Untitled Document

شبكة البصرة منبر العراق الحر الثائر
print
العقيدة القتالية الروسية.. ماذا يعني الرد ليس بالمثل؟


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

العقيدة القتالية الروسية.. ماذا يعني الرد ليس بالمثل؟

شبكة البصرة

د. أبا الحكم

الحرب في نظر موسكو، التي تشنها على أوكرانيا، هي حرب (دفاعية- وجودية) أمام الغرب. وإن روسيا ستستخدم جميع الوسائل المتاحة لحماية وجودها. ولما كانت القوات الروسية التي سيطرت على بعض المناطق الاوكرانية المتاخمة لروسيا ولم تتمكن من إخضاعها كلياً ومنها جزيرة القرم التي احتلتها روسيا عام 2014، ولما كانت موسكو تخشى دعم الدفاعات الاوكرانية وتسعى الى إبقائها ضعيفة لدحرها، فأن أوربا لا تسمح بأن تضعف الدفاعات الاوكرانية امام تدفق عسكري روسي.

روسيا لا تستطيع ان تحرز تقدماً أساسياً ملموساً في العمق الاوكراني، وعجزت عن تحقيق مبدأ الردع الاقصى طيلة فترة الحرب، الأمر الذي دفع موسكو الى التفكير في هيكلة الجيش الروسي وهو خيار في رأي الخبراء العسكريين ممكن، ولكن مبادئ (الهجوم) تختلف عن مبادئ (الدفاع). لقد جرب الاتحاد السوفياتي هذه الهيكلة وفشل. والجيش الروسي الآن هجومي يتكبد خسائر جسيمة في القتلى والجرحى اضعافْ، في واقع متحرك وغير ثابت تحكمه المفاجئات. وما يخيف موسكو دبابات (ليوبارد 1 و2) المتطورة التي تُوَقتْ ارسالها الى اوكرانية الدول الاوربية حسب طبيعة الاوضاع القائمة على الاراضي الاوكرانية، طالما يتعرض المدنيون والمنشئات المدنية والذرية الى مخاطر القصف الروسي الكثيف والعنيف دون اي تحسب للتسرب الاشعاعي والابادة المدنية., وأمام كل هذه الاحتمالات المؤكدة تتجدد العقوبات المفروضة على موسكو والتي قوضت الاقتصاد الروسي بحيث باتت موسكو تخسر نحو (160) مليون يورو يومياً بسبب تحديد سقف سعر النفط الروسي.

فالعقيدة الروسية القتالية الرادعة، إذا تعرضت روسيا لضربة بأسلحة (تقليدية) وتمسي دولة (مُهَدَدَه)، عندئذ تسمح العقيدة النووية الروسية بتوجيه ضربة (نوويةٍ)!! - وهذا ما قاله نائب رئيس مجلس الأمن الروسي "ديمتري ميد فيد يف"

 

ماذا يعني هذا الكلام في إطار التحليل السياسي- الاستراتيجي؟

اولاً- الضربة بأسلحة تقليدية تجابه بضربة (نووية).

ثانياً- هذا المعيار يلغي ميزان تعادل القوى القائم على أساس الضربة النووية الأولى والرد عليها بضربة نووية ثانية.. والذي ينتج عنه توازن الرعب النووي.. حيث اسقطت موسكو هذا الميزان، وتركت الغرب امام الخيار الصعب على العالم أجمع وليس على أوروبا أو الغرب. وهو خيار (شمشوم- عليَ وعلى أعدائي ومن بعدي فليبدأ الطوفان، إذا مت عطشاناً فلا نزل القطر). وهذه سياسة غير عقلانية ولا مسؤولة.

ثالثاً- والشرط الذي تضعه موسكو في استراتيجيتها هو التهديد (الوجودي) للدولة الروسية، الذي بموجبه ستستخدم موسكو سلاحها النووي.

رابعاً- ما يسقط هذا الشرط ويعري ركن العقيدة الروسية هو لا أحد يهدد (وجود) الدولة الروسية بالإفناء أو الاجتياح أو الضم. الجميع متفقون على سلامة كيان روسيا غير العدوانية.

خامساً- يخفي شرط العقيدة الروسية الخوف من رجحان ميزان تعادل القوى لصالح الدول الغربية. وهو ضعفْ ناجم عن وضع الاقتصاد الروسي الضعيف اصلاً الذي من الصعب مقارنته بالاقتصاد الغربي. فالفارق هائل بين عناصر قوة الاتحاد السوفياتي وقوة روسيا الاتحادية، وهائل بين اقتصاد الاتحاد السوفياتي واقتصاد روسيا الاتحادية، وهائل بين تحالفات الاتحاد السوفياتي (الاستقطابية) وبين تحالفات روسيا الاتحادية ذات الطابع (القاري- البراغماتي- الرأسمالي).

سادساً- الخوف الروسي ناجم من واقع الطموح الروسي أمام الحقائق القائمة على الأرض، وصعوبة تحويل الرؤى إلى واقع ملموس بأدوات تفتقر إلى التكامل في عناصر القوة وخاصة الاقتصاد.

سابعاً- الإعلام والمبالغات الإعلامية لا تبني صرح الامبراطوريات ولا تعيد إرثها. إنما تعري سياسات وتفشل توجهات. كالمبالغات في التهديد الروسي للغرب والتهديد بتدمير أوربا والتهديد بابتلاع ألاسكا والقطب الشمالي!!

ثامناً- ليس من المصلحة الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، فلكل منهما مصالحه الخاصة وعقيدته العسكرية والسياسية في التعامل. ولا مجال للتخندق مع الطرف الإمبريالي ولا مع الطرف القاري- البراغماتي النفعي.. فلدينا مصالحنا وهمومنا الوطنية والقومية. لأن الطرف الإمبريالي يريد الاستقطاب والطرف القاري البراغماتي النفعي يريد الاستقطاب ايضاً، ولا مجال هنا للحديث عن القطبية الثنائية التي لن تعود لأن عجلة التطور الزمني لن ترجع إلى الخلف!!

شبكة ذي قار

شبكة البصرة

الاثنين 22 رجب 1444 / 13 شباط 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط

print