بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

خلافات البرلمان ومجلس الوزراء.. مصالح الناس أم مصالح السياسيين؟

شبكة البصرة

يعود الخلاف بين رئيسي البرلمان “محمد الحلبوسي” والوزراء “محمد السوداني”، ومن ورائه قوى الإطار التنسيقي التي دفعت به إلى هذا المنصب، إلى ملفات سياسية وإدارية عديدة. واعتبرت بعض المصادر قضية الموازنة المالية لعام 2023، وتدخل الحلبوسي في الأمور التنفيذية للدولة، والفساد المستشري في العديد من الدوائر الرسمية بمحافظة الأنبار، وخاصة دائرة التسجيل العقاري، من بين أوجه الخلاف.ولم تتضح حتى الآن الجهات التي تقف خلف الفساد الذي اُعلن عنه مؤخراً في هذه الدائرة، ففي حين ذكر الباحث “علي البيدر”، إن الحلبوسي كشف نهاية العام الماضي بعضاً من خيوطه وتفاصيله، نقلت مصادر صحفية عن المحلل السياسي “صباح العكيلي” قوله، إن “المتورط الأكبر في القضية هو شقيق رئيس مجلس النواب، مثنى ريكان الحلبوسي”.

على صعيد آخر، عزت مصادر مقربة من الحلبوسي الخلافات إلى عدم تشاور السوداني معه في قضايا هامة، مثل المباحثات مع صندوق النقد الدولي، وقضية قانون العفو العام، لكن تزامن الخلافات مع فضيحة التسجيل العقاري التي اعتبرها البعض “فضيحة القرن الثانية”، دفع أكثر المصادر للربط بينها، وبين تورط مسؤولي التسجيل العقاري بمحافظة الأنبار فيها. من جهة اُخرى ألمحت أطراف سياسية إلى اتهام السوداني للحلبوسي بتعطيل قرارات الحكومة، وإصدار توجيهات لوزراء ومحافظين خارج صلاحياته، وربط تمرير الموازنة المالية بملفات أخرى، مثل تشكيل المفوضية العليا للانتخابات، وتعديل قانون المحكمة الإتحادية، مطالباً إياه بالالتزام في حدود رئاسته للبرلمان.

 

الهروب إلى الأمام

ونتيجة لهذه الخلافات ارتفعت حدة التوتر بين الطرفين، مما أدى إلى تأجيل جلسات مجلس النواب لإقرار العديد من القضايا، التي تنتظر دورها على رفوف المجلس.ومؤخراً اجتمع الطرفان في منزل رئيس مجلس القضاء الأعلى “فائق زيدان”، حيث أفادت المصادر بأن (الاجتماع انتهى بصلح الطرفين).

ورغم نفي مكتب الحلبوسي الإعلامي وجود خلاف شخصي يتطلب الوساطة أو المصالحة، إلا أنه لم يفصح عن الأسباب الحقيقة التي دعته لمنح نفسه إجازة في هذا الظرف العصيب، الذي ينتظر فيه المواطنون حلولاً للعديد من مشاكلهم. وبحسب بيان لمجلس النواب، فقد منح الحلبوسي نفسه إجازة اعتيادية لمدة 15 يوماً، وخول نائبه الأول بإدارة الجلسات. وجاء في البيان أن الحلبوسي وبناء على أمر نيابي صادر عنه، منح نفسه إجازة اعتيادية لمدة 15 يوماً إعتباراً من الثالث من نيسان الجاري، وخول نائبه الأول بإدارة جلسات المجلس، ومتابعة عمل اللجان النيابية خلال مدة الإجازة”.

ضبط مئات الهويات المزورة العائدة لإحدى النقابات، والتحرز على عشرات الآلاف من أضابير العقارات التي تم تمليكها خلافاً للقانون

واعتبر النائب “جمال كوجر”، إن الإجازة جاءت “تحت ضغط جماهيره المطالبين بتنفيذ فقرات البرنامج الحكومي الخاصة بالمناطق السنية، و لإحساس الحلبوسي بعدم مراعاة استحقاق هذه المناطق ضمن مشروع الموازنة، وكذلك تشريع الموازنة لثلاث سنوات بعجز كبير حيث سيؤدي أي انخفاض لأسعار النفط إلى وضع اقتصادي كارثي”.

وأضاف كوجر، إن “إجازة الحلبوسي ستنعكس ايضا على مشاركات نواب كتلة “السيادة” في جلسات البرلمان، إذ أن “الجلسات القادمة قد تشهد صعوبات بسبب غياب الرئيس عن إدارة الجلسات”.

 

فساد التسجيل العقاري

من ناحيته ضم النائب الأسبق لرئيس الوزراء “صالح المطلك” الخميس الماضي، صوته إلى جانب مجموعة الإطار التنسيقي، في قضية الخلاف مع رئاسة البرلمان. وقال المطلك في حديث تلفزيوني: “أعلم بوجود خلاف سببه التمدد على القضايا التنفيذية، حيث يفترض برئيس البرلمان أن تكون قضيته الأساسية التشريع والرقابة”، مضيفاً: “لكن أن يكون رئيس البرلمان بديلاً عن المحافظ فهذا غير مقبول لكل حكومة تحترم نفسها، ويجب أن يوضع حد لهذا الأمر”، حسب تعبيره. وأكد المطلك إن “رئيس الوزراء هو المسؤول التنفيذي وعلاقته مباشرة بالمحافظ، ويجب محاسبة الأخير أمامه وليس أمام شخص آخر، إذا لم يستدعه البرلمان”.

ونقلت مصادر صحفية في محافظة الأنبار عن مسؤولين تأكيدهم لخبر إلقاء القبض على مدير التسجيل العقاري، بالإضافة إلى خمسة موظفين آخرين، بسبب فضيحة فساد مالي جديدة، تضمنت التلاعب والتزوير في أضابير تمليك عشرات الآلاف من الأراضي، في محيط المطار المزمع إقامته في المحافظة.وكانت صحيفة “إندبندنت” قد ذكرت، إن هيئة النزاهة الإتحادية ألقت القبض على مدير التسجيل العقاري وعدد من المسؤولين والموظفين في المحافظة، بعد “ضبط مئات الهويات المزورة العائدة لإحدى النقابات، والتحرز على عشرات الآلاف من أضابير العقارات التي تم تمليكها خلافاً للقانون”، مؤكدة أن فريق الهيئة قد ألقى القبض على رئيس اتحاد نقابات العمال فرع المحافظة، لتورطه في القضية ذاتها.

ونقلت المصادر عن مسؤولين قولهم، إن “عملية اعتقال مدير التسجيل العقاري والموظفين تمت وفق أوامر قبض قضائية، كما ضُبطت معاملات تخص نقل ملكية عقارات، وحاسبات، ومصوغات ذهبية، ومبالغ مالية في منازلهم”.

 

خفايا لم تكشف بعد

واستغل النواب المحسوبون على الإطار التنسيقي الفرصة التي منحها لهم الحلبوسي عندما باشر بإجازته، بتجيير قضية الخلافات بين الطرفين لصالح السوداني.

وفي هذا المجال اعتبر القيادي في ائتلاف دولة القانون، “ابراهيم السكيني”، ان الحلبوسي يحاول تعطيل عجلة عمل الحكومة التنفيذية عبر زج ملف قانون العفو العام في الخلافات القائمة”، معتبراً إن ذلك “ابتزاز للقانون والدستور” حسب تعبيره.

من ناحيته أرجَعَ النائب “باسم نغيمش”، تأخر عرض الموازنة المالية للعام الحالي 2023 من قبل البرلمان إلى “أسباب فنية وخلافات سياسية”، مشيراً إلى أن “رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي عمل على تمرير قانون العفو العام مقابل تمرير الموازنة”.

وسبق لتحالفي “سيادة” و”عزم” اللذين يطرحان نفسيهما كممثلَين لأهالي المحافظات المنكوبة بالعمليات العسكرية، تلقي طلبات من الأهالي بإقرار قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام، وذلك بعد تأجيل مناقشته مرات عدة. ويصر أهالي هذه المحافظات على الانتهاء من القانون في ظل تصاعد التوترات السياسية في العراق، وإصرار الأحزاب والميليشيات المدعومة من إيران، على تصفية عدد كبير من الذين اختطفوا خلال وبعد انتهاء العمليات العسكرية، خاصة وأن كثيراً منهم لم تدرج أسماؤهم في السجلات الحكومية.

ويرى بعض المحللين أن قانون العفو قد يشكل مكسباً سياسياً للأطراف التي تطرح نفسها كممثل لأهالي تلك المناطق، لكن تداخل المصالح بين هذه الأطراف حرم الأهالي من أمل ضئيل كان يراودهم، باسترداد أبنائهم الذين لا يعرفون عنهم شيئاً منذ فارقوهم.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الاثنين 26 رمضان 1444 / 17 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط