بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

العراق.. قصة الإنترنت الوهمي والأجور الخيالية

شبكة البصرة

أصدرت مؤخراً محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية، حكماً قضائياً ضد شركة “تيليكوم العراق” بمبلغ 1.65 مليار دولار، لصالح شركة أجيليتي الكويتية، وذلك لإنهاء نزاع نشب بين الشركتين.

وشركة تيليكوم العراق مسجلة باسم “سيروان صابر مصطفى بارزاني”، إبن شقيق رئيس الإقليم الكردي السابق مسعود بارزاني.

وعلق مواطنون على هذا الخبر بالقول، إذا كان مبلغ الغرامة 1.65 مليار دولار، فكم تبلغ أرباح الشركة؟

وكانت مواقع متخصصة قد كشفت العام الماضي، فصولاً من هذا النزاع الذي يعود إلى عام 2007، عندما كفلت حكومة الإقليم مالك الشركة “سيروان بارزاني” ليحصل على قرض من الشركة الكويتية لصالح شركته، لكنه وبعد حصوله على القرض، لم يسدده حتى الآن.

وأعاد هذا الحكم الحديث بين العراقيين عن سوء خدمة الشركات التي تقدم خدمة الإنترنت في البلاد، والتي وصل عددها إلى 9 شركات، ولا يقوم أصحابها بتسديد ديونهم، كما حصل مع إبن شقيق أغنى رجل في الإقليم.

ويعود استخدام شبكة الانترنت في العراق إلى عام 2000، حيث كان مقتصراً على طلاب الدراسات العليا، وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المشتركين في ذلك العام لم يتجاوز 12.500 مشترك، قبل أن يتوسع بشكل كبير بعد الاحتلال، حيث بلغ عدد الشركات الرسمية المزودة للخدمة 12 شركة، في حين تجاوز عدد المستخدمين 14 مليون مستخدم. وبحسب وزيرة الإتصالات الحالية “هيام الياسري”، فإن هناك “أكثر من 100 شركة غير مرخصة، وأكثر من 15 ألف وكيل وصاحب برج تسبب برداءة خدمة الإنترنت، ووكلاء يشاركون سعة الإنترنت المخصصة للفرد الواحد لعدة مشتركين، مما يضعف الخدمة”.

 

اساليب التلاعب

وأوضح العديد من المراكز المتخصصة، حقائق صادمة عن الأساليب التي تستخدمها هذه الشركات للتحايل على المستخدم وابتزازه، مؤكدة أن الغالبية العظمى من التجهيز هو إنترنت “وهمي” بحسب قياسات التجهيز والتشغيل، حيث يباع للمشترك بأكثر من 50 ضعف سعره الحقيقي. وبحسب هذه المراكز، فإن العراق يستورد الإنترنت بسعر (500 – 775) دولاراً لكلSTM، وهذا يعني أن الميغا الواحدة تكلف الشركة بين (3- 6) دولارات بحسب نوع المنفذ (بحري/بري)، ومع كل الاجور التي تضاف إليها لن يتجاوز سعر الميغا الواحدة 41 دولاراً، في حين تباع للمواطنين بأكثر من 50 ضعفاً، على فرض تجهيزها وفقاً للمعاييرالعالمية.

وفضلاً عن الأسعار الباهضة، أوردت هذه المراكز أمثلة متعددة للتلاعب بآليات التجهيز، حيث تقوم بنصب أجهزة تسهم بتخزين بيانات الإنترنت مثل مقاطع الفديو والصور المستخدمة داخل العراق وبذلك تصبح قيمتها (محلية)، لكنها تباع بسعر دولي.

واكدت هذه المراكز إن الأجهزة المستخدمة بتخزين المحتوى تقوم بتحويل سعة الانترنت الدولي الذي تكلف الميغا الواحدة منه 48 دولاراً إلى المحلي الذي لا تتجاوز كلفته 10 دولارات، أما اذا كانت الشركة تمتلك جهاز (كاش) داخل المحافظة، فلا يكلفها الأمر أي مبالغ.

 

إنترنت وهمي

وأكد الخبراء إن هذه الأساليب متبعة في العراق في أغلب حالات التجهيز، وهو في هذه الحالة “انترنت وهمي” أوغير حقيقي، مؤكدين أن التلاعب بسعة التجهيز إنما هو “خرق قانوني في آليات التجهيز والبث للمواطنين”، وإن كل ما يقع تحت 140-250 دولاراً للميغا الواحدة، إنما هو انترنت غير حقيقي.

ونقلت مصادر صحفية عن أعضاء في فريق شارك بدراسة هذه الظاهرة قولهم، إن وزارة الإتصالات العراقية تكون بذلك قد رفعت سعر الميغا لما يزيد عن 11 ضعفاً، لتقوم الشركات باستخدام مختلف أجهزة الكاش، حيث لا يمكن بعد دمج الحقيقي بغير الحقيقي تحديد الأرباح الصافية للشركات، وتبعاً لذلك لا يمكن كشف حجم التلاعب.

وأورد أعضاء الفريق أمثلة على بعض أنواع التلاعب، منها قولهم، “إن أي مواطن إذا طلب من شركة انترنت رئيسية شراء واحد ميغا، فان الشركة ستعمد إلى تقسيم الطلب إلى طلبات بيانات منتجات غوغل (من ضمنها اليوتيوب)، واخرى خاصة ببيانات وملفات المواقع الاخرى، ولا يحصل من الانترنت الحقيقي إلا على القليل.

 

تقارير المنظمات الدولية

ولا يقتصر تقييم الأداء السيء لشركات تجهيز خدمة الانترنت في العراق على المصادر المحلية والناشطين ومستخدمي الإنترنت، بل أن منظمات دولية مهتمة بهذا الجانب، تنشر بين الحين والآخر تقارير ودراسات تتناول رداءة خدمة الإنترنت في العراق، فقد تناولت دراسة لمنظمة ” Freedom House” الأمريكية، موضوع “حرية الوصول واستخدام الانترنت في العراق” جاء فيها، إن “البلاد ما تزال الأضعف في المنطقة فيما يتعلق بخدمات الاتصالات بشكل عام والانترنت بشكل خاص”، مضيفة أن “سرعة الإتصال ونوعيته ما تزال محدودة في ظل قطاع اتصالات متخلف”

من ناحيتها نشرت مجلة “Capacity Media” المعنية بالشؤون التقنية، تقريراً عن بيع شركة “زين العراق” أبراج الإتصالات الخاصة بها، بعد انتشار أخبار تتعلق بحملة للكشف عن عمليات تهريب سعات الإنترنت، وأسباب تردي جودة الاتصالات. وقال التقرير إن الشركة باعت حوالي 5000 برج اتصال في العديد من المحافظات لشركة أجنبية مقابل 180 مليون دولار، في خطوة تضمن لها تجنب مسؤولية تشغيل وإدامة وتطوير أبراج الإتصالات.

وتحدث التقرير عن حجم الفوضى في قطاع الاتصالات وسوء الخدمة المقدمة للمواطنين، وعدم مساءلة القائمين على هذه الشركات عند حدوث التقصير.

وبحسب الصحفي العراقي “مظفر الخميسي”، فإن “ملف الإنترنت أصبح جزءاً من بحر الفساد الكبير الذي يغمر العراق، وبات وسيلة لسرقة المواطنين والدولة”.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الثلاثاء 13 رمضان 1444 / 4 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط