بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الديمقراطية المفترى عليها

شبكة البصرة

السيد زهره

كأن الديمقراطية لعنة حلت علينا في الدول العربية. باسم الديمقراطية تم ارتكاب أبشع الجرائم في حق دولنا وشعوبنا.

ليس مقصودا الديمقراطية في حد ذاتها كقيم ومباديء إنسانية وسياسية نبيلة وأسلوب في الحكم والحياة السياسية. المقصود دعاوى الديمقراطية واستغلالها أسوأ استغلال ممكن.

على امتداد السنوات الطويلة الماضية، أكبر الكوارث التي حلت بالدول العربية، وكل محاولات تدمير دولنا واغراقها في الفوضى والضياع، تمت باسم الديمقراطية وتحت زعم العمل على إقامة حكم ديمقراطي مدني.

الأمثلة كثيرة، لكن يكفي ان نتأمل ما حدث لدولنا وشعوبنا العربية في احداث 2011.

من دون الحاجة الى تقديم أي تفاصيل باتت معروفة على أي حال، نعلم أن كل القوى التي سعت لإسقاط نظم الحكم الوطنية في دولنا والى اغراقها في الفوضى والخراب والصراع الأهلي، سواء كانت قوى طائفية او دينية متطرفة، او متآمرة مع قوى اجنبية. كل هذه القوى فعلت هذا تحت زعم انها انما تريد الإصلاح والتغيير وان جوهر هذا الإصلاح الذي تسعى اليه هو تحقيق الديمقراطية وإقامة حكم ديمقراطي.

العجيب ان كل هذه القوى بحكم تاريخها وتكوينها وقناعاتها الفكرية والأيديولوجية والسياسية هي آخر من يؤمن بالديمقراطية، وآخر من يريد حكما ديمقراطيا. مزاعم الحرص على الديمقراطية بالنسبة لها مجرد خطاب غوغائي على امل كسب شعبية وكمجرد أداة ووسيلة للوصول الى الحكم وتحقيق اجندتها الخاصة.

بالمناسبة، كما نعلم، هذا هو نفس ما فعلته أمريكا والدول الغربية حين غزت ودمرت دولا مثلا العراق وأفغانستان باسم الديمقراطية والحرية، وحين سعت لتدمير دول أخرى بالتدخل السافر في شئونها باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان.

نقول هذا الكلام اليوم لأن هذا بالضبط هو ما يجري في السودان حاليا مع الأحداث الكارثية المأساوية التي يشهدها.

طرفا الصراع والحرب الحالية في السودان، أي قائد الجيش البرهان، وقائد قوات الدعم السريع حميدتي يفعلان هذا بالضبط اليوم. يحاولان تبرير اقدامهما على هذه الحرب المدمرة بنفس المنطق والذريعة، أي القول بانهما انما يريدان الديمقراطية ويدافعان عنها.

قائد الدعم السريع يقول في تصريحاته انه دخل الحرب مجبرا من اجل الدفاع عن الديمقراطية وتحقيقها، وانه يدفع ثمن دفاعه عن الديمقراطية وسعيه لقطع الطريق على محاولة الجيش للقضاء عليها.

وقائد الجيش يقول انه بدوره أجبر على الحرب ويدفع ثمن دفاعه عن الحكم المدني الديمقراطي في السودان ولإحباط محاولة انقلاب عسكري قام بها الدعم السريع للسيطرة على الحكم.

هذا خطاب بائس جدا لا يمكن ان ينطلي على احد، لا على السودانيين ولا على أي متابع للشأن السوداني.

هذا الخطاب ومزاعم الديمقراطية لا يمكن ان يخفي على احد ان الهدف الحقيقي للطرفين هو في النهاية السيطرة على السلطة والانفراد بها واقصاء الطرف ألآخر نهائيا، ولا مكان في هذا للديمقراطية ولا للحكم المدني.

وهذا الخطاب ينطوي على منطق وحشي اذ يفترض ان الطريق الى الديمقراطية لا بد ان يمر حتما عبر التدمير والقتل والخراب وتهجير الشعب.. الى آخر المآسي المروعة التي يعيشها الشعب السوداني اليوم.

الديمقراطية بأي صيغة كانت بريئة من كل هذا. هذا افتراء على الديمقراطية واستهانة بعقول وحياة الشعب.

للحديث بقية باذن الله.

شبكة البصرة

الاربعاء 6 شوال 1444 / 26 نيسان 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط