بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

“ألرايات السود” ترفرف فوقهم. لماذا يستهدف الحشد وحدات الجيش؟

شبكة البصرة

اتفقت 85 دولة من مختلف أنحاء العالم في أيلول 2014 بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لتشكل تحالفاً دولياً التزم أعضاؤه بإضعاف تنظيم الدولة “داعش”، وإلحاق الهزيمة به في نهاية المطاف، وفق ما ذكره موقع التحالف، الذي أكد التزام “أعضائه الـ 85 بمواجهة التنظيم على مختلف الجبهات وتفكيك شبكاته”.

وذكر الموقع إنه وبالإضافة إلى الحملة العسكرية التي ينفذها التحالف في سوريا والعراق، فإنه يلتزم بتدمير البنى التحتية الاقتصادية والمالية له، ومنع تدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود، ودعم الاستقرار واستعادة الخدمات الأساسية العامة، بحسب الموقع.

وتشكل في نفس الشهر من عام 2015، تحالف آخر بين روسيا، إيران، العراق، وسوريا، زعم أعضاؤه أنه جاء نتيجة لاتفاق توصلوا إليه للمساعدة والتعاون في جمع المعلومات حول التنظيم، بهدف مكافحة التقدم الذي حققه، وفقاً لبيان صدر في حينه عن قيادة العمليات المشتركة العراقية.

وبحسب ناشطين، فإن القوة العسكرية الهائلة لتحالفين يضمان أكثر من 50 دولة، تقودهما قوتان عظميان لم تكن كافية لهزيمة التنظيم، بقدر ما كانت كافية لتدمير المحافظات التي احتلها، مما دفع عناصر في الحشد الشعبي التابع لإيران، إلى الاختباء خلف “الرايات السود” التي عرف بها تنظيم الدولة “داعش”، وقيامهم باستهداف وحدات من الجيش العراقي، فقط لإثبات أن هذا التنظيم ما زال موجوداً في العراق، واستخدام هذه الورقة للإنتقام من سكان المناطق التي تختلف مع الميليشيات في توجهاتها المذهبية، من أجل طردهم والإستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم.

 

ظاهرة متكررة

وانتشرت في السنوات التي أعقبت انتهاء العمليات العسكرية عام 2017 حوادث متفرقة، تمثلت بالقبض على عناصر قالت السلطات إنهم ينتمون إلى بقايا التنظيم، لكن القضاء لم يصدر بيانات حول تداعيات قضاياهم، الأمر الذي أثار شكوكاً حولها. وكشف اعتقال عناصر في شبكة تابعة للحشد الشعبي مؤخراً، وهم يحملون أسلحة ومتفجرات، إضافة إلى رايات التنظيم، وهم في طريقهم لتنفيذ “واجب”، عن جوانب كانت خافية على العراقيين، حول ملابسات القضية.

واتضح أن “واجب” عناصر الحشد الذين ألقي القبض عليهم في محافظة ديالى، هو استهداف وحدات تابعة للجيش العراقي، في محاولة لإثبات ضعف الجيش أمام التنظيم، من أجل طرده وإحلال الحشد بدلاً عنه، والقيام بأعمال انتقامية ضد السكان على أسس طائفية. وكانت “يقين” قد نشرت أواسط آذار/مارس الماضي، تقريراً تناول استهداف الحشد لمقرات وأهداف تابعة له أو للقوات الحكومية، لتبرير عمليات انتقامية يقوم بها ضد السكان لدفعهم للهجرة، من أجل إحداث تغيير ديموغرافي في المحافظة المتاخمة للحدود الايرانية.

وأشار الإعلامي “عامر إبراهيم” في تغريدة له، إلى أن “مهاجمة قرية شيعية، يتبعها انتقام من قرية سنية وتهجيرها، يأتي للتغطية على صراع المليشيات وجرائمها، وليستمر مسلسل التغيير الديموغرافي في المقدادية وديالى”، مشيراً إلى عملية القبض على عناصر الحشد بقوله” إن “هذا الدليل بالتأكيد لن يثير اهتمام أحد”.

ولم تعد عمليات القبض على هؤلاء تثير الرأي العام العراقي، خاصة وأن مصير من سبقهم يلفه الغموض، وبحسب ناشطين، فإن هؤلاء يدخلون مراكز الاحتجاز من الباب ليخرجوا من الشباك. وقال الصحفي “إياد الدليمي”، إنها “ليست المرة الأولى التي يعتقل فيها أشخاص ينتمون للحشد الشعبي يحملون أسلحة وأعلام تنظيم الدولة”، مضيفاً في تغريدة له: “ربما هي المرة الألف، قلنا سابقاً، ثلاثة أرباع العمليات المنسوبة لتنظيم الدولة تنفذها المليشيات”.

 

حملة للناشطين

وكانت السلطات قد ألقت القبض في قرية بهرز بمحافظة ديالى، على عناصر من الحشد يحملون أسلحة ومتفجرات مختلفة، من بينها C4 شديدة الإنفجار، وأعلاماً تعود لتنظيم الدولة “داعش” وهويات أمنية. وسخر ناشطون من إيضاح السلطات حول الحادثة، الذي جاء فيه إن “التحقيقات ستكشف حقيقة الهويات التي يحملونها”، متسائلين عن حقيقة الهويات التي كان أسلافهم يحملونها ولم يُنشر شيء عنها.

وكتب الباحث “فاروق الظفيري” على تويتر يقول، “إن عناصر من الحشد المرتبط بالحرس الثوري الإيراني في ديالى قاموا بالتنكر بزي تنظيم الدولة لاستهداف القوات العراقية، ومن ثم اتهام العشائر السنية العربية في ديالى ليتم تهجير من تبقى منهم”. من جهته قال أمين عام مجلس العشائر العربية في العراق الشيخ “ثائر البـياتي”، إن كل الجرائم التي حصلت باسم تنظيم الدولة نفذتها مليشيات الحشد، منها “مجزرة العظيم، الرشاد، قرى الإمام، مام ويس، جلام سامراء، الفرحاتية، الجيايلة، والرياض”.

وللإسبوع الثالث على التوالي، مازالت القضية تستأثر باهتمام الإعلاميين والناشطين على مواقع التواصل، حيث قال الإعلامي ” مصطفى الحردان”، إنهم “يحاولون إيهام الناس والأجهزة الأمنية، بأن الأعمال الإجرامية التي يقومون بها من صنع تنظيم وهمي لا وجود له، لإثراء جيوبهم والانتقام من الأبرياء العزل”، معرباً عن اعتقاده بأن يُفرج عنهم قريباً كما حدث في المرات السابقة.

 

فتش عن إيران

وأجمعت أكثر مراكز الدراسات، المحلية منها والأجنبية، على مسؤولية إيران عن سلوك ميليشياتها التي أنشأتها، والتي لا يستطيع قادتها العراقيون تحريك منتسب واحد دون معرفتها. وتتلخص أكثر اتجاهات هذه المراكز، بأن العراق ابتلي منذ الغزو بانعدام الأمن بسبب وجود الميليشيات التي سمحت الولايات المتحدة بدخولها عبر الحدود الشرقية للبلاد. وترى هذه المراكز أن إيران كانت مستعدة ل”الحدث الكبير” حيث زجت بعملائها عبر الحدود بمجرد الإعلان عن احتلال بغداد، ليبدأ عهدها في العراق، المبني منذ الأيام الأولى على القتل والتمييز بين العراقيين على أساس طائفي.

وأشارت التقارير إلى قيام إيران بتكرار نموذج حزب الله اللبناني في العراق، حيث قامت بتدريب وتجهيز الميليشيات المحلية الموالية لها ولأجندتها الإقليمية، وإعدادها لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وللعنف الطائفي، وتقويض سلطة الدولة العراقية، مقابل منح دور أكبر لميليشياتها.

وأكدت هذه التقارير، إن “من أكثر التكتيكات التي يستخدمها الحشد الشعبي إثارة للقلق، ارتداء ملابس مقاتلي تنظيم الدولة “داعش”، وقتل أفراد الجيش العراقي لإرضاء رؤسائهم في إيران”، مشيرة إلى أن “الهدف من ذلك هو خلق حالة من الفوضى والارتباك في العراق، ولإثارة ردود فعل يمكن أن تؤدي إلى صراع أوسع، كما استخدمت الميليشيات أيضاً هذا التكتيك لابتزاز الأموال من المجتمعات المحلية، أو لتصفية حسابات شخصية.”

وذهبت تقارير اُخرى إلى أن هذا التكتيك لا يشكل خطراً على استقرار العراق وسيادته فحسب، بل على المنطقة والعالم أيضاً، لأنه يسضاعف احتمال حدوث فراغ أمني واضطرابات سياسية، يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على ملايين الأشخاص، وتهدد المنطقة بأسرها بحروب لا نهاية لها.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الاحد 18 رمضان 1444 / 9 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط