بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

فساد مطار بغداد.. هل قضت عليه زيارة السوداني؟

شبكة البصرة

ضمن سلسلة الزيارات التي يجريها للمؤسسات الحكومية، والتي وصفها مراقبون ب”الإستعراضية”، وبعد انتشار مقاطع تظهر سوء الخدمات والفوضى في أهم مطار في البلاد، زار رئيس الوزراء “محمد السوداني” مطار بغداد الدولي، وتعمد توبيخ مديره العام علناً، ليفجر أزمة جديدة تضاف لأزمات المطار، قد لا يمكن تجاوزها بسهولة.

وبدا مدير المطار “حسين قاسم خفي” في موقف لا يحسد عليه، وهو يتلقى كلمات التوبيخ من رئيس الوزراء أمام موظفيه وأمام كاميرات التلفزيون، ليظهر في اليوم التالي على شاشات التلفزيون معلناً عن استقالته، ومطالبته السوداني بالاعتذار.

وقال خفي إن الموقف الذي وضع به لا يتناسب مع خدمته التي تمتد لأربعين عاماً، عازياً حالة الفوضى في المطار إلى “عدم وجود مهنية أو دعم من المراجع العليا تضمن إمكانية استمرار العمل وأداء الواجبات بالشكل الذي يليق بسمعة ومكانة مطار بغداد الدولي، وتحميل الموظف مسؤولية تبعات وأخطاء خارج فترة أدائه أو ضمن حدود صلاحيته”.

وعلى الاثر، خرجت عشيرة خفي باستعراض مسلح تخلله إطلاق نار في الهواء رداً على إهانة السوداني، في تطور لا يمكن التكهن بنتائجه. وفسرت المصادر هذا الاستعراض بأنه رسالة موجهة إلى الحكومة، مفادها أن الاستقرار الأمني وسيادة القانون الذي تتحدث عنه مجرد كلام، لايمكن أن يُقنع حتى أتباع الإطار التنسيقي الذي شكلها.

 

سبب الخراب الرئيس

ويرى متابعون للشأن العراقي، أن مطار بغداد الدولي كبقية المؤسسات والشركات العامة، حصة من حصص الأحزاب يتسلمها اللاحق من السابق، وبضاعة قابلة للمبادلة أو البيع والشراء بين الأحزاب، ولذلك فإن الإستعراضات التي يقوم بها المسؤولون لا ينتج عنها غير استعراضات مقابلة لعشائر أو ميليشيات كما حصل في أكثر من مناسبة، مؤكدين أن هذا هو السبب الرئيس للخراب الذي حل بالمطار وبغيره من المؤسسات منذ تشكيل أول حكومة في ظل الاحتلال. ولم تستبعد تحليلات تناولت الموضوع، أن تكون خطوة السوداني هذه “حركة” متفق عليها لتبادل الحصص وفق مصالح الأحزاب، حيث صدر أمر تعيين المدير العام الجديد بعد ساعات من استقالة المدير السابق. وتابعت مصادر صحفية ردود فعل مواطنين أكدوا أن الفساد واحد، سواء أكان المطار من حصة منظمة بدر أم المجلس الأعلى، أم من حصة العصائب، ألتي آل إليها المطار بعد تعيين “مازن فيصل الشبلي”، مديراً عاماً له. وربطت هذه المصادر بين إجراء السوداني وبين ما تناقلته وسائل الإعلام حول موافقته على فتح مكاتب أمنية لميليشيا العصائب في المطارات العراقية، باستثناء المطارات التابعة لسيطرة حكومة الإقليم. وسرعان ما نشرت مواقع الصحف الألكترونية، محطات من التاريخ الوظيفي للمدير العام الجديد، جاء فيها أن الشبلي متورط أصلاً “باستغلال الوظيفة في تعاملات مشبوهة مع أفراد وشركات من خلال عمله كمساعد لرئيس سلطة الطيران”.

وتشير السيرة الذاتية للشبلي (34 عاماً)، إلى أنه بدأ عمله في المطار موظفاً في قسم الخدمات بين عامي 2012 -2017، ثم مديراً للقسم حتى عام 2019، وهو العام الذي حصل فيه على شهادة بكالوريوس إدارة من كلية التراث التي يملكها حزب الدعوة، ثم عين مساعداً إدارياً أول لمدير سلطة الطيران المدني، لينقل إلى قسم الشحن الجوي عام 2021 مسؤولاً عن منح موافقات الهبوط أو المرور عبر الأجواء العراقية، للطائرات العسكرية والمدنية.

وأكدت المصادر أن الشبلي نقل إلى قسم الشحن الجوي أثناء حكومة الكاظمي، ليعين في حكومة السوداني سكرتيراً ورئيس موظفين في مكتب رئيس السلطة، ويقفز في “حركة” السوداني الأخيرة، مديراً عاماً لمطار بغداد الدولي، وهو أصغر مدير عام سناً، لأكبر مطار في العراق منذ إنشائه بين عامي 1979 و1982، حتى الآن.

 

ألطائر الأخضر

وفي أحاديث صحفية، قارن مواطنون بين نوعية الخدمات التي تقدمها بقية المطارات في العالم، وبين ما يحدث الآن في مطار بغداد، والذي وصفوه بغير القابل للتصديق.

وقالت الموظفة السابقة في المطار “ثريا جاسم”، إنها تفاجأت عند دخولها دورة المياه في إحدى سفراتها الأخيرة، بأن “الأرض تفيض بالمياه والأبواب بالكاد تقفل، وكانت تقف امرأة تحمل بيدها علبة مناديل ورقية توزع قطعة لكل امرأة تدخل دورة المياه لقاء مبلغ من المال”، مضيفة أنه “لم يكن هناك صابون ولا مناديل تجفيف حيث يجب شراؤها من المرأة مرة أخرى”.

وعن السمعة التي حصل عليها مطار بغداد والخطوط الجوية العراقية خلال فترة عملها فيه قبل الاحتلال، قالت “إن المطار بقي نظيفاً عاملاً بكل أقسامه ومطاعمه وكافتيرياته ومصاعده رغم الحرب وسنواتها الصعبة.”

وبقي الناقل الوطني شركة “الخطوط الجوية العراقية”، وطائراتها التي أطلق عليها المنتسبون تسمية “الطائر الأخضر” إعتزازاً، واحدة من أفضل شركات الطيران العربية لسنوات طويلة، قبل أن تتراجع سمعتها مع تراجع الأداء في المطار، منذ تسليمه كحصة ضمن وزارة النقل، إلى الأحزاب الحاكمة.

 

مناصب للترضية

وعن أحوال موظفي المطار باعتبارهم واجهة البلد وأول من يلتقي به الوافدون، قالت جاسم إن “في ذلك الوقت كان كل موظف يستلم كارتون ملابس تجهزه شركة ألمانية فيه بدلة شتوية كاملة مع قمصان عدد اثنين صيفي واثنين شتوي وفستانين للموظفات للدوام الصيفي، وكانت العلبة تحوي أيضاً على حذاء وسكارف وحزام ومشط وشعار المطار، أما قسم الإعاشة وهو المسؤول عن تجهيز الطائرات، فقد كان خمس نجوم بحق، وتديره شركة فرنسية وكل شيء فيه أكثر من الممتاز”، بحسب ما أفادت به الموظفة.

وقال موظفون آخرون، إن مؤسسة بحجم مطار بغداد الدولي لا يجوز تسليمها لغير المختصين لمجرد الترضية الحزبية، لأنهم سيحولونه من واجهة حضارية إلى دائرة هامشية مهملة، وسيُخضعون كل الجزئيات الاخرى، من وسائل النقل إلى خدمة المسافرين داخل المطار وغيرها إلى مشاريع خاصة بهم كما هو الحال الآن، أما عندما يصبح المطار حصة للميليشيات فستضاف المخاطر الأمنية إلى سوء الخدمة، ويصبح عندها مجرد محطة لنقل الأسلحة والكبتاكون والأموال المسروقة من وإلى وعبر البلاد، وهي الأعمال الوحيدة التي تدرب عليها عناصر الميليشيات، ولا يجيدون غيرها.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الثلاثاء 26 شوال 1444 / 16 آيار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط