بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تهريب الأدوية “مرض مزمن” حال الفساد دون علاجه

شبكة البصرة

فجأة وبدون سابق إنذار، إختفت أدوية الأمراض العصبية والسرطان وأمراض الكلى، وأمراض اخرى من الصيدليات، وتركت المرضى مع آلامهم، حيث نقلت مصادر صحفية عن ذوي المرضى أنهم بحثوا طويلاً ولم يجدوا الأدوية الضرورية لمرضاهم.

وعبر مواطنون عن اعتقادهم بأن تجار الأدوية عادوا لأساليبهم بإخفاء الأدوية لفترة من الزمن من أجل رفع أسعارها، لكن تبين أن وزارة الصحة قد صادرتها من الصيدليات. وأوضح أحد الصيادلة إن الوزارة نفذت حملة لمصادرة الأدوية المهربة وإتلافها دون توفير بديل. وأضاف الصيدلي “حسين العامري”، إن “فرقاً تفتيشية من وزارة الصحة تباغت الصيدليات منذ أيام، وتقوم بمصادرة وإتلاف جميع الأدوية المستوردة غير المفحوصة”.

وتابع العامري في حديث صحفي، إنّ “أكثر من 60% من الأدوية المستوردة والمنتشرة في السوق والمذاخر هي أدوية غير مفحوصة”.

وسبق لوزير الصحة “صالح الحسناوي” إصدار بيان أكد فيه الموافقة على توصيات الوزارة بما يخص تبادل الأدوية بالقطاع الخاص، مؤكداً على “وضع فترة زمنية لكافة الأدوية الداخلة بدون فحص أو تسجيل، للخضوع لإجراءات الفحص ولغاية يوم 15 أيار/مايو، وأن هذه الأدوية سيتم إتلافها في حال عدم عرضها للفحص أو التسجيل”. ومنذ ذلك التاريخ بدأت الوزارة بمصادرة الأدوية من الصيدليات حتى نفِدت.

 

كردستان على خط التهريب

وبالإضافة إلى المعابر الحدودية الإيرانية والمنافذ الاخرى، تعد محافظات الإقليم مورداً كبيراً للأدوية التي تدخل بدون إجازة استيراد، كما أن وزارة الصحة الإتحادية لا تعترف بالفحص الذي تجريه الجهات الصحية في الإقليم. وجاء في بيان الحسناوي، إن “المواد الداخلة بفحص إقليم كردستان يجب أن تصدر لها أجازة من وزارة الصحة الإتحادية ووزارة التجارة”، مشيراً إلى أن “المواد التي تحمل إجازة بغداد وفحص كردستان تعد قانونية ولا تتعرض لأي مشاكل قانونية”.

العراق ينفق نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً لاستيراد الأدوية، وأغلبها لا يخضع للفحص، فيما لا ينتج العراق سوى 10% منها

وسبق لرئيس لجنة الصحة في مجلس النواب “ماجد شنكالي”، ألتأكيد على أن ما يدخل من الأدوية المفحوصة في إقليم كردستان تجاوز 40%، وأن الأدوية التي تدخل إلى العراق عن طريق التهريب بلا فحص وبلا إجازة استيراد أكثر من 25%، والمتبقي المفحوص والداخل من المنافذ الرسمية لايتجاوز 35%، فيما رفع عضو اللجنة السابق “جواد الموسوي” نسبة المغشوش والمهرب إلى أكثر من 70%، حيث قال إن الأدوية المهربة والمغشوشة في الأسواق العراقية، تتراوح نسبتها بين 70-80%، واصفاً إجراءات الحكومة ووزارة الصحة ونقابة الصيادلة، بأنها “ضعيفة جداً في محاربة تهريب الأدوية، لضلوع أغلبهم بهذا الموضوع” بحسب النائب.

 

اعتراف متأخر

وحتى هذا الرقم الذي ذكره العضو السابق بلجنة الصحة لم يصل إلى النسبة الحقيقية التي اعترف بها مؤخراً رئيس الوزراء “محمد السوداني”، عندما صرح بأن “84% من الأدوية المستوردة للعراق هي غير مرخصة”، الأمر الذي اعتبره مراقبون، إعترافاً ضمنياً بمسؤولية حكومته والحكومات السابقة، عن معاناة ووفاة المئات من المواطنين، ألذين تناولوا أدوية غير مرخصة، ربما كانت سبب وفاتهم.

وأشارت المصادر إلى أن هذه المشكلة ليست وليدة الساعة، لكن الفساد المتغلل في مرافق الدولة، ومنها وزارتا التجارة والصحة والمنافذ الحدودية حال دون حلها. وساهمت هذه المشكلة بتناقص الأدوية من المستشفيات الحكومية أيضاً، حيث سبق لمنظمة الصحة العالمية أن حذرت عام 2019، من أن المستشفيات العراقية لا توفر نصف الأدوية الرئيسية الضرورية. ونقلت جريدة الصباح الرسمية عن ممثل المنظمة في العراق قوله، إن “50% من الأدوية الرئيسية المتداولة في العالم لا توفرها المستشفيات في العراق، وأنها إن توفرت خارج المستشفيات فأسعارها تكون مرتفعة.

وشكك مختصون بالمجال الطبي بجدية السوداني، بما طرحه مؤخراً عن توطين الصناعة الدوائية في العراق، إذ كم من الممكن أن تبلغ كمية المنتج الوطني، الذي سيعوض المستهلِك عن المستورَد والمغشوش وغير المفحوص، والذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار سنوياً، وفق الأرقام التي ذكرها السوداني بنفسه؟

 

صناعة الأدوية هل هي ممكنة؟

وكان السوداني قد ذكر في تصريح له، إن “سوق الأدوية في العراق ينفق نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً لاستيراد الأدوية، وأغلبها لا يخضع للفحص، فيما لا ينتج العراق سوى 10% منها”.

وفي اجتماع عقد مطلع شباط/فبراير الماضي، حضره وزيرا الصحة والصناعة وعدد من المستشارين والمديرين العامّين بالوزارتين، ورابطة منتجي الأدوية في العراق، تحدث السوداني عن “قدرة القطاع الخاص على المساهمة في صناعة الأدوية، بمشاركة الشركات العالمية”، مؤكداً أنه قادر “على إنتاج أكثر من 250 نوعاً إضافياً من الدواء بالتعاون مع الشركات العالمية، خلال مدة تتراوح من ستة أشهر إلى سنة، وستقدم الحكومة التسهيلات لاستيراد المواد الأولية، مع تحديد سقف زمني لتطوير المصانع ورفع قدراتها الإنتاجية وفق المواصفات المعتمدة”.

ومع اقتراب نهاية الأشهر الستة التي تحدث عنها السوداني، لم يتحقق شيء من وعوده للمواطن العراقي، بتوفير دواء يحمل ختم “صنع في العراق”، بل أن ماكان على رفوف الصيدليات من المهرب قد اختفى أيضاً، وسط آلام المرضى، وحيرة ذويهم.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الخميس 12 ذو القعدة 1444 / 1 حزيران 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط