بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بَغْدَاد وَالْقُدْسِ يَا تَوْأَمُ اَلرُّوحِ

شبكة البصرة

د. وَائِلْ اَلْقَيْسِي

بَغْدَادَ تُذْبَحُ

وَالْقُدْسَ تُنْحَرُ

ورُويبَضَاتَهَا مِنْ اَلْحُكَّامِ تَعْبَثُ،

وَالشُّعُوبُ تَسْقِي اَلْأَرْضُ بِمَا لَذَّ وَطَابَ مِنْ دِمَاءِ أَحْرَارَهَا اَلْمَيَامِينَ.

مَاذَا حَلَّ بِبَغْدَادَ، وَمَا اَلَّذِي دَهَاكِ يَا قُدْسٌ،

مَا اَلْجُرْمُ اَلَّذِي اِرْتَكَبْنَاهُ حَتَّى نُقَاتِلَ وَنُصَارِعُ وَحِيدِينَ، وَقَدْ تَآمَرَ عَلَيْنَا كُلِّ شَذَّاذْ اَلْآفَاقِ.

لَا اَلْعَرَبُ اَلْعَارِبةُ تَدْفَعُ بِالنَّائِبَاتِ عَنَّا، وَلَا اَلْعَرَبُ اَلْمُسْتَعْرِبَةُ تُبْعِدُ اَلشَّرَّ وَتُنْتَخَي لِأَقْدَس أَقْدَاسِهَا، وَلَا أُمَّةَ اَلْمِلْيَارَيْنِ إِلَّا رُبْعٌ سَمِعْنَا لِصَوْتِهَا بَعْضَ صَدًى...

أَمَّا اَلْأَعْدَاءُ فَقَدْ تَكَاتَفَتْ أَغْمَادَهَا مَعَ اَلسُّيُوفِ، عَلَى نَحْرِنَا وَذَبْحِنَا وَقَتَلْنَا وَسَفْكُ دَمِنَا اَلنَّقِيِّ اَلطَّاهِرِ اَلتَّقِيِّ.

عِنْدَمَا اِدْلَهَمَّتْ اَلْعَادِيَاتُ وَاشْتَدَّتْ اَلْخُطُوبُ فَزَعَنَا إِلَى مِنْ لَا نَتَذَكَّرُ سِوَاهُمْ، أَنَّنَا فِي حَوْمَةَ اَلْوَغَى وَعَزَّ صَلِيلَ سُيُوفِ اَلْعِدَا وَدَوِيِّ أَزِيزِ رَصَاصِهِمْ اَلْغَادِرَ لَا نَتَذَكَّرُ مِنْ اَلدِّينِ غَيَّرَ نَاصِرُهُ صَلَاحْ اَلدِّينْ، وَلا نَتَوَكَّأ إلّا عَلَى مَآثِرَ وَبُطُولَاتِ وَشَجَاعَةِ فَتَى اَلْأُمَّةِ وَشَهِيدِهَا اَلْقَائِدِ اَلْعَرَبِيِّ اَلْمُسْلِمِ صَدَّامْ حُسَيْنْ اَلْمَجِيدِ اَلشَّاهِدِ وَالشَّهِيدِ، اَلَّذِي اِفْتَقَدَهُ اَلْوَطَنُ وَبَكَتْهُ اَلْأُمَّةُ، لِأَنَّنَا بَعْدَ أَنْ أَضَعْنَاهُ لَم نَجَدَ مَنْ يَمْتَشِقُ اَلْحُسَامُ بَعْدَهُ وَيَنْتَخي، فَتَنْكستُ اَلْأعْلَامُ، وَخَسِرَنَا اَلْأَوْطَانَ وَأَعَزَّ أَحِبَّتُنَا، بَلْ وَحَتَّى كَرَامَتِنَا اَلَّتِي تَتَعَالَى تَكْبِيرَاتٍ (اَللَّهُ أَكْبَرَ) فِي مَسْجِدِهَا اَلْأَقْصَى اَلَّذِي - بَارَكَ اَللَّهُ فِيهِ - وَبِأَهْلِهِ مِنْ أَحْرَارِ فِلَسْطِينَ شَعْبَ اَلْجَبَابِرَةِ اَلْعِظَامَ.

يَا أُمَّةً تَكَاثَرَ عَدِيدِهَا وَلَكِنَّهُ كَزَبَدِ اَلْبَحْرِ؟!.

لِمَ كُلُّ هَذَا اَلذُّلِّ واَلْهَوَانِ، وَأَيَّ سِنِّي عِجَافٍ هَذِهِ اَلَّتِي يُخَيِّمُ ظَلَامُهَا عَلَى نُورِ تَأْرِيخِهَا...؟!

لَكِنْ اَبْشِرُوا أَيُّهَا اَلْمُرَابِطُونَ، فَمًا اَلْمَوْتَ اَلَّذِي تَشْرَبُونَ سُمُّ زِعافِهِ بِفَنَاءٍ، فَلَا مَوْت لِثَائِرٍ، إِنَّمَا هُوَ اَلشَّهَادَةُ اَلَّتِي تَسُوقُ جَحَافِلَ اَلنَّصْرِ، اَلْأُولَى هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ تُؤَسِّسُ لِحُسْنى اَلنَّصْرُ، فَلَا نَصْر يَفُوزُ بِهِ طُلَّابُهُ إِلَّا بِدَمِ اَلشُّهَدَاءِ.

لَا يَنْبَغِي أَنْ تَسْأَلَ عَمَّنْ يَلْقَى مَصِيرُهُ فَهَذَا أَمْرٌ بَدِيهِيٌّ، فَهُوَ رَاحِلٌ إِلَى حَيَاةِ اَلْمَوْتِ، لَكِنَّ مَا يَنْبَغِي اَلسُّؤَالُ عَنْهُ هُوَ حَالُ أُولَئِكَ اَلْمَيِّتِينَ فِي اَلْحَيَاةِ كَأَنَّهُمْ نِيَامٌ، فَمَتَى يَسْتَيْقِظُونَ مِنْ مَوْتِهِمْ لِيَلْتحِقُوا بِهَذَا اَلرَّاحِلِ إِلَى حَيَاتِهِ اَلْهَدَفَ؟!

لَقَدْ شَاءَتْ اَلْأَقْدَارُ أَنْ يَكُونَ زَمَانُنَا اَلَّذِي ولِدْنَا فِيهِ، غَمَامَةٌ تَتَلَبَّدُ بِهَا سَمَاوَاتَ هَذِهِ اَلْحِقْبَةِ مِنْ اَلتَّارِيخِ، وَلَا بُدَّ لَنَا مِنْ اَلصَّبْرِ وَالْمُقَاوَمَةِ واَلصُّمُودَ وَالْعَضَّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَهِيَ أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ حُسُومٍ بَيْنَ أَنْ نَكَوِّنَ أَوْ لَا نَكُونُ.

سَلَامًا مِنْ سَمَاءِ بَغْدَادَ لِلْقُدْسِ وَبَيْتٍ اَلْمُقَدَّسِ... تَوأم الروح.

سَلَامًا لِلصَّائِمِينَ وَهُمْ يُفْطِرُونَ عَلَى هُتَافَاتِ اَلذَّوْدِ عَنْ قُدْسِ اَلْأَقْدَاسِ فِي فِلَسْطِينَ اَلْحَبِيبَةِ، وَبَغْدَادُ اَلسَّلِيبَةُ.

لَا شَكّ فِي وَجَعِ اَلْقِتَالِ وَأَلَمِ اَلْجَرَّاحِ وَفَجِيعَةِ اَلْفِقْدَانِ، فَعِنْدَمَا يَكُونُ خِتَامُهَا مِسْكًا فَسَوْفَ تَلْتَقِي أَرْوَاحَ اَلشُّهَدَاءِ مَعَ أَجْسَادِ حَمْلَةِ اَلسَّيْفِ وَالرَّايَةِ وَالْحَيَاةِ. هَكَذَا هُوَ صِرَاعُ اَلْوُجُودِ فِي عَقِيدَةِ اَلْأَحْرَارِ، فَإِمَّا حَيَاةٌ تَسِرْ اَلصَّدِيقَ أَوْ مَمَاتٍ يَغِيضُ اَلْعَدَاءُ.

شبكة البصرة

الجمعة 16 رمضان 1444 / 7 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط