بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بعد قرار المحكمة الفرنسية… نفطنا لنا أم علينا؟

شبكة البصرة

سمير داود حنوش

في كل هذا التداخل في المصالح سيُثار سؤال: هل تسمح الدول التي تشتري النفط الكردي بأسعار مخفضة وتنقله إلى مختلف مناطق العالم، وخصوصا إسرائيل، بتنفيذ القرار وتستسلم بصمت وهدوء؟

ربما لن يستمر ذلك الرضوخ والاستسلام للأمر القضائي الذي فازت به حكومة بغداد باكتسابها دعوى التحكيم الدولي المرفوعة من قبل العراق ضد تركيا بشأن تصدير النفط من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي. القرار يوقف ضخ 450 ألف برميل من النفط يوميا كانت تُصدّر من حقول كركوك الشمالية في الإقليم. الضغوط السياسية والإعلامية من قبل الولايات المتحدة بدأت تلوح في الأفق من أجل تأجيل القرار أو حتى تعليقه من قبل حكومة بغداد لأجل التراجع عن تنفيذ قرارها.

الضغوط تأتي بعد عطش إسرائيل للنفط العراقي ومحاولات إلزام واشنطن بالضغط على بغداد للتراجع عن قرارها، خصوصا بعد تضررها من ذلك القرار، حسب بعض المصادر السياسية.

توقف تصدير النفط من الحقول النفطية في إقليم كردستان يعني أنه لن يُسمح لأي سفينة بتحميل النفط دون موافقة الحكومة الاتحادية المتمثلة في شركة تسويق النفط العراقية “سومو”.

حيثيات الدعوى التي ستُفقد إقليم كردستان إمكانية تصدير نفطه تعود إلى مخالفة أحكام اتفاقية الأنابيب العراقية – التركية الموقعة عام 1973، والتي تنص على وجوب امتثال الحكومة التركية للقوانين في ما يتعلق بحركة النفط الخام المُصدّر من العراق إلى جميع مراكز التخزين والتصريف والمحطات النهائية التي يصب فيها هذا التخزين.

هل تسمح تركيا وإسرائيل لإقليم كردستان بتسليم نفطه إلى الحكومة الاتحادية؟ سؤال ربما ستكون أميركا هي من يجيب عليه، خصوصا وأن قرارا سابقا قد صدر من المحكمة الاتحادية في العراق في فبراير عام 2022 بعدم دستورية قانون النفط والغاز في حكومة كردستان وضرورة إلزام الإقليم بتسليم نفطه إلى الحكومة الاتحادية، وما رافق هذا القرار من رفض كردي على اعتبار أنه يتعارض مع حقوق السلطات الدستورية للإقليم، حينها كان يُعتقد أن القرار سيجد له من الرافضين خارج الحدود أكثر مما هم في الداخل.

تصدير النفط المُنتج من إقليم كردستان إلى الخارج بمعزل عن الحكومة الاتحادية والذي بدأ عام 2012 أثار حفيظة وزارة النفط الاتحادية وجعلها ترفع دعوى قضائية عام 2014 ضد وزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم، إلا أن الحكومات المتعاقبة غالبا ما كانت تغض النظر عن هذه الاتفاقيات لأسباب سياسية تتعلق بكون الكرد بيضة القبّان في الاتفاقيات السياسية التي كانت تحدث، ومن أهمها التوافق في اختيار شخصية رئيس الوزراء من المكون الشيعي.

النفط المُصدّر عبر وساطة شركات تركية يذهب إلى دول عديدة منها إيطاليا وفرنسا وهولندا وحتى أميركا الجنوبية، لكن المختصون يؤكدون أن ما نسبته 70 في المئة من النفط الكردي يُغطي حاجة إسرائيل وبأسعار تفضيلية ومخفضة مقابل الحصول على دعم من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة للقضية الكردية، حسب المتداول في دهاليز السياسة.

في كل هذا التداخل والتشابك في المصالح سيُثار سؤال هو: هل تسمح تلك الدول التي تشتري النفط الكردي بأسعار مخفضة، بدءا من وصوله الأراضي التركية ومن ثم نقله إلى مناطق مختلفة من العالم، وبالخصوص إسرائيل، بحدوث ذلك وتستسلم بصمت وهدوء؟

ويطالب العراق جارته بغرامة تقارب 33 مليار دولار تعويضا عن الأضرار التي نجمت عن قيام الحكومة التركية بالسماح بتصدير وبيع نفط الإقليم دون موافقته الرسمية، في حين أقرّت المحكمة الدولية تغريم أنقرة مليارا و400 مليون دولار، وهو ما سيؤجج الرغبة التركية ويزيد من محاولاتها فرض سياسة برميل النفط مقابل الماء الذي تسعى إليه الجارة لإنعاش اقتصادها من خلال استعمال الماء ورقة ضغط سياسية واقتصادية من أجل تنازل العراق عن مستحقاته.

من جانبها ترى إسرائيل أنها الخاسر الأكبر من عدم تصدير النفط، لذلك سيستغل اللوبي الصهيوني في واشنطن نفوذه السياسي والإعلامي بوساطة أميركية لمنع العراق من تنفيذ قراره.

هل يُنفذ قرار منع تصدير الإقليم لنفطه بمعزل عن بغداد؟ قرار من الغباء ومن السذاجة أن يستمر طويلا، خصوصا إذا كانت السفيرة الأميركية في بغداد إلينا رومانسكي هي القاضي الموكل إليه تنفيذ القرار. والأهم أن يكون قرارها نافذا على حكومة بغداد التي تمتثل لأوامرها وإرادتها، ليبقى القرار الذي أصدرته المحكمة الدولية حبرا على ورق، خصوصا وأن الإنتاج لا يزال مستمرا، ويتم تخزين النفط المنتج في الخزانات بانتظار التصدير، ويبقى ملف النفط المهرّب برا عبر الشاحنات مفتوحا ما لم يتم إغلاقه.

العرب

شبكة البصرة

الثلاثاء 13 رمضان 1444 / 4 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط