بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ذكرى مقتل ملك العراق الملك غازي

شبكة البصرة

بقلم: تامر الزغاري

قتلوه بضربة على رأسه ثم أعلنوا أنه مات في حادث سير، مؤامرة بريطانية اشترك فيها المقربين منه، حيث في مثل هذا اليوم كان مقتل ملك العراق الملك غازي، وكان ذلك في 13 صفر 1358 هجري الموافق في تاريخ 1939/04/04م.

 

الرواية الرسمية

كانت الرواية الرسمية التي صدرت بعد مقتله تقول بأنه قد مات في حادث سير، حيث نعى مجلس الوزراء الملك غازي على إثر اصطدام سيارته التي يقودها بنفسه بالعمود الكهربائي الواقع بالقرب من قصر الحارثية القريب من قصر الزهور الذي يقيم فيه، فهوى العمود على السيارة وأصاب رأس الملك إصابة بليغة أودت به.

وكانت هذه الرواية تتستر على الجريمة، حيث أنذاك قامت في العراق مظاهرات إحتجاج تتهم بريطانيا بقتل الملك، وكان أشدها في مدينة الموصل حينما هاجمت الجماهير القنصلية البريطانية وقتلت القنصل البريطاني المستر مونك ميسن.

وأما بريطانيا فقامت بنشر تكذيب لهذه التهم والإدعاء بأنها دعاية ألمانية ضد بريطانيا في إطار نزاع عالمي بينهم سيؤدي بعد شهور إلى الحرب العالمية الثانية.

 

إعترافات بحدوث عملية القتل

بعد سنوات تم إثبات أن قصة مقتل الملك غازي ليست إدعائات أو دعاية بل هي حقيقة مؤكدة.

حيث قال الدكتور صائب شوكت الطبيب الخاص بالملك غازي في مقابلة مع عبد الرزاق الحسيني مؤلف كتاب (تاريخ الوزارات العراقية) في يوم 8 إبريل/نيسان 1975م:

"كنت أول مَن فحص الملك غازي بناء على طلب السيدين [نوري السعيد] و[رستم حيدر، أحد الوزراء] لمعرفة درجة الخطر الذي يحيق بحياته، وأن نوري السعيد طلب إليّ أن أقول في تقريري إن الحادث كان نتيجة اصطدام سيارة الملك بعمود الكهرباء، وأنا أعتقد أنه قد قُتل نتيجة ضربة على أمّ رأسه بقضيب حديدي بشدة، وربما استُخدم شقيق الخادم الذي قُتل في القصر (قبل وفاة غازي بمدة قليلة)، والذي كان معه في السيارة لتنفيذ عملية الاغتيال، فقد جِيء بالخادم فور وقوع العملية إليّ وكان مصابا بخلع في ذراعه، وقمتُ بإعادة الذراع إلى وضعه الطبيعي، ثم اختفى الخادم ومعه عامل اللا سلكي منذ ذلك اليوم وإلى الأبد، ولا أحد يعرف عن مصيرهما حتى يومنا هذا".

وفي نفس المصدر قال ناجي شوكت وزير الداخلية: "أنا أعتقد أن لعبد الإله ونوري السعيد مساهمة فعلية في فاجعة الملك غازي".

 

سبب قتله

وأما سبب مقتله فنجده في كتاب (حول مصير الملك غازي) لرجاء الحسيني.

حيث ورد أن بريطانيا وأذرعها هي التي دبّرت مقتل غازي، وكانت المستفيد الأول من حادث الاغتيال، فضلا عن رجلها رئيس الوزراء نوري السعيد الذي يبدو أنه وولده صباح تناقلا الحديث عن ضرورة التخلص من الملك غازي قبل تلك الحادثة، وبل وقد تواصل نوري السعيد مع السفير البريطاني وقدّم له خطة لتنصيب الأمير زيد الهاشمي بدلا من الملك غازي.

وذلك بسبب أن بريطانيا أصبحت تعتبر الملك غازي عدو، وقد ورد في كتاب (تاريخ العراق الحديث والمعاصر) لمحمد سهيل طقوش، أن الملك غازي لم يكن بالملك الذي أرادته بريطانيا، فقد كان شابا وطنيا متحمسا، وقف على مساوئ البريطانيين ووعودهم، ويرفض التعاون المطلق مع شركة النفط البريطانية الأجنبية، وعلى الرغم من أن خطواته كانت ضئيلة وضعيفة في وجه الهيمنة البريطانية فإن إعلانه المتكرر عن ضرورة قيام حكومة وطنية تخدم الشعب العراقي أولا أعطاه شعبية في الشارع العراقي.

وكنتيجة لكرهه لبريطانيا وسياستها تقرب غازي من الألمان، وأصبح صديق شخصي للزعيم النازي، وقام الإلمان بإعطائه معدات لإنشاء إذاعة جديدة، وجعلها الملك غازي في قصر الحكم، وأطلق عليها اسم "راديو قصر الزهور"، وكان يتولى بنفسه إذاعة الأخبار والتعليقات بالتعاون مع كبار الضباط العراقيين، وهو ما اعتبرته بريطانيا دعاية وطنية وقومية حادّة، فازدادت شعبيته في الدول العربية المجاورة، لا سيما في سوريا والكويت والأردن، إلى الدرجة التي وافق فيها المجلس الكويتي بأغلبية عشرة نواب من أصل أربعة عشر على الوحدة مع العراق تحت حكم الملك غازي، وورد ذلك في كتاب (زلزال في أرض الشقاق) لكمال ديب.

وأمام كل هذا كان هنالك قرار بريطاني واضح بإزاحة الملك غازي، وهذا الأمر ليس غريبا عن البريطانيين حيث في نفس الفترة قاموا بخلع رضا بهلوي شاه إيران وكذلك قاموا بمحاصرة قصر الملك فاروق لإجباره على الموافقة على مطالبهم مقابل عدم خلعه.

 

وأما سبب هذا السلوك الأعنف تجاه الملك غازي فيعود للأسباب التالية:

1) أن الملك غازي قد وصل لمرحلة متقدمة وعلنية من المعاداة والتحكم والسيطرة، وأصبح نفوذه داخل وخارج العراق يهدد الهيمنة البريطانية، وبهذا أصبح أمر غازي لا يعالج أمره فقط بالخلع بل بالقتل.

2) تقلص نفوذ عدد من رجال الحكم في العراق نتيجة توجهات الملك غازي، وهذا ما جعلهم يشتركون في المؤامرة ضده.

3) خوف المقربين من أسرة غازي من ذهاب العرش لزيد عم غازي، وهنا فضلوا التخلص من غازي وتوجيه العرش نحو إبنه الطفل الملك فيصل الثاني ليكون تحت وصاية خاله الوصي عبد الإله.

----------

المصادر:

1) تاريخ الوزارات العراقية، عبد الرزاق الحسيني

2) حول مصير الملك غازي، رجاء الحسيني

3) تاريخ العراق الحديث والمعاصر، محمد سهيل طقوش

4) زلزال في أرض الشقاق، كمال ديب

موقع الكاتب

شبكة البصرة

الثلاثاء 13 رمضان 1444 / 4 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط