بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

فيما بلغت البطالة أرقاماً قياسية..العمالة الأجنبية تحتكر سوق العمل

شبكة البصرة

رغم مرور أكثر من شهر على حادثة الحريق الذي التهم حسينية “الحاجة سعدة” في منطقة الكرادة وسط بغداد، إلا أن وجود 10 نساء أجنبيات في غرفة مغلقة، لم يتمكنَّ من الخروج منها إلا بعد اقتحام فرق الدفاع المدني الحسينية وكسر الباب التي اُغلقت دونهن، بقي حتى الآن بلا تفسير. وسواء أكانت الغرفة تابعة للحسينية، أم لمبنى ملاصق لها تابع لشركة اُخرى كما حاولت أطراف مقربة من الحسينية إيضاحه، فإن البيان الذي أصدره الدفاع المدني لم يتحدث عن فتح تحقيق حول سبب احتجازهن، أو عن سبب عدم وجود مدخل للغرفة من خارج الحسينية، إذا كانت الغرفة بالفعل لا تعود لها، بل اكتفى بالحديث عن “فتح تحقيق لمعرفة أسباب اندلاع الحريق”.

وكان بيان الدفاع المدني قد ذكر إن “الفِرَق نجحت بإنقاذ عشر عاملات خدمة من جنسيات مختلفة، (محتجزات) داخل غرفة مقفلة في مبنى مجاور للحسينية، بالتزامن مع إخماد حريق كبير اندلع داخل حسينية الحاجة سعدة في منطقة الكرادة”.

وأعادت قضية الحريق ونجاة العاملات الأجنبيات، الحديث في الشارع العراقي عن سبب استقدام أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية، في حين وصلت مستويات الفقر والبطالة في البلاد إلى أرقام قياسية.

ونشأت في مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ظاهرة المكاتب الاقتصادية، مما ضاعف الحاجة للمزيد من الأيدي العاملة، فبالإضافة للأحزاب والميليشيات التي استثمرت في هذا المجال، اُنشئت مكاتب اقتصادية لدواوين الأوقاف التي استُحدثت بعد أن حل مجلس الحكم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، كما اُنشئت مكاتب مشابهة لكل من العتبة العلوية والحسينية والعباسية والعسكرية والكاظمية، حيث تدير كل منها مؤسسات اقتصادية متكاملة من خلال هذه المكاتب، تعتمد في كثير من مفاصلها على العمالة الأجنبية، بعيداً عن التفكير بالعمالة المحلية، ألتي تضاعفت معاناتها جراء البطالة.

 

تحديات سوق العمل

وباشرت هذه المؤسسات بتأسيس مشاريعها، سواء المتعلق منها باختصاصاتها أم خارجه، وإستغل القائمون على تلك المشاريع الحاجة للأيدي العاملة فبدأوا باستقدامها من خارج البلاد بعيداً عن الضوابط. وبحسب تقارير صحفية، فإن هذه الخطوة تحمل خطراً مزدوجاً، فهي على الصعيد الداخلي تساهم بزيادة نسبة البطالة المستشرية أصلاً في البلاد، ومن ناحية اُخرى تُعرّض حقوق العمال الأجانب للانتهاك، خاصة وإن الغالبية العظمى من هؤلاء لا تخضع للضوابط المتعارف عليها عالمياً، مثل عقود العمل الرسمية، التي تثبت فيها حقوقهم وواجباتهم، كما يجعلهم غيابها عرضة للإبتزاز والمساومة، والسقوط بأدي عصابات الإتجار بالبشر المنتشرة بالبلاد، فضلاً عن انخراطهم هم بأنشطة ممنوعة.

وبهذا الصدد أشارت صحيفة نيويورك تايمز لتقارير صادرة عن خدمة “Religion News Service”، حول حوادث اختطاف أو قتل عمال أجانب في العراق، بالاضافة للتحديات والمخاطر المرتبطة باستقدامهم من قبل المؤسسات الدينية، مثل النزاعات القانونية حول ملكية وإدارة المواقع الدينية، والتوترات الطائفية والعنف، وانتهاكات حقوق الإنسان، والفساد، والاستغلال.

وكانت قيادة قوات حرس الحدود قد أعلنت مؤخراً عن القبض على شبكة لنقل العمالة الأجنبية في محافظة البصرة.وجاء في بيان للقيادة، أن “قوة من آمرية حدود السواحل في قيادة حدود المنطقة الرابعة، ألقت القبض على شبكة لنقل العمالة الأجنبية في محافظة البصرة، تتكون من ثلاثة أجانب وآخر عراقي الجنسية”، وأن “الشبكة تعمل على نقل العمالة الأجنبية إلى الأراضي العراقية بطريقة غير شرعية”.

 

مليون عامل أجنبي غير مرخص

وبحسب بيانات البنك الدولي المتعلقة بالقوى العاملة والسكان، فقد قُدِّر إجمالي القوى العاملة في العراق بنحو 10.4 مليون عامل سنة 2020، شكلت النساء منهم نسبة 22.4٪. وبالمقارنة مع الأرقام التي ذكرها وزير العمل والشؤون الاجتماعية “أحمد الأسدي”، يتضح أن عدد العمال الأجانب غير المرخصين يبلغ حوالي 10% من مجموع القوى العاملة، فضلاً عن العمال المرخصين. وكان الأسدي يتحدث في مجلس الأمناء العراقي، عندما أكد وجود مليون عامل أجنبي غير مرخص في العراق، فيما أكدت مصادر وزارته، أن العمالة الأجنبية المرخصة تجاوزت 160 ألفاً.

وركز تقييم عام 2019 الذي أجرته منظمة REACH، ألمهتمة بموضوع العمالة الأجنبية، على فئة العاملات الأجنبيات، حيث أكد إنهن “في الأساس لاجئات سوريات يعشن في مخيمات أو مناطق حضرية في المنطقة الكردية”. وجاء في التقييم إنهن يعملن في الغالب في قطاعات الزراعة والتعليم والصحة، وغالباً ما يكون عملهن بشكل غير رسمي وبأجور ومزايا منخفضة، مما يضعهن في مواجهة عوائق متعددة، مثل القيود القانونية والفرص الاقتصادية المحدودة والتمييز والمضايقة والعنف.

 

لماذا العمالة الأجنبية؟

وجاء في بحث نشرته كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة الفلوجة، “إن العمالة الوافدة أصبحت مرغوبة كونها تتميز بانخفاض أجورها اليومية مقارنة بالعمالة المحلية، وقد زاد التوجه لاستقدام العمالة الوافدة من تفاقم مشكلة البطالة، لاسيما في صفوف الشباب العراقيين”.

ويعتبر تدفق العمالة الأجنبية، خاصة من الدول المجاورة مثل إيران وسوريا والعديد من الدول الآسيوية، أحد التحديات التي تواجه سوق العمل في العراق. ووفقاً لتقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة في العراق، فإن العمال الأجانب يتنافسون مع العمال المحليين على الوظائف التي تتطلب مهارات منخفضة، في قطاعات مثل البناء والزراعة والتجارة والخدمات.

ولا تتوفر لدى نقابة العمال أو الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق معلومات كافية عن أعداد العمالة الأجنبية في العراق، كما تتناقض الأرقام التي يمتلكونها مع الإحصائيات المعلنة من قبل الحكومة، بحسب مراسلين صحفيين حاولوا الحصول عليها من هذه الجهات. وقدر رئيس مؤسسة عراق المستقبل للدراسات الاقتصادية “منار العبيدي”، الأموال التي تحول سنوياً من العراق إلى دول العمالة الأجنبية، بأكثر من 2.4 مليار دولار، على أساس 200 دولار عن كل عامل.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الاثنين 26 رمضان 1444 / 17 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط