بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ما الهدف من تصاعد الحديث عن اقتراب (خلاص العراق)؟

شبكة البصرة

هيئه تحرير جريدة البعث

منذ زمن ليس بالقصير تقوم عناصر معروفة بالترويج لقرب تحرير العراق وخلاصه من الغزو الإيراني، وقد صار واضحا جدا أن هذه الحملة ليست مبادرة فردية وإنما هي عمل منظم اعد من قبل أجهزة مخابرات ولذلك ورغم تعدد من تحدث عن ذلك كان هناك قاسم مشترك بين كل هؤلاء، وفيما يلي أهم مظاهر العامل المشترك:

اولا: كانت الفكرة الاساسية هي ان ايران ستطرد من العراق وان ميليشياتها سوف تسحل في الشوارع! وهذا الإعلان المتكرر لا يخفى أنه مصمم لبث الذعر في نفوس الميليشيات وعملاء ايران وتحطيم معنوياتهم ودفعهم للاستسلام أو الهرب من العراق.

 

ثانيا: تميز هذا الحديث بزج اسماء قوى وطنية في البديل المفترض وذكر أن حزب البعث العربي الاشتراكي سوف يكون له دور في ذلك بشرط أن يعمل باسم اخر او تحت شعارات اخرى! بل وزادت بعض هذه المصادر ذكر اسماء من المسؤولين في العهد الوطني إضافة لبعض من عملوا في الحزب في السابق، في محاولة لإقناع الجميع بأن البعث له صلة بما يجري وهو إيحاء ينطوي على مخاطر شديدة والغام لا تخفى على النبيه المتعمق.

 

ثالثا: لم تهمل مسألة اعادة الاموال التي سرقها كل من شارك في العملية السياسية والتأكيد المتكرر على أن كل ما سرق او حول الى البنوك في الخارج موثق بالتفصيل من قبل الاجهزة الامريكيه لانها هي التي تشرف على التحويل من خلال بنوكها وهذا الترويج ليس فقط فيه تهديد لمن ما زال مترددا في تحويل ولائه من ايران الى امريكا بل انه ايضا يكشف ويؤكد بان امريكا كانت تعرف وبالتفاصيل كل ما جرى من سرقات ونهب لاموال العراق خصوصا من البنك المركزي العراقي ولكنها صمتت طوال تلك السنوات ولا تفسير لصمتها الا انه موافق على سرقة اموال العراق، أما الهدف فهو شيء آخر نعم نرى الآن أن أمريكا تشهر هذا السلاح ضد عملاء ايران من اجل ان ينحازوا إليها ولكنه أيضا يعني ان امريكا ساهمت في الخراب الاقتصادي والمالي في العراق بصورة مخططة ومتعمده وإلا لكانت اوقفت ذلك منذ البداية وهي تستطيع ولكنها لم تفعل.

 

رابعا: من تصدر هذا الترويج غالبيتهم من العناصر التي كانت تنتمي إلى ما سمي بالمعارضة العراقية قبل غزو العراق أي أنها عناصر شاركت في التهيئة لغزو العراق والتحريض عليه وبالتالي فإن المخابرات الأمريكية والبريطانية تقفان وراء دفع هؤلاء الى الترويج لتلك الافكار خصوصا وان هذه العناصر أما بعدت عن الوليمة ولم تحصل على ما كانت تتوقعه منها من منافع مادية ومواقع في الدولة، او ان المخابرات الأمريكية والبريطانية ابعدتها عمدا لكي تحتفظ بها للمرحلة القادمة وما يؤكد ذلك هو تدقيق اسماء من يروج لهذه الفكرة.

 

خامسا: لا يخفي المروجون لهذه الفكرة أن البديل القادم سيكون مسيطرا عليه من قبل أمريكا وبريطانيا وبالتالي فإن من يريد المشاركة في تلك العملية يجب أن يقبل بالشروط الأمريكية والبريطانية للعمل في الوضع السياسي الجديد ومؤسسات الدولة، وذلك يعني تحديدا ان كل من سيشارك سواء كان فردا او كتلة او حزب يجب أن ينصاع للشروط الأمريكية بالكامل وأن أن يتخلى عن أي موقف يرفض المخططات الأمريكية الخاصة بالعراق والمنطقة كلها.

 

سادسا: لكي تدعم تلك الترويجات المخابراتية الامريكية والبريطانية فقد حصلت عمليات إنزال من طائرات الهليكوبتر وغيرها في كركوك ومناطق اخرى من العراق ونشرت لقطات لتحرك قوات امريكية في العراق وهذا أمر يضاف الى عمليات الضغط لإرهاب وابتزاز الكتل والعناصر الموالية لإيران كي تلتحق بالخط الأمريكي فورا.

 

سابعا: وربما من بين أبرز ما يجب تفسيره هو ادعاء أغلب تلك العناصر التي روجت لهذه الفكرة أن من سيتولى التنفيذ هو المخابرات البريطانية والجيش البريطاني وليس أمريكا! وهذه عملية تتميز بقدر عال من السذاجة التي لا تنطلي إلا على من هو أكثر سذاجة من مروجها، بريطانيا في وضعها الحالي في حالة تدهور شامل داخليا وخارجيا وهي أعجز من أن تحل مشاكلها الداخلية فكيف تستطيع ان تدخل العراق لتقوم بإعادة بنائه وفقا للرؤية البريطانية والأمريكية؟ إن الترويج لبريطانيا بصفتها من ينفذ خطة إنقاذ العراق هو تكتيك هدفه ابعاد الانظار عن أمريكا من جهة وعدم تحمل أمريكا مسؤولية الإخفاق في تنفيذ تلك الوعود في الأشهر القادمة من جهة ثانية، فلا احد يستطيع ان يثبت أن أمريكا هي التي قالت كل ذلك رغم أن الجميع مقتنع بأن من سربوا تلك المعلومات مرتبطون بالمخابرات البريطانية والأمريكية.

وفي ضوء ما تقدم ما هو الموقف مما يطرح واثار الراي العام العراقي خصوصا تلك الكتل الكبيرة المضطهدة والمظلومة داخل وخارج العراق وأوحى لها بوجود امل في انهاء او تخفيف معاناتها الرهيبة؟

 

لقد سبق لحزبنا ان اصدر بيانا شرح فيه بكل وضوح وصراحه موقفنا مما يطرح في هذا الاطار ونبهنا الى شقين منه: الشق الاول هو ان الترويج لمعلومة ان العراق مقدم على اخضاع الميليشيات التابعة لإيران ولايران بالذات وانهاء السرقات والاضطهاد السياسي واعاده الحقوق لمن فقدها واعاده بناء الدولة...الخ، وفي هذا الشق فان الانسان الطبيعي لا يقبل ان يتواصل تعرضه للاضطهاد وسلب حقوقه فمن حقه ان يطالب بحقوقه من اي سلطه كانت وذلك لا يعني انه يتوافق او يتفق مع السلطة التي يطلب منها استعاده حقوقه او رفع الظلم عنه، وقلنا في البيان باننا نرحب باي انفراج في الوضع الامني في العراق يؤدي الى انهاء دور الميليشيات او على الاقل تخفيف ارهابها واستهتارها بحياة الناس ومصالحهم وحرياتهم، فذلك مطلب طبيعي لا يشكل اي تنازل لاي جهة تقوم بذلك سواء كانت داخليه او خارجيه، اما الشق الثاني من بياننا ونعيد التأكيد عليه فهو الاعلان الصريح عن عدم اشتراكنا في اي تغيير يحصل وفقا للشروط الأمريكية او البريطانية ولا لخدمه مصالحهما بالدرجة الاولى، فالاشتراك في هذه الحالة سوف يلوث من يشترك في الحكم سواء كان فردا او حزبا او جماعه لسبب بسيط وواضح وهو ان الاحتلال خطط لنهب ثروات العراق والسيطرة عليه وتغييره هويته فما الذي تغير كي نتبنى اهداف الغزاة الامريكيين والبريطانيين؟ هل الوعد برفع الظلم واعاده الحقوق تكفيان للتنازل عن المواقف الوطنية ونسيان ان من غزا العراق وادخل ايران وسمح لميليشياتها بالقيام بكل الجرائم التي ارتكبت بلا استثناء وقبول من خطط لكل ذلك ونفذ بواسطته او بواسطه ايران و ميليشياتها؟ انها سذاجة تلك التي تفترض ان مجرد رفع الظلم عن بعض الناس او كل الناس يكفي لان ننسى ونقلب صفحه الجرائم التي ارتكبتها امريكا وبريطانيا وهما من خطط ونفذ عمليه غزو العراق وتخريبه وبدون دعمهما لإيران وميليشياتها ما تمكنت من تحقيق اي خطوه ولو صغيره، فكيف يسمح المعيار الوطني والاخلاقي بتناسي كل ذلك والانخراط تحت المظلتين الأمريكية والبريطانية؟

اننا نعيد تأكيد باننا نرحب باي انفراج وندعم أي خطوة باتجاه طرد ايران وميليشياتها وإن كنا لا نعتقد بأن ذلك سيحصل كما يروج لان امريكا ستبقي تلك الكتل في خدمتها لمنع الحركة الوطنية من النهوض ضدها لتحرير العراق وعندها ستستخدم تلك الكتل لضرب القوى الوطنية،كما استخدمتها ايران، ولكننا بنفس الوقت نؤكد بأن الوطنية في أوضح مفاهيمها تعني الانطلاق في الموقف من مصلحة العراق والامه العربية اولا واخيرا وهذه المصلحة تؤكد بان من دمر العراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان وخلق الفتن والمصائب والكوارث في كل الأقطار واخيرا في السودان هي الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وايران معا وليس واحدا من هذه الاطراف فقط، لذلك ونحن نواجه مثل هذه الترويجات التي تثير العواطف يجب أن نتذكر الثوابت الوطنية والقومية.

وما يجب ايضا ان لا ننساه هو أن هذه الفورة العاطفية إذا تحقق ما يروج له سوف تنتهي بمواجهة ما واجهناه في الأيام الأولى لغزو العراق وهو ان الولايات المتحدة الأمريكية ما غزت العراق الا كي تستعمره وهنا سيظهر الجذر الحقيقي لكل شخص وكتلة فمن يرغب بخدمة المخطط الأمريكي يقطع صلته بالوطن وبالانتماء للأمة العربية وسيرى أن الوضع الجديد وان تغيرت أساليب الاضطهاد فيه الا انه ايضا مخطط سيؤدي الى مسخ هوية العراق وتغييرها وفرض هويات أخرى عليه تقوم على الطائفية والعرقية والمناطقية

فهل هذا هو المطلوب؟ هل مطلوب منا ان نقبل بما رفضناه عند بدايه الغزو وقدمنا عشرات الالاف من الشهداء اثناء مقاومته بصوره مسلحة؟ وهل ننسى ان ما بين ثلاثة الى اربعه ملايين عراقي استشهدوا بعد الغزو وتتحمل امريكا اولا مسؤوليه قتلهم؟ وهل ننسى ان خمسه ملايين عراقي هجروا من العراق بالقوة بقرار امريكي وايراني مشترك وليس بقرار ايراني فقط، وهو تهجير ادى الى معاناتهم بصوره رهيبة من التشرد والاضطهاد وحتى فقدان الاطفال الذين كانت تختطفهم السلطات الأوروبية وتسلمهم لعوائل أوروبية؟ هل ننسى كل ذلك مقابل ان يعاد البعض الى الوظيفة او يتوقف القتل الممنهج في الشوارع ويحل محله الاضطهاد المنظم والناعم؟

الجواب: كلا ان حزبنا مصمم في ان واحد على الترحيب بكل انفراج يخدم الشعب ويخفف من معاناته الاقتصادية والسياسية والنفسية ولكننا بنفس القدر وربما اكثر نتمسك باستقلال العراق وهويته الوطنية وانتمائه العربي ونناضل بلا هوادة من اجل حمايته ومنع تغيير هذه الهوية، وفي ضوء ذلك فالبعث لن يشارك في اي حكومة تواصل تنفيذ اهداف الاحتلال الاصلية.

شبكة البصرة

السبت 9 شوال 1444 / 29 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط