بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

من المسؤول عن كارثة السودان 3

شبكة البصرة

صلاح المختار

ان الاصرار على تبني ستراتيجية النضال السلمي الديمقراطي لها تفسير جوهري واضح وهو انها رسالة الى قوى الاحتلال، وهي امريكا والاسرائيليتين، الغربية في فلسطين المحتلة والشرقية في بلاد فارس، تقول باننا لن نقاوم احتلالكم الا بالديمقراطية والاساليب السلمية، وبما ان الاحتلال لايخرج بوسائل سلمية، فان النضال المقتصر على العمل السلمي هو دعم للاحتلال وتكريس لنتائجه المخططة.

 

7- والسنهوري أيضا ثبت بالأدلة أنه فاسد ماليا وأخلاقيا بدليل امتلاكه عقارات باهظة الثمن في الخرطوم باسمه او باسم اقربائه مع العلم انه لا يعرف أحد مصدرا ماليا له ولا يعمل في اي دائرة او شركة علنية، فالثراء المستجد عليه دليلا واضحا على أنه استولى اولا على أموال الحزب التي كانت مخصصة من قبل العراق لدعم نضال الحزب في الوطن العربي وسخرها الأغراض الشخصية له ولعائلته ولمن اشترى ضمائرهم، والان هو يدفع رواتب شهرية لمن معه ويتحدد الراتب وفقا للمستوى الحزبي فعضو القيادة القومية يستلم راتبا قدره 3000 دولار شهريا اضافة لمخصصات اخرى بينما عضو قيادة القطر يستلم 2000 دولار شهريا، وبهذه الرواتب امسك السنهوري بأمعاته من ذيولهم وجعلهم عاجزين عن الابتعاد عنه! وهذا الانحراف ظهر ليس في السودان فقط بل في لبنان حيث استولى حسن بيان المجند من المخابرات السورية على موارد الحزب هناك والتي تتألف من عشرات الشقق التي اشتريت بأموال العراق لدعم نضال الحزب فحولت إلى وسيلة من وسائل شراء ضمائر أعضاء القياديين والتهديد بطردهم وإيقاف دعم الرواتب الشهرية لهم إذا خالفوا سياسات السنهوري، وهكذا تحولت الاموال من دعم نضال الحزب الى افساد مناضليه وتحويلهم إلى مرتزقة يتحركون فقط بدافع الحصول على الرواتب.

ومن مظاهر فساد السنهوري وسقوطه الأخلاقي هو أنه مع زمرته خصوصا مع حسن بيان، نظموا حملات لا أخلاقية ضد قادة الحزب وخيرة مناضليه المعروفين قوميا وقطريا بنضالهم وصمودهم تميزت بالشتائم وتلفيق الأكاذيب بأسماء مستعارة.

 

8- ومما لا يمكن تجاهله بأي شكل هو الظاهرة الخطيرة التي تؤكد صحة كل ما سبق وهي أن امريكا وقفت رسميا مدافعة عن من اعتقلوا من المعارضة السودانية بما فيهم علي الريح السنهوري وتنظيمه، وهذا يذكرنا بدفاع امريكا والغرب عموما عن وائل غنيم وجماعة 6 ابريل في مصر اثناء الانتفاضة ضد حسني مبارك، وبالتالي فإن السؤال الكبير يطرح على الجميع وهو: لماذا تجتث أمريكا الاف البعثيين في العراق، لكنها تدعم بكل قوتها رسميا السنهوري وزمرته في السودان؟ اليس ذلك دليل على توافق سياسات السنهوري مع سياسات امريكا والصهيونية في مسألتي المقاومة المسلحة والتي تم التخلي عنها وفي القبول بالدور الأمريكي في السودان؟ الايؤكد ذلك الاختلاف الجذري بين البعثي المناضل وبين السنهوري الجاسوس؟

 

9- ومن المظاهر الخطيرة لانحراف السنهوري هو علاقته بنظام بشار اسد فهو وزمرته يتجنبون اي هجوم مباشر على النظام! الواقع يؤكد بان هذا الموقف هو نتيجه اتفاق مع النظام السوري نتج عن عدة زيارات قام بها السنهوري لسورية بدعوة من نظام بشار ابرزها زيارة عام 2008 ونشرنا المحضر الذي يوثق مادار بين الطرفين، وفيه اتضح بدون غموض بان السنهوري ذهب للتفاهم حول ما سماه (توحيد الحزب)، ويقصد توحيد حزب البعث العربي الاشتراكي بتنظيم نظام بشار الاسد، رغم معرفته التامة ان تنظيم بشار الاسد يتشكل من فاسدين وطائفيين وقام بجرائم بشعة غير مسبوقة ضد الشعب ادت الى ابادة مليون شهيد سوري فقط منذ عام 2011، اما قبلها فحدث ولا حرج.

والنظام السوري كذلك هو الذي وقف الى جانب ايران في حربها ضد العراق وما زال على موقف العداء للعراق حتى هذه اللحظة وقد اكد بشار اسد مؤخرا اثناء زيارة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الى سورية ان نظامه دعم ايران في حربها ضد العراق عن قناعه وعن ايمان، وهذا بحد ذاته يؤكد بان نظام الاسد هو اخطر الانظمة العربية، فما هي دلالات علاقة السنهوري مع نظام بشار؟ انها علاقة من يرتد عن مواقف الحزب الذي ادان نظام اسد طوال عقود بأدلة حاسمة، وهي علاقة اتفاق ستراتيجي على مستقبل الحزب ورسم كيفية السيطرة عليه وتحويله الى نموذج لا يختلف عن تنظيم بشار اسد، وهذا الهدف الجوهري يقتضي اولا وقبل كل شيء استهداف القادة والكوادر في حزب البعث العربي الاشتراكي المتمسكين بعقيدته وستراتيجيته القومية والامناء على هويته لانهم عقبة تمنع اي تقارب مع نظام بشار، ولذلك فمن دون ادنى شك فان النظام السوري واسرائيل الشرقية اشترطا على السنهوري ان يبعد هؤلاء عن الحزب قبل ان تتحقق الاهداف المرسومه من قبل الطرفين وهي السيطرة على الحزب.

ومن المؤشرات الحاسمة التي تؤكد ما سبق هو ظاهرة لاحظها الرفاق خصوصا الامين العام عزة ابراهيم رحمه الله وهي ان مسودات بيانات القيادة القومية كانت ومازالت تخلو من اي نقد ولو مؤدب لحزب الله في لبنان رغم انه الاداة الاخطر في تنفيذ المخطط الاستعماري الايراني في الوطن العربي كله، فهل يمكن فهم هذا التجاهل خارج اطار الصلة السرية مع مخابرات نظام بشار واسرائيل الشرقية؟ وهذه الظاهرة هي التي دفعت الرفيق الامين العام قبل سنوات الى توبيخ السنهوري وحسن بيان والاخير هو الذي يكتب بيانات السنهوري باسم ق. ق، ويصدر قرارا بمنع نشر اي مسودة بيان باسم ق.ق قبل موافقته عليه وهدد علنا بان الامانة العامة للقيادة القومية ستصدر توضيحا تؤكد فيه ان تلك البيانات لاتمثل الحزب،ثم كلف كاتب هذه السطور بصفته المشرف الرسمي على اعلام البعث بتدقيق اي بيان يصله للنشر باسم ق.ق وعدم نشره اذا كان غير منسجم مع مواقف الحزب.

 

10- من بديهيات كافة الامم ومنطلقات كافة العقلاء حتى الاطفال منهم ان العائلة المنغمسة في عراكات بين ابنائها عندما يشتعل حريق في المنزل يهب الجميع وبأقصى سرعة لاطفائه وتأجيل العراك بين افرادها، لان الحريق اذا شمل كل الدار سيدمرها، فهل تقيد السنهوري ومن معه بهذه البديهية الفطرية؟ الجواب كلا، بل بالعكس فانه كان يضرم النار عمدا ويمنع اطفائها، بل انه، وكما اكدت الاحداث في السودان والعراق والاردن وتونس واليمن ولبنان والجزائر وفلسطين، كان مشعل الحرائق عمدا وتخطيطا، وكان يتلذذ برؤية النار تشتعل في بيوت البعث ولذلك بقي يسقيها زيتا كي تستمر! فسروا لنا من فضلكم هذا السلوك؟ هل هو سلوك مرضي نفسي؟ ام انه عمل مخابراتي مدبر؟ الجواب واحد من الاثنين او كلاهما.

 

ما الذي يترتب على ما سبق من انحرافات اساسية؟

اول ما يترتب عليها هو أن السنهوري يعمل ضمن المخطط الامريكي الاسرائيلي الايراني القائم وكما نرى في الواقع على تقسيم الاقطار العربية وإهلاك الشعب العربي، أنه، ومن معه، جزء من قوى الردة التي تقوم بتدمير هذه الامة العظيمة تنفيذا لتلك المخططات. لقد تم التحويل المتعمد لانتفاضة شعبية هدفها إنقاذ السودان الى فوضى هلاكة توجت بالحرب الدائرة بين البرهان وحميدتي والتي ما كان لها أن تقع لو أن قوى الحرية والتغيير قد استخدمت عناصرها،وهي كثيرة،داخل القوات المسلحة لحسم الصراع وفرض إرادة الشعب، ولكن التعاون مع العسكر بدل الحسم بقوة الجماهير ادى الى امساك العسكر بزمام المبادرة وجعل المنتفضين قوة تابعة او على الاقل عاجزة عن الحسم لانها تشرذمت وتنافرت! وهكذا اضاعت قوى الحرية والتغيير، والسنهوري في مقدمتها، الفرصة التاريخية لانقاذ السودان عبر حسم الصراع في لحظة الذروة الثورية التي وجدت ومرت دون استثمارها.

ثانيا: وتعمد السنهوري اشعال الفتن سمح ليس فقط للقوى الدولية والإقليمية المعادية بإكمال تنفيذ مخططاتها بل سمح ايضا لقوى داخلية رجعية معادية تابعة لأطراف خارجية بأن تملأ الفراغ الذي تركه انسحاب حزب البعث العربي الاشتراكي من ساحات النضال وتلك خدمة كبيرة للقوى الإقليمية والدولية المعادية للأمة العربية.

ثالثا: الاحتلال وكما تعرف الشعوب كلها لا ينتهي إلا بالقوة، لذلك فان التخلي عن المقاومه المسلحة هو احد اهم الشروط الامريكية والصهيونية لدعم أي طرف وهكذا يمكن فهم لم دعمت أمريكا السنهوري في السودان وضربت البعثيين في العراق فالبعث في العراق تقيد بالمقاومة المسلحة للاحتلال والحق الهزيمة المرة بالغزو الأمريكي، بينما السنهوري وحزبه تخليا عن المقامة المسلحة للاحتلال.

رابعا: اشعال السنهوري للحرائق في بيوت الحزب ليس صدفة ولا اضطرار بل نتيجة لتجنيده مخابراتيا، فما قام به ليس خطأ واحدا لكي يمكن تفسيره على انه ليس نتيجة عمالة بل اتسم سلوكه بانه تكرار لنفس المواقف والاساليب التي تشعل الحرائق في بيوت الحزب في كل الاقطار وعلى مدى عدة عقود، خصوصا اذا تذكرنا انه كان وراء احباط الانقلاب البعثي في السودان والذي كان مؤهلا للنجاح لكنه احبطه، وهذه المواقف تؤكد امرا لايمكن تجاهله وهو ان السنهوري وزمرته جزء من الاحتياطي الستراتيجي للمخابرات الامريكية والاسرائيلية والايرانية معا، ومن يقول كيف يمكن الجمع بين العمالة للمخابرات الامريكية والايرانية والصهيونية وبينها تناقضات بارزة؟ نقول له: ليس المقصود انه عميل لكل هؤلاء ولكن عمالته لامريكا فقط هي التي تجعله ينفذ المخطط القائم على استخدام اسرائيل الشرقية من قبل امريكا وايضا الصهيونية في نشر الفتن الطائفية وذلك ما تجلى في المواقف الغربية والصهيونية من اسرائيل الشرقية ابتداء من فضيحة ايرانجيت ومرورا بتسليم امريكا العراق لايران في عام 2011 وصولا الى المرحلة الحالية حيث نرى امريكا تدعم المشروع النووي الايراني عمليا وبغض النظر عن الهتافات التافهة ضده في الاعلام الامريكي! كما ان امريكا تدعم التوسع الاقليمي الايراني الذي كان السبب الرئيس وراء كوارث الامة العربية، كلها فهل من من يرى هذه الصوره بكل تفاصيلها يتجنب الحقيقة المرة التي تقول بان حزب البعث العربي الاشتراكي قد تعرض للاختراق من اعلى قيادة فيه وهي القيادة القومية التي تم السطو عليها وغزوها واستخدامها لاجل تفتيت الحزب وطنيا وقوميا؟ انتهى

Almukhtar44@gmail.com

24-5-2023

شبكة البصرة

الاربعاء 4 ذو القعدة 1444 / 24 آيار 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط