Untitled Document

شبكة البصرة منبر العراق الحر الثائر
print
الطريق الى المكانة الدولية


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الطريق الى المكانة الدولية

شبكة البصرة

السيد زهره

تحدثت أمس عن النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب الذي بدأ يتشكل بالفعل، وكيف ان أغلبية دول العالم ترى ان قيام هذا النظام يمثل تطورا حتميا في صالح العالم.

ليس معنى ان نظاما عالميا جديدا يتشكل، وان مراكز جديدة للقوة والنفوذ سوف تظهر وتحتل مكانتها انه امر سلم به ان تحتل أي دولة او مجموعة من الدول مثل هذه المكانة.

هناك شروط كثيرة كي تحتل أي دولة او مجموعة من الدول مركز قوة ومكانة مؤثرة في النظام العالمي في مقدمتها شرطان:

الأول: الاستقلال في المواقف والسياسات والتصرفات العملية.

ويعني هذا تحديدا عدم الانحياز لأي تكتل عالمي او قوة عالمية كبرى.

ليس مقبولا مثلا ولا يحقق أي مكانة لو ان أي دولة انتقلت من التبعية للغرب الى التبعية الي قوة عالمية كبرى كالصين او روسيا. لن تستطيع في هذه الحالة ان تحتل مكانة مؤثرة في العالم.

 

والثاني: بناء القوة الذاتية.

بداهة، لا تستطيع أي دولة او مجموعة من الدول ان يكون لها دور مؤثر ونفوذ في النظام العالمي ما لم تمتلك مقومات القوة التي تؤهلها للعب هذا الدور.

القوة هنا بالطبع بمعناها الشامل، أي القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

من دون امتلاك هذه القوة المستقلة القادرة لا يمكن الحديث عن دور عالمي فاعل ومؤثر.

النموذج العالمي الأبرز على هذا هو الصين.

قبل ان ينطلق أي حديث عن نظام عالمي جديد بسنين طويلة وقبل ان تتحدث الصين علنا عن تبني اقامة هذا النظام والدعوة له، شرعت في بناء قوتها الضاربة على كل المستويات.

الصين بدأت منذ عقود في بناء قوتها الاقتصادية وفق نهج جديد، واصبح اقتصادها اليوم ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد أمريكا، وبحسب كل التوقعات فانها في غضون سنين قليلة سوف تزيح أمريكا من هذه المكانة.

كما بنت قوتها العسكرية الضاربة.

وفي نفس الوقت خططت الصين بدقة لدورها العالمي وفتحت آفاق تعاون كبرى مع مختلف دول العالم عبر طريق الحرير وقنوات أخرى كثيرة.

وفي كل هذا حرصت الصين عل ان تقدم نموذجا مختلفا عن الغرب في علاقاتها الدولية قائما على احترام سيادة وساتقلال الدول واحترام مختلف الثقافات والحضارات.

نريد ان نقول ان الصين ببناء قوتها على هذا النحو جعلت من مكانتها الدولية المؤثرة والفاعلة في النظام العالي الجديد امرا واقعا مسلما به حتى ان أمريكا تعتبرها اليوم هي المنافس الأول وتضع كل استراتيجيتها في مواجهتها والتصدي لنفوذها.

اذن، الاستقلال وبناء القوة الذاتية القادرة هما الشرطان الأساسيان لتحقيق المكانة الدولية.

غير انه بالنسبة لنا في الوطن العربي هناك شرط ثالث لايقل أهمية بل ان أهميته تحتل الأولوية. هذا الشرط هو بناء كتلة عربية موحدة قوية وقادرة.

لقد كتبنا عن هذا الموضوع اكثر من مرة نظرا لأهميته الحاسمة.

المسألة ببساطة ان أي دولة عربية منفردة لا تستطيع وحدها ان تشكل مركز قوة له تأثير ونفوذ فعلي في النظام العالمي الجديد. في نفس الوقت، فان الدول العربية بقدراتها وامكانياتها مجتمعة لديها القدرة ان هي حشدت هذه القدرات والإمكانيات مؤهلة لأن تكون قوة عالمية كبرى بكل معنى الكلمة.

وكما كتبنا مرارا، الأمر يتطلب أول ما يتطلب رؤية عربية موحدة للنظام الجديد وحدا أدنى من الاتفاق على مواقف وسياسات عربية موحدة إزاء القضايا الاقليمية والعالمية. كما يتطلب صيغة لحشد القوى والامكانيات العربية مجتمعة في اطار تكتل عربي.

عموما، الأمر المهم الذي نريد تأكيده هو ان الدول العربية يجب ان تدرك ان قيام نظام عالمي جديد لا يضمن تلقائيا بالضرورة مكانة للعرب او ان يكون لهم تأثير فعلي في العالم من دون هذه الشروط التي اشرنا اليها.

شبكة البصرة

الجمعة 12 رجب 1444 / 3 شباط 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط

print