بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مباحث في اللغة والأدب (39)

إهداء الكتب الأدبية وسرقتها واتلافها واغراقها

شبكة البصرة

ضحى عبد الرحمن

قال ابراهام لنكولن "صديقي المفضل هو الذي سيعطيني كتابا لم اقرأه من قبل". وأزيد حتى وأن سبق أن قرأته، ففي الإعادة فائدة.

1. اهداء الكتب

لكوننا نمتلك أكثر من مائة كتابة فيه إهداء من قبل الكاتب الى غيره، كان بودنا أن نقيم معرضا للكتب المهداة من الكتاب لآخرين، والحقيقة ان هذا الأمر استوقفنا كثيرا خشية من أن يفسر بأنه تشهبر بالمُهدى اليه الكتاب ولم يحتفظ به فتسرب الينا، ومازالت الفكرة في مرحلة التخمير، حتى يتم الفصل فيها.

تصنف الإهداءات الى:

1. إهداء المؤلف كتابه الى الأدباء والأصدقاء والمقربون منه سواء كانوا من المهتمين بالمطالعة من عدمه، وهذه الأخيرة غالب ما يفقد الكتاب أهميته، فيباع او يتلف، او يحتفظ به على الرف او في المخزن.

2. اهداء المؤلف الكتاب الى شخصيات مهمة كرئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او وزير الثقافة او غيرهم من كبار المسؤولين.

3. إهداء المؤلف كتابه الى هيئات تعتبر مهمة بالنسة اليه لترويج كتابه كالمكتبات العامة او مراكز البحوث والدراسات والجامعات سيما ذات الإختصاص القريب من مضمون الكتاب، والمراكز الدينية والصحف والمجلات لعمل دعاية للكتاب.

4. إهداء المؤلف كتابه لغرض الإستفادة المادية سيما ان كان فيه مدحا لشخص المُهدى اليه او ممن يمت اليه بصلة ما. أي الحصول على نوع من التكريم، وربما للتملق.

5. اهداء من قبل قاريء لقاريء آخر كإن استهواه الكتاب وأراد إهدائه لصديق ليطلع عليه أو ينقده.

6. إهداء الكتاب شخصيا من المؤلف الى جمهور القراء خلال معارض الكتب والإحتفالات الأدبية كالصالونات الأدبية ومقاهي الثقافة، فيجلس المؤلف أمام منضدة ترصف عليها كتبه ويهدي الكتاب الى من يشتريه بعد أن يتعرف على إسمه. وغالبا ما تعقد ندوات خلال الحفل يتحدث فيه الكاتب عن كتابه، أو يتم نقد الكتاب من قبل نقاد معروفين.

ما قيل في الإعارة والإستعارة:

ـ كتب ابن نباتة مع كتاب أهداه:

أرسلته نعــم الجليس *** إذا تغيرت البشر

يبقى على سنن الوفا *** أبدا ويتقنع بالنظر

(مطالع البدور ومنازل السرور/236).

ـ قال داود الانطاكي "ما يكتب على الكتب قيل أن صاحب المصارع، كتب على أول جزء منها:

هذا كتاب مصارع العشاق *** صرعتهم يوم النوى بفراق

تصنيف من لذع الفراق فؤاده *** وتطلب الراقي فعز الراقي

فإذا تصفحه اللبيب رثـى لهم *** أسرى هوى أبسوا من الأطلاق

وعلى الثاني:

مصارع العاشقين صرّعهم *** هوى الظباء الفواتر الحدق

تصنيف من صده تصوّنه *** عن كشف ما في الفؤاد من حرق

فهو يسر الهوى ويكتمه *** والقلب قد تاه منه في الطرق

وعلى الثالث:

مصارع العشاق مجموعة *** فيها لمن يقرؤها عبره

جمع عفيف الحب يطوي الهوى *** لو لم تكن تنشره العبره

غرامه ناء مقيم وان *** أعدمه يوم النوى صبره

وعلى الرابع:

كتاب مصارع أهل الهوى *** ومن فتكت فيه أيدي النوى

تكلف تصنيفه عاشـق *** عفيف الضمائر جم الجوى

أضل برمل اللوى قلبه *** فهل ناشد قلبه باللوى

وعلى الخامس:

مصارع قتلى من العاشقين *** ما لدمائهم طالب

تكلف جمع أحاديثهم *** عفيف هوى وجده غالب

سقاه الهوى صرف صهبائه *** فأصبح سكراناً الشارب

وعلى السادس:

كتاب صرعى الهوى وقتـلاه *** ومن صحا منهم وسكراه

تصنيف من كاد أن يشاركهم *** لكن وقاه بفضله الله

فضم مما منوا به طرفاً *** يعجب قاريه حين يقراه

وعلى السابع:

مصارع جارت يد البين والنوى *** عليهم فأضحوا في ديارهم صرعى

دماؤهم مطلولة قد أباحها *** لأحبابهم شرع الهوى حبذا شرعا

تدرعت من نيل الهوى الصبر جنة *** فجاءت سهام منه أنفذت الدرعا

وعلى الثامن:

كتاب مصارع قوم سقوا *** كؤس الهوى مترعات دهاقا

شكوا صرفها طالبين المزاج *** فشيبت على الرغم منهم فراقا

جمعنا أحاديث صرعاهم *** وسكراهم فيه لا من أفاقا

وعلى التاسع:

مصارع أبناء الهوى جمع عاشق *** تجرع من راح الهوى ما تجرعا

فلما رأى الفودين قد حل فيها *** المشيب منيخاً والمفارق أقلعا

وأضحي مصيخاً للنذير الذي علا *** مفارقه ينعي الشباب المودعا

وعلى العاشر:

كتاب من دارت كؤس الهوى *** عليه صرفاً ليس فيها مزاج

فصرّعتهم إذ حسوها فهم *** مرضى ينادون الأمن علاج

تصنيف من شاركهم في الهوى *** فليته مما لقي اليوم ناج

وعلى الحادي عشر:

مصارع اللابسين قمص الهوى *** ضفت عليهم كل يجرجرها

تصنيف من ذاق من سلافته *** الصفو وما فاته مكدرها

يطوي أحاديث وجده ودموع *** العين في فيضهن تنشرها

وعلى الثاني عشر:

كتاب تضمن أخبار من *** أطاع الهوى وعصى العذلا

فلما تمكن من قلبه *** أعاد حلاوته حنظلا

تكلف تصنيفه عاشق *** سلا العاشقون وما قد سلا

وعلى الثالث عشر:

مصارع أقوام توالت عليهم *** كؤس هوى ممزوجة بفراق

فمالوا سكاري ما لهم من افاقة *** إلي حين شمل جامع وتلاقي

فرق لهم مما لقوا عاشق أبت *** تجف له بعد الفراق أماقي

وعلى الرابع عشر:

كتاب مصارع من جهزت *** بظلم إليه النوي جندها

جمعناه لما سقينا الهوى *** أفاويق لم نستطع ردها

وسقنا أحاديث من جاوزت *** به فجعات النوى حدها

وعلى الخامس عشر:

كتاب مصارع العشاق *** من عرب ومن عجم

ليعتبر الخلى بما *** لقوا شكراً على النعم

مصنفه عفيف هوى *** مصون غير متهم

وعلى السادس عشر:

مصارع أبناء الهوى كل عاشق *** رماه الهوى عن قوسه فأصابا

رثى لهم من خاف يلقى الذي لقوا *** فالف فيما قد لقوة كتابا

وجمع من أخبارهم في هواهم *** أحاديث مثل الروض جيد سحابا

وعلى السابع عشر:

كتاب تضمن أبوابه *** مصارع قتلى من العاشقين

سقاهم سلافته مازجاً *** هواهم فمالوا به خاضعين

غرام تلوم العيون القلوب *** فيه وتلحي القلوب العيون

وعلى الثامن عشر:

كتاب جمعنا به عانين *** مصارع من قتل الحب صبرا

إذا ما تصفحه سالـــم *** من الحب أخلص لله شكرا

جمعناه صاحين حتى إذا *** خبرناه ملنا من الحب سكرا

وعلى التاسع عشر:

مصارع قتلى الهوى مثبت *** لعينيك ما كان من حالهم

تضمن من كل أعجوبــــــة *** وكيف تفانوا بآجالهم

فلو ذقت ما ذاق أهل الهوى *** لكنت لحقت بأمثالهم

وعلى العشرين:

كتاب جمعت به كل ما *** تفرق من قصص العاشقين

وكنت ألومهم عاذلاً *** فصرت لهم أحد العاذرين

فكم عاشق ذاق يوم النوى *** وقد غرد الحاديان المنون

وعلى الحادي والعشرين:

مصارع قتلاء الهوى صرعتهم *** سلافته يسقونها صافياً صرفا

فمنهم عفيف ظل يكتم وجـــــده *** فنم عليه ماء أجنانه وكفا

جمعت كتاباً في مصارعهم إذا *** تصفحه ذو اللب رق تالفا

وعلى الثاني والعشرين:

قد صنف الناس حقاً في الهوى كتباً *** فيمن صحا بعد سكر منه أو عطبا

وأكثر وأغيراتي قد جمعت لهـم *** وما اختصرت كتاباً رائعاً عجبا

ذكرت فيه بإسناد مصارعهم *** عجماً وجدتهم في الناس أو عربا (تزيين الأسواق/202).

 

2. سرقات الكتب

قال ابن ظافر الأزدي "أخبرنا أبو منصور الثعالبي في كتاب اليتيمة؛ أن الصاحب بن عباد اتهم بعض المرد في مجلسه بسرقة بعض كتبه، فقال:

سرقت يا ظبي كتبي *** ألحقت كتبي بقلبي

وأمر أبا محمد الحسن بن أحمد البروجردي بإجازته، فقال:

فلو فعلت جميلاً *** رددت قلبي وكتبي

(بدائع البدائة/53). (يتيمة الدهر4/255).

 

سرقة كتب من خزانتنا

ورد في مجلة لغة العرب "سرقة كتب خطية من خزانتنا وقد تحققنا الآن أن يد السارق امتدت إلى المؤلفات المطبوعة أيضا فقد أخذ منا كتاب الفرق بين الفرق وكنا قد جلبناه من أوربة - وديوان ابن حمديس المطبوع في رومة وكان قد أهداه إلينا صديقنا الإيطالي السنيور جورجيو ليفي دلافيدا وهناك غير هذين الكتابين ولا نهتدي إلى المفقود إلا عند احتياجنا إليه.

والكتاب الخطي الثالث الذي سرق منا ولم نكن نعرفه في الشهر الماضي هو ديوان (الباخرزي) ودونك وصفه. وكنا اشترينا هذا الديوان من أحمد حامد أفندي الصراف بمائة وعشر ربيات وكنا قد كتبنا عليه بقلم الثلث ديوان الباخرزي) وتحت الكلمتين ما هذا نصه: (هو المالك الحقيقي) وتحتها) من جملة ممتلكات أحقر العباد عيسى ابن مصطفى الحسني العطار 1210) وكتبنا نحن بجانب التاريخ: (وقد صار بالمشترى الشرعي إلى الأب أنستاس ماري الكرملي وقد اشتراه من أحمد حامد الصراف في 9 ك 2 من سنة 1928) وبالفرنسية ما كتبناه بالعربية وإذا قلبت الصفحة وجدت بخطنا الثلثي في أول سطر(ديوان الباخرزي) وتحته: (بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لوليه. قال الشيخ الإمام الشهيد أبو القسم علي بن الحسن ابن أبي الطيب الباخرزي (ثم بالحمرة ما يأتي): يمدح الخليفة القائم بأمر الله وأنشدها في المحرم سنة خمس وأربعين وأربعمائة)، ثم بالسواد البائية التي مستهلها". (مجلة لغة العرب7/589).

 

3. اغراق الكتب

قال التوحيدي "طرح داود الطائي، وكان من خيار عباد الله زهدا وفقها وعبادة، ويقال له (تاج الأمة) رمى كتبه في البحر، وقال يناجيها: نعم الدليل كنت، والوقوف مع الدليل بعد الوصول عناء وذهول، وبلاء وخمول". (المقابسات/112)

 

4. إتلاف الكتب

قال الفسوي "حدثنا ابو بكر ثنا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَخِي يَزِيدَ عَنْ يَزِيدَ الْأَصَمِّ قَالَ: أَتَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فَأُتِيَ بِضَارَّةِ كُتُبٍ وَأَنَا عِنْدَهُ، فَمَا فَضَّ مِنْهَا خَاتَمًا وَلَا نَظَرَ فِي عُنْوَانِهِ حَتَّى قَالَ: يَا جَارِيَةُ هَاتِ الْمِخْضَبَ. قَالَ: فجاءت المخضب فِيهِ مَاءٌ، فَأَخَذَ تِلْكَ الْكُتُبَ فَغَسَلَهَا فِي الْمَاءِ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كُتُبُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ كُتُبُ قَوْمٍ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى حَقٍّ، وَلَا يَقْصُرُونَ عَنْ بَاطِلٍ، كُتُبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَرُبَّمَا قَالَ لَا يَنْزِعُونَ عَنْ بَاطِلٍ". (المعرفة والتأريخ2/756).

ـ قال التوحيدي "حمل يوسف بن أسباط كتبه الى غار جبل وطرحها فيه، وسد بابه، فلما عُوتب على ذلك، قال: دلنا العلم في الأول، ثم كاد يضلنا في الثاني، فهجرناه لوجه من وصلناه، وكرهناه من أجل من أردناه". (المقابسات/112)

ـ قال التوحيدي "مزق سفيان الثوري ألف جزء وطيرها في الريح وقال: ليت يدي قُطعت من هاهنا، بل من هاهنا، ولم أكتب حرفا". (المقابسات/112)

ـ قال التوحيدي "دفن أبو عمرو بن العلاء، وكان من كبار العلماء، مع زهد ظاهر وورع معروف كتبه في باطن الأرض، فلم يوجد لها أثر". (المقابسات/112)؟

كاتبة عراقية

نيسان 2023

شبكة البصرة

الجمغة 8 شوال 1444 / 28 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط