بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الأوروبيون سرقوا آلة الطباعة من العرب ونسبوها لأنفسهم

شبكة البصرة

بقلم تامر الزغاري

الأوروبيون سرقوا آلة الطباعة من العرب ونسبوها لأنفسهم فتقدموا، ومنع العثمانيون العرب من الطباعة فانتهى العصر الذهبي العربي وبدأ عصر النهضة الاوروبية.

المشهور عالميا بأن آلة الطباعة هي من إختراع المخترع الألماني يوهان غوتنبرغ عام 1440م، وشكلت آلة الطباعة بالنسبة للأوروبيين نقلة ثورية في المجال العلمي، ولكن في الحقيقة تعتبر آلة الطباعة عربية المنشأ، فآلة طباعة غوتنبرغ ليست الآلة الأولى تاريخيا بل هي الآلة الأولى بلغة أوروبية.

فقد إخترع العرب في زمن الدولة العباسية آلة الطباعة منذ القرن الثامن الميلادي، وكانوا يسمونها (الطرش) وقد كانت عبارة عن قوالب خشبية يحمل كل قالب حرفاً أو رسمة أو إطاراً للصفحة، فكانت من منجزات دار الورق في بغداد والتي أسسها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور.

وكان لقوالب (الطرش) دور كبير في التقدم العلمي في العصر العباسي، حيث حققت طباعة سريعة للكتب والتي كانت تحتوي ليس على المعلومات فقط بل على لوحات فنية جميلة، كما هو موضح في الصورة المرفقة بالمقال، وبهذا توفر خيار آخر غير النساخون، وزاد إزدهار هذا الإختراع عندما إنتقل مقر الخليفة العباسي من بغداد إلى القاهرة عام 1261م، حيث جرت عملية طباعة مهولة في محاولة لتعويض جزء بسيط من الكارثة العلمية التي حلت عندما قام المغول برمي كتب بيت الحكمة في نهر دجلة بعد سقوط بغداد عام 1258م.

ومن القاهرة إنتقلت فكرة آلة الطباعة إلى أوروبا عن طريق أسرة ميديتشي رائدة النهضة الأوروبية، حيث كان لأسرة ميديتشي فرعٌ لمصارفهم في القاهرة، ونجح الأوروبيون عام 1440م في صناعة آلة طباعة خاصة بلغتهم بعد أن كانوا يعتمدون على اللغة العربية، وتعتبر تقنيات آلة الطباعة بالنسبة للغات الأوروبية أسهل من اللغة العربية، وذلك نتيجة أن اللغة العربية حروفها متصلة ويوجد حروف تمتلك أربع أشكال.

فكانت آلة الطباعة هي المحرك الرئيسي الذي حقق النهضة الأوروبية، وفي الجهة المقابلة نجح العثمانيون في السيطرة على مصر عام 1517م، وأصدروا فرماناً بمنع الطباعة باللغة العربية بحجة أن الحرف العربي حرف مقدس، وخوفا من تحريف الكتب الدينية، وخوفا من خسارة ميزة الحفظ التي يحققها كتبة القرآن عندما يكررون عملهم بأنفسهم، والغريب أن العثمانيين سمحوا لغير المسلمين على أراضيهم بالطباعة بشرط أن تكون بحروف غير عربية، فأصبح يمتلك المطابع اليهود والأرمن والارساليات التبشيرية فقط.

فكان هذا أحد أسباب إنخفاض مستوى الإنتاج الفكري الكمي والنوعي عند العرب، ولم يكتفي العثمانيون بمنع الطباعة بل أيضا قاموا بإهمال العلم والعلماء، بعكس أوروبا التي أصبحت تستقطب الكتب العربية وتدعم الأوروبيين المتقنين لها في سبيل تحقيق نهضتها، فانقلبت الآية بإنتهاء العصر الذهبي عند العرب وبداية عصر النهضة الأوروبية.

وبعد قرنين أدرك العثمانيون هذا الخطأ الفادح، فقام السلطان العثماني أحمد الثالث بطلب فتوى من شيخ الإسلام تجيز له إنشاء المطابع، فمنحه شيخ الإسلام الفتوى بشرط أن لا يتم طباعة أي كتب دينية إسلامية، فقام السلطان أحمد الثالث بإنشاء أول مطبعة رسمية عثمانية تطبع بالحروف العربية في عام 1727م، غير أنه بعد ثلاث سنوات من ذلك، أُحرقت المطبعة في خضم ثورة الضابط خليل باتروني التي انتهت بعزل السلطان.

وعلى الرغم من استمرار الدولة العثمانية في تبنيها لإجازة إنشاء المطابع وقيامها بطباعة الكتب العلمية، لكنها بقيت متأخرة عن ركب التقدم العلمي الذي وصل له الأوروبيون.

--------

المصادر:

1) تاريخ الدولة العثمانية، يلماز اوزتونا

2) تاريخ الدولة العثمانية، خليل إينالجيك

3) Medieval Arabic Ṭarsh: A Forgotten Chapter in the History of Printing, Bulliet, R. W.

4) The Mediaeval Islamic Underworld, Bosworth, C. E.

5) Paper before Print: The History and Impact of Paper in the Islamic World, Jonathan M. Bloom.

صفحة الكاتب

شبكة البصرة

الجمغة 8 شوال 1444 / 28 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط