بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوس العدالة

شبكة البصرة

المحامي عبد الرزاق الزرزور

نظام الملالي في إيران ينتقل بالدولة من معناها الشامل كشخصية اعتبارية إلى جماعات بشرية متخصصة بالخطف والقرصنة تُوضع إمكانات الدولة المادية والتقنية تحت تصرفهم.

وليس المقصود هنا جرائم النظام في الداخل الايراني إنما المقصود هنا الممارسات الاجرامية التي يرتكبها عناصر النظام بتوجيه من قيادات السلطة لضرب الأمن والسلم العالمي خاصة الدول التي تعارض سياسة الملالي.

وقد شهد العالم هذا الأسبوع أكبر مهزلة قضائية طعنت النظام القضائي في دولة تعتبر دولة ديموقراطية في صميم تشريعاتها وهي بلجيكا الدولة الاوربية المتحضرة حينما خضعت لشروط الثلة الاجرامية الخاطفة وقبولها إطلاق سراح المجرم أسد الله اسدي الدبلوماسي الايراني والمحكوم عليه في بلجيكا مدة 20 سنة لثبوت ارتكابه جرائم تتعلق بالإرهاب ومحاولته تفجير مجمع المعارضة الإيرانية عام 2018 في باريس والذي ترأسه الأخت مريم رجوي مقابل ان تطلق إيران سراح موظف الاغاثة البلجيكي اوليفييه الذي اختطفته السلطة الايرانية واعتقلته بذريعة التجسس.

يعد هذا الافراج تطورًا مقلقًا للغاية في وقت أفادت التقارير أن شرطة لندن وأجهزة الأمن البريطانية أحبطت 15 عملية اغتيال وخطف على يد النظام في المملكة المتحدة وحدها.

وتُعتبر تلك الصفقة بنظر الحقوقيين التفاف على حكم المحكمة الدستورية في بلجيكا، وتدخل سافر من قبل السلطة التنفيذية بعمل القضاء.

وبنظر المراقبين والمهتمين بالقانون الدولي ومكافحة الجريمة يُعد الإفراج عن أسدي كجزء من تبادل السجناء بين بروكسل وطهران اليوم ما يعني أنه لا يُسمح له فقط بالهروب من العدالة والمساءلة عن جريمته فحسب، ولكن أيضاً يكافئ دبلوماسية النظام غير المقبولة وغير القانونية بشأن احتجاز الأشخاص الأبرياء وأخذهم كرهائن وابدالهم بأذرعهم الاجرامية المنتشرين حول العالم.

وعلى صعيد آخر فإن الحكومة البلجيكية بفعلها هذا تكون قد خذلت بقرارها ضحايا إرهاب الدولة الإيراني وأضعفت جهود أوروبا المشتركة لمحاسبة النظام على أفعاله ودعمه للإرهاب، وثبتت بشكل مباشر التهمة المُلفقة تكتيكيا لمواطنها من قبل نظام الملالي.

وطعنت منظومة القيم والمبادئ التي تنادي بها أوروبا بمهادنتها لأزلام النظام واسترضائهم وخلق أجواء مليئة بالتناقضات بين ما تدعيه الدول الاوربية من احترام سيادة القانون، وما تمارسه مؤسساتها التنفيذية على أرض الواقع.

والمحزن في الأمر أنه تم الترحيب بالمجرم أسدي (كبطل) من قبل عصابته الإجرامية في طهران وهو الذي رفض سلوك الطعن أو الاعتراض على قرار حكمه وكأنه يرسل للمحكمة إشارة مفادها أن نظامه لن يتركه يقضي فترة عقوبته في سجون بلجيكا وهو ما يمكن تفسيره على أن أسدي ومرجعيته السياسية لا يكترثون لا بأوروبا ولا بقضائها، ومؤكد أيضاً أن أسدي لن يقضي عقوبته حتى في سجون نظامه وسيتلقى مكافآت على جرائمه كمجرم إرهابي صنعت منه بلجيكا جندياً بطلا لدى نظام الملالي ووسيلة تعبوية معنوية لأقرانه في حشدهم وتعبئتهم من أجل جرائم إرهابية أخرى.

صفقة مليئة بالأكاذيب والخداع تشجع في طياتها على المزيد من الإرهاب من قبل النظام ويؤدي إلى المزيد من القتلى والارهاب العابر للحدود.

ولا شك أن إطلاق سراح عامل الإغاثة البلجيكي الذي احتجزته إيران كرهينة هو سبب للاحتفال والبهجة لأهله وأسرته ومحبيه، ولكن من غير المُنصف إلصاق تلك التهمة به ومساواته ونشاطه مع أسدي وأنشطته الإرهابية المثبتة بأدلة ثبوتية قاطعة.

ومع ذلك، فإن الثمن المدفوع للإفراج عن دبلوماسي النظام الإيراني الإرهابي الذي خطط لهجوم يسفر عن خسائر بشرية كبيرة سيقود بالتأكيد إلى اعتبار التبادل - بنظر القادة الإيرانيين - نموذجاً لحماية الإرهابيين الإيرانيين من العدالة.

كاتب وناشط حقوقي سوري

شبكة البصرة

الخميس 12 ذو القعدة 1444 / 1 حزيران 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط