بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

التحالف الرباعي.. محاولات لجر العراق إلى المستنقع الروسي

شبكة البصرة

استضافت بغداد مؤتمراً رباعياً عام 2014، ضم بالإضافة إليها كلاً من روسيا وإيران وسوريا، قالت إنه يمثل تأسيس تحالف ضد تنظيم الدولة “داعش”، عُرف أيضاً بتحالف (4+1). وبمرور 9 سنوات على تشكيله واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وانكشاف ارتباط أطرافه بمشاريع آخرى متعددة داخل سوريا وخارجها، أُميط اللثام عن مصالح هذه الأطراف، ألتي وجدت في ذريعة “مكافحة الإرهاب” ستاراً جديداً تستتر خلفه، كما أظهرت السنوات التسع التي أعقبت المؤتمر، أن جميع الأطراف سعت لتثبيت هذه المصالح، وقطعت شوطاً طويلاً بالوصول إليها، باستثناء العراق.

وبحسب رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية “واثق الهاشمي”، فإن روسيا طمأنت العراق في حينها، على “اقتصار نشاط التحالف الرباعي على تبادل المعلومات الاستخباراتية مثل إرسال صور الأقمار الصناعية،” لكن الطلب الروسي الأخير من الجانب العراقي، والذي كشف عنه تقرير لموقع “ميدل إيست” البريطاني، بيّن بشكل أكثر وضوحاً، إن هناك جانباً آخر لنشاط التحالف لاعلاقة له “بمكافحة الإرهاب”، بقدر علاقته بمحاولات توريط العراق بتعقيدات الحرب الروسية الأوكرانية.

وجاء في التقرير إن روسيا تضغط على العراق لفتح أجوائه أمام الطيران الروسي العسكري، ألتي استخدمتها موسكو بالفعل لنقل معداتها وعسكرييها إلى سوريا، منذ تدخلها العسكري فيها عام 2015. ونقل الموقع عن مسؤولين عراقيين قولهم، إن روسيا طلبت من الحكومة العراقية إعادة فتح مجالها الجوي أمام الجيش الروسي، الذي يريد مواصلة نقل القوات والمعدات إلى قواعده شرق سوريا، حيث أن الممر الجوي الذي اقترحته روسيا عبر العراق سيكون أقصر وأقل كلفة ووقتاً، خاصة بعد إغلاق تركيا لمجالها الجوي أمام الطيران المدني والعسكري الروسي العام الماضي.

 

أين مصلحة العراق؟

وكان رئيس الوزراء الأسبق “حيدر العبادي” قد طمأن التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة، خلال زيارته لواشنطن آنذاك، إلى أن وجود بلاده داخل التحالف الروسي - الإيراني مقتصر على تبادل المعلومات، لكن يبدو أنه في طريقه للإنجرار خلف رغبات طهران وموسكو، اللتين تريدان توريطه في صراع دولي لا ناقة له فيه ولا جمل.

وبحسب تقارير دولية، فإن بغداد تورطت بخدمة المشروع الروسي في سوريا منذ بدايات تدخل موسكو فيها، والذي يعود إلى عام 2015، بدون أن يكون لها أي مصلحة في ذلك، لكنها كانت في خطواتها تلك منساقة لإملاءات إيران، المرتبطة هي الأخرى بالمشروع الروسي في سوريا.

واستخدم الجيش الروسي المجال الجوي العراقي، لنقل معداته العسكرية الضخمة إلى سوريا، حيث تريد موسكو الحفاظ على قاعدة طرطوس ومواقعها في اللاذقية، والسيطرة على الغاز المكتشف شمال البحر المتوسط، وصولاً لقواعدها في شبه جزيرة القرم. أما مصالح إيران، فيكفي معرفة أن الجهة الخامسة المشار إليها في إطار المؤتمر الرباعي (4+1)، هي حزب الله اللبناني، حيث تمتد مصالحها من الحدود العراقية الإيرانية إلى بيروت عبر العراق وسوريا، محمية بالميليشيات العراقية، التي أسستها لهذا الغرض. وتساءل محللون إن كانت مصالح روسيا وإيران واضحة ومعروفة الجميع، فأين هي مصلحة العراقيين، ولماذا يدفعون بأبنائهم لحماية مصالح الآخرين في سوريا واليمن ومناطق أخرى.

وفي إطار (4+1)، فُتحت خطوط اتصال مباشرة بين الجانب الروسي وميليشيا الحشد، حاول رئيسه “فالح الفياض” مع مسؤولين آخرين استثمارها للحصول على أسلحة روسية متطورة، لكن جميع مساعيهم باءت بالفشل، رغم الخدمات التي يقدمونها.

 

زيارات متكررة

وافتتح رئيس هيئة الحشد “فالح الفياض” مسلسل الزيارات العلنية لمسؤولي هيئته إلى موسكو عام 2016، عندما قام بأول زيارة رسمية لشخصية حشدية إلى العاصمة الروسية. والتقى فياض في تلك الزيارة بسكرتير مجلس الأمن القومي الروسي “نيكولاي باتروشيف” باعتباره رئيساً للحشد، وليس كمستشار للأمن الوطني، وهي الصفة الثانية، التي كان فياض يحملها.

وعاد فياض إلى موسكو عام 2019، ليلتقي بباتروشيف مرة ثانية، كما زارها بنفس العام رئيس هيئة أركان الحشد السابق “أبو مهدي المهندس”، بعد توقيعه لقرار يقضي بإنشاء سلاح طيران تابع لميليشيا الحشد الشعبي. وكان الفياض قد حصل خلال زيارتيه السابقتين على طائرات هليكوبتر روسية مُقدَّمة للجيش العراقي، لكن ضباطاً عراقيين أكدوا إنها وضعت تحت تصرف الحشد.

ولم يتمكن الفياض خلال زيارتيه من إقناع القادة الروس بتسليم ميليشيا الحشد نظام الدفاع الجوي أس-400، بسبب العقوبات الثانوية التي تفرضها واشنطن على إيران، ولاحقاً على روسيا، كما أنّ ميزانية الحشد الشعبي تعتمد بالأساس على التمويل الحكومي، الممول من حسابها في البنك الفيدرالي الأمريكي. أما المرة الثالثة التي فشل فيها الفياض بالحصول على هذه المنظومة، فكانت بعد مقتل سليماني والمهندس في يناير 2020، بسبب تكرار الرفض الروسي لطلبه.

 

زج الحشد بالمشروع الروسي

ومن جديد عاد فياض إلى موسكو في حزيران/يونيو 2022، بعد اندلاع حرب أوكرانيا بثلاثة أشهر. وجاء في البيان الختامي للزيارة التي التقى خلالها نائب وزير الخارجية الروسي “ميخائيل بوغدانوف”، إن الجانبين بحثا آخر مستجدات الحرب الروسية في أوكرانيا. وتساءلت تقارير صحفية عما يمكن أن يبحثه زعيم ميليشيا بموضوع الحرب الروسية، غير تحضير عناصره لدور يطلب منها القيام به، في المكان والزمان الذي تراه موسكو وطهران مناسباً.

وسبق لصحيفة “الغارديان”، أن تناولت موضوع إرسال أسلحة وذخائر عراقية كانت روسيا بحاجة إليها في حرب أوكرانيا، عن طريق شبكات تهريب إيرانية يديرها الحرس الثوري الإيراني، مؤكدة أن العراق قد أرسل بالفعل قذائف RBG المضادة للدبابات، وراجمتي صواريخ برازيلية “ASTROS II”. ونقلت الصحيفة البريطانية، عن قائد فصيل في الحرس الثوري الإيراني قوله، إن تلك الأسلحة نقلت من العراق عبر معبر الشلامجة في السادس والعشرين من آذار/مارس الماضي، حيث تولت أمرها شبكات التهريب التابعة للحرس، وإن الأسلحة المهربة أُرسِلَت إلى روسيا، عبر بحر قزوين.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الاحد 18 رمضان 1444 / 9 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط