بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

زيارة ماكرون للصين بين عرض خطة للتسوية في أوكرانيا ومحاولة جديدة لخداع الكرملين... وثائق البنتاغون السرية وأحجار دومينو الحرب السرية

شبكة البصرة

عمر نجيب

الاتصالات الدبلوماسية كانت نشطة جدا خاصة بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وإلى جانبها بعض أعضاء حلف الناتو ومنهم بشكل خاص فرنسا وألمانيا وذلك خلال الأسابيع القليلة التي سبقت بدء الجولة الثانية من المواجهة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا في وسط شرق أوروبا في 24 فبراير 2022. الغربيون كانوا يراهنون على إمكانية إقناع الكرملين مثلما وقع سنة 2014 عبر اتفاقات مينسك بأنهم يبحثون عن تسوية سلمية لقضية المناطق الروسية في منطقة دونباس التي تضم جمهورية دونيتسك وجمهورية لوهانسك الموجودة داخل حدود أوكرانيا المرسومة منذ عهد الاتحاد السوفيتي الذي تفكك سنة 1991 وكانت حدود جمهورياته مبنية على أسسس إدارية محضة وليست قومية.

لم تنجح الدبلوماسية هذه المرة في منع اندلاع المواجهة العسكرية لأن موسكو اقتنعت بأن الغرب يخادعها ولا يسعى حتى لتطبيق اتفاقيات منسك بل مجرد كسب الوقت.

كانت اتفاقيات مينسك عبارة عن سلسلة من الاتفاقيات "الدولية" التي سعت إلى إنهاء الحرب في منطقة دونباس. الاتفاقية الأولى، المعروفة باسم بروتوكول مينسك، صيغت في عام 2014 من قبل مجموعة الاتصال الثلاثية بشأن أوكرانيا، والتي تتألف من أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)، بوساطة زعماء فرنسا وألمانيا فيما يعرف بصيغة نورماندي. بعد محادثات مكثفة في مينسك، بيلاروسيا، وقع ممثلو مجموعة الاتصال الثلاثية وقادة جمهورية دونيتسك (DPR) وجمهورية لوغانسك (LPR) آنذاك على الاتفاقية في 5 سبتمبر 2014 وبدون الاعتراف بوضعهم. جاء هذا الاتفاق في أعقاب عدة محاولات سابقة لوقف القتال في المنطقة بهدف تنفيذ وقف فوري لإطلاق النار.

فشلت الاتفاقية في وقف القتال، وبالتالي تبعتها اتفاقية منقحة ومحدثة، هي اتفاقية مينسك الثانية، والتي وقع عليها في 12 فبراير 2015. تتألف هذه الاتفاقية من مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك وقف إطلاق النار، وسحب الأسلحة الثقيلة من خط المواجهة، والإفراج عن أسرى الحرب، والإصلاح الدستوري في أوكرانيا، ومنح الحكم الذاتي لمناطق معينة من دونباس وإعادة السيطرة على حدود الدولة إلى الحكومة الأوكرانية. وبينما خفت حدة القتال بعد توقيع الاتفاقية، لم تنته بالكامل أبدا، ولم تنفَذ بنود الاتفاقية بالكامل. وقد اتفقت أطراف صيغة نورماندي على أن اتفاقية مينسك الثانية ستبقى الأساس لأي حل مستقبلي للصراع.

لكن رغم كل ذلك ومنذ 2014 شهدت دونباس، حربا متقطعة بين القوات الحكومية والانفصاليين الموالين لروسيا أودت بحياة أكثر من 13 ألف شخص.

ولتأكيد رفض كييف الالتزام بالاتفاقات حذر رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا أليكسي نهاية شهر يناير 2022 دانيلوف من أن اتفاقية مينسك قد تؤدي إلى انهيار البلاد إذا تم تنفيذها، مناشدا الدول الغربية "ألا تدفع أوكرانيا إلى تنفيذ الشروط الحالية المنصوص عليها في الاتفاقات".

وسط تصاعد التوترات بين روسيا وأوكرانيا في أوائل عام 2022 ورفض كييف تنفيذ اتفاقيات منسك، اعترفت روسيا رسميا بجمهوريات لوغانسك ودونيتسك في 21 فبراير 2022. بعد هذا القرار، في 22 فبراير 2022، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن اتفاقيات مينسك لم تعد موجودة، وأن أوكرانيا، وليس روسيا، هي المسؤولة عن انهيارها. ثم بدأت الحرب في 24 فبراير 2022.

بعد أشهر من اندلاع القتال في وسط شرق أوروبا اعترفت أنغيلا ميركل المستشارة الألمانية السابقة والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند بأنهما لم ينويا تنفيذ الاتفاقات وأضافا "لقد أردنا كسب الوقت لتمكين أوكرانيا من التعافي، وتعزيز قدراتها العسكرية". مؤكدين أن اتفاقية مينسك ما هي إلا ستارة لمنح أوكرانيا وقتا لتقوية جيشها، استعدادا لمواجهة مع روسيا.

بعد انقضاء الربع الأول من سنة 2023 وبعد مضي 14 شهرا على انطلاق العملية العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا تنشط الاتصالات الدبلوماسية مرة أخرى بهدف معلن هو البحث عن تسوية متفاوض عليها تضع حدا لهذا الصراع الذي يهدد بالتحول إلى حرب عالمية ثالثة والذي أزم الأوضاع السياسية والاقتصادية في كل أرجاء المعمور.

السؤال الذي يطرح الآن في أكثر من مكان هو هل هذه الاتصالات الدبلوماسية أو المفاوضات السرية الدائرة وراء أبواب مغلقة تستهدف حقا ما هو معلن بشأنها أم أنها مجرد أسلوب للعبة خداع جديدة.

لاستطلاع وفهم التحركات الدبلوماسية الجارية يجب البناء على الحقائق.

الوضع حاليا على الساحة هو أن روسيا تحقق مكاسب عسكرية متواصلة وتتبع سياسة استنزاف لأوكرانيا وحلفاء الناتو وتؤكد استعدادها لحرب طويلة الأمد، في الغرب يأملون ويتحدثون عن تبديل موازين القوى في ربيع أو صيف سنة 2023 وإلحاق هزيمة بروسيا وإجبارها على الانسحاب. الحصار الاقتصادي الذي يفرضه الغرب على روسيا فاشل حتى الآن بإعتراف فارضيه ولكنهم يتطلعون لنجاحه في المستقبل. التأييد الدولي الذي يقدر الغرب أنه يتمتع به في مواجهة روسيا يتآكل ومعه سلاح العقوبات والضغوط. تعلق الغرب بأمل تدمير تحالف روسيا بالعديد من القوى العالمية وخاصة مع الصين هو بمثابة مطاردة السراب في صحراء شاسعة.

 

مفاوضات أم جس نبض

قام الرئيس الفرنسي ماكرون رفقة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين بزيارة رسمية للصين من 5 إلى 8 أبريل 2023، حاملين ما اعتبره خبراء في شؤون أوروبا السياسية، "رسائل إلى روسيا". وفى مؤتمر صحفي عقب قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، يوم الجمعة 31 مارس، قال ماكرون إنه اقترح على فون دير لاين أن ترافقه إلى الصين ليكون الحديث "بصوت موحد".

الزيارة جاءت في ظل أجواء محلية عالمية متوترة، مع إعلان موسكو نشر أسلحة نووية في بيلاروسيا، وتحدث واشنطن عن هجوم أوكراني مضاد حاسم ضد روسيا بعد تعزيز قواتها بأسلحة جديدة، وتراجع مخزون الأسلحة في دول بأوروبا، وإعلان موسكو وبكين بزوغ نظام عالمي متعدد الأقطاب.

مصادر رصد في العاصمة الألمانية برلين تحدثت عن نقل الرئيس الفرنسي ورفيقته الأوروبية وبموافقة ضمنية من واشنطن، مقترحات حل وسط يقع بين عرض الصين لتسوية الأزمة الأوكرانية ومطالب البيت الأبيض وكييف.

نفس المصادر أشارت إلى احتمال وجود رابط بين الاقتراحات المفترضة التي نقلها الرئيس الفرنسي إلى بكين، بما يسمى بفضيحة تسرب الوثائق السرية الأمريكية عن الحرب في وسط شرق أوروبا وللأوضاع في الشرق الأوسط وآسيا. ونبهت إلى احتمال أن تكون كل تلك التحركات لعبة غربية جديدة لتحويل انتباه كل من الصين وروسيا.

في بكين أكد الرئيس الفرنسي ماكرون رفضه تبعية أوروبا للولايات المتحدة أو الصين، محذرا من "الحصانة خارج الحدود الإقليمية" للدولار، وقال إن على أوروبا ألا تسرع وتيرة هذا الصراع بل أن تأخذ الوقت الكافي لبناء موقعها كقطب ثالث، وذلك في تصريحات أدلى بها لصحيفتي ليزيكو وبوليتيكو الفرنسيتين خلال زيارته للصين.

وأضاف أن "أسوأ شيء هو الاعتقاد أننا نحن الأوروبيين يجب أن نكون أتباعا" و"أن نتكيف مع الإيقاع الأمريكي ورد الفعل الصيني". ودعا أوروبا إلى "الاستيقاظ"، مضيفا "أولويتنا ألّا نتكيف مع أجندة الآخرين في مختلف مناطق العالم". وتابع "لماذا علينا اتباع الإيقاع الذي يختاره الآخرون؟. في مرحلة ما، علينا أن نطرح على أنفسنا سؤال أين تكمن مصلحتنا (...) علما أننا لا نريد الدخول في منطق الكتلة مقابل الكتلة".

 

اهتمام

الإليزيه كان قد أفاد بأن اجتماع الجمعة بين ماكرون وشي كان "مكثفا وصريحا" ناقلا اهتمام ماكرون الشديد بـ "تراكم التوترات في المنطقة".

وفي مقابلته مع صحيفة "ليزيكو"، دعا إلى أن يكون "الاستقلال الاستراتيجي" هو "معركة أوروبا"، محذرا من أن "تسارع الاحتكار الثنائي" الصيني الأمريكي قد يؤدي إلى خسارة "الوقت والوسائل لتمويل" هذا "الاستقلال الاستراتيجي".

وقال ماكرون لـ "بوليتيكو": "إذا احتدمت التوترات بين القوتين العظميين.. لن يكون لدينا الوقت ولا الموارد لتمويل استقلالنا الاستراتيجي وسنصبح تابعين".

وذكر "سنصبح تابعين في حين أننا قادرون على أن نكون القطب الثالث إذا كان لدينا بضع سنوات لتأسيسه". وأضاف "يكمن التناقض في إرساء عناصر لاستقلال استراتيجي أوروبي حقيقي، وفي الوقت عينه إتباع السياسة الأمريكية". ولفت إلى أنه "فاز في المعركة الأيديولوجية" في الاتحاد الأوروبي، إذ "قبل خمسة أعوام كنا نقول إن السيادة الأوروبية غير موجودة". ودعا إلى "تعزيز الصناعة الدفاعية" و"تسريع المعركة من أجل الطاقة النووية والطاقات المتجددة" في القارة الأوروبية.

في وقت سابق، قال الكاتب الفرنسي رينو غيرارد، إن أمريكا دفعت نفسها إلى وضع يتجه فيه العالم نحو نزع الدولار الذي لا مفر منه. ويعتقد رجل الأعمال والملياردير إيلون ماسك أيضا، أن عددا من الدول قررت التخلي عن الدولار كعملة احتياطية، حيث كان هذا القرار مستفزا للسياسة الأمريكية المتشددة، بحسب صحيفة "بوليتيكو".

 

نظرة واشنطن

• كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن زيارة ماكرون إلى بكين، رغم التوتر بين واشنطن وبكين، تؤكد مرة أخرى أن الحلفاء لا ينظرون إلى الأمور من الزاوية نفسها بالضرورة.

• بحسب الصحيفة فإن هذه الزيارة قالت "لا" على نحو صريح، لنهج واشنطن الاقتصادي الساعي إلى تطويق الصين اقتصاديا، بعدما أضحت أكبر منافس للولايات المتحدة.

• أحدثت هذه الزيارة نوعا من التوازن في مواقف بكين والغرب حيال الأزمة في أوكرانيا، لكن دون حصول اختراق كبير بشأن هذه المسألة.

• صورت الصحيفة الأمريكية مضي ماكرون قدما في تعزيز العلاقات مع الصين، بمثابة نيل من التوجه الغربي الساعي إلى الحفاظ على المؤسسات الليبرالية، لأن الحلفاء الغربيين لا ينظرون إلى الأمور بالعين نفسها.

• اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" ما صدر عن ماكرون في هذه الزيارة بمثابة لعب "ورقة ديغول"، في إشارة إلى نهج الجنرال والرئيس الفرنسي الراحل، شارل ديغول، الذي كان حريصا على تحقيق سيادة باريس والنأي بها عن التبعية للولايات المتحدة.

صحيفة "ذا هيل" الأمريكية ذكرت من جانبها إن الاجتماعات الدبلوماسية رفيعة المستوى في الجانبين المتعارضين من العالم تسلط الضوء على التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وأوروبا بشأن كيفية التعامل مع الصين.

وذكرت "ذا هيل" أنه في حين أن الإدارة الأمريكية تصف شي بأنه يعمل على إعادة تشكيل العالم من وجهة نظر النموذج الاستبدادي الصيني، فإن القادة الأوروبيين أقل اتحادا بشأن المخاطر مقابل مكافآت العلاقات الوثيقة مع بكين.

في واشنطن صرح رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفين ماكارثي بأن زيارة الرئيس الفرنسي للصين لا تتناقض مع مواقف الولايات المتحدة من العلاقات مع بكين. وأضاف خلال مؤتمر صحفي، يوم الأربعاء 5 أبريل: "لا أعتقد أن هناك تناقضا من نوع ما في ما يتعلق بأعمال ماكرون. وللسبب ذاته لا يمكن للصين أن تملي علي بمن ألتقي، وللسبب ذاته أقول إن لقاء اليوم مع رئيسة تايوان يساعد في تعزيز الحرية. هذه كلها اتصالات وبالتالي أعتقد أنه أمر ممتاز أن ماكرون توجه إلى الصين".

وكان قصر الإليزيه قد ذكر إن ماكرون والرئيس الأمريكي جو بايدن ناقشا -عبر الهاتف قبل زيارة ماكرون للصين- رغبتهما المشتركة في إشراك الصين لتسريع إنهاء الحرب في أوكرانيا والمشاركة في بناء سلام دائم في المنطقة.

ورفض المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي تقديم مزيد من التفاصيل عن المكالمة الهاتفية بين بايدن وماكرون، لكنه قال إن بايدن "ممتن" لأن ماكرون اتصل به قبل رحلته إلى بكين.

وأضاف كيربي "ما زلنا نحث الصين -إذا كانت تريد حقا تسريع إنهاء الحرب- أن تنضم إلى بقية المجتمع الدولي في إدانة ما يفعله بوتين، فالصين لديها علاقة مع روسيا لذلك نود أن نراهم يمارسون المزيد من الضغط على بوتين لإنهاء هذه الحرب".

وسلطت زيارة ماكرون الذي يرافقه العشرات من مسؤولي الأعمال الضوء على تركيز فرنسا على الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع الصين بل وتعزيزها، حتى في الوقت الذي حذرت فيه الولايات المتحدة من أن بكين تريد تعديل النظام العالمي ويجب ردعها.

 

قصة الوثائق السرية

بفارق ساعات عن زيارة الرئيس الفرنسي لبكين والتأويلات التي رافقتها انفجرت قضية الوثائق السرية المسربة للبنتاغون والتي تتناول أساسا الحرب في وسط شرق أوروبا ومواضيع أخرى. البعض اعتبر التسريب نكسة كبيرة للولايات المتحدة آخرون اتهموا موالين لروسيا في واشنطن بنشر الوثائق، طرف آخر رجح وجود جناح سياسي أمريكي أراد بنشر الوثائق إفشال خطط البيت الأبيض ودفعه للتفاوض بسرعة، في حين قدرت مجموعة من الخبراء أن المخابرات الأمريكية سربت هذه الوثائق التي لا تضم سوى أخبار حقيقية قليلة بينما الباقي عملية تضليل لخداع الكرملين، حكومة كييف اتهمت موسكو باختلاق قصة الوثائق في محاولة لإحراج البيت الأبيض.

في المقابل يشير جوناثان تيوبنر، الرئيس التنفيذي لشركة "فيلتر لابس" للذكاء الاصطناعي التي تتعقب الرسائل في روسيا، إلى أنه بينما كانت الأصوات المؤيدة لـ"الكرملين" تقول إن التسريب كان حملة تضليل أمريكية أو أوكرانية، اعتقد محللون بأنه يمكن أن يكون عملية روسية تهدف إلى زرع عدم الثقة بين واشنطن وكييف، لكن "غراي زوون"، وهي قناة دردشة ورسائل تستخدمها مجموعة "فاغنر" الروسية، ترجح احتمال أن تكون الوثائق معلومات مضللة صدرت عن الاستخبارات الغربية من أجل تضليل القيادة الروسية لدى تحديد إستراتيجية العدو في الهجوم المضاد المقبل.

يوم السبت 8 أبريل نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمريكيين أن تسريب الوثائق السرية "قد يؤثر على الأمن القومي الأمريكي عالميا" وقد فتحت وزارتا العدل والدفاع تحقيقات بشأن هذه التسريبات.

وأضافت الصحيفة الأمريكية -نقلا عن المسؤولين أنفسهم- أن وزارة الدفاع ترى أن الكشف عن معلومات شديدة الحساسية يثير قلق البيت الأبيض والمسؤولين الأمنيين والحلفاء، وأشار المصدر نفسه إلى أن الدول التي تأثرت بتسريب الوثائق السرية حلفاء مثل إسرائيل وكوريا الجنوبية وبريطانيا.

وتتضمن هذه الوثائق المسربة معلومات استخبارية عن أطراف بينها إسرائيل وبريطانيا، كما تضم التسريبات نقاط الضعف المحتملة في حرب أوكرانيا، وكذا هيكلية القوات الأوكرانية وإعداد كييف لشن هجوم مضاد على القوات الروسية خلال فصل الربيع.

 

أحجار دومينو الحرب السرية

تقدم هذه الوثائق معلومات حساسة عن الجدول الزمني لتسليم الأسلحة الغربية لأوكرانيا، وتتضمن التسريبات معلومات في غاية الأهمية عن 12 لواء في الجيش الأوكراني، يجري تدريب تسعة منها بالولايات المتحدة، ودول أخرى في حلف شمال الأطلسي "الناتو" ويتوقع أن تكون ستة منها جاهزة نهاية مارس الماضي. وتفيد الوثائق كذلك أن خسائر القوات الروسية منذ بداية الحرب في 24 فبراير لا تتجاوز 16 ألفا.

وكانت نيويورك تايمز قد أفادت بأن مجموعة من الوثائق يعتقد أنها تفصل أسرارا من الأمن القومي الأمريكي، بدأت في الظهور على مواقع للتواصل. وأوضحت الصحيفة -نقلا عن مسؤولين أمريكيين- أن عدد المستندات يفوق 100. ووصفت مصادر "نيويورك تايمز" التسريب بأنه كابوس لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وكذلك نيوزيلندا وكندا التي تتبادل المعلومات الاستخبارية.

نشر موقع أندبندنت البريطاني يوم 8 أبريل 2023 تحليلا حول وثائق "البنتاغون" الأوكرانية جاء فيه:

أبدى المسؤولون الأمريكيون انزعاجا شديدا من تسريب وثائق دفاعية سرية ربما يصل عددها إلى 100 وتتعلق بخطط الحرب في أوكرانيا على مواقع التواصل الاجتماعي، وفيما تجري وزارتي العدل والدفاع "البنتاغون" تحقيقات لمعرفة هوية من سرب الوثائق ونشرها على مواقع التواصل، تخشى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تسريب مزيد من الوثائق التي قد تكون قمة جبل الجليد، بخاصة أنها تشمل مناطق أخرى مثل الصين والشرق الأوسط.

بعد يوم واحد من تأكيد مسؤولين بارزين في إدارة بايدن أنهم يحققون في تسريب محتمل لخطط سرية حول الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك تقييم مقلق حول قدرات الدفاع الجوي الأوكرانية المتعثرة، ظهرت على مواقع التواصل يوم الجمعة 7 أبريل مجموعة جديدة من الوثائق السرية التي يبدو أنها تشمل تفاصيل أكثر عن أسرار الأمن القومي الأمريكي، ليس فقط في أوكرانيا، وإنما أيضا في الشرق الأوسط والصين ومنطقة المحيطين الهادئ والهندي، مما أثار قلق "البنتاغون" وزاد من ارتباك إدارة بايدن التي فوجئت بالأمر وبحجم التسريب الذي قال مسؤولون ومحللون إنه ربما يصل إلى أكثر من 100 وثيقة، بعضها يتضمن معلومات حساسة وسرية للغاية، مما يشكل ضررا كبيرا للأمن القومي الأمريكي وربما لحلفاء الولايات المتحدة.

وعلى رغم بدء وزارة العدل تحقيقا في التسريبات إلى جانب الجهود التي تقوم بها وزارة الدفاع للكشف عن هوية من سرب الوثائق، فإن مسؤولا استخباراتيا كبيرا قال لصحيفة "نيويورك تايمز" التي كانت أول من نشر هذه الأنباء يوم الخميس 6 أبريل إن التسريب يمثل كابوسا للعيون الخمس، في إشارة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا، وهي ما تسمى "دول العيون الخمس" التي تشارك المعلومات الاستخباراتية في ما بينها على نطاق واسع منذ عقود، بل إن إحدى الوثائق المؤرخة في الـ23 من فبراير تحمل عنوان "سري ولا يجب مشاركتها مع دول أجنبية"، لكنها ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي مع وثائق أخرى.

 

قمة جبل الجليد

وفي حين يخشى محللون أن يكون ما ظهر حتى الآن مجرد قمة جبل الجليد من الوثائق، أقر مسؤولون في عدد من وكالات الأمن القومي بإمكانية أن يكون هناك تسريب منتظم وتدريجي للمعلومات السرية المنشورة على المواقع.

وقال المسؤول السابق في "البنتاغون" ميك مولروي إن تسريب الوثائق السرية يمثل خرقا كبيرا للأمن ربما يعوق التخطيط العسكري الأوكراني نظرا إلى أن وثائق عدة كانت صورا، سربها شخص ما بشكل متعمد بهدف الإضرار بجهود أوكرانيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

كما نشأت مخاوف جديدة حول ما إذا كانت تلك المعلومات المسربة هي المعلومات الاستخباراتية الوحيدة التي تم تسريبها، ففي وقت كان المسؤولون في "البنتاغون" ووكالات الأمن القومي يحققون في مصدر الوثائق التي نشرت على "تويتر" و"تيليغرام"، ظهرت وثيقة أخرى مجهولة الهوية على منصة الرسائل "4 تشان" تتضمن خريطة تهدف إلى إظهار حال الحرب في مدينة باخموت شرق أوكرانيا التي كانت مسرحاً لمعركة شرسة استمرت أشهرا عدة وتضمنت حرب مدفعية شرسة وطاحنة خلفت آلاف القتلى.

ويبدو أن الوثائق المسربة تتجاوز المواد السرية للغاية المتعلقة بخطط الحرب في أوكرانيا، بحيث يشير المحللون الأمنيون الذين راجعوا الوثائق التي نشرت على مواقع التواصل إلى أن مجموعة أخرى من الوثائق المنشورة تتضمن مواد حساسة عن الصين والمسرح العسكري في المحيطين الهندي والهادئ والشرق الأوسط وعمليات مكافحة الإرهاب.

وتتضمن المواد التي نشرت على الإنترنت صورا لوثائق تحمل عنوان "سري" أو "سري للغاية"، وبدأت تظهر على "ديسكورد" في مارس، وهو تطبيق دردشة شائع لدى لاعبي الفيديو، قبل أن تبدأ بالانتشار على منصة "4 تشان" للرسائل عبر الإنترنت الأربعاء 5 أبريل، ثم شقت طريقها إلى منصتي وسائط اجتماعية في الأقل هما "تيليغرام" و"تويتر".

تظهر الوثائق الخاصة بالجيش الأوكراني كصور لرسوم بيانية حول عمليات تسليم أسلحة متوقع وعدد القوات والكتائب وخطط أخرى توضح بالتفصيل القدرات القتالية لأوكرانيا ونقاط الضعف المحتملة وجهود حلف "الناتو" الواسعة للمساعدة في صد الهجوم الروسي.

وتقول صحيفة "واشنطن بوست" التي اطلعت على عشرات الصور التي تظهر وثائق سرية يعود تاريخها لأواخر فبراير وأوائل مارس الماضيين، إنها تشمل ملخصات وإحاطات استخباراتية في جميع أنحاء العالم وتحديثات حول التطورات الميدانية على المستوى التكتيكي وتقييمات للقدرات الدفاعية لأوكرانيا، كما تحدد معلومات حول الجيوش الأوكرانية والروسية وتتضمن تحليلات أمريكية شديدة الحساسية حول الصين ودول أخرى، وتشير المواد المنشورة أيضا إلى مصادر وأساليب سرية للغاية تستخدمها الولايات المتحدة لجمع مثل هذه المعلومات، مما يثير قلق مسؤولي الأمن القومي الأمريكيين الذين اطلعوا عليها.

وعلى سبيل المثال تشير إحدى الوثائق الحساسة إلى المعدل الذي تستنزف به أوكرانيا ذخائر مدافع "الهاوتزر" التي يوفرها "الناتو" من قذائف 155 ملم التي يطلقونها، كما تصف تدفقات الشحنات الواردة والتوقعات في حال إعاقة هذه الشحنات. وقال أحد الحسابات على "تيليغرام" إن الوثائق المنشورة وصفت خطة سرية لإعداد وتجهيز تسعة ألوية من القوات المسلحة الأوكرانية من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لهجوم الربيع.

وفي حين أن الوثائق لا تحتوي على خطط قتالية محددة، فإنها تعد مفيدة بشكل لا يصدق لـ"الكرملين" بحسب وصف رئيس مركز أبحاث "سيلفرادو بوليسي أكسيليرايتر" ديمتري ألبيروفيتش، ذلك أن الوثائق تحتوي على ترتيب لمعلومات المعركة وتفاصيل حول الوحدات التي ستشارك في الهجوم المضاد المقبل وطاقمها ومعداتها ومستويات تدريبها، مما يجعلها معلومات مفيدة للغاية لتحضير دفاعات روسيا.

كما تتعلق الوثائق المنبثقة على ما يبدو من تقارير ووكالات متعددة، بمسائل أخرى غير أوكرانيا، فهناك صفحتان على سبيل المثال تتضمنان معلومات من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حول الأحداث المتعلقة بروسيا والمجر وإيران.

 

من سرب المعلومات؟

فيما تسعى وزارتا العدل والدفاع الأمريكيتين إلى الكشف عن هوية من سرب المعلومات والوثائق ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الرسائل، قال مسؤول دفاعي أمريكي لصحيفة "واشنطن بوست" بشرط عدم الكشف عن هويته، إن وثائق عدة يبدو أنه تم إعدادها خلال فصل الشتاء وتقديمها إلى الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة وغيره من كبار المسؤولين العسكريين، لكنها كانت متاحة أيضا لعدد من أفراد الخدمة الأمريكيين والموظفين المتعاقدين مع "البنتاغون" الذين يحملون تصاريح أمنية مناسبة، بالتالي يمكن أن يكون مصدر التسريب أي شخص.

وتقول المحامية السابقة في سلاح الجو والمتخصصة في القانون العسكري ريتشل فان لاندينغهام إن أي شخص يمكن أن يكون مسؤولا عن التسريب، على رغم أن هذه الانتهاكات تشكل واحدة من أخطر الجرائم التي تتعلق بالأمن القومي للولايات المتحدة، وتفيد "واشنطن بوست" بأن جميع صور المستندات التي حصلت عليها جاءت من المصدر نفسه وتمت طباعة كل صفحة قبل تصويرها بالطريقة نفسها.

غير أن المستشار العام السابق في وكالة الأمن القومي غلين غيرستيل أوضح أنه لا تجوز طباعة المستندات السرية إلا من أجهزة الكمبيوتر في منشأة آمنة وتسجل كل معاملة إلكترونيا، ولهذا فإن الوثائق التي طبعت يجب أن تضيق بشكل كبير دائرة المشتبه فيهم خلال التحقيق الأولي، ومع ذلك فإن طباعة الوثائق لا تعني أن الشخص الذي طبعها كان مسؤولا عن التسريب، فربما احتفظ بها في مكان آمن وتمكن جاسوس آخر أو شخص غير مصرح له من الوصول إلى الوثائق والتقط صورة لها أو ربما تركت بإهمال في مكان ما.

وبينما يشير متخصصون إلى أنه من الصعب استخلاص استنتاجات حول من سرب المعلومات ولماذا، قال أحد المسؤولين الأمريكيين إن من المحتمل أن الوثائق لم تتسرب من مسؤولين أوكرانيين لأنهم لم يتمكنوا من الاطلاع على الخطط المحددة التي تصدرها مكاتب هيئة الأركان المشتركة في "البنتاغون".

ويشير محققون إلى أن موظفي الحكومة الأمريكية والمتعاقدين معها يواجهون فترات سجن طويلة لسوء تعاملهم مع المعلومات السرية، وفي إحدى القضايا البارزة عام 2018 أقر بالذنب شخص يدعى رياليتي وينر، وهو من قدامى المحاربين في القوات الجوية ومقاول لوكالة الأمن القومي، في جناية واحدة تتعلق بنقل غير مصرح به لمعلومات الدفاع الوطني، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات وثلاثة أشهر لأنه شارك وسيلة إعلامية تقريرا سريا حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016.

 

معلومات أصلية أم مضللة؟

يقر المسؤولون الأمريكيون بأن عددا من الوثائق المسربة كانت أصلية وليست مزورة، كما تتسق مع تقارير مراجعة وكالة الاستخبارات المركزية لدول العالم التي تم توزيعها على مستويات عالية داخل البيت الأبيض و"البنتاغون" ووزارة الخارجية، ومع ذلك فقد تم في رأيهم التلاعب في المعلومات.

وبينما يعرب مسؤول أوكراني كبير عن اعتقاده بأن التسريب بدا وكأنه حيلة روسية لتشويه الهجوم المضاد الأوكراني المتوقع في الربيع، حذر المدونون الروس من الوثوق بأي من المعلومات التي قال أحد المدونين إنها ربما تكون من عمل استخبارات غربية لتضليل القيادة الروسية في "الكرملين".

ويوضح رئيس الأبحاث في شركة "لوجيكالي" البريطانية التي تتعقب المعلومات المضللة كايل والتر أن عددا من الأصوات البارزة على قنوات "تيليغرام" الروسية كانت تصف الصورة الأصلية التي لم تتغير للدعاية الغربية وتصريحات كبار القادة الغربيين العسكريين والتي تظهر ضخامة أعداد الضحايا الروس بأنها عملية تأثير غربي وأنها محاولة لإضعاف الروح المعنوية في روسيا وبين القوات الروسية، وأن الوثائق المسربة جاءت لتكشف أن الخسائر الروسية منذ البداية وحتى الآن هي بين 16 و 17 الف ضحية.

ومن بين ما تم الكشف عنه في وثائق البنتاغون المسربة تأكيد أن قيادة جهاز الموساد الإسرائيلي شجعت موظفي الوكالة المخابراتية والمواطنين الإسرائيليين على المشاركة في الاحتجاجات المناهضة للحكومة على الإصلاحات القضائية المقترحة من قبل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نتنياهو. وتضيف الوثائق أن تل أبيب قامت وتقوم سرا بدعم أوكرانيا بالأسلحة والذخائر وانها تحاول خداع موسكو.

وكان موقع "أكسيوس" الأمريكي قد كشف عن طلب إدارة الرئيس الأمريكي، إلى إسرائيل، إرسال صواريخ "هوك" (MIM-23 Hawk) إلى أوكرانيا.

وقبل ذلك، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنّ "إسرائيل" وافقت على تزويد أوكرانيا بقذائف مدفعية أمريكية مخزنة لديها، على الرغم من التحذيرات والتهديدات الروسية بالرد.

ووفق صحيفة نيويورك تايمز، نفى كبار مسؤولي الدفاع الإسرائيليين نتائج التقييم الوارد في الوثائق المسربة.

وصرح مسؤولون استخباراتيون إسرائيليون حاليون وسابقون إن قواعد الوكالة وتقاليدها القديمة في عدم التحيز من شأنه أن يحول دون المشاركة المباشرة من قبل قيادة الوكالة في أي أزمة سياسية. وردا على طلب للتعليق من قبل نيويورك تايمز، قال مكتب رئيس الوزراء، الذي ينتمي إليه الموساد، إنه يدرس التقارير.

لكن بعض موظفي الموساد طلبوا وحصلوا على إذن للمشاركة في المظاهرات كمواطنين عاديين. وسمح رئيس الموساد، ديفيد بارنيا، بالتشاور مع المدعي العام الإسرائيلي، للموظفين الصغار بالمشاركة طالما أنهم لم يعرفوا بأنفسهم كأعضاء في المنظمة، وفقا لمسؤول دفاعي مطلع على سياسة الوكالة.

وبحسب نيويورك تايمز، فإن المعلومات الواردة في الوثائق المسربة تتداخل مع بعض الاتهامات التي يروج لها يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء، فقد ادعى نتنياهو الصغير أن عناصر معادية داخل مجتمع المخابرات الإسرائيلي ووزارة الخارجية الأمريكية كانت وراء الاحتجاج.

ومن المتوقع أن يشكل ظهور المعلومات نتيجة للتجسس الأمريكي على أقرب حليف لها في الشرق الأوسط، أزمة من شأنها أن تؤجج الاضطرابات السياسية التاريخية في إسرائيل، بخاصة أن تصنيف هذه المعلومات الأمريكية جرى بموجب قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية، مما يعني أن جمع المعلومات الاستخباراتية يتطلب موافقة قاض فيدرالي على النحو المنصوص عليه في القانون وفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، وقد يؤدي دور واشنطن في فضح مخاوف الموساد بشأن الإصلاح، إلى إثارة غضب المحافظين الإسرائيليين، الذين اتهم بعضهم بالفعل الولايات المتحدة بإثارة الاحتجاجات سرا، وهي اتهامات تنفيها واشنطن بشكل قاطع.

كما تتضمن المعلومات الاستخباراتية المحرجة تقارير حول المناقشات داخل حكومة كوريا الجنوبية بشأن بيع ذخيرة مدفعية إلى كييف وفقا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، ففي الصفحات المنشورة على الإنترنت، هناك ما لا يقل عن نقاشين حول المناقشات الداخلية في كوريا الجنوبية حول ما إذا كان سيتم إعطاء قذائف المدفعية الأمريكية لاستخدامها في أوكرانيا، في انتهاك لسياسة سيول بشأن تقديم مساعدات قاتلة لدول أجنبية، وأفادت إحدى الوثائق بأن المسؤولين الكوريين الجنوبيين كانوا قلقين من أن الرئيس بايدن قد يتصل برئيس كوريا الجنوبية للضغط على سيول لتسليم القذائف.

omar_najib2003@yahoo.fr

شبكة البصرة

الثلاثاء 20 رمضان 1444 / 11 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط