بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بأموال عراقية.. طريق إيران إلى البحر المتوسط سيصبح سالكاً

شبكة البصرة

بجهود متواصلة من الحكومات العراقية، وأموال طائلة من خيرات العراقيين، أوشك الحلم الإيراني بالوصول براً إلى مينائي اللاذقية السوري وبيروت اللبناني على البحر الأبيض المتوسط عبر الأراضي العراقية والسورية أن يتحقق. وتمثل الطرق البرية بما فيها خطوط السكك الحديد لإيران أهمية استراتيجية كبيرة، حيث تخفض تكاليف النقل الجوي التي كانت تعتمد عليه للوصول إلى مليشياتها في لبنان وسوريا وإمدادها بالسلاح والعتاد، كما ستسهل كل أنواع التجارة المحرمة كالمخدرات، التي شهدت دول لبنان والعراق وسوريا نمواً غير مسبوق لها بتنامي الوجود الإيراني فيها. أما بالنسبة للجانب العراقي، فقد أجمعت مراكز بحثية مدعمة بتصريحات لمسؤولين ووزراء سابقين على أضراره البالغة، خاصة بما يتعلق بتأثيره على ميناء الفاو الكبير الذي سيصبح مهمشاً، وعلى الطموحات الاقتصادية العراقية المتوقفة على إنجازه.

وفضلاً عن جهود حكومات الإحتلال السابقة في العراق، أكدت حكومة الإطار التنسيقي الحالية على مضيها على طريق من سبقها بهذا الخصوص. وكان المرشد الإيراني قد حث رئيس الوزراء “محمد السوداني” خلال زيارته لطهران أواخر 2022، على الإسراع بإنجاز المرحلة الحالية من الطريق البري داخل الأراضي العراقية.

وتقضتي هذه المرحلة من المشروع، قيام مقاولين إيرانيين بإنشاء جسر متحرك بطول 880 متراً على شط العرب، ووضع مسارات القضبان الحديدية للقطار، ثم تقوم شركة السكك الحديد العراقية بإنجاز كافة البنى التحتية، على أن يتحمل العراق تكاليف هذه الأعمال.

ورصد الجانب العراقي بالفعل مبلغ 230 مليون دولار ستتبعها دفعات أخرى، لتنفيذ خط السكك الحديد بين الشلامجة والبصرة بطول 32 كيلومتراً، حيث سيبدأ العمل به بعد عيد الفطر، وفق ما جاء في تقرير “للفايننشال تريبيون” الإيرانية.

 

أضرار بالغة ستلحق بالعراق

وتناولت مصادر صحفية قضية الربط السككي مع إيران، الذي سيسهل مهمتها في التواصل مع وكلائها في بلدان المرور، بعيداً عن أي جدوى اقتصادية لهذه البلدان، مؤكدة في نفس الوقت على وجود أضرار ومخاطر جمة لكل من العراق وسوريا، إذا ما انجز المشروع.

وتحدث مسؤولون عراقيون عن الأضرار الجسيمة التي ستلحق بالعراق إذا انجز المشروع بالفعل. ووصف المسؤول المحلي السابق في محافظة البصرة “علي الحساني” المشروع بأنه “ملف مشبوه”، مؤكداً أن “معظم القوى السياسية الداعمة له حليفة لإيران بشكل واضح، وسعت خلال الفترة الماضية إلى تعطيل أي جهود عراقية لإحياء ميناء الفاو، كما أنها هي ذاتها كانت ترفض الربط السككي مع الكويت وتقبل به مع إيران رغم أنه لا فرق بين هذه وتلك”.

وكان محافظ البصرة الأسبق “وائل عبداللطيف”، قد تحدث عن أضرار المشروع على البصرة خاصة، وعلى الاقتصاد العراقي عموماً، مؤكداً أنه سيقتل موانئ البصرة وبالذات ميناء الفاو الكبير، ألذي من المفترض أن يربط العراق ودولاً اخرى بأوربا عبر تركيا. وأضاف الوائلي إنّ “فائدة العراق الكبرى هي في ميناء الفاو من خلال الواردات وتشغيل اليد العاملة، وهكذا تنخفض أسعار السلع، أما إذا أنشئت سكك حديدية فستذهب البواخر إلى موانئ في إيران ومنها تأتي البضائع إلى العراق، وهذا ما يسبب زيادة الأسعار ويؤثر في كفاءة الميناء بشكل كبير”.

على صعيد متصل، كشف وزير النقل الأسبق “عامر عبد الجبار” في لقاء تلفزيوني، عن وجود جهات داخلية وخارجية تسعى لعرقلة إنجاز ميناء الفاو الكبير، مؤكداً أن إيران “تستقتل على الربط السككي، لأنها المستفيد الأول منه”.

وشدد الوزير السابق على رفضه للربط السككي بين العراق والكويت أو إيران، حيث أن ذلك سوف “يضر بالعراق، لأنه سيجعل السفن تتوجه لموانئ الكويت وإيران”، مما يلحق الضرر بشكل كبير بالاقتصاد العراقي.

 

العراق قد يتعرض لعقوبات

وبحسب معهد الشرق الأوسط (MEI)، فإن ميناء الفاو يوفر للعراق العديد من الفرص لتعزيز دوره في العبور الإقليمي وموقعه الجيوسياسي على نطاق أوسع، لكن ذلك يتطلب منه أولاً مواجهة العديد من التحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي. ويمثل الفساد والانقسامات السياسية التحديات الداخلية، فيما شملت التحديات الخارجية المنافسة الاستثمارية بين الصين والولايات المتحدة، وفق تحليل نشره المعهد. وجاء في التحليل أن هذا المشروع بقدر ما يكون مفيداً للعراق وبعض البلدان، فإنه يمثل تهديداً لبلدان اخرى مثل إيران. ويتفق محللون اقتصاديون وسياسيون مع ما ذهب اليه تحليل المعهد، من أن العراق مرشح لصعود اقتصادي كبير، لكنه لن يتمكن من تحقيقه مع ضعفه أمام هذه التحديات. وحملت تصورات هؤلاء المحللين صورة قاتمة لمستقبل كان من الممكن أن يمثل قفزة نوعية للاقتصاد العراقي، لولا تبعية نظامه بشكل مطلق للسياسات الايرانية. وبهذا الخصوص حذر الباحث في جامعة هارفارد “روبرت كابلان”، من السماح لإيران أن تكون الفاعل الوحيد الذي يسيطر على موارد الخليج وبحر قزوين.

من جانب آخر حذرت مواقع سورية معارضة من مغبة السكوت على انجاز الخط، الذي سيؤدي إلى “تبسيط عملية إمداد الحركات التابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا والعراق ولبنان بالأسلحة، وسيغرق الأسواق بالسلع الإيرانية، ويساعد إيران بالإلتفاف على العقوبات المفروضة عليها، ولتحقيق ذلك سيتم تغيير شهادات المنشأ للمنتجات الإيرانية، مما يمهد الطريق لفرض العقوبات على المؤسسات العراقية والسورية.

وقال الصحفي السوري “محمد العبد الله”، إن “قرار إنشاء سكة حديدية لربط إيران بسوريا اتخذ على أعلى مستوى في إيران”، مؤكداً أنه “سيكون أسهل وسيلة لنقل مقاتلي الفصائل العديدة التي أنشأها الحرس الثوري الإيراني في سوريا والعراق.”

 

إيران منزعجة

وبنفس الحماس الذي بدت عليه طهران في دفعها باتجاه إنجاز الربط السككي مع العراق وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، أبدى مسؤولون إيرانيون عدم ارتياحهم من الاتفاق العراقي التركي لإعادة الحياة إلى خط السكك الحديد بين البصرة وتركيا.

وكان البلدان قد اتفقا على البدء العام القادم بمد خط السكك الحديد المزدوج لقطارات الركاب وشحن البضائع، بالإضافة إلى طريق سريع للشاحنات بطول 1190 كم، يبدأ من الأراضي التركية وينتهي بميناء الفاو الكبير جنوب العراق. ومن المقرر أن يمر كل من الطريق السريع وخط السكك الحديد في 9 محافظات عراقية، وصولاً إلى الحدود التركية.

وذكرت مصادر صحفية إن مسؤولين إيرانيين، نقلوا رسالة من المرشد الإيراني “علي خامنئي” إلى رئيس الوزراء “محمد السوداني”، مفادها أن مشروع الربط مع تركيا “مكلف ولا يعود بنفع كبير على العراق”. وقالت المصادر إن موفد المرشد الإيراني إلى الحكومة العراقية، طالب بالتركيز على استكمال مشروع الربط السككي مع إيران، بدلاً من التفكير بمشروع يمثل “مجازفة اقتصادية”.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الخميس 14 شوال 1444 / 4 آيار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط