بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

عشرون سنة على الإحتلال.. متى يستعيد العراقيون حقوقهم؟

شبكة البصرة

لم تتوقف تقارير المنظمات الدولية والمحلية المتعلقة بحقوق الانسان في العراق عن الصدور، منذ الأيام الأُولى للإحتلال وحتى الآن، ولا يتوقع مراقبون أن تتوقف قريباً في ظل حكومات فصّلها المحتل على قياسه، من أجل ديمومة الفوضى التي تخدم أهدافه. وتنوعت هذه التقارير وفقاً لتنوع الجرائم المرتكبة من قبل المحتل من جهة، والمرتكبة من قبل النظام الحاكم وأجهزته وميليشياته من جهة أُخرى،

والتي بلغت في بعض الأحيان حداً لم تصل إليه حتى أساليب البطش والتنكيل، التي استخدمها المحتل.

وفي تقرير حديث لها أصدرته بمناسبة الذكرى السنوية الـ 20 لغزو العراق واحتلاله، جددت منظمة العفو الدولية دعواتها إلى تحقيق العدالة والتعويض الكامل عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، ألتي ارتكبها التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق. وفيما يتعلق بجرائم المحتل، قالت المنظمة الدولية، إنها وثّقت “تورط القوات الأمريكية بانتهاكات مستشرية، بما في ذلك الهجمات العشوائية التي قتلت وجرحت مدنيين، والاعتقال السري ونقل المعتقلين سراً، والاختفاء القسري والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.”

من ناحية اُخرى قدم معتقلون سابقون شهادات عن سلسلة من الانتهاكات في مراكز الاحتجاز، بما في ذلك الحرمان من النوم، والتعرّي القسري، والحرمان من الطعام والماء الكافيَيْن، والإعدامات الصُورية، والتهديد بالاغتصاب”.

 

أوقفوا الإفلات من العقاب

ووجهت المنظمة الدولية رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء “محمد السوداني”، في الخامس عشر من آذار/مارت المنصرم، طالبته فيها بإنهاء عهد الإفلات من العقاب. وجاء في نص الرسالة التأكيد “على أهمية إحراز تقدم ملموس لضمان تحقيق العدالة والكشف عن الحقيقة والتعويض عن الجرائم المشمولة بالقانون الدولي ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي تعرض لها أشخاص في العراق، بالإضافة إلى إنهاء هذه الحلقات المُفرغة من الإنتهاكات، ألتي يزيد من تعقيدها انعدام مساءلة الجناة”

وتطرقت الرسالة إلى “قانون حرية التعبير” المثير للجدل بقولها، إن المنظمة تشعر “بالقلق إزاء القرارات الأخيرة التي اتخذتها حكومتكم والتي تؤثر على حرية التعبير”، مضيفة أنها وجهت هذه الرسالة لحث السوداني وحكومته على اتباع تدابير أكثر حسماً “لاتخاذ مسار مختلف عن إخفاقات الحكومات السابقة، وإنهاء مناخ الإفلات من العقاب”، وفق ما جاء في الرسالة الموجهة إلى السوداني، الذي سبق له العمل كوزير لحقوق الإنسان في حكومة المالكي الثانية.

وكانت مديرة برنامج أنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الفرع الأمريكي لمنظمة العفو الدولية”إليزابيث رغيبي”، قد تحدثت عن موضوع الإفلات من العقاب في العراق، مؤكدة أن العراقيين يعانون حتى يومنا هذا من الأثر المدمر لجرائم الحرب، وغيرها من الفظائع التي ارتكبها التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، أثناء غزوه واحتلاله للعراق.

 

إنتهاكات على الطريقة العراقية

وأضافت رغيبي إنه وبعد مرور 20 عاماً “يتفشى الإفلات من العقاب، ولا تزال المساءلة بعيدة المنال عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في العراق.” وأكدت المتحدثة إن الولايات المتحدة الأمريكية “تقاعست عن إجراء تحقيقات كافية في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب واسعة النطاق التي ارتكبتها قواتها، ومحاسبة المسؤولين عنها على جميع المستويات، بمن فيهم كبار المسؤولين والقادة الأمريكيين.

وتابعت المتحدثة القول، إن الضحايا الذين ارتكبت ضدهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بمن فيهم المعتقلون الذين نجوا من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في سجن أبو غريب، قد حُرموا من حقوقهم في العدالة والتعويض. وواجه الضحايا العراقيون الذين حاولوا التماس الإنصاف من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الولايات المتحدة في المحاكم الأمريكية، عقبات منهجية.

وسبق للمنظمة الدولية أن حثت الحكومة الأمريكية في مناسبات سابقة، على إنشاء لجنة تحقيق فعّالة ومستقلة في سياسات وممارسات الاعتقال والاستجواب الأمريكية في العراق، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاهلت تلك الدعوات.

وتحدث أبرياء أُفرج عنهم من سجون النظام، بعد قضائهم سنوات عديدة بلا ذنب، وبعضهم بلا توجيه تهمة محددة، عن أساليب التعذيب التي واجهوها، والتي جاء وصفها في تقرير المنظمة، مؤكدين إنها لا تختلف كثيراً عن أساليب المحتل في إذلال المسجونين والانتقام منهم.

 

نمو الدولة العميقة

محلياً ربطت العديد من المنظمات والهيئات العراقية بقاء الأوضاع المزرية لحقوق الإنسان في البلاد على ماهي عليه، ببقاء النظام القائم على الإقصاء والتمييز. وجاء في بيان أصدرته هيئة علماء المسلمين في العراق بالذكرى العشرين للغزو الأمريكي البريطاني، إننا “ما زلنا نعاني من آثار هذا الغزو والاحتلال الذي تبعه، وما ترتب عليهما من مآس ونكبات، وفي مقدمتها استمرار النظام السياسي المبني على أسس المحاصصة الطائفية والعرقية، وما نشأ عنه من مخاطر تفكيك المجتمع المتجانس، وإقصاء واسبتعاد قسم كبير من العراقيين عن ساحة الفعل السياسي، عن طريق اعتماد نظام التوافق بين المكونات السياسية، وما ترتب على ذلك من إهمال لرأي الشعب، لمصلحة الطائفة أو العرق”.

وتطرق البيان إلى الدستور الذي اعتمده النظام، مؤكداً إنه دستور “مُشوّه لا يمثل العقد الاجتماعي الجامع والموحد للعراقيين، وكان وما يزال مصدراً للأزمات والخلافات، وأصبح مشكلة بنفسه بدل أن يكون وسيلة للحل”، كما أن بناء “القوات المسلحة والقوى الأمنية ومؤسساتهما على وفق أسس المحاصصة الطائفية والعرقية، لا على وفق الأسس الوطنية، وتغييب حق عدد من المكونات العراقية عن المشاركة فيها، حتى وفق النسب والتقديرات المغلوطة والمجحفة التي أقرها النظام السياسي القائم؛ جرنا إلى غياب الأمن المجتمعي، وغياب القانون وضياع العدالة، ووقوع البلد في خطر الفوضى العامة؛ بسبب التوترات السياسية وحالات الاحتراب المسلح بين القوى المتنفذة في الحكم.”

واعتبر بيان الهيئة، إن دولة عميقة موازية للدولة الظاهرة نمت في العراق بمرور عقدين على احتلاله، تتخذ من الميليشيات الولائية المدعومة إيرانياً أذرعاً لها لتنفيذ مخططاتها الخاصة، وتغولها في العراق، وامتداد خطرها إلى دول المنطقة، وفقدان الحكومات المتعاقبة القدرة على تأدية وظائفها، لتحقيق المطالب المشروعة للمواطنين.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الجمعة 23 رمضان 1444 / 14 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط