بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مركز جنيف الدولي للعدالة:
لجنة أممية تطالب العراق بإجراءاتٍ عاجلة للوفاء بإلتزاماتها الدولية

شبكة البصرة

مركز جنيف الدولي للعدالة: لجنة الإختفاء القسري في الأمم المتحدّة

تطالب العراق بإجراءاتٍ عاجلة للوفاء بإلتزاماته الدولية.

اللجنة تؤكدّ وجوب أنّ تحقّق لجنة محايدة عن وجود سجونٍ سرّية.

يرحب مركز جنيف الدولي للعدالة (GICJ) بصدور تقرير لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري الذي أعلنته في جنيف هذا اليوم (الثلاثاء 4 نيسان/أبريل 2023) عن زيارتها الرسمية إلى العراق، والذي يضع للسلطات العراقية خطّة عمل للتصدّي لحالات الاختفاء القسري ومحاسبة مرتكبيها. وترى اللجنة أنّه إذا كانت السلطات راغبةً بالوفاء بالتزاماتهما الدولية بحسن نية، فيجب عليها أن تشرع في التنفيذ العاجل للتوصيات.

إن تقرير اللجنة الشامل الذي يستند إلى زيارة استمرت أسبوعين في شهر تشرين الثاني 2022، إلى مناطق مختلفة من العراق يؤكد بوضوح شديد أن هنالك إلتزامات قانونية دولية على دولة العراق بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ويتوجب الإيفاء بها دون إبطاء.

ولا بدّ من الذكر، أنّ زيارة اللجنة للعراق قدّ تمتّ بموجب المادة 33 من الاتفاقية التي تتضمن أن زيارة الدولة تجري عندما يُنظر على أنّها في حالة انتهاك خطير لالتزاماتها الدولية بموجب الإتفاقية.

وتؤكد اللجنة أنّه لا يمكن للسلطات العراقية الإستمرار بإنكار حالات الاختفاء القسري التي حدثت على أيدي جهات متعدّدة تابعة لها أو تعمل بمعرفتها. ولا يمكن للحكومة العراقية أن تنكر حجم المشكلة، كما لم تعدّ قادرة على نقل المسؤولية عنها عن طريق إلقاء اللوم على الآخرين. ويحدّد تقرير اللجنة خارطة طريق واضحة للعراق للتخفيف من معاناة مئات الآلاف من المواطنين.

ويقدّم خبراء اللجنة في التقرير، تقييمهم المدروس والمستقل لفشل الحكومة العراقية حتى الآن في الإستجابة للتوصيات السابقة وفي وضع خطّة شاملة لمعالجة قضايا الإختفاء القسري في البلاد. وتؤكد اللجنة أنّها توصلّت لهذا التقييم بعد إشراك عددٍ كبير من المنظمات وذوو العلاقة وخاصّة من ضحايا الإختفاء القسري.

وتطالب اللجنة من السلطات العراقية أن تضع على وجه السرعة استراتيجية شاملة للبحث والتحقيق في حالات الاختفاء لضمان إجراء تحقيق شامل ومستقل في الحالات الحديثة والقديمة على حدّ سواء تطبيقاً لاختصاص الدولة الطرف وامتثالاً لإلتزاماتها بموجب الإتفاقية، وذلك بغض النظر عن الأصل الإثني، الخلفية الدينية أو الوطنية للأشخاص المختفين، أو وقت اختفائهم أو مكانه أو ظروف اختفائهم.

 

وترى اللجنة أنّ الإستراتيجية الشاملة للبحث والتحقيق في حالات الإختفاء القسري في العراق يجب أن تتضمّن مسؤولية الدولة من بين جوانب كثيرة:

• الالتزام بالبحث الفوري عن المختفيين، ومن تلقاء نفسها حتى في حالة عدم تقديم شكوى رسمية، أو الشك في حدوث الاختفاء.

• عدم التذرّع بنقص المعلومات من الأقارب أو المشتكين لتبرير عدم الشروع الفوري في أنشطة البحث والتحقيق.

• ضمان إجراء تحقيق شامل ومستقل في جميع الحالات ولجيمع الفئات بدون ايّ نوعٍ من انواع التمييز.

• إنشاء أطر قانونية ومؤسسية مشتركة لمعالجة حالات الاختفاء.

• وضع بروتوكولات محدّدة وفقاً لمعايير حقوق الإنسان، وتعزيز التعاون والمساعدة المتبادلة مع البلدان.

• في حالات الوفيات إخراج الرفاة من القبور والتعرّف عليها وإعادة الرفاة إلى عوائل الضحايا.

• اعتماد استراتيجية شاملة للحصول على الجبر والتعويض وإعادة التأهيل لجميع ضحايا الاختفاء دون تمييز والى اتباع نهج يتماشى مع الاحتياجات المحدّدة للضحايا.

• تطوير مناهج فعالة لملاحقة قضايا الإختفاء من خلال انشاء وحدات التحليل، وإشراك مدّعون عامّون وقضاة تحقيق متخصصّون والتنسيق مع جميع السلطات.

• إدراج قضايا الاختفاء والاختفاء القسري في برامج التعليم العام. والاعتراف على نطاق واسع بالمعاناة اليومية لضحايا الاختفاء القسري في الماضي والحاضر محليا ودوليا.

• تنظيم حملة وطنية لجمع الحمض النووي وتسجيله، وتُعطى الأولوية لتقديم نماذج عينات مرجعية من أفراد عائلات جميع الأشخاص المختفين.

• الاعتراف بدور منظمات المجتمع المدني والاعتراف بدورهم في دعم الضحايا للوصول إلى المعلومات ذات الصلة، والتحضير لمشاركتهم في أي مرحلة من مراحل الإجراءات.

• الامتناع عن تجريم أنشطة المجتمع المدني، ومنع كافة أعمال التخويف والانتقام ضدّ جميع الضحايا والمدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم من الأفراد الذين يشاركون بنشاط في عملية البحث والتحقيق.

• التحقيق في جميع الادعاءات ذات الصلة، ومعاقبة الجناة الذين تم تحديدهم.

كما طالبت اللجنة من السلطات العراقية إتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمعالجة النقص في التشريعات العراقية لضمان النصّ فيها على تجريم الإختفاء القسري وإعتباره جريمة ضدّ الإنسانية. واكدّت في هذا الصدد على ما يلي من جملة أمورٍ أخرى:

• اعتبار جريمة الاختفاء القسري جريمة قائمة بذاتها في التشريعات الوطنية.

• مراجعة جميع التشريعات التي تعزز الإفلات من العقاب، في قانون الإجراءات الجنائية، وقوانين العفو، وإنشاء أطر مخصصة لمحاسبة كلّ من يشترك في جرائم الإختفاء القسري.

• وضع حدّ للممارسات التي تعيق الوصول إلى العدالة وتديم الاختفاء القسري، مثل التدقيقات الأمنية غير الموثوقة.

• وضع نظام فعّال لخضوع جميع المؤسسات المسؤولة عن بحث حالات الاختفاء والتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم للمساءلة عن فعالية عملها وكفاءته.

• عدم النصّ على أي استثناءات للالتزام بالبحث عن الأشخاص المختفين والتحقيق في اختفائهم، بغضّ النظر عن شخصياتهم أو أي شكوك في مشاركتهم في أنشطة إرهابية.

• ضمان قدرة اعضاء المفوضية العليا لحقوق الانسان بالقيام بالوجبات المهنية المستقلة وحمايتهم من التعرّض للتخويف او المضايقة أو اية اعمال انتقامية.

• على الدولة ان تتأكد من أن الإطار القانوني الذي ستعتمده لتجريم الاختفاء القسري كجريمة مستقلة يتضمن عقوبات مناسبة. وأن تعزّز الضمانات القانونية في جميع المراحل.

• اجراء التحقيق والمقاضاة والتعويض في حالات الاختفاء القسري المرتكب من قبل وكلاء دول أخرى أو بإذن منهم أو دعمهم أو قبولهم. واعتماد معاهدات المساعدة المتبادلة ذات الصلة بقضايا الاختفاء القسري.

 

وفيما يتعلّق بالأوضاع السائدة في السجون والمعتقلات يقدّم تقرير اللجنة توصيات مفصلة منها:

• يجب ضمان ان تكون إدارة السجون مدنية، وانشاء فرق عمل مستقلة للتدقيق في سجلات جميع أماكن الحرمان من الحرّية مع ذكر أسماء جميع المحتجزين وإبلاغ أقاربهم بمكان وجودهم.

• إنشاء سجل مركزي لجميع أماكن سلب الحرية الموجودة في العراق. وان يشمل جميع حالات الحرمان من الحرية وتحديثها بسرعة وبدقة وان تكون متاحة. وضمان معاقبة الضبّاط المسؤولين في حالة اية تجاوزات.

• القيام بزيارات بطريقة ممنهجة من قبل المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية وهيئات المراقبة الدولية إلى جميع أماكن الحرمان من الحرّية.

• الحظر المطلق على الاعتقالات غير القانونية ولا يجوز اعتقال أيّ شخص إلاّ إذا أصدر القاضي المختص أمراً من المحكمة.

• يجب ضمان أن الأشخاص المحرومين من حرّيتهم يُحتجزون فقط في أماكن معترف بها رسميًا وخاضعة للإشراف من قبل الدولة.

• انشاء لجنة محايدة ومستقلة للقيام ببعثة لتقصي الحقائق مكلّفة بالتحقّق في أماكن الاحتجاز السرّية أينما تكون.

 

إن مركز جنيف الدولي للعدالة الذي دأب على توثيق إنتهاكات حقوق الإنسان منذ عام 2003، ومنها قضايا الإختفاء القسري، يؤكدّ أنّ بيانه هذا لا يتضمّن كل التوصيات المقدّمة من اللجنة ولذلك يتوجب الإطلاع على نص التقرير الكامل الصادر عن لجنة الأمم المتحدّة المعنية بالإختفاء القسري، فكل توصية من توصياتها الواردة في التقرير هي توصية مهمة لأنها تتناول جانبًا منفصلاً من القضية المعقدة ومتعددة الأوجه التي نتجت عن حالات الاختفاء القسري المتفشية في جميع أنحاء العراق على مدار العشرين عاماً الماضية مع ما صاحب ذلك من الإفلات التام من العقاب.

وممّا تقدّم يتوجبّ على السلطات العراقية التفيذ الفعّال لكل التوصيات الواردة في التقرير دون مزيدٍ من التأخير، مع ضرورة وضع البرامج وآليات التنسيق لمعالجة الآثار الشاملة المختلفة لحالات الاختفاء القسري التي تجري محاولاتٍ مستمرة، ويائسة لإنكار وجودها وبالتالي إنكار معاناة عشرات الالاف من عوائل الضحايا. فأي إخفاق في الالتزام الكامل بهذه التوصيات من شأنه أن يؤدي إلى مزيٍد من الانتهاكات لالتزامات العراق الدولية.

جنيف في 04 نيسان/أبريل 2023

شبكة البصرة

الثلاثاء 13 رمضان 1444 / 4 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط