بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بين التسلح النووي وإخلاء المنطقة من اسلحة الدمار الشامل..
أين مصلحة العرب؟ (ح2)؛

شبكة البصرة

د. أبا الحكم

1- الأسلحة الذرية الإسرائيلية:

اتخذ الكيان الصهيوني نظرية الشك اطاراً لتسلحه النووي منذ عام 1957 حين شرع في بناء مفاعل (ديمونا). وعلى الرغم من اصراره على عدم امتلاكه لأسلحة ذرية وبالتالي فهو يزعم انه في حل من تفكيكها او نزعها. ومع ذلك فقد استفز حكومة الاحتلال الصهيونية مقترح اعلان الشرق الاوسط منطقة خالية من الاسلحة الذرية، ورفض هذا الكيان المقترح رفضاً قاطعاً بذريعة فاضحة أن (أمن اسرائيل) يتعرض الى خطر ساحق جراء تصاعد سباق التسلح التقليدي في المنطقة. وتأكد ذلك برفض الحكومة الاسرائيلية التوقيع على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1968، الأمر الذي أكد شكوك امتلاك الكيان الصهيوني لأسلحة ذرية، إلا ان هذا الكيان لم يفصح عن هذه الاسلحة لحد الآن.

ومنذ ذلك التاريخ لم تشكل اسلحة الكيان الصهيوني الذرية عاملا (للردع) تجاه استخدام الأسلحة (التقليدية) في حرب حزيران عام 1967 وحرب اكتوبر عام 1975 حيث خاض فيهما العرب هاتين الحربين الدفاعيتين بكل قوة وبأقصى الطاقات وهما حربان تقليديتان لم يردع خلالهما السلاح النووي الاسرائيلي صناع القرار العرب من خوض الحرب حتى النهاية المزرية.. ومع ذلك، هنالك عدد من المؤشرات تضع أمة العرب في كفة القدرة على وضع الخصم في دائرة المؤثرات الجيو- استراتيجية الكفيلة بكسر إرادته ((بيد ان الأمر يحتاج الى قرار عربي موحد يعمل على جمع عناصر قوة الأمة وقدراتها ومواردها))، ومن أهم هذه المؤثرات على سبيل الحصر:

أولاً- المساحة الجغرافية العربية كعمق استراتيجي تستطيع ان تمتص ضربات العدو الاسرائيلي.. أما، مساحة فلسطين المحتلة فهي تعاني من نقص حاد في العمق الاستراتيجي من ناحية وتوزيع عناصر القوة الاسرائيلية من ناحية اخرى.. فأن شن حرباً تقليدية مستمرة حتى نهايتها، يضع نهاية للوجود السياسي لهذا الكيان دون تداخلات الردع النووي، وهذه حقيقة أفصح عنها خبراء استراتيجيون ومنهم اسرائيليون.

ثانياً- ان الكتلة البشرية العربية أكثر من (450) مليون نسمة امام ليس أكثر من (5-6) ملايين من الاسرائيليين، ومعظمهم مستعدون للعودة الى بلدانهم الأصلية والى شعوبهم وقومياتهم.

اليهود المهاجرون من بلدانهم، تركوا قومياتهم الى فلسطين وتحولوا الى مستوطنين اسرائيليين منذ عام 1948 يعيشون الآن في بحر من العرب الفلسطينيين في الداخل، يجعل خيار الكيان الصهيوني الرادع في مهب الريح.. فيما يعالج الكيان الصهيوني هذا الخلل بـ 1- توسيع المستعمرات 2- وتهجير الفلسطينيين 3- وتجريف الاراضي الزراعية 4- وتفكيك الكثافات السكانية الكبيرة للفلسطينيين في المدن والقرى وحتى الوجود الكثيف للفلسطينيين في القدس.5- تقسيم الصراع على اساس الجغرافيا – السياسية (الضفة الغربية) و(قطاع غزة) وإيجاد مسببات من شأنها تقسيم نضال الشعب الفلسطيني ومنعه من التحرير الكامل والشامل والعميق من البحر إلى النهر. - وللأسف، ما زالت حماس وحركة الجهاد الاسلامي ومنظمة فتح، تصر على مفاهيم غير مبررة استراتيجيا، الخفية منها والعلنية، والسماح للأداة الإيرانية لكي تعبث في الشأن الفلسطيني.. وتعد هذه الأداة من أخطر ادوات تقسيم الشعب الفلسطيني وتفكيك نضاله -.

ثالثاً- فالهدف الذي وضعه الاستراتيجيون الاسرائيليون هو (العمل على تأجيل وصول التكنولوجيا النووية الى كل الدول العربية الى ان تحين ظروف سياسية تكون أكثر ملائمة وأكثر تقبلا لها وعندئذ يكون تطبيق هذه التكنولوجيا النووية واستخدامها ليس للحرب وإنما للتنمية والبناء وفي الاغراض السلمية).

 

ما الذي يفصح عنه الهدف الاسرائيلي ازاء مسألة الردع المتبادل العربي - الاسرائيلي الافتراضي؟

1- ان الكيان الصهيوني وإن امتلك القدرة وبلغ العتبة النووية في صنع السلاح الذري لن يكون قادراً على استخدامه امام القدرات العربية التي تمتلك الاسلحة التقليدية في ظل (قوة عربية موحدة).

2- ان الوجود الجيو- سياسي للكيان الصهيوني ضعيف ولن يخدم مصلحته الاستراتيجية.. لذلك يعوض نقصه الاستراتيجي بـ أولاً- نقل المعارك الحربية التقليدية الى خارج فلسطين المحتلة ثانياً- تكثيف طيرانه الحربي وصواريخه الباليستية ثالثاً- تقليل استخدامه لجيوش المشاة والقوات المسلحة ذات الفعاليات الارضية رابعاً-تطبيع الخط الثالث بعد إنهاء فعاليات الخط الأول (مصر وسوريا) بطريقة الاحتواء والتهميش والتفكيك، و (الأردن) بمعاهدة وادي عربه، و(العراق) بطريقة الحصار والاحتلال والتدمير خامساً- تطبيع الخط الثالث (الخليج العربي ودول المغرب العربي) سادساً- ترصين خط التحالفات في خارج هذه الخطوط مع (تركيا ايران الهند الصين روسيا في شكل تحالفات قوى وتعاون تجاري، فيما يشكل الغرب وامريكا إسناداً جيو- استراتيجياً للكيان الصهيوني.

رابعاً- ان قدرات الاقطار العربية جميعها وطاقاتها وثرواتها الطبيعية ووارداتها وامكاناتها لا يقف امامها الكيان الصهيوني الذي ليست له موارد تذكر سوى 1- السياحة 2- مبيعات السلاح.. فهو في كل الاحوال يعيش على المساعدات الامريكية والمعونات الغربية وتبرعات المنظمات الصهيونية.. ومن غير المساعدات لن يستطيع الكيان الصهيوني ان يصمد اسبوعاً واحداً امام أية حرب تقليدية جدية عربية غايتها تحرير فلسطين.. لذلك، ترصد امريكا الى هذا الكيان سنوياً قرابة (3،2) مليار دولار سنوياً.

خامساً- الموقع الجيو- استراتيجي للأمة العربية الذي يشكل قلب العالم لا تضاهيه مساحة فلسطين المحتلة التي هي شريط ضيق يمتد شرق البحر المتوسط يعاني من تقص في العمق التعبوي الاستراتيجي ونقص الموارد.

سادساً- ان القنبلة النووية الاسرائيلية باتت عبئاً على معايير الردع، رغم تعزيز ما يسمى بالقبة الحديدية التي تم اختراقها في العمق الاستراتيجي بـ(41) صاروخا باليستيا أطلق من العراق في ظل الحكم الوطني.. ولو كان العرب يدركون الفرصة التاريخية لانتهت معادلة الصراع ولتغيرت المعايير رغم ان معهد (وايزمن) للدراسات الاستراتيجية كان قد أكد مؤخرا بان الاسرائيليين باتوا على حافة (الأقلية) امام نسبة المواليد الفلسطينية والعربية 3,7% عرب فلسطينيين امام (1,7%) اسرائيليين وعلى مدى عشرين عاماً سيتحول الاسرائيليون الى اقلية.. فما الذي تفعله القنبلة الاسرائيلية والردع المتبادل الاقصى؟

ولكن من المنطق القول ان الاقطار العربية تحتاج الى التقنية النووية للتطور في مجالات النهوض العلمي والتكنولوجي للأغراض السلمية وبما يعزز الأمن القومي العربي وذلك لاعتبارات الوضع الجيو- استراتيجي للأمة العربية، الذي تحادده كتلتان سكانيتان كبيرتان لهما اطماع تاريخية، وتقعان على حافاتها الشرقية والشمالية الغربية (إيران - 90) مليون نسمة و (تركيا- 95) مليون نسمة.. وإحدى هاتين الكتلتين تشكل خطراً داهماً وهي إيران، أما الكتلة السكانية الاخرى (تركيا)، فهي لا تشكل خطراً وشيكاً، فيما تقع الكتلة الاسرائيلية المعنية بـ(الردع النووي) في وضع الجمود غير القابل لحركة الحرب التقليدية الشاملة والنووية، التي يتجنبها الإسرائيليون والتي هي ليست في صالحهم أبداً.

ويقع الخطر الايراني في مقدمة الاخطار والتحديات التي تستوجب الاسراع في تعبئة الموارد والامكانات من اجل تنمية القدرات والاخذ بعناصر القوة الرادعة في إطار استراتيجية دفاعية تنموية شاملة ومتكاملة.

2- بناء مفاعلات نووية في اقطار الوطن العربي:

الأهمية الاستراتيجية.. الكلف والمخاطر والاحتمالات، فضلاً عن مفهوم نظرية الردع:

هذا ما سنتناوله لاحقاً.

شبكة ذي قار

شبكة البصرة

الخميس 29 رمضان 1444 / 20 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط