Untitled Document

شبكة البصرة منبر العراق الحر الثائر
print
سقوط الحضارات والدول!؛


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سقوط الحضارات والدول!؛

شبكة البصرة

فوزية رشيد

البشرية حالياً وصلت إلى نقطة فاصلة، فالتطورات العلمية والتكنولوجية والذكاء الاصطناعي، وازدحام العالم الواقعي بالفضاءات (الافتراضية)، وصلت مبلغاً قد تهدد البشرية، في الوقوع تحت سيطرة (الآلة)! ومنذ تحكّم الحضارة الغربية بالعالم سواء زمن الاستعمارات القديمة، أو زمن التحكم في الشعوب عبر ما يُسمى بالجيل الرابع والخامس حالياً، فإن التطور العلمي والمعلوماتي، وتحكم القطب الواحد على مستويات مختلفة سياسية واقتصادية ومالية وتجارية، رافقه (تدهور معرفي) قياساً لجرعة المعلومات الفائضة، عبر النت والمواقع والتواصل الاجتماعي وغيره! وترافق ذلك مع سطوة «التدهور الأخلاقي» ونشره وتكريسه، حتى أصبحت القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية، تعاني من غُربة لم يسبق لها أن عاشته بهذه الطريقة التي نراها اليوم! في أيديولوجيا الفكر الغربي تم إسقاط الإله وتأليه الإنسان، واليوم يتم إسقاط الإنسان وتأليه الآلة! وباسم العلم والعلم التجريبي، تم إنكار كل ما هو روحي، والتشكيك في الأديان، حتى عاد الإنسان إلى عوالم التيه والفراغ (العقدي)، وكأنه لم يُسهم في بناء الحضارات القديمة بفكرها وثقافتها وفنونها وقيمها!

«ديو رانت» تحدّث عن سقوط الحضارات، وضرب مثالاً عن سقوط «الحضارة الرومانية» بسبب انتشار الفحش والانحلال الذي أضعف الرجل الروماني، وتحدث عن السر في صعود المسلمين وسطوتهم وقوتهم آنذاك على جميع الأمم، وهو تمسكهم بعقيدتهم وقيمهم، حتى لم تعرف البشرية مثلهم أبداً!

تاريخيا كل الشعوب عرفت فترات من الانحلال الأخلاقي وبه يتشكل القطيع البشري الذي يُقاد بسهولة! ولكن مع فارق أن 10% مما يحدث الآن من «المظاهر اللاأخلاقية» كان كفيلاً في الماضي بانهيار الحضارات! أما اليوم فإن سطوة اللاأخلاقيات والشذوذ والانحلال والإلحاد، يتم تكريسها بطرق مختلفة، بل ويتم فرض أيديولوجيتها على الشعوب المغايرة دينياً وثقافياً وحضارياً، بدكتاتورية لا مثيل لها في الإعلام والدراما وألعاب الأطفال والمدارس في الغرب، واختراق العالم الإسلامي بها بذات الاستراتيجية، التي تم فرضها واختراق « العقل الغربي » بها، بعد أن كان الغرب نفسه محافظاً حتى نهاية القرن التاسع عشر!

مفكرون غربيون أرجعوا أسباب ضعف «الصليبيين» والقوة المتصاعدة للمسلمين في القرون الماضية إلى أهم النقاط المتمثلة في أخلاق المسلمين وتمسكهم بتعاليم دينهم وقيمه! ولهذا هم نبهوا عبر «الصحوة المسيحية الأخلاقية» إلى خطورة الانحلال على مجتمعاتهم في وقتهم وها هم «مفكرون غربيون معاصرون»، يقولون ذات الشيء عن انهيار المجتمعات الغربية في أمريكا وأوروبا! ولأن الشعوب المسيطر عليها بأساليب السيطرة الجديدة والعولمة المتوحشة، والانفراد الغربي بالعالم، فإن الشعوب التابعة أو شبه التابعة، تقلّد المسيطر حتى في انحلاله! وبعد أن كان الانهيار يصيب الحضارات نفسها أصبح اليوم (النوع الإنساني) نفسه مهدداً بالسقوط والانهيار!، سواء بالحملة الغربية لنشر الانحلال في العالم والشذوذ والتحوّل الجنسي، والإنسان الذي كان ذكراً وأنثى أصبح قابلاً ليكون «إنسان الروبوت» و«الإنسان الهجين» و«الإنسان المتحوّل» و«الإنسان الجوجلي» وغير ذلك من مخاطر التحوّل في «النوع الإنساني» كما هو بالفطرة التي خلقه الله عليها! وبهذا فالنوع الإنساني نفسه في خطر اليوم، ليكون مقدمة لانهيار الحضارات الراهنة، ونشوء حضارة الآلة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وبشكل مختلف عن توقعات سابقة، بعد أن يتم القضاء على الغالبية العظمى، وصولاً إلى «المليار الذهبي»! والقضاء على الإنسان يتم عبر الأوبئة والفيروسات، والحروب وقريباً قد تشهد البشرية «الحرب العالمية الثالثة»، لتنقرض الغالبية البشرية! ويبقى (المليار الذهبي الهجين)، مستعبداً في ظل (حكومة عالمية واحدة) تحكم بتوحيد الأديان بعد التعديل على دين المسلمين كما يخططون، بالمال والإعلام والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والروبوتات!

هناك (يد خفية) أو (حكومة خفية) تعبث بالعالم والإنسان، وتحويل العلم إلى (وثنية جديدة) يتعبّد الإنسان في محرابها، واستبدال عبادة الله بعبادة العلم، وربط كل شيء بالسبب من دون ذكر المُسبب! إلى جانب (ثورة الانحلال) التي تجتاح الغرب والعالم، ونشر الإحباط والانكسار النفسي في الشعوب! وحين يتطور العلم في إطار معادلة (العلم + الذكاء + الشر)، وتتراجع الأخلاقيات والقيم الدينية والإنسانية والحضارية، ويرتّد الإنسان إلى السلوكيات البدائية والشاذة والمنحرفة، إلى جانب العمل بكل الوسائل على تقليل عدد السكان، فإن الحضارة الراهنة، أو الحضارة الغربية داخلة في طور الانهيار بشكل جاد رغم ما يبدو في السطح أن التقدم والتطور مستمر!

والعالم الذي يصارع «النظام العالمي الغربي» ذو القطب الواحد، قد يتجه إلى (القضية التعددية) كنظام عالمي جديد، أو قد يتجه إلى حرب نووية تأكل الأخضر واليابس!

المخاض الراهن عسير، وإن تمكن الإنسان من (الحفاظ على نوعه) ودمج تطوره العلمي بالتطور الروحي والأخلاقي والقيمي، فقد تنهار الحضارة الغربية الراهنة، لتنشأ حضارة إنسانية جديدة، تحترم التنوع الثقافي والديني والأخلاقي!

اخبار الخليج

شبكة البصرة

الثلاثاء 9 رجب 1444 / 31 كانون الثاني 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط

print