بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الذكرى العشرون لاحتلال العراق الجزء الثامن والاخير

شبكة البصرة

اللواء الطيار الركن دكتور علوان حسون العبوسي

الاساليب والخطط التي اتبعتها ايران في التوغل العميق بكل سلطات الدولة تمهيدا لتحقيق مشروعها التوسعي سارعت ايران لتحقيق اهدافها الاستراتيجية تجاه العراق والمنطقة العربية المدعوم من قبل الولايات المتحدة الامريكية باستغلال فوضى الاوضاع السياسية والامنية بالعراق لاحتلاله طائفياً والتوسع منه الى باقي الوطن العربي، في هذا الصدد، استندت في تحليلي لغايتها هذه الى عدد من المعطيات على ارض الواقع منها تقرير الدكتور عبد الرحيم البلوشي (ايراني الجنسية) المنشور في صحيفة صوت الامة المصرية بتاريخ 17/10/2009 والذي استعرض فيه فحوا الرسالة الموجهة من مجلس شورى الثورة الثقافية الايراني الى المحافظين في الولايات الايرانية جاء في مقدمته (اذا لم نكن قادرين على تصدير ثورتنا الى البلاد الاسلامية المجاورة فلا شك ان ثقافة تلك البلاد الممزوجة بثقافة الغرب سوف تهاجمنا في قعر دارنا وتنتصر علينا)، وتستكمل الرسالة ما يأتي (وقد قامت الان بفضل الله وتضحية امة الامام الباسلة دولة الاثنى عشرية في ايران بعد قرون عديدة، ولذلك فنحن بناء على ارشادات الزعماء الشيعة المبجلين نتحمل واجباً خطيراً وثقيلا وهو تصدير الثورة، حيث وضعنا خطة خمسية تشمل خمسة مراحل ومدة كل مرحلة عشرة سنوات لنقوم بتصدير الثورة الاسلامية لجميع الدول المجاورة وتوحيد الاسلام اولاً لان الخطر الذي يواجهنا من الوهابيين ذوي الاصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب لان هؤلاء يناهضون حركتنا وهم الاعداء الاصليين لولاية الفقيه والائمة المعصومين.

وبالنظر لأوضاع العراق بعد الاحتلال وجدت ما جاء في هذا التحليل اكثر واقعيةً بسكوت سلطات الدولة لما يجري على ارض الواقع من انتهاكات للدفاع الوطني سياسياً واقتصاديا وامنيا واجتماعياً وعدم اعارة اهتمامهم لمستقبل العراق مغلبين مصالح احزابهم العميلة لإيران.

 

اسلوب تنفيذ الخطة

وقد استكملت الرسالة لأسلوب تنفيذ الخطة كما يلي:

• تحسين علاقاتنا مع دول الجوار (العراق تحديداً بعد سقوط صدام حسين) من خلال تنظيم هجرة لأفواج من الايرانيين لهذه الدول بإسناد عملائنا المخلصين فيها يكون واجبهم شراء الاراضي والبيوت والشقق وايجاد العمل ومتطلبات الحياة الاخرى.

• توثيق العلاقة والصداقة مع اصحاب رؤوس الاموال في السوق والموظفين والاداريين خاصة الرؤوس الكبيرة والمشاهير من الافراد في الدولة والحكومة.

• التوغل في القرى والارياف والنواحي والمدن الصغيرة وشراء ما امكنهم من البيوت ثم بيعها بأسعار تفضيلية (رخيصة) للمهاجرين (السنة) من المدن الكبيرة.

• حث (الشيعة) على احترام القانون وطاعة منفذيه ثم الحصول على تراخيص رسمية للاحتفالات المذهبية لآل البيت لإمكان اقامتها في كافة مناسباتنا التي يناهضها ابناء (السنة والوهابية).

• السعي للحصول على جنسية البلاد التي يقيمون فيها باستغلال الاصدقاء بتقديم الهدايا الثمينة كما عليهم ترغيب ابنائهم العمل في الوظائف الحكومية والانخراط في السلك العسكري.

• أثارة علماء (السنة والوهابية)في امور الفساد الاجتماعي التي يقوم بها عملائهم ومحاولة ابراز ذلك أمام السلطات الحكومية لزعزعت ثقتهم بهؤلاء (اي السنة) ليكونوا مرفوضين لدى السلطات الحكومية والمجتمع مما سيكون سبباً في اثارة الفتنة ونموا الحقد في الاوساط السنية، ووسط هذا الصراع يبرز التشيع كمذهب لا خطر منه على الحكام مما سيحوزون رضاهم فيقلدوهم الوظائف الحكومية المختلفة دون وجل.

• ما تقدم يتم في المراحل الثلاث الاولى من الخطة، اما في المرحلة الرابعة سيكون قد تهيأت أمامنا سبل استثمار تلكم المراحل مثل أفلاس التجار وهروبهم وبيع ممتلكاتهم بنصف ثمنها والمشاحنات ما بين علماء السنة وزعزعت ثقة الحكومة بهم وعليه سيكون لنا حظوة لدى الحكومة وسنكون وحدنا حماة السلطة والحكم مما سيتيح تبوءا كبرى الوظائف المدنية والعسكرية حيث سيمكننا من خلال ثقة الحكومة بنا، ثم الوشاية بالمخلصين لدى الحكومة من ابناء السنة بانهم خونه مما سيؤدي ذلك الى طردهم او زجهم في السجون ولهذا العمل ثمرتان هما:

- عناصرنا سيكسبون ثقة الحكام أكثر من قبل.

- ازدياد سخط اهل السنة على الحكام بسبب ازدياد قدرة الشيعة في دوائر الدولة مما سيقومون بأعمال مناوئة أكثر ضد الحكومة في هذه الفترة يجب على افرادنا ان يقفوا الى جانب الحكام ويدعون الناس الى الصلح والهدوء مع استمرار شراء الدور من الذين على وشك الهجرة خارج البلاد.

• في المرحلة الخامسة، سيكون الجو مهيئ للثورة لأننا استولينا على العناصر الثلاث المهمة وهي الامن والهدوء والاستقرار، في هذا الوقت ستكون السلطة الحاكمة كسفينة وسط الطوفان مشرفة على الغرق تقبل كل مقترح للنجاة بأرواحهم عندها سنقترح عبر شخصيات معتمدة تشكيل مجالس شعبية لتهدئة الاوضاع وسنساعد الحكام في مراقبة الدوائر وضبط البلاد ولا ريب انهم سيقبلون ذلك وسيحوز مرشحونا بأكثرية مطلقة على معظم كراسي المجلس، هذا الامر أيضاً سوف يسبب هروب العلماء واصحاب الكفاءات واصحاب رؤوس الاموال ولم يبقى في الدولة سوانا عندها سوف نستطيع تصدير ثورتنا بهدوء على بلاد كثيره دون أراقة دماء.

• وفي حالة عدم نجاح ثورتنا في المرحلة الخامسة الاخيرة فانه يمكننا ان نقيم ثورة شعبية ونسلب السلطة من الحكام باعتبارنا الاكثرية في المجتمعات العربية والاسلامية ونزينها بنور الاسلام والتشيع حتى ظهور المهدي الموعود.

من حيث المبدئ فان تطبيق الخطة لعواملها الخمسة جرت بشكل سلس وبسيط بعد ان هجر وقتل الكثير من الكفاءات والعلماء ورجال الدين السنة وتدمير المدن ذات الاغلبية السنية بأساليب هادئة وبشكل تدريجي دون اثارة الريبة والشك وفق المنطوق الايراني الباطني وتغاضي الولايات المتحدة الامريكية الراعي الشرعي لما تقوم به سلطات الدولة ولأنها تجد ايران خير من يقوم بدلا عنها في السيطرة على العالمين العربي والاسلامي دون ان تخسر شيئا يضر بدفاعها الوطني.

 

الاساليب المتبعة

الاسلوب الدبلوماسي

تعززت العلاقات العراقية الايرانية بعد الاحتلال بشكل غير طبيعي كما يحدث بين الدول، وقفزت هذه العلاقات إلى مستوى متقدم في ظل حكومة إبراهيم الجعفري 2005، حيث أصدرت تلك الحكومة أمرا بالعفو عن المحتجزين والمعتقلين الإيرانيين في السجون العراقية ترحيبا بزيارة وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي لبغداد.

وفي تطور مشهود للعلاقات الثنائية بين البلدين، زار وفد عسكري عراقي كبير برئاسة وزير الدفاع سعدون الدليمي طهران، وقدم الوفد اعتذاره لإيران حكومة وشعبا عما وصفه بجرائم صدام بحق إيران، وتكللت هذه الزيارة بتوقيع اتفاق للتعاون العسكري في مجالي الدفاع ومحاربة الإرهاب.

كما زار ابراهيم الجعفري طهران لتعميق وتوثيق العلاقات بين البلدين بعد أن شابها التدهور في ظل حكومة إياد علاوي 2004 الذي اتهم طهران بالتدخل في الشأن الداخلي العراقي.

وقدم الجعفري التطمينات اللازمة لطهران، مؤكدا أن حكومته لن تسمح للمعارضة الإيرانية (منظمة مجاهدي خلق) بأن تتخذ من الأراضي العراقية منطلقا لممارسة عملياتها ضد إيران.

وكان من أبرز نتائج تلك الزيارة التوقيع على اتفاقية تعاون أمني مشترك بموجبه شكل البلدان لجانا مشتركة للتنسيق الأمني وضبط الحدود والمساعدة في إعادة تأهيل الجيش العراقي.

استمر الخط البياني للعلاقات الإيرانية العراقية في تصاعد حتى بعد خروج الجعفري من الحكومة وتولي نوري المالكي رئاسة الوزراء (2006 – 2014)، حيث بادر الأخير إلى زيارة إيران، واستقبله الرئيس الإيراني الجديد أحمدي نجاد الذي أعلن أثناء هذه الزيارة عن ربط أمن بلاده بأمن العراق، قائلا إن بلاده مستعدة لإحلال الأمن كاملا في العراق، لأن أمن العراق هو من أمن إيران.

وقد رد المالكي على ذلك بقوله إنه لا توجد حواجز تعترض طريق التعاون بين البلدين.

وكانت ثمرة هذه اللقاءات استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتوسعها بافتتاح خمس قنصليات تثير الريبة والشك بشكل خطير لمستقبل العراق دون ردود فعل منطقية من سلطات الدولة، فالعراق ليس بذات المساحة الذي يستوعب كل هذا العدد من القنصليات في محافظات مهمة ذات بعد سياسي واقتصادي واجتماعي وامني في البصرة واربيل والسليمانية وكربلاء والنجف بحجة انها ستساعد عملية دخول الزوار الايرانيين الى العراق فضلا عن بناء علاقات اقتصادية بين البلدين اذن تعتبر هذه الخطوة لغرس نصل الخنجر بقلب العراق الذي له متعلقات عديدة مع ايران لايزال حلها مجمد بسببها.

منذ أن احتلت الولايات المتحدة وحلفائها العراق في العام 2003 كان شغل إيران الشاغل هو الاستفادة من الفراغ الذي تسبب فيه إسقاط النظام السابق والسيطرة على مقاليد الأمور في العراق، وبالطبع فإن هكذا أمر لم يكن يتم لولا تمتع الإيرانيين بضوء أخضر أمريكي واضح فعملت طهران على نشر أذرع لها في كافة ربوع العراق بأشكال مختلفة، منها الرسمية الدبلوماسية كما جاء انفاً والاخرى ممثلة بصورة مؤسسات خيرية وعسكرية وثقافية تخفي وراءها الأهداف الحقيقية من تواجدها بعلم السلطات المركزية العراقية، وهذا معروف ولا يحتاج الى دراسات وتقادير مواقف سياسية معمقة يفهمها حتى الجاهل بعلم الجغرافية السياسية.

 

اسلوب المؤسسات الخيرية والثقافية والعسكرية الايرانية تحت غطاء انساني

استغلت ايران فقدان الامن في العراق بعد الاحتلال وشرعنه بعض الاحزاب الرئيسة بتأسيس الجيش الجديد وفق الامر 91، بأنشاء عدد من مؤسساتها المخابراتية المسلحة بغطاء انساني مستغلة لحاجيات المواطن البسيط بعد انتشار الفساد المالي والاداري وانعدام ردود فعل سلطات الدولة باي هامش عمل تصب في خدمته بالإضافة لفقدان اسس المواطنة الحقيقية في ادناه موجز لبعض هذه المؤسسات (دون ذكر اسم القائد والموقع) التي ترعاها وتدعمها ايران بصورة مباشرة من خامنئي وبتأييد ودعم السيد علي السيستاني، وحسن نصر الله، تنتشر في محيط بغداد وكافة محافظات العراق:

 

المليشيات الايرانية المقاتلة

انتشرت حوالي 70 مليشيا مسلحة بتموين ايراني اذكر البعض منها (سرايا السلام، منظمة بدر (الجناح العسكري للمجلس الاعلى الاسلامي)، كتائب حزب الله العراقي، عصائب أهل الحق، كتائب سيد الشهداء، حركة حزب الله النجباء....الخ).

 

الشركات والمؤسسات الايرانية بغطاء انساني

بغرض ان تتماشى الاهداف الامنية مع الواقع الاجتماعي والسياسي فقد دأبت ايران على التوغل بأساليب انسانية مبطنة مخابراتياً مع الواقع المتأزم داخلياً، فقد عملت على تأسيس عدد من المؤسسات والشركات واغلب أعضائها يستخدمون تسميات وهمية ووظائف مزيفة مثل الطبيب والمهندس والتاجر والمتعهد وغير ذلك تديرها جميعاً المخابرات الايرانية.وقد بلغ عددها 20 مؤسسة وشركة.

الاسلوب القسري

نحن كعراقيين خبرنا ايران طويلا فهي كالأفعى جلدها ناعم ولكن ضررها شديد خاصة عندما تدرك ان المقابل ضعيف لا يقوى على رد عدوانها بالسبل المتاحة ولو بإظهار القوة والعزم والجدية في عدم الرضا عن فعلها.

من الشواهد القسرية التي تلجأ اليها ايران هو استيلائها على الابار النفطية العراقية القريبة من حدودها منها على سبيل المثال احتلالها للبئر الرابع من حقل الفكة النفطي العراقي (يبعد 500 متر عن الحدود الايرانية بمنطقة الطيب ضمن الحدود الادارية لمحافظة ميسان العراقية، سبق ان دارت على ارضها معارك الشرف في الدفاع عن العراق ابان الحرب مع ايران في 1980 -1988) بشكل علني وسافر، ثم تجاوزاتها ايضاً على حقول مجنون وحقل نفط خانه وجزيرة ام الرصاص وراس البيشة وخور العمية وقطع المياه التي تصب في شط العرب وانشاء السدود وغير ذلك ما جرى من تجاوزات على الاراضي العراقية التي اضطر العراق الى استعادتها في القرن الماضي قبل الحرب مع ايران بعد سلوكه كل السبل الدبلوماسية طوال سنوات عديده دون رد فعل مؤثر من ايران.

 

المميزات المشتركة للمليشيات العراقية/الايرانية

بكل اسف اقول لقد تطور عمل المليشيات العراقية المنفلتة بعد الاحتلال وبات متناغم ومتجانس مع اهداف وغايات الدور الايراني في العراق ويمكن ايجاز ميزاتها بالتالي:

- قياداتها ترتبط بالنظام المخابراتي الايراني وفيلق القدس وتتلقى الدعم المادي والتسليحي والتدريبي ومعظمها تقدم الولاء الى نظام ولاية الفقيه والمرشد الايراني.

- استعدادها القتال بالوكالة او النيابة عن النظام الايراني وحسب اوامر الفقيه الايراني كما تبين قتالها في سوريا وتهديدها للبحرين والسعودية والكويت وعزمها القتال مع الحوثيين في اليمن.

- تمكنت المليشيات جعل نفسها جزء لايتجزء من هيكل الحكومة ومؤسساتها بما فيها القوات العسكرية والامنية وبات من الصعب التمييز بينها وبين تلك القوات بالاستفادة من امر سلطة الاحتلال الامريكي الرقم 91.

- تستخدم العنف والارهاب ضد الطوائف الاخرى وتقوم بانتهاكات واسعة لحقوق الانسان، وتنفذ ممارسات والقتل والتهجير الطائفي والتغيير الديموغرافي بما يخدم المشروع الايراني للتمدد في العراق ومنه الى باقي الوطن العربي.

- تصرفاتها غير منضبطة وفوق القانون، وممارساتها بحد ذاتها تشكل خرقاً امنياً وتوفر الغطاء لتحركات عناصر الجريمة والتنظيمات المسلحة للقيام بأعمال ارهابية.

 

الدور الايراني في تشكيل ودعم المليشيات العراقية

لست بصدد التوسع اكثر في مجال البحث في المليشيات العراقية/الايرانية فهذا موضوع يحتاج الى دراسة خاصة موسعة لأهميتها في بلورة شكل النظام العراقي الحالي بسيطرة ايران ولكن لإيضاح ما يجري على ارض الواقع المؤلم وجعل العراق كمرتكز للتوسع الفارسي على باقي اقطارنا العربية في انهاء الوجود العربي الاسلامي المعتدل بذرائع تسعى لها اسرائيل وامريكا وعليه سأتطرق بإيجاز شديد للدور الايراني في تحقيق اهدافها الخطيرة من خلال المليشيات العراقية/الايرانية.

 

التنفيذ العملي الفعلي لبدء المشروع الطائفي

تفجير مرقدي الامامين علي الهادي وحسن العسكري

لم يتضح جلياً نجاح نتائج المشروع الطائفي كما خطط له من قبل الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل وايران بعد الاحتلال، فالعراقيون بمختلف طوائفهم واعراقهم عبر مئات السنين لم يلجؤوا لموضوع الطائفة غاية لتحقيق اهداف وطنية تصب في عراق عربي موحد فالكل سواسية في الحقوق والواجبات، فمن المؤكد قد يلجأ المخططون لتعديل الغاية بما يلزم لسرعة تحقيق الهدف وفعلا اتضحت النوايا بعد سنتين من الاحتلال تقريبا لإحداث حادث جلل يحرك مشاعر العراقيين وغضبهم شيعة وسنة وكان هذا الحدث هو تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء وقد نجحوا في ذلك بتأجيج هذا القمقم الساكن على مرحلتين.

المرحلة الاولى. في صباح يوم الأربعاء 22 شباط (فبراير) 2006 قامت مجموعة من الارهابيين باقتحام المرقد وتقييد أفراد شرطة الحماية الخمسة المكلفين بحمايته وقاموا بزرع عبوتين ناسفتين تحت قبة الضريح وفجروها مما أدى إلى انهيار القبة الخاصة بالضريح، وأكد وزير الداخلية العراقي باقر الزبيدي ان قرابة المائة كيلوغرام من المواد المتفجرة استخدمت في التفجير والعملية استمرت حوالى ثلاثة إلى خمسة أيام لتثبيت ونقل المواد المتفجرة ومعداتها إلى داخل المرقد.

بانت علائم نجاح مشروع تأجيج الفتنة الطائفية بشكل كبير حيث قامت جماعات مسلحة مجهولة بإحراق مساجد سنية وهدمها بالإضافة لأعمال قتل عشوائي في العاصمة بغداد والمناطق المجاورة لها و أفاد ديوان الوقف السني ان ما يقرب من 168 مسجداً سنياً تعرض للهجوم وتم قتل 10 أئمة في المساجد وخطف 15 آخرين في بغداد وافادت جهات أمنية ان حصيلة أعمال العنف بعد التفجير قد تتجاوز 100 قتيل، وفي محافظة البصرة قام مسلحين بالهجوم على مرقد ومسجد طلحة بن عبيد الله وزرع عبوات ناسفة فيهِ وقاموا بتفجيرها مما أدى إلى تدمير المرقد بالكامل وفي البصرة أيضاً قام مسلحون بالهجوم على أحد السجون اخرجوا منه بعض الأشخاص السنة وتم اكتشاف جثثهم لاحقاً، وقد حدثت أعمال تهجير قسرية في بعض المناطق وقامت جماعة مسلحة بإطلاق صاروخين على مرقد سلمان الفارسي في المدائن مما تسبب في اضرار بالغة للمرقد، ولقد اوضحت منظمة الأمم المتحدة في إحصائية رسمية نشرتها لاحقا ان نحو 34000 عراقي قتلوا خلال عام 2006 فقط.

المرحلة الثانية. في صباح يوم الأربعاء 13 حزيران (يونيو) 2007 حدث تفجير آخر استهدف مئذنتي المرقد الذهبيتين ودمرهما بالكامل و سويت بالأرض ولم يعد لهما أثرا.

عقب هذا التفجير تعرضت عدة مساجد للطائفة السنية في بغداد للإحراق والتهديم حيث تعرضت أربعة منها في جنوب بغداد إلى هجمات بعد ساعات من تفجير المأذنتين، في صباح الخميس 14 منه قام مسلحون مجهولون بحرق مسجد في بلدة الإسكندرية ومسجدان في بلدة المحاويل جنوبي بغداد وفي اليوم التالي قام مسلحين بالهجوم على احد المساجد في قضاء الزبير بالبصرة وتعرضت مساجد سنية أخرى للتدمير، اما في بابل فقد قامت مجموعة من المسلحين بتفجير ثلاث مساجد سنية شمال المدينة من خلال زرع عبوات ناسفة داخلها خرج اتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في مظاهرات سلمية حاشدة في مدينة الصدر وغيرها داعياً إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الفتنة الطائفية.

 

تصريح الجنرال جورج كيسي قائد القوت الامريكية في العراق

بوقت متأخر جداً في 22/6/2013 وعند القاء خطابه في مؤتمر المعارضة الايرانية ذكر الجنرال جورج كيسي قائد القوات الامريكية السابق في العراق حول حادث تفجير الامامين العسكريين ما يأتي(نظام طهران هو المسؤول عن قتل الالاف من العراقيين، وايران هي المسؤولة عن تفجير الامامين العسكريين في العراق من اجل تأجيج الصراع الطائفي فيه وصولا الى اضعافه وتدميره وانهائه كدولة...، واخبرني المالكي وهو شريكهم بان غالبية التفجيرات التي استهدفت المدنيين هي من مسؤولية الحرس الثوري الايراني. كما ذكر كيسي إن النظام الإيراني يقوم بتعزيز الميليشيات وتمويلها وتدريبها في العراق منذ عام 2006 إلى 2008،وهـــم قاموا بقتل عدد كثير مـــن الأميركيين والعراقيين وعندما اعتقلنا وألقينـــا القبض على 6 من أعضاء فيلق القدس الإيراني، وجدنا لديهم مخططا وخارطة وقد قسموا العراق فيها إلى مناطق لونية حسب الطوائف.

 

استنتاج

السؤال الذي يطرح نفسه لماذا سكوت الجنرال كيسي بمثل هذا الحدث الخطير جداً وما تسبب عنه من فوضى واعمال قتل للعديد من السنة وتفجير مساجدهم؟ والجواب الاقرب للواقع في حينه ان امريكا واسرائيل بتنفيذ ايراني هي الشريك الرئيس في هذا الحادث لتحقيق الهدف الذي جاءت وخططت مع الرئيس الاداري بول بريمر من اجل زيادة وتطوير الشحن الطائفي في العراق.

 

التهديد والخطف والقتل والتهجير

استكمالا للمشروع التخريبي لجات ايران وميلشياتها المشار اليها آنفا الى العديد من الوسائل منها التهديد بالقتل للكفاءات والنخب العلمية وقادة وضباط ومراتب الجيش العراقي السابق والطيارين بعد منحهم فرصة قليلة لمغادرة البلد والا يتم تصفيتهم، او خطفهم ثم المساومة عليهم بمبلغ كبير من المال.

تتباين اعداد شهداء الاحتلال الامريكي للعراق منذ 2003 –وحتى 2016، بلغ اكثر من 180000 شهيد وجريح (ما خوذة من موقع ساسة sas).

الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)

 

احتلال وتحرير المحافظات والمدن العراقية

ابتلي العراق بزمر ارهابية عديدة بعد الاحتلال الامريكي البريطاني الفارسي تمثلت بمليشيات اتسمت بالشرعية لأحزاب خارجة عن القانون تقتل وتسرق وتهجر كيفما اتفق وآخرها تنظيم دولي (داعش) الارهابي استهدف المحافظات ذات الاغلبية السنية تحديداً جعلها مستقراً له للتمدد لباقي المحافظات.

فهناك من يرى أن هذا التنظيم من بقايا تنظيم القاعدة بقيادة أبو مصعب الزرقاوي، وهناك من يرى أن هناك أطراف دولية وإقليمية تدعم هذه الحركة المتشددة لتأجيج حرب طائفية (سنية/شيعية)، لا تقف نيرانها في الشام والعراق بل تصل إلى عمق شمال إفريقيا.

ومن المرجح ان القوى الغربية تمسك خيوط اللعبة السياسية في المنطقة العربية برمتها، وتحدد مصير هذه الشعوب التي عجز قادتها عن تحديد معالم مستقبل مشرق لأجيالها، التي لن ترى إلا الدماء ومشاهد القتل والدمار، وليست الحرب الإسرائيلية على غزة صيف 2014 إلا تنسيقا أمريكيا/إسرائيليا، لتشتيت انتباه العالم عما تقوم به (داعش) في العراق تحديداً، وما يقوم به الجيش السوري وحزب الله من انتهاكات في بلاد الشام، إنها الحرب تدق طبولها بأيادي أمريكية، وينفذها من لا ضمير لهم ولأذمه.

لااريد التوغل في هذا الموضوع بذكرى الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق ولكن وبشكل موجز اذكر،ان هذا التنظيم قام باحتلال محافظة الموصل والمناطق المحيطة بها بايام قلائل في 9 حزيران/يونيو 2014، دون ردف فعل او مقاومة تذكر رغم تواجد القوات المسلحة الاتية (الفرقة الثانية حوالي 15000 رجل، الفرقة الثالثة حوالي 15000 رجل، فرقة شرطة اتحادية 10000 رجـل، الشرطة المحلية 30000 رجل، مزودون بالأسلحة المختلفة دبابات، عجلات مدرعة وطائرات سمتيه وغير ذلك،يقودهم اثناء المعركة كلا من الفريق مهدي الغراوي قائد عمليات نينوى والفريق الركن عبود كمبر معاون رئيس اركان الجيش والفريق الاول الركن علي غيدان قائد القوات البرية العراقية).

ثلاث سنوات سوداء احتلت الموصل من قبل تنظيم الدولة الإسلامية الارهابي (داعش)، وقد امتد الاحتلال نحو غرب العراق ووسطه، حدث جلل لم يكن مباغت لنا جميعاً ولكن، جرت صناعته من قبل قوى سهّلت ذلك الاحتلال المأساوي من حيث الدعم الاداري والمادي والتسليحي فقد ظهر بوضوح من خلال وسائل الاعلام بان هناك دعم امريكي لأسلحة وغذاء وادوية على شكل عبوات يتم اسقاطها جواً.

ففي حزيران/يونيو 2017 اوضحت الصحفية البلغارية (ديليانا جيتا نزيفا) التي تعمل في صحيفة (ترود) بصوفيا، نشرت تقريرا مفصلاً عن قيام خطوط (سيكلو اي) المملوكة لدولة اذربيجان بتنفيذ اكثر من 350 طلعة طيران وبأشراف المخابرات المركزية الامريكية نقلت خلالها عشرات الاطنان من الاسلحة والذخائر للإرهابيين في سوريا والعراق والتقرير مدعم بالوثائق الرسمية التي تحدد انواع وكميات المقذوفات والاسلحة ومناطق الشحن والتفريغ والاهم من ذلك اسماء الشركات المتعاقدة مع الحكومة الامريكية للإسهام في تسليح وتدريب الجماعات الارهابية وابرزها شركة بريل شوفل البلغارية عبر وزارة الدفاع الاذربيجانية، ولم يبدوا ذلك اي اهتمام او تصريح به من قبل سلطات الدولة المفروض ان يكون، مالم يكن لها علم بما يجري بمثل هكذا حدث ادى ضياع قرابة نصف العراق بأيدي داعش، واصبح هذا الاحتلال لدى البعض من الفصائل الطائفية فرصة للانتقام من بعض المناطق السنية في محيط بغداد والمحافظات السنية الاخرى، وفرصة للتدخل الايراني بحجج الدفاع عن العراق من قبل قادة ايرانيين امثال الجنرال قاسم سليماني وآخرين مع عناصر مقاتلة ايرانية معهم حلفاء عراقيون سياسيون ولائهم المطلق لإيران امثال ابو مهدي المهندس وهادي العامري مع مليشياتهم، وكاّن الامر مهيئ رافقهم صمت رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي يتحمّل المسؤولية التاريخية عن ضياع قرابة نصف العراق، وما تبع ذلك من ويلاتٍ وتداعياتٍ وضحايا وخراب ناهيك عن محاولات التغيير الديموغرافي للمناطق التي احتلها التنظيم المتطرف.

الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما، خرج علينا اثر احتلال داعش للموصل قائلا (ان اخراجهم من الموصل بحاجة الى ثلاث سنوات بالضبط)، ولا ندري كيف عرف او قدّر التوقيت وضبطه؟؟.

في يوم 1 تموز يوليو 2017 تمكنت القوات العراقية من الوصول إلى بقايا جامع النوري ومنارته الحدباء، وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن إنتهاء دويلة داعش الباطلة ومهدداً عناصر التنظيم بملاحقة آخر واحد منهم، ولقد تمت السيطرة على مدينة الموصل من قبل الجيش العراقي، وحسب البيان المشترك الذي أذيع حال إعلان النصر وتحرير الموصل في 10 تموز 2017 فقد شارك في المعارك حوالي 60 ألف من القوات الأمنية وتمكنوا من قتل 25 الف مسلحا ونزوح ما يقارب مليون شخص من الموصل منذ انطلاق العمليات العسكرية لتحريرها في شهر تشرين الأول/اكتوبر 2016، وأعلن مجلس محافظة نينوى أن 80 % من مدينة الموصل قد دمرت بالكامل، كما نفذت طائرات التحالف الدولي حوالي 20 ألف طلعة جوية.

 

الدروس المستفادة من حرب احتلال العراق 2003 وما بعدها

عملية احتلال العراق وما بعدها، انها حرب غير عادلة جاءت نتيجة أحداث سياسية واقتصادية فرضتها الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل بتوافق ايراني مبطن تساندهم فصائل المتمردين من اكراد (البيشمركة) بتعاون عربي/خليجي غير مسبوق على الواقع العربي المتردي مستفيدة من احداث مدبرة بشكل جيد بعد انتصار العراق في حرب الخليج الاولى (1980 – 1988) و لم تعيها القيادة السياسية العراقية جيداً أو تغاضت عنها هي حرب احتلال الكويت، ادت الى ما وصل اليه العراق بعد احتلاله في 2003 من تدمير كامل لكل قوى دفاعه الوطني اولها القوة الاجتماعية بعد تشتيت شعبه وتفكيك لحمته الوطنية ونشر المبادئ العنصرية والطائفية والشوفينية الهدامة بين صفوفه وجعل ابناء الوطن الواحد يقتتلون فيما بينهم طائفياً لم يعتدها العراق عبر سفر تاريخه الوطني وثانيهما القوة الاقتصادية وجعلها مقتصرة على فئات من الجهلة غريبة على مجتمعنا العراقي لا تهدف سوى الى تقويه مبادئها الهدامة خدمةً للمحتل دون بناء اقتصاده المتداعي ثم القوة السياسية التي لا يمكن وصفها او تمثيلها باي تمثيل سياسي لأي دولة متخلفة في العالم لكونها ترتكز على القوتين السابقتين من خلال دستور كتبه المحتل بمشورة حلفائه ممن يشار لهم بالمعارضة وفرضه بصورة متعجله على الشعب العراقي دون معرفتهم لماهيته ونواياه الخبيثة التي تشبثت بها القوى العميلة بغرض تقسيم العراق عنوةً ثم القوة العسكرية التي اهينت من قبل قادتها السياسيين السابقين اولا لعدم امتثالهم للمنطق والعلم العسكري ومبادئ الحرب وفن استخدام القوة وما افرزته مرحلة الحصار الشامل ومراهناتها الخاطئة على القوات البرية والقوات شبه العسكرية فقط ثم القادة السياسيين اللاحقين الاسوء الذين لا يفقهون و لا يفهمون سوى ملئ جيوبهم واحزابهم بأموال الشعب العراقي دون اهتمامهم بمتطلبات المرحلة ما بعد الاحتلال في بناء مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة العسكرية التي سعوا هم الى تدميرها اولا بمعاول فارسية امريكية صهيونية بتعاون كردي مشهود بحجة بناء مؤسسة عسكرية حديثة لا تعتدي على الاخرين حسب رؤيتهم لها لتكون تابعه لهذا الرباعي الخبيث.

 

من خلال ذلك كله يمكن التوصل الى الدروس المستفادة من حرب احتلال العراق 2003 وما بعدها وفق مستوياتها العلمية المتعارف عليها التالية:

على المستوى السياسي

- قصر النظر في التخطيط السياسي العسكري وحتى العملياتي في الدفاع عن العراق وذلك للتداخلات السياسية التي اثرت سلباً على التفكير والابداع التخطيطي العسكري رغم الدروس المستفادة من معارك حرب الخليج الثانية التي اهملت دون ادراك لأهميتها.

- يجب وضع بالاعتبار أهدافنا السياسية والسياسية العسكرية بوضوح متمشية مع امكانياتنا وظروفنا الوطنية وفق واقعنا الحقيقي وان نعمل على تحقيقها وتنميتها بكل الوسائل المتاحة الى الافضل بأساليب مشروعة وملموسة.

- أهمية الدور الاعلامي لتوجيه الراي العام العالمي واستخدامه ضمن خطه الخداع الاستراتيجي في الوقوف مع الدول الصديقة بمصداقية عالية وفي نفس الوقت محاولة خفض الروح المعنوية للعدو وان تكون الخطة الاعلامية متماشية ومنسقة مع خطة العمليات والتخطيط السياسي للدولة في دخول الحرب على ان تقسم خطة الاعلام الى مراحل لكل مرحلة توقيتاتها واهدافها واسلوب أدارتها ثم مدى تأثيرها بل اعتبارها أحدى مضاعفات القوة للقوات المسلحة.

- أعداد مسرح الحرب سياسياً وعسكرياً له أهمية قصوى في القدرة على التحشد واعداد القوات للحرب، الولايات المتحدة اعدت مسرحها للحرب على العراق من عدة سنوات وتحديداً بعد عام 1991 في اطار خداع استراتيجي وهو الدفاع عن دول الخليج العربي وتضمنت خطتها في ذلك بناء شبكات مواصلات وانظمة دفاع جوي وانذار وسيطرة ورفع كفاءة القواعد الجوية في هذه الدول وختمتها بإقامة مراكز للقيادة الجوية والبحرية والبرية في كل من قطر والبحرين والكويت، واصبح واضحاً انه بدون التسهيلات الضخمة التي قدمتها دول الخليج لحشد وتموين القوات الامريكية والبريطانية لما تمكنت دول التحالف حشد القوات الكافية لشن الحرب على العراق.

- فرض الامر الواقع في ظل القوة المتفوقة حيث يصبح للموقف الدولي تأثير في اتخاذ القرار للقوة الاقوى بالرغم من محاولة الجانب الاضعف كسب الراي العام الى جانبه لان الجانب الاقوى يستطيع تشكيل تحالفاً دولياً يزيد من قوته ويعطيه حرية اوسع في اتخاذ قرار الحرب، كما ان تفوق قدرته العسكرية تزيد وتدعم من ارادته السياسية لدرجة انه يستطيع معها تسخير المنظمات الدولية للعمل لصالحه، فقد ظهرت مع تنامي القوه مصطلحات ومفاهيم لا تدركها الدول الضعيفة منها عسكرة السياسة حيث تصبح الدبلوماسية هي التابعة للقوة العسكرية وليس العكس كما نعرفها في مفاهيمنا السياسية العسكرية.

- اهمية وجود تجمع عربي قوي ومؤثر له دور فاعل لمواجهة القضايا القومية المشتركة واستعداد المنطقة العربية لمواجهة اي صراع مستقبلي، لقد كشفت الحرب على العراق مدى ضعف وتشرذم الدول العربية بشكل أفقدها الارادة السياسية لفرض موقفها بشكل موحد بل اصبح العكس فقد توحدت دول الخليج العربي مع العدو ضد العراق في بادره عربية خطيرة للغاية لم يسبق لها مثيل في التاريخ العربي والاسلامي ولم يكن لجامعة الدول العربية الدور الذي اسست من اجله.

- الدرس الاخير سياسياً اقول عن مضض لولا وطنية القيادة لما حصل الغزو وكان العراق قومياً ووطنياً يدافع عن إخوانه العرب أكثر من دفاعه عن وطنه والتاريخ شاهد على ذلك، وللأسف عراقنا يئن تحت نيران الاحتلال وصنائعه، واراضينا المقدسة تداس بأقدامهم وآلياتهم، وغربانهم تحوم فوق سماء العراق، ومعظم زعماء وقادة العرب فرحون وغير مهتمين بل يطبلون ويزمرون ويرقصون على أجساد واشلاء العراق المبعثرة هنا وهناك، بلدنا يُحرق ويهدم بأيدي الغزاة الأمريكان والعرب والبعض من العراقيين.

عاجلا أم آجلاً ستدور الدوائر على كل نظام عربي او اجنبي وسيذهبون الى مزبلة التاريخ لانهم ساهموا مع الأمريكان في تسهيل احتلاله وتدميره وقتله وعلى الخونة ستدور الدوائر.

 

على المستوى الاستراتيجي

- تحديد الاهداف الاستراتيجية العسكرية في اطار الاهداف السياسية. توصل تحديد الاهداف السياسية لقوات التحالف في حرب 2003 الى سرعة الوصول الى بغداد ومحاصرتها ثم مهاجمتها لإسقاط النظام وتحقيق أهم الاهداف السياسية لهذه الحرب.

- أسلوب التعامل سواء مع المدنيين او العسكريين (لقد استفادت الولايات المتحدة من المعارضين للنظام العراقي وجعلت منهم طابور (رتل) خامس للتجسس والحصول على المعلومات، كما ان المعلومات التي بُلغت للمخططين والمسؤولين الامريكيين وفحواها ان الشعب سيقابل القوات الامريكية بالترحاب والتعاون معهم قد تسببت في ارباك أعمال القتال وسير العمليات القتالية).

- ألتحول في الفكر الاستراتيجي الامريكي الذي تبنى صورة استراتيجية استباقية او وقائية بدلا من العقيدة الدفاعية (استراتيجية الردع الذي تبنتها الولايات المتحدة حتى ايلول/سبتمبر 2001) على شكل قوة غاشمة متفوقه تقنياً وقد يسود هذا الفكر الاستراتيجي العالم ويصبح هو الاستراتيجية القابلة للتطبيق.

- أثبتت القوات البرية المعادية بانها ما زالت القادرة على الحسم باحتلال اراضي العدو وتامين الاهداف الحيوية والتمسك بها وانهاء القتال بشكل حاسم، ولكن يجب ان تتسم هذه القوات بخفة الحركة وقوة التسليح وسرعة الانقضاض والانتشار.

- أهمية مبدأ تنظيم التعاون والتنسيق المتبادل بين القوات البرية من جهة وبينها وبين القوة الجوية والقوة البحرية والدفاع الجوي وغيرها من الصنوف والاسلحة المشتركة والقوات شبه العسكرية (جيش القدس، فدائيو صدام، قوات حزب البعث) في ظل خطة استراتيجية (دفاعية او هجومية) واحدة يدرب عليها بصورة مشتركة للوقوف على ايجابياتها وسلبياتها(وهذا لم يحدث حتى باتت التشكيلات والوحدة المقاتلة لا تعلم بدورها في متغيرات الحرب السريعة)، لقد اثبتت حرب الخليج الثالثة الكثير من المتناقضات والسلبيات من قبل التخطيط الاستراتيجي العراقي فرغم رهان القيادة السياسية العراقية على القوات البرية فقط لم نجدها تخطط لهذه القوات بشكل مركز ومحكم ووضع كل الاحتمالات والمتغيرات التي قد تظهر فجأةً كما ظهرت في المحور الشمالي بعد امتناع تركيا السماح لقوات التحالف العبور عبر اراضيها مما عطّل دور القوات العراقية هناك وكان يكون تأثيرها كبير في ارباك عمل قوات التحالف في باقي المحاور لو اتخذت خطة بديلة خاصة ان نسب التفوق واضح للقوات العراقية.

- استحداث قيادات المناطق الاربعة بقادة سياسيين وارتباط جميع قطعات الجيش العراقي (الجيش النظامي) الميدانية بتلك القيادات ادى بالنتيجة النهائية بان يصبح مقر رئاسة اركان الجيش النظامي مقراً استشارياً وليس قيادياً، مما ادى الى عزل هذه الرئاسة عن اداء دورها في الحرب والحاقها بآلية العمل السياسي.

- التداخل غير المقبول في مبدئ القيادة والسيطرة أخل في توخي الهدف مما اربك دور القوات البرية العراقية في ردود افعالها فالجيش النظامي الذي يقوده وزير الدفاع له تخطيطه وتنظيمه وقواعده المادية والادارية الخاصة به في معزل عن الحرس الجمهوري والحرس الخاص والقوات شبه العسكرية كل من هذه القوات تعمل وفق نهج خاص بها مما اربك توحيد الجهود خاصة ان القوات البرية تفتقر الى الاسناد الجوي وقد ازداد الموقف سوءً بعد فقدان القيادة والسيطرة عند انقطاع المواصلات واعتماد مبدا اللامركزية في ادارة اعمال القتال جعل القادة والامرين يعملون دون وضوح في التبدلات السريعة للمواقف العسكرية بسبب سرعة تقدم قوات التحالف مما ضيع فرص كثيره ساعدت قوات التحالف في احكام القبضة على بغداد رغم الشجاعة البالغة والمميزة التي ابدوها مع قطعاتهم سببت خسائر كبيرة بالأرواح والمعدات فاق حدود المعقول والمقبول.

- ظهر في هذه الحرب اهمية تطور وسائل جمع المعلومات من الاقمار وطائرات الاستطلاع وغيرها في سرعة معالجتها وتحليلها وتوزيعها على القيادات والتشكيلات لدول التحالف المستفيدة منها مما سهل اتخاذ القرارات في الحالات المستجدة من ارض الواقع، نجد العكس من ذلك بالنسبة للقوات العراقية حيث فقدت هذا المبدأ بعد وقت قصير من بدء المعركة لسببين الاول انقطاع المواصلات والاعتماد على الوسائل البديلة والثاني تعدد مراكز اتخاذ القرار مما لا تصب في انجاح الخطة الدفاعية العامة التي هي الاخرى يشوبها الفهم المشترك.

- من لا يملك صناعة وطنية متقدمة يضطر الاعتماد على حليف لينجده بالسلاح والمواد الاحتياطية والاعتدة مما يؤدي الى تحمله قيوداً شديده في استخدام هذه الاسلحة، لقد شلت القدرات العسكرية العراقية عموما قبل ان تبدء المعركة جراء التدمير الذي اصاب قدراتها العسكرية بعد حرب الخليج الثانية ثم الحصار الشامل ادى الى خروج القوة الجوية وطيران الجيش و البحرية كلياً عن العمل اضافه الى ضعف في اداء وكفاءة باقي القوات مما ادى المراهنة على القوات البرية (محدودة الكفاءة) والقوات شبه العسكرية فقط واصبح العراق يقاتل تحت مبدئ الشجاعة والمروءة والشهامة العربية والاسلامية والتي لم تعد ذات تأثير في مواجهة الاسلحة المتطورة.

ازدياد تعقيدات التخطيط الاستراتيجي لهيئات الركن في احتساب معاملات الكفاءة النوعية للأسلحة المختلفة التي اظهرتها حرب العراق 2003 مثلا: -

- دخل البعد الفضائي كأحد ابعاد الصراع الى جانب البعد الجوي والبحري والبري والدفاع الجوي المعادي.

- دخلت الاسلحة الذكية الاستراتيجية التي يصعب ايجاد ارقام لها في معادلات احتساب الكفاءة النوعية بدقة.

- قصر وقت رد الفعل في المواجهة بعد الانذار.

- صعوبة الانتشار للمواقع الجديدة لاحتمال الكشف والمعالجة من قبل العدو.

- زيادة اعباء التخطيط لحرب المعلومات من حماية وسائلنا العسكرية والمعلوماتية أضافة الى تدمير والتشويش وخداع وسائل العدو.

- زيادة مسؤولية تامين كافة أهدافنا الحيوية والاستراتيجية في عمق الدولة التي ربما تكون من ضمن اهداف المرحلة الابتدائية للحرب.

- يجب ان تتصف خطة العمليات والخطط البديلة لها بالمرونة لتتمشى مع طبيعة المعركة الحديثة تبعاً للمتغيرات السياسية والسياسية العسكرية والتبدلات في المواقف وقد ظهر ذلك جلياً في خطة عمليات قوات التحالف عندما امتنعت تركيا من السماح للقوات الامريكية (الفرقة الجبلية الرابعة) العبور عبر اراضيها مما اضطرت الى تعديل الخطة باستبدالها بإنزال اللوائيين 173 في شمال العراق بالتعاون مع متمردي (البيشمركة) وتحويل أتجاه الفرقة الرابعة الجبلية الى الكويت أضافة الى تكثيف الهجوم في المحاور الاخرى في الجنوب والوسط والغرب مما لم يحدث تغيير واضح على سير العمليات الاستراتيجية وانما التغيير شمل جانب تكتيكي طارئ واستمرت السيطرة على هذه المواقف بواسطة القيادة السياسية العسكرية، ولم يستغل ذلك من قبل العراق في اتخاذ اجراء حاسم كان له ان يؤثر على تأخير تقدم قوات التحالف واتخاذ اجراءات بديلة مؤثرة.

- سبق النظر والتحسب المستقبلي لرئاسة اركان الجيش العراقي ودوائرها ومديرياتها من حيث اعداد الخطط اللازمة في جميع مسارح العمليات(باستثناء بغداد) لم يؤخذ بها من قبل القائد العام حتى 20/3/2003 بعد ضياع الوقت ولا مجال لاتخاذ ما يلزم ضيع فرص كثيرة كان يمكن استثمارها بالنصر وتأخير وصول القوات الى بغداد واحتلالها.

- ازدواجية في منظومة القيادة والسيطرة لمختلف المستويات وهناك الكثير من الامور بقيت غير محسومة مثل تسليم القيادة للقادة الحزبيين، وجعل قادة الجيش مستشارين لهم، وكذلك عدم توحيد مسؤولية القيادة وتوزيع المهام بين الجيش والحرس الجمهوري.

- المزايدات والنفاق السياسي والعسكري المبني على الاكاذيب والبعيدة عن الحقائق أعطت لصاحب القرار ثقة غير دقيقة وغير مبنية على المنطق والمهنية وبالتالي اتخاذ قرارات مهلكة، سياسية كانت ام عسكرية وانتشرت كمرض لا منه رجاء.

على المستوى العملياتي والتعبوي

- برز دور القوات الخاصة الامريكية على المستوى التعبوي والتكتيكي حيث اشتركت بفعالية في جميع العمليات البرية وعلى جميع الاتجاهات الاستراتيجية والتعبوية مع الفرق المدرعة والالية بالتعاون مع طائرات الهليكوبتر كما استخدمت وحدات محمولة ومنقولة جواً في الاتجاه الشمالي ونسقت تعاونها مع (البيشمركة) الكردية في خطة خداع اوهمت القوات العراقية بحجم وقوة تأثير هذه الوحدات الذي لا يوازي شيئا نسبة لها، كما برز استخدام قوات الدلتا (احدى فروع القوات الخاصة الامريكية والتي تقوم بأعمال خطيرة وجريئة) قبل واثناء الحرب.

- أصبح العمل الليلي مكملا للعمليات النهارية واستثماراً لها بتحقيق المحافظة على المباغتة التعبوية

- لعبت الكفاءة الفردية دوراً حاسماً واساسياً في عامل التفوق وتحقيق المهمة بسرعة وبأسلوب صحيح قلل من نسب التعرض للخسائر وهذا يعود الى المهنية والاحتراف حيث جيوش التحالف تضم مقاتلين محترفين يستخدمون أثناء المعارك الرئيسة وعلى كافة الصنوف، كما روعي في تسليحهم بما يسمح لهم بحرية الحركة وخفتها والوقاية من النيران الخفيفة مع القدرة على الرؤيا نهاراً وليلاً وتحديد مكانهم بالاستعانة بالأقمار الصناعية.

- استفادة قوات التحالف أثناء حشدها في الاراضي الكويتية من التدريب في مناطق مشابهة تحت ظروف طبوغرافية ومناخية مشابهة.

- برز موضوع التعاون الوثيق بين القوات البرية والجوية وعلى جميع المستويات في تامين طلبات الاسناد الجوي القريب وإضاءة الاهداف على مستوى الفصيل.

- برز في الحرب اهمية دفع المفارز المتقدمة لسرعة الوصول الى الاهداف الرئيسة كراس جسر للعمليات المقبلة، كما استخدمت هذه المفارز في حصار المدن وماهيتها دفع مفارز استطلاع بالقوة لتحقيق خرق في احدى قطاعات الدفاع عن المدينة ثم تعزز بمفرزه اخرى تمسك القطاع وتطور خرقها حتى تحقق مهمتها (برز دور هذه المفارز في خرق حصار بغداد) تكون سمة هذه المفارز صغيرة ذو مستوى تدريبي عالي ومسلحة تسليحاً قوياً مع توفير جميع وسائل نجاح مهمتها من اسناد ناري ارضي، جوي، معلوماتي عن العدو.

- وضح جلياً في حرب الخليج الثانية وحرب كوسوفو وحرب الخليج الثالثة تزايد أهمية القواعد البحرية فيما وراء البحار حيث ثبت ان القوة البحرية والاقمار الصناعية واسلحة الفضاء هي وحدها التي تستطيع الدول الكبرى تحريكها دون ان تضطر للحصول على موافقات من دول أخرى للمرور عبر اراضيها او أجوائها، كما ثبت أهمية وجود هذه القواعد لدول التحالف في مسارح العمليات وما تقدمه من تسهيلات بحرية في موانئ الدول الصديقة أضافه الى وجود خمس مجموعات حاملات طائرات كقواعد جوية متنقلة سهل كثيراً تقديم الاسناد الجوي والصاروخي الذي قدمته في هذه الحرب.

- ظهر اهمية تطبيق نظام (C4I) والمعنى (المواصلات، القيادة، السيطرة، الاستخبارات) حيث النجاح الذي حققته القوات الجوية والبحرية لدول التحالف يرجع الى التطبيق الجيد لهذه الرباعية تحت سيطرة القيادة المركزية لدول التحالف.

- ثبت اهمية الحشد الجوي في استخدام القوة الجوية بالحرب على العراق حيث الغى هذا الحشد التفوق العددي البري للقوات العراقية بشل حركتها ومنعها من القيام بعمليات الهجوم المقابل الناجحة.

- لم تحاول القيادة العراقية تقدير اهمية دور القوة الجوية المعادية في الحرب او الاستفادة من دروسها في حرب الخليج الثانية ولم تضعها في الاعتبار رغم ما سببته من تدمير هائل لقواتها المسلحة وبناها التحتية في تلك الحرب وقد تكرر ذلك في هذه الحرب وبدمار اكثر وبدقة اعلى واسلحة جديدة متطورة.

- أهمية المحافظة على المبادأة وذلك بالالتزام في توجيه الضربات الجوية والصاروخية ليلا ونهاراً مما يضع القيادة والقوات المعادية تحت ضغط مستمر فضلا عن حرمانها من المناورة لهذه القوات.

- أكدت الحرب ان وسائل الدفاع الجوي الارضية مهما كانت كفاءتها لا تستطيع الصمود بدون اشتراك فعال من المتصديات في سلاح الجو اضافه الى الانذار المبكر.

- ثبت في هذه الحرب تأثير سحب الدخان الكثيفة على نتائج القصف الجوي في اصابة الاهداف سواء للأسلحة الموجهة بالليزر او بواسطة التلفزيون، كما برز أهمية الخداع والتمويه والاخفاء عندما تتم بطريقة علمية مدروسة مما تسبب في استنزاف الجهد الجوي وتقليل الخسائر.

- أهمية الاعداد المبكر لمسرح العمليات الجوي من قواعد ومطارات ثانوية وامكانيات ادارية وفنية (وقود، اسلحة، ادامة...الخ)، فلولا توفر القواعد الجوية المناسبة في دول الخليج العربي لما تمكنت القوات الجوية الامريكية من التحشد والمناورة المطلوبين لان حاملات الطائرات مهما كان دورها فأنها لا يمكنها تامين التحشد الجوي المطلوب في هكذا حرب تحتاج الى زخم طلعات عالي، لقد تمكنت القواعد الخليجية استيعاب حوالي 1000 طائرة قبل الحرب و 1663 طائره اثناء ذروة القتال عدا طائرات الهليكوبتر.

- بالنظر لعدم توفر القوة الجوية العراقية في الحرب لانتهاء أعمار ما تبقى من طائراتها بعد حرب الخليج الثانية وعطل ما تبقى منها بسبب فقدان المواد الاحتياطية (بسبب الحصار الشامل) ناهيك عن احتجاز 139 طائرة منذ عام 1991 أضافة الى تحديدات تدريب الطيارين مما قلل من كفاءتهم القتالية ثم الحضر الجوي المفوض على خطوط العرض 33 -36 مما اربك نظام الدفاع الجوي العراقي ومع ذلك يمكن الإشارة الى الايجابيات المهمة وبعض والسلبيات التي ظهرت اثناء الحرب 2003 وكما ياتي: -

. استطاع الدفاع الجوي العراقي الصمود حتى نهاية العمليات الحربية رغم القصف الجوي اليومي لمقراته واسلحته وتجهيزاته بعد استخدام المقرات البديلة حتى استنزافه.

. كما استطاع الدفاع الجوي العراقي تامين الكمائن بأسلحة ارض – جو المحمولة على الكتف وخطط التخفي والانتشار وسرعة رد الفعل والمواقع البديلة بأسلوب لامركزية القرار اسقاط عدد محدد من الطائرات المقاتلة والكثير من صواريخ (كروز) وطائرات الهليكوبتر وطائرات الاستطلاع الإلكتروني المسيرة بالإضافة الى حماية معداته واسلحته ضد الجو.

. تمكن التصنيع العسكري العراقي من صناعة مشبهات لرادارات الكشف والتوجيه بغرض التمويه عن المواقع الحقيقية لوسائل أطلاق الصواريخ ارض – جو والتي استخدمت بكثافة لاستنزاف المتصديات الامريكية أثناء فترة الحصار (1991 – 2003).

. ظهر تأثير وسائل التشويش الالكتروني المعادي ذات الكفاءة العالية على معدات ورادارات الدفاع الجوي العراقي الذي لم يتمكن مجارات المديات العالية من تشويشه باستخدام التشويش المضاد المتيسر.

. أستخدم العراق كل ما لديه من مخزون قديم من وسائل الدفاع الجوي مثل مدافع 40 ملم و100 ملم ضد طائرات الشبح (F 117) بعد اجراء بعض التحويرات عليها والتنسيق مع رادارات (p 35) لتحديد موقعها وثم الايعاز الى موقع مدافع 100 ملم لمعالجتها لاحتمال تدميرها الا ان تأثيرها لم يدم طويلا بعد كشفها و استهدافها من قبل طائرات A – 10.

 

الخاتمة

لقد تعودنا ونحن نعمل ضمن سلاحنا الجوي وتشكيلات وزارة الدفاع السابقة كضباط مهنيين دراسة العدو/الاعداء المحتملين من كافة جوانبه العسكرية والسياسية العسكرية ثم ايضاح حجم قواتنا تجاهه وبالتالي العمل على رفع المقترحات للمرجع الاعلى لإحداث التوازن المطلوب وفق ما محدد في مهمة القوات المسلحة فاذا وافق عليها هذا المرجع بدئنا في مشروع البناء وفق المهمة واذا كان العكس نقترح تعديل المهمة لتتناسب مع امكانياتنا، وهذا في الحقيقة نهج قديم منذ تأسيس الجيش العراقي واستمر بعد ثورة تموز 1968 وحتى استشهاد الفريق الاول الركن الطيار عدنان خير الله وزير الدفاع في ايار (مايو)1989 حيث كان رحمه الله تواق الى تقادير الموقف الاستراتيجية والدراسات والمناقشة المنطقية الجادة قبل اي عمل مهما كان بسيطا، اما القرارات والاجتهادات الخارجة عن نطاق العلم العسكري والسياسي وفن الحرب التي لا تتناسب وامكانيات القوات المسلحة الخاطئة التي حدثت قبل احتلال الكويت اتخذت من قبل عدد محدود من القادة السياسيين والعسكريين دون دراسة شاملة لحيثياته وتبعاته المستقبلية على العراق والامة العربية ودون اشراك الجيش النظامي بهذه الحرب حتى لم يكن له مجرد علم بها وانما اشركت عدد من فرق الحرس الجمهوري والخاص، ان ما اسعى الى ايضاحه في ختام دراستي الموجزة هذه والالم يعتصر قلبي على بلدي وما يجري فيه الان من تخريب مبرمج للإنسان وكل ما يمت للدولة بالإضافة الى سرقه للمال العام ونهب ثرواته القومية وتهجير أبناءه وكفاءاته وقتل طائفي وتقسيم ومحاصصة عرقية وشوفينية والغاء الهوية العربية باسم ديمقراطية الكابوي الامريكي بعد الاحتلال في 9/4/2003ما كان لها ان تحدث لولا هذه القرارات والاجتهادات المتسرعة و التفرد والتهميش لراي من يمتلك القدرة على التحليل المنطقي للواقع السياسي والعسكري.

لقد كان السير في طريق الحرب على العراق بدء بعد حرب الخليج الاولى وانتصار العراق في حربه على ايران وخروج العراق كقوة اقليمية في المنطقة قد يهدد امن اسرائيل تزامن مع احتلاله للكويت بتدبير امريكي صهيوني وشجع ذلك انهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه وشعور الولايات المتحدة بسيادتها المطلقة على دول العالم أجمع بامتلاكها لقدرات شاملة من سياسية واقتصادية وعسكرية غير مسبوقة جعلها تشعر بالزهو والقوة و أنها ليست في حاجة الى العالم ولكن العالم هو الذي في حاجة اليها مما اصابها بالتعالي والغطرسة وتناست ما كانت تنادي به من قيم والتزامات بنشر الديمقراطية والحريات والمحافظة على حقوق الانسان ونشر السلام واستبدلت بكل ذلك الدفاع عن حقوقها القومية المزعومة وكانت احداث 11 سبتمبر 2001 بمثابة الزلزال الذي هز كل هذه القيم والمبادئ واسقط كل مفاهيمها الاستراتيجية وشكك في آلياتها المستخدمة لتحقيق اهدافها ومصالحها باسم مكافحة الارهاب.

من الغريب ان نسمع ان الولايات المتحدة الامريكية تسعى لنشر الديمقراطية ولم نسمع ان الديمقراطية تأتي بالحرب ولم نسمع ان تحرير الدولة من نظام دكتاتوري يعني الاستيلاء على ثرواتها القومية والنفطية والغاء هويتها وتهجير وقتل شعبها ومحاولة محو تاريخها و تشكيل حكومة موالية لقوة الاحتلال، ليس هذا الكلام من قبل الاستنتاج بل ذكره بوش امام الكونجرس في احتفال الاتحاد اليهودي المسيحي بتاريخ 29/1/2002 وقد شمل تصوره لما يجب ان يحدث في منطقة الشرق الاوسط من تغيير جذري لشعوب المنطقة، وقد جاء في خطابه (لقد حان الوقت لتغيير شكل العالم ليصبح على الصورة الامريكية، واستطرد قائلا سننفق أموالنا لفرض معتقداتنا الرزينة والودودة والتحررية على عالم في حاجه لأموالنا، رسالتنا ان لا يخضع الرجال بعد الان لشرط اطلاق اللحى وان تخضع النساء لشرط تغطية وجوههن واجسامهن، ومن الان وصاعد يحق للعالم ان يتناول الخمر والتدخين وممارسة الجنس السوي او الشذوذ الجنسي بما في ذلك سفاح القربى واللواط ومشاهدة أفلام الجنس والاشرطة الخليعة، اني آمل ان اكون قد حافظت على ارث آل بوش بمحاربته العرب والمسلمين طيلة عشرة سنوات لضمان عدم الاستقرار والفوضى في بلادهم..)، هذه هي الدوافع والخطر القادم في منطقة الشرق الاوسط والذي بدأت ملامحه في العراق الديمقراطي بعد احتلاله و رسم خارطة الشرق الاوسط الكبير ليشمل كل ما تهدف له الولايات المتحدة الامريكية في نهجها العدواني القادم ليشمل كل منطقة اهتمامها فماذا نحن فاعلون؟ هذا ما يجب تدارسه وان نضع الآليات التي تحقق الحفاظ على قيم مجتمعاتنا الاسلامية وحضارتنا العريقة، فليس الهدف الامريكي الحرب ضد الارهاب بل تقويض مجتمعاتنا لتنشأ مجتمعات ممسوخة لا هوية لها، ان تكون مجتمعات تجمع كل عناصر الرذيلة يباح فيها كل الموبقات , لقد وضحت الرؤيا تماماً فالتحالف الامريكي يطبق كل ما جاء ببروتوكولات صهيون وما يحدث في فلسطين الان هو تنفيذ للمخطط الاسرائيلي في الهيمنة على فلسطين واذا لم يوقف عند حده فسيمتد ليشمل اسرائيل الكبرى من الفرات (وقد تحقق ذلك الان في العراق) الى المحيط وليس الى النيل كما كان سابقا لان الاجواء متهيئة لذلك بعد ما يسمى بالربيع العربي والسعي بقوة لتدمير دولنا العربية وتقسيمها اثنيا وعرقيا وطائفيا بالأمس كان العراق واليوم سوريا واليمن ولبنان وليبيا ان انتشار القوات الامريكية في المنطقة وما حولها الخطوة التنفيذية الاولى لتحقيق الحكم الامريكي – الصهيوني على العالم الاسلامي.

---------

المصادر

• الدكتور عبد الرحيم البلوشي (ايراني الجنسية) تقرير للمخطط الايراني: المنشور في صحيفة صوت الامة المصرية بتاريخ 17/10/2009.

• الموسوعة الحرة: ويكيبيديا: العلاقات العراقية الايرانية.

• أكد تقرير صادر عن "المركز العالمي للدراسات التنموية" في لندن، أن إيران تستنزف معظم الحقول العراقية النفطية المجاورة لها بشكل كبير، مشيراً إلى أن هذه الحقول التي تحتوي على احتياطي نفطي يقدر بأكثر من 100 مليار برميل لا تعتبر كلها حقولاً مشتركة، لأن قسماً كبيراً منها عراقي بالكامل ويقع ضمن الشريط الحدودي العراقي، وذكر التقرير، أن حجم ما تستنزفه إيران من النفط العراقي بلغ قرابة الـ130 ألف برميل يومياً من أربعة حقول عراقية هي حقول دهلران ونفط شهر وبيدر غرب وأبان، في حين أن حجم التجاوزات الإيرانية لحقول الطيب والفكة وأجزاء من حقل مجنون بلغ قرابة ربع مليون برميل يومياً!، وقدر حجم التجاوزات الإيرانية للنفط العراقي ما قيمته 17 مليار دولار سنوياً أي قرابة 14 % من إيرادات الدولة العراقية التي كانت ستصب في مصلحة المواطن العراقي. (فيديو يمثل مقدار ما تسرقه ايران من النفط العراقي... https://youtu.be/iQHi_GU0J1o)

• الفريق الركن دكتور صباح نوري العجيلي:المليشيات الايرانية عابرة الحدود – التهديدات والمخاطر:دار امنة للنشر والتوزيع.

https://youtu.be/pXEGRV5aqCc خطاب الجنرال كيسي حول تفجير الامامين في سامراء.

• الاهرام العربي. العدد 1064، ايلول/سبتمبر 2017.

• انظر اليوتيوب الاتي للاطلاع على مجريات معارك الموصل وغيرها (https://youtu.be/rpvdqy6tOE8).

• الفريق الركن ياسين فليح المعيني.

• يوميات الحرب الامريكية المبرمجة على العراق

الكاردينيا

شبكة البصرة

الاثنين 26 رمضان 1444 / 17 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط