بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

جرف الصخر.. أمل العودة الذي بددته مطامع السياسيين

شبكة البصرة

بعد 9 سنوات من المعاناة في مخيمات النزوح، ونتيجة ضغط العديد من المنظمات والهيئات المحلية والدولية المعنية بالشأن العراقي، لاحت بارقة أمل بعودة أهالي جرف الصخر إلى دورهم ومزارعهم في محافظة بابل، التي استولت عليها ميليشيات أحزاب السلطة. ومنذ العام الماضي تجري تحركات لإعادتهم، حيث صرح نائب محافظ بابل “رعد جون” بأن “الأمانة العامة لمجلس الوزراء وقيادة العمليات المشتركة، وجهت لجنة دعم وإغاثة النازحين في المحافظة باتخاذ الإجراءات لعودة نازحي جرف الصخر بشكل طوعي”، معتبراً أن هذا يمثل أول إعلان رسمي من نوعه يتناول ملف إعادة أهالي المدينة منذ عام 2014.

وكانت الأحزاب المسيطرة على مجلس محافظة بابل، قد صوتت عام 2017 بالأغلبية، على قرار بمقاضاة أي جهة سياسية أو حزبية أو تطالب بعودة نازحي جرف الصخر.

ومن جديد لا يبدو أن هذا الأمل سيكون في متناول اليد قريباً، فقد انطلقت الإسبوع الماضي تظاهرة في محافظة بابل لرفض عودتهم، بسبب مزاعم بضلوعهم جميعاً، نساءاً ورجالاً وأطفالاً، وحتى من ولد من أطفالهم في المخيمات بالإرهاب. وحاول منظمو التظاهرة، الإيحاء بأن سكان المحافظة هم من يتظاهر ضد عودتهم، لكن وجود قادة ميليشيات معروفين على رأس التظاهرة، والرايات والشعارات الطائفية التي رددوها فضحت الجهات التي نظمتها، وهي الميليشيات التي تحتل دورهم وبساتينهم.

واتسمت الشعارات بالطابع الطائفي والتحريضي الذي دأبت عناصر الميليشيات على استخدامه، محملين سكان الناحية مسؤولية الأعمال الإرهابية التي شهدتها مناطقهم، كما هددوا من يجرؤ منهم على العودة بالتصفية.

وقال مراسل صحيفة غطت التظاهرة، إن أحزاب السلطة استقدمت الميليشيات التابعة لها من أكثر من محافظة، للتظاهر في بابل ضد عودة العوائل إلى مناطقهم، وإن عناصر هذه الميليشيات حاولوا إضفاء طابع السلمية على تظاهرتهم وهم يجوبون الشوارع بملابس مدنية، وقد أخفوا اسلحتهم التي سبق لهم استعمالها لقتل المتظاهرين.

 

من سلة غذاء إلى سلة مخدرات

ومازال سكان الناحية التابعة لمحافظة بابل، الموزعين على عدد من مخيمات النزوح يعيشون ظروفاً صعبة، فيما استولت ميليشيات حزب الله وبدر والعصائب والنجباء على مزارعهم ومساكنهم، وترفض السماح للمنظمات الحقوقية وحتى للجيش وللمسؤولين الحكوميين بدخولها، بحسب إفادات أدلى بها سياسيون، إعترفوا أن الناحية أصبحت مغلقة على الميليشيات التي تحتلها.

وكما حدث في بقية المحافظات التي شهدت عمليات عسكرية، اضطر سكان الناحية للنزوح بعد سيطرة تنظيم الدولة “داعش” عليها عام 2014، ثم سيطرت الميليشيات عليها بعد انتهاء المعارك، ولم تسمح لأهالي الناحية بالعودة إليها حتى الآن.

ومنذ ذلك التاريخ حولت الميليشيات الناحية إلى ثكنة عسكرية ومقرات للميليشيات ومخازن للذخيرة وسجون كبيرةومقابر جماعية، كما سيطرت على عدد من المنشآت والمصانع الحربية التي كانت تابعة لهيئة التصنيع العسكري في الجيش السابق.

وكان بإمكان هذه الناحية الواقعة على ضفاف الفرات، وتمتاز بوفرة المياه وخصوبة الأرض، أن تكون عاصمة اقتصادية وزراعية تغذي المحافظات المحيطة بها، لكنها أصبحت “عاصمة للمخدرات”، بعد أن اُفرغت من ساكنيها بذريعة الإرهاب، واستُثمرت أراضيها لزراعة المخدرات لتمويل الميليشيات المنتشرة فيها.

 

قضية المغيبين

ونقلت مصادر صحفية عن ضابط رفيع قوله، إن إيران نقلت إلى الناحية عدداً من الصواريخ البالستية، لاستخدامها متى ما دعت حاجتها لذلك. مؤكداً أن مدى هذه الصواريخ يتراوح بين 200 و700 كيلومتر، خُزنت في منشآت عسكرية في جرف الصخر.

وبحسب الناشط الحقوقي وأستاذ العلوم السياسية “مهند الجنابي”، فإن الفصائل المسلحة والمسندة بقوات من “الباسيج” الإيراني وقطعات من “حزب الله” اللبناني، جعلت من المنطقة قاعدة متقدمة للحرس الثوري الإيراني.

وأضاف الجنابي إن تمسك الميليشيات بجرف الصخر يرتبط من ناحية اخرى بقضية المغيبين والمخفيين قسراً خلال وبعد العمليات العسكرية، الذين قدّرت منظمات حقوقية دولية أعدادهم بالآلاف. وكان رئيس البرلمان الحالي “محمد الحلبوسي” قد أطلق أواخر العام الماضي تسمية “المغدورين الذين فارقوا الحياة” على المغيّبين وبضمنهم مغيبو جرف الصخر، مؤكداً أنهم اُعدموا ميدانياً ودفنوا في عشرات المقابر الجماعية. وغالباً ما تستغل القوى التي تطرح نفسها كممثل لسنة العراق هذه الورقة إما لكسب الشارع السني، أو لممارسة الضغوط السياسية ضد خصومهم. ووصف الأمين العام للمشروع الوطني العراقي “جمال الضاري” تصريح الحلبوسي حول المغيبين، بأنه “ورقة سياسية” للضغط على الإطار التنسيقي، بعد دعوة بعض أطراف الإطار لإزاحته عن رئاسة البرلمان.

ووفقاً للعديد من المصادر، فإن هذه الأسباب مجتمعة، إضافة لأهمية المنطقة لإيران، جعلت أتباعها من النواب وزعماء الميليشيات ينظمون حملات تشهير وإساءة لسكانها، لم تتوقف منذ 9 سنوات، كما أصبحت مأساة أهلها مادة للمزايدات السياسية، تستعر عند اقتراب موعد الانتخابات، وتهدأ بعدها.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الخميس 29 رمضان 1444 / 20 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط