بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أمريكا وإيران في العراق.. عداء في العلن وتخادم في السر

شبكة البصرة

أصدر قسم الإعلام في هيئة علماء المسلمين في العراق، تصريحاً صحفياً بشأن مشاركة مسؤولين أميركيين، جنباً إلى جنب مع قادة الميليشيات الإيرانية، في مؤتمر “منتدى العراق”، الذي عقد في بغداد مؤخراً. وخلص التصريح إلى أن “مصالح الولايات المتحدة وإيران في العراق والمنطقة مصالح مشتركة- وإن اختلفت الأهداف والنهايات لكل منهما- وأن بين الطرفين تخادماً على المستويات كافة، وأن ما يتبادلانه من تصريحات- حتى هذه اللحظة- لا تخرج عن كونها مقاربات تغطي على كثير من التفاصيل التي تجري في العراق والمنطقة، وتعمل على تمديد أمد أزماتها بدلاً من حلها”.

وفضح التصريح تقارب وجهات النظر والأهداف بين ممثلي الإحتلالين الإيراني والأمريكي خلافاً لمواقفهم المعلنة، حيث تدعي الأحزاب والميليشيات المشارَكة في أعمال المقاومة العراقية، بينما يتحدث المسؤولون الأمريكيون عن التهديد الذي تمثله هذه الميليشيات للمصالح الأمريكية، في تناقض واضح مع الحقائق الملموسة على الأرض.

وأكد التصريح الصحفي إن المؤتمر “لم يأتِ بجديد بشأن الملف العراقي على مستوياته كافة: السياسية والاقتصادية ومشكلة الطاقة والتغيرات المناخية، وغيرها من المحاور التي أعلنت عنها الجهة المنظمة.”

وإلى جانب رئيس الوزراء “محمد شياع السوداني”، شارك في المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام، قادة ميليشيات إيران في العراق، المتورطون بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومن ضمنهم المدرج على اللائحة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، زعيم ميليشيا العصائب ” قيس الخزعلي”، ألذي ظهر متحدثاً رئيساً في إحدى الجلسات بحضور مسؤولين أميركيين، في مقدمتهم سفيرة واشنطن في بغداد “ألينا رومانوفسكي”، ومساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى “باربرا ليف”.

 

رومانوفسكي: لن نرحل

على صعيد متصل، أصدر الرئيس الأميركي “جو بايدن” مرسوماً مدد فيه “حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأوضاع في العراق”. ومع الاعلان عن مرسوم بايدن أكدت سفيرة بلاده في العراق “ألينا رومانوفسكي”، إن التمديد يمثل أهمية إستراتيجية كبيرة للولايات المتحدة، التي “لن ترحل عن المنطقة” حسب تعبيرها.

واعتبرت مصادر صحفية إن مرسوم بايدن، ألذي صدر بعد إسبوعين من مؤتمر شارك فيه مسؤولون أمريكيون جنباً الى جنب مع قادة الميليشيات، وتصريحات سفيرة بلاده في بغداد، دليل آخر على كذب ادعاءات العداء بين الولايات المتحدة وإيران، وهما يتقاسمان الغنيمة في بغداد.

 

الميليشيات باقية مع أسلحتها في العراق من أجل حماية المصالح الإيرانية

وصدر القرار 13303 الخاص بالعراق في 22 أيار/مايو عام 2003، بعد احتلال بغداد بشهر واحد، ومنح الرئيس الأمريكي صلاحية تمديده سنوياً. وبرر بايدن تمديد العمل بالقرار بوجود “عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق”، وأن هذه العقبات “تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة الأميركية أيضاً”، بحسب بيان للرئيس الأمريكي، نشره موقع البيت الأبيض.

 

تصريحات للإستهلاك المحلي

ويرى محللون أن التصريحات التي تعبر عن وجهتي النظر الأمريكية والإيرانية بخصوص بقائهما في العراق، هي للإستهلاك المحلي وإقناع المخدوعين بهم، سواءاً بطرح هذا الجانب أو ذاك، حيث يتحدث المسؤولون الأمريكيون عن إعمار البلاد، بينما يتحدث زعماء الميليشيات عن التحرير والمقاومة المزعومة، فيما لم ير العراقيون إعماراً ولا تحريراً. وقالت رومانوفسكي خلال مقابلة تلفزيونية أواسط الشهر الجاري، “عندما أخرج وأتحدث إلى العراقيين، يتبين لي بوضوح شديد أنهم لا يريدون دولة تسيطر عليها الميليشيات، بل يريدون نزع السلاح من أيدي الميليشيات وإعادتها للدولة”، لكن بلادها التي تعتبر نفسها مسؤولة عن الأمن في بلد تحتله، لم تفعل شيئاً بهذا الاتجاه رغم مرور 20 عاماً على قرار الطوارئ الخاص بالعراق، تشكلت خلالها عشرات التنظيمات المسلحة، وأصبح لها تمثيل في الحكومة والبرلمان.

ولم يصدر حتى الآن بيان رسمي حكومي حول تمديد حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأوضاع في العراق، لكن رئيس مركز “القرار” القريب من الإطار التنسيقي “حيدر الموسوي”، بدا مطمئناً لبقاء الميليشيات مع أسلحتها في العراق لحماية مصالح إيران، عندما قال في مقابلة تلفزيونية بثت في اليوم التالي لتصريح رومانوفسكي، إن “السفيرة الأميركية الحالية وغيرها من سفراء بريطانيا وكندا تحدثوا كثيراً عن المليشيات ولا بد من إنهائهم، لكن في النهاية لم يحصل شيء”.

 

تمديد القرار ذريعة للبقاء

وذهب العديد من المحللين إلى أن تمديد القرار لا يعني بالضرورة أن الولايات المتحدة ستستخدم قوتها ضد الميليشيات التي تقوض بالفعل الإستقرار في البلاد، وتعرقل الإعمار الذي تحدثت عنه رومانوفسكي، وأن تبادل التهديدات على قنوات التلفزيون يجري منذ عشرين عاماً دون أن يكون له أثر على أرض الواقع. وقال الباحث في الشأن السياسي العراقي “حامد العبيدي”، إن “قرار بايدن ما هو إلا ذريعة لاستمرار نفوذ بلاده في العراق، في وقت لا تتحرك فيه واشنطن لضرب المليشيات رغم قدرتها العالية على ذلك”.

وتابع العبيدي في حديث صحفي القول، إن “وجود المليشيات وحالة اللادولة في العراق يحصل بإرادة أميركية، لأنها قادرة بما تمتلكه من سلاح ومعلومات دقيقة عن قادة وعناصر هذه الجهات الموالية لإيران أن تنهيها في ظرف أسابيع، خصوصاً أن المجتمع العراقي يمقتهم ويرفض تغولهم في الدولة”.

وأكد الباحث، أن “الولايات المتحدة هي من سمحت لهذه المليشيات بالتشكل والتكاثر في العراق وحتى سوريا، وذلك لأهداف تتعلق باستمرار إثارة الفوضى في هذه البلدان، مما يجعل أطرافاً في البلدين تلجأ إلى أميركا، وتتمسك بوجودها”.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الخميس 12 ذو القعدة 1444 / 1 حزيران 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط