بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قيس الخزعلي من زعيم مليشيا الى عالم بالجينات

شبكة البصرة

علي الكاش

كم إستمتعنا بأغنية المرحوم يوسف عمر في القرن الماضي سيما المقطع:

خيه لا اوصي المار مايقبل وصية

لاأريدهم لاأريد جيتهم عليه

يادكة المحبوب دكه خزعلية

وردت عدة تفسيرات حول أصول عبارة (الدكة الخزعلية) منها ما يتعلق بحكاية قديمة وأخرى حديثة العهد، ومنها ذات طلبع ايجابي وآخر سلبي، ويمكن تلخيصها كما يلي:

ذكر عبود الشالجي في موسوعة (الكنايات البغدادية) انها تتعلق بعشيرة خزاعة العربية، فإذا قتل أحد أفرادها، تتريث في الرد على القبيلة المعتدية، مما يجعل الأخيرة تترقب بخشية مداهمة الخزاعل لها وأطلقوا على هذه المسألة الدكة الخزعلية.

ومما ورد أيضا ان الدكة الخزعلية تتعلق بشاب من عشيرة الخزاعل من سكنة الكاظمية (شيعي) عشق فتاة من الأعظمية (سنية)، ورفض أهل الفتاة إقترانه بها بعد أن تقدم لخطبتها، ويقال ان الشاب نهب الفتاة ليلا وعبر بها نهر دجلة، وأطلق على الحادثة (دكة خزعلية) وهذا ما قصده يوسف عمر في أغنيته الشهيرة، والحديث لا سند تأريخي له، بل مجرد سالفة من وحي الخيال.

وهناك من يربط الدكة الخزعلية بشيخ المحمرة خزعل الكعبي الذي رفض محاربة الأنكليز على الرغم من موقف المرجعية الشيعية المؤيدة للدول العثمانية، وهذا قبل ان ينقلب موقف المرجعية رأسا على عقب، وتقف مع قوات الإحتلال البريطاني عند احتلال العراق، ذكر اسحق نقاش "منذ سنة 1923بدأ الشيعة يعبرون عن رأيهم بأفضلية ان يكونوا تحت السيطرة الكاملة للبريطانيين على ان يكونوا تحت حكومة سنية". (شيعة العراق/214). في الكاظمية قام السيد جعفر عطيفة بجمع تواقيع (40) من المجتهدين وشيوخ العشائر والوجهاء لإبقاء العراق تحت الحكم البريطاني (بيرسي كوكس) والآيات عملت نفس الشيء في غزو العراق. في الحقيقة كان الشيخ خزعل يخشى شاه ايران، ويحاول ان يحافظ على منصبة لذلك رفض محاربة الأنكيز، ولدي وثيقة بخط الشيخ خزعل (الخط الفارسي) مع المندوب السامي البريطاني تؤكد هذا الجانب، لذا تفاجأ الوفد الذي أرسلته مرجعية النجف من موقف الشيخ خزعل بعدم محاربة البريطانيين، وأطلقوا على موقف الشيخ (دكة خزعلية).

ونود ان نشير أخيرا بأن الدكة هي نوع من الوشم يستخدمه أهل الجنوب، وتوشمه النساء على شفافهن او الأنف أو الحنك، ويسمى هذا الوشم (دكة خزعلية) لأنه أو من انشأه الخزاعلة، وعملت به النساء الخزعليات.

بعد هذه المقدمة لنرجع الى آخر الدكات الخزعلية:

وردت في خطبة قائد ميليشيا عصائب أهل الحق (قيس الخزعلي) بمناسبة عبد الفطر "بعد تحليل (DNA) تبين ان صدام حسين من الهند" أي انه هندي، ومن المعروف ان الخميني أيضا من أصل هندي، نسأل علامة الجينات الخزعلي: هل تعتقد ان صدام والخميني من الأقارب طالما ان أصلهما واحد حسب رأيك العلمي؟

اليس الخميني هندي، والخامنئي أذري، والسيستاني فارسي، وهؤلاء هم مراجعكم وانتم تتبعونهم؟ هل أخذتم بنظر الأعتبار سلالتهم؟ وهل كون الرجل من سلالة غير عربية يعطي الحق في القدح به؟

ـ يلاحط ان الخزعلي لم يقدم اي دليل على النتيجة المهولة التي توصل اليها، سيما ان تحديد الجينات لابد ان يكون بدليل قطعي ثابت، ولم يبين الجهة العلمية التي قامت بالفحص ومتى، واين نشرته؟

ـ سبق ان أعلن الخزعلي "كل العراقيين مجمعين على حب اهل البيت، ولهذا يجب ان ننزل بالخلاف للمستوى الفقهي وليس العقائدي". ولكن الا تذكر قولك "إن تحرير الموصل سيكون بمثابة الانتقام من قتلة الحسين لأن مقاتلي تنظيم داعش هم أحفاد هؤلاء القتلة".

نسأل بشفافية: لماذا لم ينزل الموقف من أهل الموصل الى مستوى الخلاف الفقهي وليس العقائدي؟

ثم هل فعلا أهل الموصل هم من قتلوا الحسين، وليس أهل الكوفة؟ لماذا لا تصفوا الحسين بأنه شهيد الموصل وليس شهيد كربلاء؟ وكيف يدعوا الحسين وأخته وأهل بيته على أهل الكوفة لأنهم خذلوهم، ولم يدعوا على أهل الموصل، ارجع يا قيس الى كتب الدين الشيعي الرئيسة، وستجد ان أهل الكوفة هم من خذلوا الحسين وقتلوه، وليس أهل الموصل.

ـ اليس من الأجدى أن يجرِ الخزعلي الفحص على جينات عشيرنه فيما ان كانت عدنانية مضرية كما زعم ابن خلدون وابن إسحق، أو انها قحطانية كما زعم فريق آخر، طلما هو مهتم بدراسة السلالات؟

ـ نود من الخزعلي ان يثبت لنا سلالته، قبل أن يتحدث عن سلالة الآخرين، وفي هذا انصاف للجميع.

ـ سبق ان حكم العراق ثلاثة ملوك ليسوا عراقيين، وكانت فترة حكهم أفضل فترة شهدها العراق، ان الشرف والمواطنة وعمل الخير وخدمة الشعب لا تتعلق بالجنس والقومية والدين، مثلا تنظيم داعش الإرهابي يضم عناصر عربية ومن سلالات كبيرة، ولكن أنظر ما فعلوا بالعراق.

تصور ان ملك النرويج ليس من أصل نرويجي، ولكن اصوله دنماركية، لكن يحب وطنه النرويج ويعمل بكل ما يمكنه لأسعاد شعبه، يفرح لفرحهم ويتألم لألمهم. فمتى تفهم الدرس يا خزعلي؟

 

كلمة أخيرة

هل تود ان نعلم شيئا عن أصلك وعن مذهبك؟ خذ يا قيس الخزعلي:

ذكر إبراهيم الحيدري "تشيعت عشائر الخزاعل وكعب في أوائل ومنتصف القرن 18 وبقية العشائر تشيعت في القرن التاسع عشر ومنها زبيد وبني لام والبو محمد وفروع كبيرة من ربيعة (الدفافعة وبني عامر والجعيفر وبني تميم واكبر فروعهم بني سعد وشمر طوقة والدوار والسواكت ومن عشائر الديوانية آل اقرع والبدير وعفك والجبور والشليحات". (عنوان المجد في بيان احوال بغداد والبصرة ونجد/110). فأصولكم من أهل السنة وليس الشيعة يا رجل.

قال أبو الفتح البستي:

تكلم وسدد ما استطعت فإنما... كلامك حي والسكوت جماد!

فإنَّ لم تجد قولا سديداً تقوله... فصمتك عن غير السداد سداد

شبكة البصرة

الاثنين 4 شوال 1444 / 24 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط