بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

خيبة أمل عنصرية

شبكة البصرة

السيد زهره

يستغرب المرء من التفكير الذي لا زال سائدا في أمريكا والدوال الأوروبية على المستويات الرسمية والاعلامية تجاه القضايا والتطورات العالمية ومواقف مختلف دول العالم.

هذا التفكير يبدو قاصرا وعاجزا عن ادراك حقائق التحولات الضخمة التي يشهدها العالم وعن التصرف على هذا الأساس.

العالم شهد في الفترة الماضية تحولات بات الكل يعرفها في مواقف الدول وخصوصا الدول التي اعتبرت تقليديا من حلفاء أمريكا والغرب.. تحول جوهره رفض أساليب الهيمنة والفرض والاملاء وصعود نزعة استقلالية في المواقف والسياسات والتصرفات العملية وتنويع العلاقات الاستراتيجية الدولية.

كان من المفروض ان يدركوا في أمريكا والغرب عموما هذه التحولات، وان يناقشوا أوجه القصور والأخطاء التي أدت الى انصراف الحلفاء عنهم وأن يبدأوا في اصلاح هذه الأخطاء.

ومع ان مفكرين وباحثين ومحللين غربيين كثيرين نبهوا الى هذا بالفعل، الا انه من واقع ما نتابع هناك إصرار بشكل عام على نفس طريقة التفكير وعل نفس النهج، ونفس النظرة الاستعلائية العنصرية في التعامل مع دول العالم.

أحد الأمثلة على هذا ما فعلته صحيفة " الجارديان " البريطانية قبل أيام. الصحيفة نشرت تقريرا يتعلق بحدث ستشهده السعودية في الأيام القادمة. الحدث هو حدث تجاري تستضيف السعودية في اطاره سبع شركات روسية من بينها شركات تصنيع سلاح وذلك في اطار تطوير وتنمية العلاقات السعودية الروسية.

هذا حدث عادي جدا ليس من المفروض ان يثير أي دهشة او استغراب.

لكن الأمر ليس هكذا بالنسبة لتقرير الجارديان.

التقري يوجه انتقادات حادة للسعودية بسبب هذا الحدث ويتحدث عن عواقب يعتبرها وخيمة. اما مبررات هذا فهي عجيبة حقا.

تقرير الجارديان يقدم مبررين لهذا النقد للسعودية:

الأول: ان بعض شركات السلاح الروسية هذه شركات حكومية تمد الجيش الروسي، الذي يحارب في أوكرانيا، بالأسلحة. يقول التقرير مثلا ان " أبرز الشركات الروسية المشاركة هي "روستك" للأنظمة الدفاعية والتكنولوجيا التي تملكها الدولة، التي زودت الجيش بالأسلحة المستخدمة خلال غزو أوكرانيا. وشمل ذلك أنظمة قاذفات اللهب الثقيل، ومركبات زرع الألغام عن بُعد وأنظمة إطلاق صواريخ مختلفة".

والثاني: ان بعض هذه الشركات الروسية المشاركة خاضعة للعقوبات التي فرضتها أمريكا والدول الأوروبية ومنها شركة روستك هذه.

هذه تبريرات في منتهى الغرابة.

ما الذي يدعو للنقد أو الاعتراض في ان شركات أسلحة روسية تمد الجيش الروسي بالأسلحة؟.. وما الذي من المفروض ان ترفضه السعودية في هذا؟

من المثير للسخرية حقا اتهام الشركات الأسلحة الروسية بتقديم الأسلحة لجيش بلادها.

وما دخل السعودية او أي دولة في العالم في عقوبات فرضتها أمريكا والدول الأوروبية على شركات روسية او أي شركات في العالم. هذه عقوبات يلتزمون بها هم وليست ملزمة لا للسعودية ولا لأي دولة.

ومع هذا فان تقرير الجارديان يحذر من ان استضافة السعودية لهذه الشركات الروسية سوف يؤدي أولا الى " زيادة التوتر في العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة؟". كما ان هذه الخطوة سوف " تتسبب بخيبة امل لدى حكومة بريطانيا أيضا".

كما نرى، ليس فيما قدمه التقرير أي شيء يستدعي توجيه نقد للسعودية ولومها، ناهيك عن التهديد والوعيد. فما هي الحكاية اذن؟

الحكاية كما ذكرت ان الكثيرين في الغرب في تفكيرهم ومواقفهم ما زالت تحكمهم العقلية الإستعلائية العنصرية. وخيبة الأمل التي يتحدثون عنها هي خيبة أمل عنصرية.

هم ينطلقون من افتراض ان السعودية، و أي دولة في العالم، يجب ان تسير في ركاب الغرب وتلتزم بما يريده وتنفذ ماتراه الدول الغربية من مواقف وما تتخذه من سياسات.

المشكلة انه طالما ظل هذا النمط من التفكير هو السائد في الغرب فسيدفعون هم الثمن. لن تكون له من نتيجة سوى انصراف مزيد من الدول عن الغرب وتعزيز التحول الى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ينهي الهيمنة الغربية.

شبكة البصرة

الاحد 15 ذو القعدة 1444 / 4 حزيران 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط