرف ما درجة تنفيذ هذا الامر الغريب)، في يوم 9 نيسان/ابريل دنست قوات الفرقة الثالثة الامريكية جميع انحاء بغداد وقامت بتدنيس تمثال الشهيد صدام بذلك المشهد المعد سلفاً من قبل القوات الامريكية بإدارة صهيونية مع مجموعة من الغوغاء المتعاونين مع المحتل،ثم بدء الاعلان عن الانهيار التام للنظام العراقي وهدأت كافة جيوب المقاومة سواء العسكرية او شبه العسكرية التي كان منوط بها حماية العاصمة بغداد وانتشرت الاشاعات عن احتمال حدوث خيانة في صفوف القوات المسلحة وغير ذلك من التبريرات، بمجرد الاعلان الرسمي عن احتلال بغداد ابتدأت أعمال النهب والسلب والحرق لكافة دوائر الدولة والمستشفيات والممتلكات الخاصة ومخازن الغذاء والمتاحف والمكتبات العامة والبنوك والمحال التجارية المدنية...الخ في خطوة غير مسبوقة بتاريخ العراق الحديث وفي وضح النهار تحت نظر وتنسيق القوات الامريكية بعد قيامها بكسر الابواب والسماح للغوغاء من داخل وخارج العراق بسرقة هذه الدوائر في خطة مقصودة للحط من هذا البلد الذي بقي عصيا على اعدائه منذ عهود طويلة (انتهى ما كتبه الفريق رعد الحمداني).

 

الاتجاه الاستراتيجي الشمالي (ضمن المرحلة الرابعة)

الهدوء لازال مستمراً على الجبهة الشمالية لكنه أقتصر على القصف الجوي الامريكي لمواقعنا الدفاعية التي هي على خطوط التماس وحول محافظتي الموصل وكركوك، كما استمر التقدم البطيء دون قتال لقوات (البيشمركة) الكردية المسندة بعناصر من القوات الخاصة واللواء 173 حيث استولت على المواقع الدفاعية التي تقوم القوات العراقية بأخلائها، لقد انعكست التطورات السريعة في الجبهة الوسطى بعد احكام السيطرة على بغداد على تطور الاوضاع في الجبهة الشمالية، حيث اتفقت تركيا بعد زيارة وزير الخارجية الامريكية كولن بأول لها على تقديم مساعدة ادارية محدودة بالسماح لطائرات النقل المحملة بالقوات الامريكية في الهبوط بقاعدة (انجرليك) وعبور 200 عجلة همر الى شمال العراق، بعد الهدوء النسبي الذي اشرت اليه حتى يومي 8 و 9 نيسان/ابريل 2003، ففي يوم 10 نيسان دخلت قوات (البيشمركة) الكردية مدينة كركوك التي شهدت أعمال نهب وسلب دون اي مواجهة من القوات العراقية سواء العسكرية او شبه العسكرية، وفي مدينة الموصل تم عقد اتفاق بين قوات (البيشمركة) والقوات الامريكية من جهة والقوات العراقية (الفيلقين الاول والخامس) من جهة أخرى يتم بمقتضاه أيقاف اي مقاومة عراقية واستسلام دون قتال، وهكذا تحققت المهمة النهائية على الجبهة الشمالية لقوات التحالف دون قتال او خسائر.

رغم التفوق النسبي للقوات العراقية على قوات (البيشمركة) والقوات الامريكية البرية فأنها لم تحاول القيام باي نشاط قتالي واقتصر نشاطها على اطلاق عدد من الصواريخ ارض - ارض على مطاري حرير وبامرني وعلى المواقع المخلاة بعد الانسحاب منها لحرمان (البيشمركة) الكردية من احتلالها، علماً لم يعرف سبب انسحاب القوات العراقية من مواضعها الدفاعية واقترابها من المدن دون ان تقاتل والاعتقاد السائد حتى لا تتعرض للقصف الجوي المعادي وهذا عذر غير مقبول لان القصف الجوي مستمر ولم ينقطع لكن المرجح الاكثر قبولا هو شلل ومداخلات القيادة العسكرية للمنطقة الشمالية التي انيطت الى نائب القائد العام للقوات المسلحة عزة الدوري لاحتمال القتال حول او داخل المدن ولم يتحقق ذلك حتى انتهاء هذه الصفحة من القتال.

 

الاتجاه الاستراتيجي الغربي (ضمن المرحلة الرابعة)

لم تشهد الجبهة الغربية أية احداث هامة او أعمال قتال ذات قيمة حيث فرضت القوات الخاصة الامريكية السيطرة التامة على المدن والقواعد الجوية وطرق التموين والادامة وخطوط أنابيب النفط المتجهة الى سوريا مع قيامها بدوريات جوية بالطائرات المقاتلة والهليكوبتر للتأكد من أية تحركات برية محتملة.

لم تقم القوات العراقية باي نشاط قتالي خلال هذه المرحلة لسببين عدم كفايتها نسبتا للقوات الامريكية والاخر هو استسلامها للأمر الواقع بعد المراهنة الخاطئة على القوات البرية والقوات شبه العسكرية في حرب معاصرة

 

معركة مطار بغداد الدولي 2 - 4 نيسان/ابريل 2003

اوكلت مسؤولية مطار بغداد الدولي الى الحرس الجمهوري الخاص الذي يتألف من الوحدات والالوية (المشاة - الدرع - المدفعية) بإسناد كتيبة صواريخ ارض - ارض، كان الجانب العراقي قد حشد ما يقارب 3000 مقاتل من الحرس الجمهوري الخاص المسؤولة عن حماية الرئيس القائد العام بمنطقة القصور الرئاسية في الرضوانية القريبة من مطار بغداد وفي داخل المطار بالإضافة الى مجموعة من فدائي صدام والفدائيين العرب ولواء المشاة/68 من الجيش النظامي، قاتلوا العدو بكل فخر واعتزاز وكبدوهم خسائر جسيمة أرغمت قوات المارينز البالغ تعدادها قوة تعادل فرقة معها فوجان بريطانيان بإسناد عشرات الطائرات المقاتلة وقد ابلو بلاءً حسناً واوقعوا خسائر جسيمة بالغزاة الأمريكان في معركة المطار ليلة 2 - 3 و 3 - 4 نيسان/ابريل 2003، هرب الأمريكان في بداية الامر الى طريق المرور السريع مرعوبين وتركو منطقة الرضوانية والمطار، بعد ان قتل العديد منهم وذبح 20 بالسيوف وعلقت رؤوسهم في المطار مما اثار الرعب والهلع في نفوس الاخرين من الغزاة، بعد ذلك استخدم العدو الاسلحة المحرمة دولياً منها القنابر الفراغية()والجرثومية ولنيوترونيه ادى ذلك استشهاد 1000 مقاتل من الحرس الجمهوري الخاص والفدائيين.

في نهار 4/4/2003 سيطر العدو الامريكي على مطار بغداد الدولي وبدأت طائرات الشحن الكبيرة بالهبوط استعداداً للاندفاع باتجاه مركز العاصمة بغداد بالتنسيق مع الارتال المدرعة الاخرى التي تمكنت من السيطرة على طرق جرف الصخر - المحمودية - اليوسفية - الرشيد - الدورة - بغداد وطريق المرور السريع الديوانية - بغداد، وطريق الصويرة - المدائن - بغداد.

وفي لقاء الباحث مع السيد الفريق الركن رعد مجيد الحمداني قائد فيلق الفتح المبين حرس جمهوري اوضح لي لما جرى في معركة المطار ما يأتي ((لقد أحيطت بمعركة المطار الكثير من المبالغات ومنها ما كان أسطوريا وغير دقيق، ولكن وحسب علمي لأني آنذاك قد أصبحت خلف العدو في ناحية الرشيد،ومن خلال رفاق السلاح في بغداد علمت فيما بعد، أن العدو في 5/4/2003 تمكن من الوصول إلى مداخل أبو غريب والرضوانية وتوقف لتقييم الموقف على ما يبدو، في فجر يوم 6/4/2003 أندفع من الجانب الغربي برتل رئيسي للاستيلاء على المطار ورتل ثانوي بالاندفاع على محور أبو غريب بغداد،ورتل مساعد من منطقة علوة الرشيد - مفرق جامع أم الطبول - المطار، ذات الوقت تمكنت قوات المارينز من عبور نهر ديالى عبر الجسرين القديم والجديد المدمرين، بعد جهد هندسي ودخولها جنوب شرقي بغداد ورتل منها تمكن من خرق مدينة بغداد على طريق الراشدية - بغداد عبر منطقة بهرز، وتوقف عند جسر المثنى المدمر شمال شرق بغداد مدخل شارع القناة، بالوقت الذي أسهمت طائرات مقاتلة الدروع نوع أي 10 بتدمير دروع فرقتي الحرس الجمهوري من الفيلق الأول وهما فرقة حمورابي وفرقة عدنان المنتشرة على المداخل الخارجية لبغداد،لكن الرتل الذي وصل المطار يبدو في البداية لم يواجه مقاومة وكان المدافعون على الطرف الغربي قد بوغتوا فجر ذلك اليوم ولكن عند دخول العدو منطقة المطار جوبه بمقاومة شديدة (خسائر العدو غير معروفة بدقة لكنه من الواضح تكبد خسائر غير قليلة)مما أضطر الانسحاب، بالوقت الذي وصلت مقدمة الرتل المساعد مفرق جامع أم الطبول إذ جُوبه بمقاومة عنيفة بأسلحة مقاومة الدبابات الخفيفة من قبل الحمايات الخاصة للرئيس صدام حسين الذي صادف وجوده في المنطقة إذ كان جالسا في مقاعد الانتظار لباصات مصلحة نقل الركاب من جانب سياج الجامع،فدمرت للعدو دبابتان وأعطبت ثالثة أضطر على التراجع، لكن بعد ظهر نفس اليوم وجه العدو أكبر جهد ناري شاركت به المدفعية والدبابات والطائرات لمنطقة المطار (قد يكون ضمن ذلك استخدام قنابر نابالم أو ما يشابهها،وعدد من القنابر الفراغية)فدارت معركة شديدة إذ تمكن العدو صباح يوم 7/4/2003 من احتلال المطار لكنه واجه مقاومة عنيفة أستمرت لأكثر من 24 ساعة في مدخل المطار - ساحة عباس بن فرناس ساهم فيها الحرس الجمهوري الخاص بأسناد مدفعية الحرس الجمهوري وبعض عناصر من المقر، وفدائيو صدام ومن مقاتلين جهاز الأمن الخاص وعدد من المجاهدين العرب، وقد أشرف الرئيس صدام وأبنه قصي على هذه المعركة، في مساء هذا اليوم عقد الرئيس صدام حسين آخر مؤتمر للقيادة العسكرية في المنصور وكان بمعنويات عالية جداً وهادئ بعض الشيء وقال إن النصر ممسوك بيده وقد أشار بقبضته اليمنى.

وفي صباح اليوم التالي انهارت القوات المدافعة في بغداد بالكامل حينها اندفعت قوات الفيلق الخامس المدرع الأميركي داخل بغداد من جهة الغرب وكذلك تمكنت قوات المارينز من التوغل في بغداد من الجانب الشرقي وواجهت قوات العدو مقاومة شرسة لكنها شبه فردية أساسها المجاهدون العرب.

وفي صباح يوم 9/4/2003 تم احتلال بغداد بالكامل في حين تمكنت القيادة العسكرية والسياسية الهروب منها من أتجاهي بغداد -الفلوجة -الرمادي، بغداد عن طريق منطقة الراشدية، والعبور على نهر دجلة من منطقة الطارمية - الجسر العائم - باتجاه تكريت، إذ دارت في منطقة الجسر العائم آخر معركة وقد استشهد من المجاهدين العرب 11 مجاهدا كانا مصاحبين لعضو القيادة السياسية علي حسن المجيد الذي كان يرافقه رئيس أركان الجيش الفريق أبراهيم عبد الستار.)).

ايران تتدخل عسكرياً بعد ان اوضحت ان موقفها من الحرب على العراق موقف الحياد في اللحظة التي بدأ فيها العدوان الأمريكي في العشرين من مارس/آذار 2003 شرعت مجموعة الاستطلاع العميق التابعة لمخابرات الحرس الثوري باختراق الحدود المشتركة وتوغل أفرادها في عمق الأراضي العراقية، وكان من أولويات المهمات المعنية بها بالإضافة إلى عمليات الرصد الميداني وجمع المعلومات الاستخبارية وتصنيفها كمهمة رئيسة هو توفير ملاذات آمنة للأطقم الاستخبارية والمجاميع القتالية التي ستندفع في أوقات لاحقة، فيما كانت تشكيلات بدر ومليشيات الأحزاب الموالية ترابط على الحدود المشتركة وهي على أهبة الاستعداد بكامل تجهيزاتها العسكرية بانتظار الضوء الأخضر الإيراني للبدء بالحركة على وفق الخطط الميدانية والأهداف المنتخبة التي جرى التدريب عليها، منذ أمد بعيد، وتم تحديثها في ضوء العدوان الأمريكي.

في 2 نيسان (ابريل) 2003 وعبر منفذ الشلامجة الحدودي توغلت، صفوفاً طويلة من قوات التعبئة (البسيج) وحشوداً أخرى من المرتزقة من بينهم طابور من الأدلاء ممن يجيدون اللهجة العراقية يتقدمهم (التوابون) وبعض المسفَّرين، وتم تزويدهم بأوراق ثبوتية عراقية، وتعد هذه الكتلة البشرية واحدة من مقدمات المشاركة الفعلية في مؤازرة العدوان الأمريكي، وتمكين قوات الغزاة من تنفيذ عمليات التقدم باتجاه بغداد، تلتها قوات اخرى بأشراف قوة القدس بدأ تحرك فيلق بدر ومليشيات الأحزاب الموجودة في إيران تجاه العراق بالتدفق عبر قاطعي (الشلامجة والمنذرية)، فيما شرعت فصائل بدر الموجودة في كردستان العراق مسيرها تجاه النجف، وجرى توزيع القوة ونشرها طبقاً للخطط الموضوعة والمهمات المناطة بها، لمليء الفراغ السياسي الذي سيخلفه الغزو، إذ أدركت إيران منذ تحضيرات واشنطن الأولى وما أعقبها من اجتماعات مع الأمريكيين والأوروبيين، وما أسفرت عنه مؤتمرات المعارضة الأربعة، أن الحرب حتمية وهكذا أعدَّت طهران (تقدير موقف استراتيجي) يشمل التوقعات والاحتمالات كافة، في ضوء قاعدة معلوماتها ومتابعتها الاستخبارية، ولذلك كانت طهران تعرف تماماً متى وأين تضع خطواتها، فأعدَّت وجهَّزت كامل أدواتها لمستقبل واعد طويل الامد.

 

اليورانيوم المنضب (نظرة عملية باستخدام عتاد اليورانيوم المنضب)

يذكر الفريق الركن معاون رئيس اركان الجيش للعمليات (الغزاة منذ البداية بدأوا باستخدام اليورانيوم المنضب في معظم اسلحتهم،عتاد العجلات المدرعة والدبابات وطائرات الأباتشي والمقاتلة، كان هذا العتاد المحرم دولياً (محرم على العامة علينا وليس على امريكا) يخرق هدفه سواء كان دبابة او عجلة او انسان..الخ، يحرقه فوراً ويحوله الى كتلة سوداء متفحمة، اول القنابر التي رميت على مواضع اللواء 426 (احد تشكيلات الفرقة 14 المسؤول الدفاع عن حقل الرميلة الجنوبي) يوم 20/3/2003 كانت من اعتدة اليورانيوم المنضب،وقد استمر الغزاة باستخدام هذه الاعتدة حتى احتلالهم بغداد مما ادى الى قتل عشرات الالاف من العراقيين، اضافة الى انتشار امراض السرطان في جميع مناطق العراق، وقد استخدم الأمريكان نفس العتاد في حرب الخليج الثانية عام 1991، وهناك العديد من العجلات المدرعة العراقية مدمرة بقيت في مناطق مختلفة في قاطع البصرة للمدة من 1991 - 2003 كشاهد على استخدام الأمريكان لهذا العتاد الخطير، زارها العديد من فرق الامم المتحدة والمنظمات الانسانية في حينه خاصة مناطق الرميلة الجنوبي والشمالي وحفر الباطن والحيس).

------------

المصادر

• الاستاذ الدكتور عبد الستار الراوي: وقائع من الدور الإيراني في احتلال العراق.

• الفريق الركن رعد مجيد الحمداني قائد فيلق الفتح المبين حرس جمهوري: استيضاح تحريري.

• الفريق الركن ياسين فليح المعيني.

•). القنابر الفراغية،سلاح شديد الخطورة تستخدمه القوات الجوية الامريكية عند الاضطرار الشديد بغرض شل وحرق القوات البرية بألقاء حاويات من مادة البنزين المخلوط بمواد حارقه تتفاعل بعد إلقائها من الطائرة في الجو بعد شحذها بشرارة كهربائية متزامنة مع الالقاء وتبلغ شدتها بمسافه قريبه من القطعات البريه بلهب من النيران شديدة الفعالية.الباحث

• حرب الخليج الثالثة يوميات الحرب الامريكية المبرمجة على العراق.

شبكة البصرة

الخميس 22 رمضان 1444 / 13 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط